أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 20 - صـ 270

جلسة 6 من فبراير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وعثمان زكريا، وسليم راشد أبو زيد، وعلي عبد الرحمن.

(43)
الطعن رقم 9 لسنة 35 القضائية

( أ ) صورية. "إثبات صورية". إثبات. "طرق الإثبات". غير. بيع.
اعتبار المشتري من الغير بالنسبة للتصرف الصادر من البائع إلى مشترٍ آخر جواز إثبات صورية هذا التصرف بكافة طرق الإثبات. المادة 244 مدني.
(ب) إثبات. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
تعويل محكمة الاستئناف على محضر تحقيق أجرته محكمة أول درجة. جوازه ما لم يشبه بطلان في ذاته.
(ج) محكمة الموضوع. "سلطتها في إجراءات الإثبات". إثبات. "إجراءات الإثبات".
إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الصورية أمام محكمة أول درجة. تخلف الطاعن عن إعلان شهوده. عدم طلبه الإحالة إلى التحقيق أمام محكمة الاستئناف. عدم اتخاذها هذا الإجراء من تلقاء نفسها. لا عيب.
1 - يعتبر المشتري في أحكام الصورية من الغير بالنسبة للتصرف الصادر من البائع إلى مشترٍ آخر، ومن ثم يكون له أن يثبت صورية هذا التصرف بكافة طرق الإثبات، وهذه القاعدة قننتها المادة 244 من القانون المدني القائم حيث نصت على أن لدائني المتعاقدين وللخلف الخاص أن يتمسكوا بالعقد المستتر ويثبتوا بجميع الوسائل صورية العقد الذي أضربهم.
2 - لا على محكمة الاستئناف إذ هي اعتمدت في إثبات الصورية على أقوال شاهدي المطعون ضدهما الأولين في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة، لأن محضر هذا التحقيق يعتبر من أوراق الدعوى المطروحة على محكمة الاستئناف بسبب نقل الدعوى بحالتها إليها، وطالما أن هذا المحضر لم يشبه بطلان في ذاته فإنه ليس ما يمنع تلك المحكمة من الأخذ به.
3 - إذا كان الطاعنون قد تخلفوا عن إعلان شهودهم أمام محكمة أول درجة وقرروا بلسان محاميهم أمام تلك المحكمة باستغنائهم عن إحضار شهود لنفي تلك الصورية اكتفاء بما قدموه من دفاع في الدعوى، ولم يطلبوا من محكمة الاستئناف إحالة الدعوى إلى التحقيق لتمكينهم من نفي الصورية بشهادة الشهود، فإنه لا يكون لهم بعد ذلك أن يعيبوا على محكمة الاستئناف عدم اتخاذ هذا الإجراء من تلقاء نفسها، إذ الأمر فيه يصبح في هذه الحالة من إطلاقاتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول والثاني أقاما على الطاعنين وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم 543 سنة 1956 مدني كلي المنصورة وطلبا فيها الحكم بتثبيت ملكية أولهما إلى 2 ف و21 ط و22 س من الأطيان المبينة بالقطعتين الأولى والثانية من كشف التحديد الوارد بالصحيفة وبتثبيت ملكيتهما هما الاثنان إلى 3 ف و21 ط المبينة بالقطعتين الثالثة والرابعة من هذا الكشف وذلك تأسيساً على أن المطعون ضده الخامس باع المقدار الأول من هذه الأطيان إلى المطعون ضده الأول بموجب عقد مسجل 22/ 3/ 1944 كما باع المطعون ضدهما الثالث والرابع المقدار الثاني إلى المطعون ضدهما الأول والثاني مناصفة بينهما بموجب عقد مشهر في 15/ 5/ 1948 وأن الطاعنين ينازعونهما في الملكية. طلب الطاعنون رفض الدعوى بالنسبة للقدر المبيع للمطعون ضدهما الأولين من المطعون ضدهما الثالث والرابع استناداً إلى أن مورث هذين البائعين كان قد باع هذا القدر إلى مورثهم المرحوم إبراهيم إبراهيم زايد بموجب عقد ابتدائي مؤرخ 4/ 2/ 1944 وأن مورثهم وضع يده على المبيع من تاريخ العقد وأقام الدعوى رقم 411 سنة 1942 مدني كلي المنصورة بصحة التعاقد عنه وسجل عريضتها في 7/ 7/ 1942 وصدر الحكم لصالحه في 27/ 2/ 1943 وأشهر في 1/ 6/ 1961 وبذلك ينسحب أثر هذا الشهر إلى يوم تسجيل العريضة ويكون لهذا عقد مورثهم مفضلا عن عقد المطعون ضدهما الأول والثاني الذي سجل في تاريخ لاحق لتسجيل عريضة تلك الدعوى. وتمسك المطعون ضدهما الأول والثاني في ردهما على هذا الدفاع بصورية العقد الصادر لمورث الطاعنين ثم تمسكا بتمليكهما العقار المبيع بالتقادم الخمسي وطلبا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات وضع يدهم المدة المكسبة للملكية. وبتاريخ 20 ديسمبر سنة 1962 قضت محكمة المنصورة الابتدائية بتثبيت ملكية المطعون ضده الأول للمقدار المبيع له من المطعون ضده الخامس وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات وضع اليد على المقدار الآخر المبيع للمطعون ضدهما الأولين من المطعون ضدهما الثالث والرابع ومدته وسببه ورفضت المحكمة في أسباب حكمها ادعاء المطعون ضدهما الأول والثاني تملك هذا المقدار بالتقادم الخمسي، واستندت في ذلك إلى أن عقد البيع صدر إليهما من المالك الحقيقي وأن تسجيله لاحق لتسجيل عريضة الدعوى التي رفعها مورث الطاعنين بطلب صحة عقده وبذلك لم يتوافر لديهما السبب الصحيح وحسن النية مما يستلزم مضي المدة الطويلة لاكتساب الملكية بالتقادم. وبعد أن نفذ هذا الحكم قضت المحكمة في 25/ 4/ 1963 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهما الأولان صورية العقد الصادر إلى مورث الطاعنين صورية مطلقة وأشارت المحكمة في أسباب هذا الحكم إلى أنه قد فاتها عند إصدار الحكم السابق أن المدة الطويلة المكسبة للملكية لم تكن قد اكتملت للمطعون ضدهما الأول والثاني وأنها لذلك لا تعتمد على نتيجة التحقيق الذي تم تنفيذاً لذلك الحكم إعمالاً للمادة 165 مرافعات، وبعد أن سمعت المحكمة شاهدي المطعون ضدهما الأول والثاني في التحقيق الذي أجرته تنفيذاً لحكمها الثاني استغنى الطاعنون عن إحضار شهود لهم وكانوا قد طلبوا التأجيل في جلسات التحقيق السابقة لإعلان شهودهم وقدم وكيلهم مذكرة بجلسة المرافعة دفع فيها بعدم جواز إثبات الصورية التي دفع بها المطعون ضدهما الأولان بالبينة. وقضت المحكمة الابتدائية في 13 فبراير سنة 1964 برفض الدعوى وأسست قضاءها على أن المشتري وهو خلف خاص للبائع لا يعتبر من الغير بالنسبة للتصرف الصوري الذي يكون قد صدر من سلفه وبالتالي لا يجوز للمطعون ضدهما الأول والثاني إثبات الصورية إلا بالكتابة فاستأنف هذان الأخيران هذا الحكم والحكمين الصادرين قبله في 20 ديسمبر 1962، 25 إبريل سنة 1963 وقيد استئنافهما برقم 129 سنة 16 ق مدني المنصورة. وقضت محكمة استئناف المنصورة في 7 ديسمبر سنة 1964 بسقوط الاستئناف بالنسبة للحكمين الصادرين في 20/ 12/ 1962 و25/ 4/ 1963 وبإلغاء الحكم الصادر في 13/ 2/ 1964 وتثبيت ملكية المطعون ضدهما الأول والثاني إلى المقدار الثاني من أطيان النزاع المبيع لهما من المطعون ضدهما الثالث والرابع. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، حاصل السببين الأول والثاني منها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتناقض في التسبيب وخالف قواعد الإثبات. وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن المطعون ضدهما الأول والثاني طعنا في مذكرتهما المقدمة لجلسة 29/ 3/ 1962 أمام محكمة أول درجة بصورية العقد الصادر لمورث الطاعنين وأصدرت هذه المحكمة في 20/ 12/ 1962 حكماً بإحالة الدعوى إلى التحقيق قررت في أسبابه أن المفاضلة بين المشترين من مالك واحد تكون بأسبقية التسجيل وأن عقد المطعون ضدهما الأول والثاني قد سجل في سنة 1948 بعد تسجيل عريضة الدعوى الحاصل في 7/ 7/ 1942 وهي الدعوى التي رفعها مورث الطاعنين بصحة عقده، وهذا الذي قررته المحكمة الابتدائية في أسباب حكمها الصادر في 20/ 12/ 1962 مؤداه أن ذلك الحكم أعمل أثر هذا العقد وفضله على عقد المطعون ضدهما الأول والثاني ولا يتأتى هذا التفاضل إلا إذا كان الحكم قد التفت عن الادعاء بصورية عقد المورث واعتبره قائماً وجدياً إذ لا يمكن أن تحصل المفاضلة بين عقد صوري وعقد آخر لأن العقد الصوري يعتبر معدوماً، وإذ كان الحكم المطعون فيه على الرغم من اعتباره الحكم الصادر في 20/ 12/ 1962 حكماً قطعياً حائزاً لقوة الشيء المقضي فيه والتزامه بحجيته في جزء من منطوقه إلا أنه أهدر هذه الحجية حين تحدث عن عقد المورث وقضى بصوريته فجاء قضاؤه هذا مخالفاً لما قضى به الحكم السابق ضمناً في أسبابه من جدية عقد مورث الطاعنين وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والتناقض في التسبيب، هذا إلى أنه أخطأ في القانون أيضاً إذ أجاز للمطعون ضدهما الأول والثاني إثبات صورية العقد الصادر لمورث الطاعنين بكافة طرق الإثبات مع أنهما خلف للبائع يسري في حقهما بشأن العقد الصادر لمورث الطاعنين ما يسري في حق سلفهما فلا يجوز لهما إثبات صورية العقد إلا بالكتابة.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير سديد، ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي الصادر في 20/ 12/ 1962 أنه بعد أن استعرض دفاع المطعون ضدهما الأول والثاني على النحو المبين بمذكرتهما الثانية المقدمة لجلسة 29/ 3/ 1962 والتي تمسكا فيها بتملك الأطيان محل النزاع بالتقادم الخمسي، قضى في منطوقه بالإحالة إلى التحقيق لإثبات وضع يدهما على هذه الأطيان ومدته وسببه وقد رفض في أسبابه الادعاء بالتملك بالتقادم الخمسي لانتفاء السبب الصحيح وحسن النية اللازم توافرهما للتملك بهذا التقادم، ولم تتضمن هذه الأسباب أية إشارة إلى دفاع المطعون ضدهما الأولين بصورية عقد مورث الطاعنين وهو الدفاع الذي أبدياه في مذكرتهما الأولى المقدمة لجلسة 29 مارس سنة 1962. لما كان ذلك وكان القضاء النهائي لا قوة له إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها، وعلى ذلك فإن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يجوز قوة الأمر المقضي. لما كان ذلك وكان يبين من الحكم الصادر في 20 ديسمبر سنة 1962 أنه اقتصر على بحث دفاع المطعون ضدهما الأولين الخاص بتملك العقار المتنازع عليه بالتقادم الخمسي، وقطع بعدم توافر السبب الصحيح وحسن النية لديهما ولم يتنبه إلى ما كان قد أبدياه في مذكرتهما المقدمة لجلسة 29 من مارس سنة 1962 من طعن بصورية عقد مورث الطاعنين، فلم يشير إلى هذا الدفاع في أسبابه ولم يعرض له فيها ولا في منطوقه فإنه لا يمكن القول بعد ذلك أنه فصل في هذا الدفاع وقضى ضمناً بجدية ذلك العقد قضاء حاز قوة الأمر المقضي. ولا صحة لما يقوله الطاعنون من أن الحكم المذكور الصادر في 20 من ديسمبر سنة 1962 قد فاضل بين عقد مورثهم وبين عقد المطعون ضدهم الأولين بما يدل على أنه اعتبر عقد المورث جدياً، ذلك أن البين من أسبابه أنه وإن كان قد قرر فيها أن عقد المطعون ضدهما الأولين سجل بعد تسجيل عريضة دعوى صحة التعاقد التي أقامها مورث الطاعنين إلا أن هذا التقرير إنما جاء في مقام التدليل على انتفاء حسن النية اللازم توافره لتملك العقار بالتقادم الخمسي وهو التملك الذي حصر الحكم بحثه فيه ولم يجر أية مفاضلة بين العقدين لمعرفة أيهما أفضل وأولى بالأعمال. لما كان ذلك وكان ما قرره ذلك الحكم من انتفاء حسن النية اللازم للتملك بالتقادم الخمسي لدى المطعون ضدهما الأولين لا يتضمن حتماً اعتبار عقد مورث الطاعنين جدياً إذ لا تلازم بين الأمرين، فإن الحكم المذكور وهو لم ينظر على أي وجه في أمر صورية عقد المورث وعدم صوريته لا يمكن أن تكون له قوة الشيء المقضى فيه بالنسبة لهذه المسألة. والنعي في شقة الثاني مردود بأن المشتري - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - يعتبر في أحكام الصورية من الغير بالنسبة للتصرف الصادر من البائع إلى مشترٍ آخر ومن ثم يكون له أن يثبت صورية هذا التصرف الصادر بكافة طرق الإثبات، وهذه القاعدة قد قننتها المادة 244 من القانون المدني القائم حيث نصت على أن لدائني المتعاقدين وللخلف الخاص أن يتمسكوا بالعقد المستتر ويثبتوا بجميع الوسائل صورية العقد الذي أضر بهم، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لم يخطئ في القانون إذ أجاز للمطعون ضدهما الأولين إثبات صورية العقد الصادر من البائعين لهما إلى مورث الطاعنين بغير الكتابة.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع، ويقولون في بيان ذلك أنه اعتمد في قضائه بصورية عقد مورثهم على التحقيق الذي تم أمام محكمة أول درجة بجلسة 19/ 12/ 1963 تنفيذاً لحكمها الصادر في 25/ 4/ 1963 في حين أنهم اعترضوا على هذا الحكم في جلسة التحقيق وأجابتهم المحكمة إلى طلب العدول عنه لعدم جواز إثبات الصورية بالبينة وبذلك صارت الدعوى وكأن لم يصدر فيها حكم بالإحالة إلى التحقيق وأصبح محضر التحقيق لا وجود له قانوناً، ولذلك يكون اعتماد الحكم المطعون فيه على هذا التحقيق مخالفاً للقانون، وكان يتعين على محكمة الاستئناف وقد رفضت الأخذ بوجهة نظر الطاعنين في عدم جواز إثبات الصورية بالبينة أن تصدر حكماً بإحالة الدعوى إلى التحقيق من جديد لسماع شهودهم في نفي الصورية، وإذ هي لم تفعل واكتفت في إثبات صورية عقد مورثهم بأقوال شاهدي المطعون ضدهما الأولين في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة ولم تأذن لهم في نفي هذه الصورية، فإنها تكون قد فوتت عليهم فرصة الدفاع وأخلت بحقهم فيه، هذا إلى أنها رفضت الاستجابة إلى طلب الطاعنين مد أجل الحكم للرد على المذكرة المقدمة من المطعون ضدهما الأولين بعد انقضاء الميعاد المحدد لهما رغم أنها قبلت هذه المذكرة وأخذت بها في أسباب حكمها.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الحكم الابتدائي الصادر في 25/ 4/ 1963 قضى بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهما الأول والثاني بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة أن العقد الصادر لمورث الطاعنين عن القدر موضوع النزاع هو عقد صوري صورية مطلقة وأذنت المحكمة للطاعنين ولباقي المدعى عليهم بنفي هذه الصورية بذات الطرق. ويبين من محاضر التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة تنفيذاً لحكمها هذا أن المطعون ضدهما الأول والثاني أحضرا شاهدين للإثبات في أول جلسة حددت للتحقيق وطلب الطاعنون التأجيل لإعلان شهودهم واستجابت المحكمة لهذا الطلب وأجلت التحقيق أربع مرات ليعلن الطاعنون شهودهم وفي جلسة 19/ 12/ 1963 قرر الحاضر عن الطاعنين أنه استغنى عن إحضار الشهود اكتفاء بدفاعه في الدعوى فسمعت المحكمة في هذه الجلسة شاهدي الإثبات. لما كان ذلك وكانت محكمة أول درجة خلافاً لما يقوله الطاعنون لن تعدل عن حكم التحقيق الذي أصدرته في 25 إبريل سنة 1963 لأن العدول المقصود بالفقرة الأولى من المادة 165 من قانون المرافعات يكون بعدم تنفيذ إجراء الإثبات الذي أمرت به المحكمة وصرف النظر عنه وهو ما لم تفعله المحكمة الابتدائية بالنسبة لحكم الإحالة إلى التحقيق آنف الذكر، إذ هي نفدته فعلاً وسمعت الشهود الذين حضروا أمامها، وإنما ما حصل هو أن المحكمة رأت بعد تنفيذ ذلك الحكم ألا تأخذ بنتيجة التحقيق الذي أجرته عملاً بحقها المقرر في الفقرة الأخيرة من المادة 165 المشار إليها وذلك لما رأته خطأ من عدم جواز إثبات صورية عقد مورث الطاعنين بغير الكتابة. وإذ كانت محكمة الاستئناف قد رأت أن تأخذ بالرأي القانوني الصحيح الذي يقضي بجواز إثبات هذه الصورية بكافة الطرق فإنه لا عليها إذ هي اعتمدت في إثبات هذه الصورية على أقوال شاهدي المطعون ضدهما الأولين في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة، لأن محضر هذا التحقيق يعتبر من أوراق الدعوى المطروحة على محكمة الاستئناف بسبب نقل الدعوى بحالتها إليها وطالما أن هذا المحضر لم يشبه البطلان في ذاته فإنه ليس ما يمنع تلك المحكمة من الأخذ به. أما ما يعزوه الطاعنون إلى محكمة الاستئناف من خطأ لعدم تمكينهم من نفي الصورية بشهادة الشهود بعد أن رأت جواز إثباتها بغير الكتابة، فإنه مردود بأن الطاعنين وقد تخلفوا عن إعلان شهودهم أمام محكمة أول درجة على الرغم من إتاحة الفرصة الكافية لهم لإعلانهم وقرروا بلسان محاميهم الحاضر أمام تلك المحكمة باستغنائهم عن إحضار شهود لنفي تلك الصورية اكتفاء بما قدموه من دفاع في الدعوى ولم يطلبوا من محكمة الاستنئاف إحالة الدعوى إلى التحقيق لتمكينهم من نفي الصورية بشهادة الشهود فإنه لا يكون لهم بعد ذلك أن يعيبوا على محكمة الاستئناف عدم اتخاذها هذا الإجراء من تلقاء نفسها إذ الأمر فيه يصبح في هذه الحالة من إطلاقاتها، وما دامت هي قد رأت في أوراق الدعوى وظروفها ما يكفي لتكوين عقيدتها فإنها لم تكن في حاجة إلى اتخاذ ذلك الإجراء متى اطمأنت - في حدود سلطتها التقديرية - إلى أقوال شهود المطعون ضدهما الأولين في إثبات صورية عقد مورث الطاعنين وما دام الطاعنون لم يعلنوا أمامها أنهم عدلوا عما قرره أمام المحكمة الابتدائية من الاستغناء عن إحضار شهود لنفي الصورية اكتفاء بما قدموه من دفاع في الدعوى ولم يطلبوا حتى في مذكرتهم الأخيرة التي قدموها إلى محكمة الاستئناف وطلبوا فيها مد أجل الحكم، سماع شهودهم لنفي الصورية، وما دامت المحكمة لم تر فيا قدموه من دفاع ما ينقض أقوال الشهود الذين اطمأنت إليهم. لما كان ذلك وكان الثابت مما نقله الحكم المطعون فيه عن مذكرة المستأنفين (المطعون ضدهما الأول والثاني) التي قدماها بعد انقضاء الميعاد المحدد لهما لتقديم المذكرات أنها تناولت أسباب الاستئناف بالإيضاح والاستشهاد بنصوص القانون وأحكام القضاء، وكان ما ورد بهذه المذكرة لا يتضمن جديداً وإنما هو ترديد للدفاع الذي تمسكا به في صحيفة الاستئناف وأمام محكمة أول درجة فإن الحكم المطعون فيه إذ أشار في أسبابه إلى مضمون هذه المذكرة لا يكون قد أخل بحق الدفاع ومن ثم يكون النعي بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم جمعيه يتعين رفض الطعن.