أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 20 - صـ 298

جلسة 11 من فبراير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم علام، وإبراهيم الديواني.

(47)
الطعن رقم 66 لسنة 35 القضائية

قسمة. "قسمة المهايأة الزمنية".
قسمة المهايأة الزمنية. ماهيتها. إلزام الشريك المهايئ برد العين المشتركة لشركائه بعد انتهاء نوبته في الانتفاع بها. مخالفة ذلك. أثرها.
مقتضى المادة 847 من القانون المدني هو أن قسمة المهايأة الزمنية للمال الشائع لا تنهي حالة الشيوع بين الشركاء فيه ولا تعدو الغاية منها تنظيم علاقة هؤلاء الشركاء لاقتسام منفعة ذلك المال بأن يتناوبوا الانتفاع به كل منهم مدة مناسبة لحصته فيه بما يعني مقايضة انتفاع بانتفاع كما هو الحال في عقد الإيجار. وإذ تقضي المادة 848 التالية للمادة السالفة الذكر بخضوع قسمة المهايأة من حيث حقوق والتزامات المتقاسمين لأحكام عقد الإيجار إلا فيما يتعارض مع طبيعة هذه القسمة، فإن مؤدى هذين النصين أن يلتزم الشريك المهايئ كما يلتزم المستأجر طبقاً لنصوص القانون المدني في الإيجار بأن يرد العين المشتركة لشركائه فيها بعد انتهاء نوبته في الانتفاع بها وإلا كان غاصباً ويلزم بتعويض هؤلاء الشركاء عما يصيبهم من ضرر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 838 سنة 1962 مدني كلي المنصورة ضد الطاعن وطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 1362 ج و245 م وبصحة الحجز التحفظي الموقع منه ضده في 2 سبتمبر سنة 1962، وقال بياناً للدعوى إنه يمتلك مع الطاعن 60 فداناً على الشيوع وبحق النصف لكل منهما في ناحية منشأة الجمال مركز دكرنس مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وأنه تنظيماً لانتفاعهما بهذه الأرض اتفقا على أن يقوم كل منهما باستغلالها لحسابه سنتين، وتولى المطعون ضده بناء على ذلك زراعة هذه الأرض في سنتي 55 و1956 الزراعيتين، ولما حلت نوبة الطاعن في زراعتها وقع الطرفان بتاريخ 5 نوفمبر سنة 1956 على اتفاق تعهد فيه الطاعن بأن يسلم للمطعون ضده نصيبه في الأرض المشار إليها خالياً من أي وضع يد في أكتوبر سنة 1958 غير أنه نكل عن هذا التعهد وظل واضعاً يده على الأرض بعد ذلك الميعاد ولم يدفع له ما يستحقه عن سنة 1961، 1962 الزراعية، وأنه إذ تبلغ القيمة الإيجارية لنصف هذه الأرض 662 ج 245 م سنوياً كما يبلغ التعويض الذي قدره الطرفان جزاء على عدم تنفيذ التعهد المشار إليه 700 ج، وكان المطعون ضده قد أوقع حجزاً تحفظياً ضد الطاعن على ما في الأرض من زراعة، فقد أقام دعواه بالطلبات المتقدمة. واتبع المطعون ضده هذه الدعوى بالدعوى رقم 730/ 1963 مدني كلي المنصورة بطلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 1362 ج 245 م منه مبلغ 662 ج 245 م يمثل القيمة الإيجارية لنصيبه في ذات الأرض موضوع الدعوى السابقة عن سنة 1962/ 1963 الزراعية ومبلغ 700 ج قيمة التعويض المنصوص عليه في الاتفاق المعقود بينهما في 5 نوفمبر سنة 1956 والسابق الإشارة إليه وذلك على نفس الأساس في الدعوى السالفة، وضمت المحكمة الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد. وبتاريخ 15 ديسمبر سنة 1963 قضت بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 2648 ج و980 م. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 17/ 16 ق. وبتاريخ 7 ديسمبر سنة 1964 قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 1973 ج و980 م بعد أن خصمت من المبلغ المحكوم به ابتدائياً مبلغ 775 ج قالت بأن المطعون ضده أقر بقبضه وأيدت قضاء محكمة أول درجة فيما عدا ذلك. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وفي الجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن في السببين الأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن التزامه بتسليم المطعون ضده نصيبه في أرض النزاع طبقاً للاتفاق المبرم بينهما في 5 نوفمبر سنة 1956 قد سقط لأمرين (أولهما) أن هذا الالتزام مشروط بقسمة الأرض المذكورة قسمة مهايأة أو قسمة نهائية حتى يكون التسليم مستطاعاً وأن هذا الشرط قد تخلف بعدم حصول القسمة. (وثانيهما) هو أن كلاً من محمد أمين سليم وأحمد إبراهيم أبو العينين قد تسلما نصيب المطعون ضده في تلك الأرض بوصفهما مستأجرين، وأن المطعون ضده أقر كتابة بأنه قبض منهما مبلغ 675 ج خصماً من الأجرة المستحقة عن هذا النصيب في سنتي النزاع وذلك على دفعتين الأولى منهما 375 ج في 12 يناير سنة 1963 والثانية مبلغ 300 ج في 10 أكتوبر سنة 1963 بما يعتبر إجازة منه بتأجير المطعون ضده لنصيبه وتسليماً من جانبه بنشوء علاقة إيجارية بينه وبين هذين المستأجرين، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على دفاعه وقضى رغم ذلك بتقرير مسئوليته عن عدم تسليم المطعون ضده نصيبه في الأرض المذكورة على اعتبار أنه غاصب لها بحجة أنه امتنع عن تسليمها إليه في الميعاد الذي حدده العقد المبرم بينهما في 5 نوفمبر سنة 1956، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان مقتضى المادة 847 من القانون المدني هو أن قسمة المهايأة الزمنية للمال الشائع لا تنهي حالة الشيوع بين الشركاء فيه، ولا تعدو الغاية منها تنظيم علاقة هؤلاء الشركاء لاقتسام منفعة ذلك المال بأن يتناوبوا الانتفاع به كل منهم مدة مناسبة لحصته فيه، مما يعني مقايضة انتفاع بانتفاع كما هو الحال في عقد الإيجار، وإذ تقضي المادة 848 التالية للمادة السالف الذكر بخضوع قسمة المهايأة من حيث حقوق والتزامات المتقاسمين لأحكام عقد الإيجار إلا فيما يتعارض مع طبيعة هذه القسمة، فإن مؤدى هذين النصين أن يلتزم الشريك المهايئ كما يلتزم المستأجر طبقاً لنصوص القانون المدني في الإيجار، بأن يرد العين المشتركة لشركائه فيها بعد انتهاء نوبته في الانتفاع بها وإلا كان غاصباً ويلزم بتعويض هؤلاء الشركاء عما يصيبهم من ضرر. لما كان ذلك وكان يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه حصل فهم الواقع في الدعوى على أساس ما قدم فيها من الأوراق من أن الطرفين نظما انتفاعهما بالأرض موضوع النزاع والمملوكة لهما على الشيوع بقسمتها قسمة مهايأة زمنية يتحقق بموجبها لكل منهما أن ينتفع بها بأكملها لمدة سنتين، وأن المطعون ضده قام بزراعة هذه الأرض لحسابه خلال سنتي 1955 و1956 الزراعيتين وأنه قبل أن تحل نوبة الطاعن في استغلال الأرض والانتفاع بها في السنتين التاليتين حرر بين الطرفين بتاريخ 5 نوفمبر سنة 1956 اتفاق تعهد فيه الطاعن بأن يسلم المطعون ضده نصيبه في شهر أكتوبر سنة 1958 خالياً من أي نزاع مهما كان سببه، وأن الطاعن امتنع رغم ذلك عن تسليم المطعون ضده لنصيبه في موعده المحدد تنفيذاً للاتفاق المشار إليه، وإذ خلص هذا الحكم بعد ذلك إلى اعتبار الطاعن غاصباً لنصيب المطعون ضده في الأرض المملوكة لهما على الشيوع، فإنه لا يكون قد خالف القانون. لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه واجه ما أثاره الطاعن بشأن إقرار المطعون ضده بقبض مبلغ 675 ج من محمد أمين سليم وأحمد إبراهيم أبو العينين بقوله "بالنسبة للمبلغين الواردين بالإقرارين المؤرخين 12/ 1/ 1963، 20/ 10/ 1963 وقدر الأول 375 ج والثاني 300 ج فقد قبضهما المستأنف عليه (المطعون ضده) وأقر بذلك في مذكرته الأخيرة وإن قال بأنه لم يعترف بتأجير أطيانه للغير وأن قبضه لهذا المبلغ ليس فيه إجازة للإيجار وإنما إبراء لذمة واضعي اليد من هذا المبلغ، فإن المحكمة وقد بان لها أن الحجز الذي كان سبباً في قبض المستأنف ضده لهذا المبلغ، إنما سنده عقد الاتفاق أساس العلاقة بينه وبين المستأنف (الطاعن) ومن ثم يتعين خصم هذا المبلغ من المستحق له" وكان هذا الذي حصله الحكم في مقام تفسيره لإقرار المطعون ضده بقبض المبلغ المشار إليه من واضعي اليد على نصيبه في أرض النزاع يعد تحصيلاً سائغاً له سنده من الأوراق، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون إذ رتب على ما حصله - على النحو السالف بيانه - تحميل الطاعن مسئولية تعويض المطعون ضده عما أصابه من ضرر بسبب اغتصاب نصيبه في الأرض المملوكة شيوعاً بينه وبين الطاعن تأسيساً على أن هذا الأخير لا يملك تسليم نصيب المطعون ضده لآخرين وتمكينهما من وضع اليد عليه بوصفهما مستأجرين لمخالفة ذلك لما نص عليه في الاتفاق المحرر بينهما برد العين المشتركة عند انتهاء نوبته في الانتفاع بها، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون أو بالقصور في التسبيب في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه التناقض في الأسباب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتبره غاصباً لنصيب المطعون ضده في أرض النزاع ورتب على ذلك مسئوليته عما أصابه من ضرر نتيجة لعدم تسليمه الأرض، وذلك بناء على ما قرره من أن الطاعن امتنع عن هذا التسليم في الميعاد المحدد باتفاق 5 نوفمبر سنة 1956، بينما قد سلم الحكم في موضع آخر من أسبابه بأن نصيب المطعون ضده في أرض النزاع قد صار في يد شخصين آخرين قاما بوصفهما مستأجرين بدفع مبلغ 675 ج للمطعون ضده خصماً من الإيجار المستحق له عن سنتي النزاع، وهو ما يعيب الحكم بالتناقض.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه - على ما سلف بيانه في الرد على السببين الأول والثالث - أن إقرار المطعون ضده بقبض مبلغ 675 ج من الشخصين اللذين وضعا يدهما على نصيبه في أرض النزاع لا يعد إجازة منه بتأجيره لهما بل كان ذلك منه إبراء لذمتهما من المبلغ المذكور وبسبب الحجز الذي كان قد أوقعه على زراعة الأرض بموجب الاتفاق المبرم بينه وبين الطاعن في 5 نوفمبر سنة 1956 وذلك تبريراً من الحكم لخصم المبلغ المشار إليه من جملة ما هو مستحق للمطعون ضده من أجرة الأرض والتعويض المتفق عليه في العقد السابق الذكر وتعديل الحكم المستأنف على هذا الأساس، وكان هذا من الحكم المطعون فيه لا يتعارض مع ما قرره الحكم الابتدائي وعلى ما سلف بيانه من أن الطاعن إذ سلم نصيب المطعون ضده في الأرض للغير بعد انتهاء الميعاد المحدد في الاتفاق المعقود بينهما في 5 نوفمبر سنة 1956 يعد غاصباً لهذا النصيب، فإن النعي على الحكم بالتناقض في هذا الخصوص يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.