أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 358

جلسة 18 من فبراير سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ محمود العمراوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: سليم راشد وعبد العليم الدهشان ومصطفى سليم ومصطفى الفقي.

(59)
الطعن رقم 385 لسنة 38 القضائية

(1) إيجار. "ولاية إيجار الوقف". وقف.
ولاية إيجار الوقف للناظر عليه. استئجاره للوقف باطل. علة ذلك.
(2) التزام. "انقضاء الالتزام بالتجديد" حكم. "ما لا يعد قصوراً". نقض. "أسباب الطعن. السبب غير المنتج".
التجديد لا يرد على عقد باطل. ما قرره الحكم بشأنه تزيداً. النعي عليه غير منتج.
(3) نقض. "أسباب الطعن. السبب المتعلق بالواقع".
عدم تقديم ما يدل على التمسك أمام محكمة الاستئناف بدفاع موضوعي عدم جواز التمسك به الأول مرة أمام محكمة النقض.
(4) وقف. "حل الوقف". حراسة. "الحراسة على الوقف". إيجار.
حل الوقف على غير الخيرات أثره بقاء الأموال تحت يد الناظر كحارس حتى تمام التسليم.
1 - مؤدى نص المادتين 628، 630/ 1 من القانون المدني، أن ولاية إجازة الوقف تكون للناظر عليه الذي يتولى إدارته ولا يملكها المستحق ولو انحصر فيه الاستحقاق إلا بأذن من القاضي أو الناظر كما أنه لا يجوز للناظر أن يستأجر الوقف لأنه يكون في حكم المستأجر من نفسه فيقع العقد باطلاً.
2 - التجديد لا يرد على العقد الباطل. وإذا كان ما قرره الحكم بشأن مثل هذا التجديد. تزيداً يستقيم الحكم بدونه، فإن النعي عليه في هذا الصدد يكون غير منتج ولا جدوى منه.
3 - إذ كان الطاعن لم يقدم ما يدل على أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضده الثاني كان رشيداً وقت أن صدر منه العقد المتنازع فيه - فإن ما يثيره الطاعن من ذلك يعتبر دفاعاً موضوعياً جديداً، لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - مؤدى نصوص القانون رقم 180 لسنة 1952 بحل الأوقاف على غير الخيرات أن الأوقاف الأهلية اعتبرت جمعيها منقضية وأصبحت أموالها ملكاً حراً للواقف أو المستحقين على النحو المبين في تلك النصوص، وإلى أن يتم تسليم هذه الأموال إليهم فإنها تكون تحت يد الناظر لحفظها وإدارتها، وتكون للناظر في هذه الفترة صفة الحارس، ويمتنع عليه بصفته هذه أن يستأجر تلك الأموال من المستحقين، وإنما يجوز له ذلك بعد أن يتم تسليمها إليهم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 221 لسنة 1963 مدني كلي قنا على الطاعن وقالوا شرحاً لها أنه بمقتضى حجة وقف مؤرخة 5/ 11/ 1911 أوقف المرحوم (....) أطياناً زراعية مساحتها 24 فداناً و12 قيراطاً وسهمان من بينها حديقة بها أشجار مختلفة، ومنزل وقد عين الطاعن ناظراً على هذا الوقف ثم صار حارساً عليه بحكم القانون رقم 180 سنة 1952 بحل الوقف على غير الخيرات. وأنهم يستحقون ستة أجزاء من ثلاثة وعشرين جزءاً في هذا الوقف وأن الطاعن استولى على هذه الحصة ولم يسلمهم ريعها خلال المدة من سنة 1956 - 1957 إلى سنة 1962 - 1963 الزراعية ولهذا فقد أقاموا هذه الدعوى بطلب إلزامه بتقديم حساب عن ريع هذه الحصة خلال المدة المذكورة والحكم لهم بما يظهره الحساب وقدم الطاعن كشف الحساب وقضت المحكمة بندب خبير لبيان ما يستحقه المطعون ضدهم من ريع في الأرض والمنزل والحديقة. تمسك الطاعن بأنه كان يستأجر حصة المطعون ضدهم بمقتضى عقد مؤرخ 22/ 7/ 1948 صادر إليه من الوصية عليهم وأن هذا العقد تجدد ضمناً وأضاف أنه استأجر هذه الحصة من المطعون ضده الثاني بمقتضى عقد إيجار مؤرخ 29/ 12/ 1956 بأجرة سنوية مقدارها 63 جنيه وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 27/ 2/ 1967 بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضدهم مبلغ 552 جنيهاً و387 مليماً وقالت في أسباب حكمها أنها أجرت المحاسبة على أساس ريع الحصة دون الحصة دون التفات لقيمتها الإيجارية وذلك بعد خصم المبالغ التي دفعها الطاعن. واستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 69 سنة 42 ق استئناف أسيوط طالباً إلغاءه ورفض الدعوى. وفي 20/ 5/ 1968 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض على غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب حاصل أولها الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه تمسك بأنه على الرغم من أنه كان ناظراً على الوقف إلا أن كل مستحق كان ينتفع بنفسه بما يعادل حصته عدا الوصية على المطعون ضدهم التي كانت تقوم بتأجير حصتهم للغير حتى سنة 1948 حيث استأجرها هو منها بمقتضى عقد إيجار مؤرخ 22/ 10/ 1948 وأن هذا العقد تجدد ضمناً عملاً بالمادة 599 من القانون المدني إلى أن صدر قانون الإصلاح الزراعي فامتد العقد بحكمه وأنه لذلك يجب أن تكون المحاسبة على أساس القيمة الإيجارية وقد رفض الحكم هذا الدفاع استناداً إلى أنه لا يجوز للمستحق أن يؤجر حصته وأن العقد الصادر من الوصية قد انتهى ولم يثبت تجديده وأن التجديد الضمني يتطلب رضاء الطرفين وهذا الذي استند إليه الحكم خطأ ذلك أنه ليس ثمة ما يمنع من اتفاق ناظر الوقف مع المستحق على أن يضع يده على ما يعادل حصته - كما أنه لا يلزم للتجديد الضمني رضاء الطرفين وإنما يكفي أن يستمر المستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة دون اعتراض من المستأجر - وأضاف الطاعن في السبب الثاني أنه قدم للتدليل على التجديد إيصالاً تاريخه 24/ 10/ 1952 يفيد استلام المطعون ضدهم أجرة سنة 1951 - 1952 الزراعية وإذ خلا الحكمان الابتدائي والمطعون فيه من الرد على هذا الدفاع الجوهري فإنه يكون مشوباً بقصور يبطله - وقال في بيان السبب الرابع أن الحكم إذ قرر أن العقد الصادر إليه من الوصية على المطعون ضدهم لا يعدو أن يكون مجرد إقرار منها بقبض استحقاقها عن سنة 1948 - 1949 قد خالف الثابت في هذا العقد، إذ نص فيه على أن الوصية قد أجرت له حصة المطعون ضدهم.
وحيث إن النعي بالسبب الأول مردود في شقه الأول بأنه يبين من الرجوع إلى الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه أنه جاء به قوله "أن المدعى عليه (الطاعن) هو الناظر على الوقف وبعد صدور القانون رقم 180 سنة 1954 بحل الوقف على غير الخيرات أصبح هو الحارس على أعيان الوقف ومن ثم فلا يحق له بصفته المذكورة أن يستأجر أي أطيان من أعيان الوقف ولو بأجر المثل وذلك عملاً بنص المادة 630/ 1 من القانون المدني وبل وأنه ممنوع على أي مستحق أن يؤجر أي جزء من أعيان الوقف إذ أن ولاية إجارة الوقف هي لناظر الوقف وحده والحارس عليه بعد حل الأوقاف الأهلية بالقانون المذكور وذلك عملاً بالمادة 628 من القانون المدني وبالتالي كان استئجار المدعى عليه (الطاعن) من.... بصفتها وصية على المدعين (المطعون ضدهم) وقت أن كانوا قصراً على أساس غير سليم هذا فضلاً عن الإيجار المذكور كان عن سنة 1948 - 1949 وقد انتهى بانتهاء مدته ولم يثبت بالأوراق من جانب المدعى عليه تجديدها لمدة أخرى وخاصة أن عقد الإيجار لم يتضمن جواز تجديده لمدة أخرى هذا فضلاً عن أن تجديد الإيجار ضمناً عملاً بنص المادة 599 من القانون المدني يتطلب رضاء الطرفين عن ذلك ولم يضم بالأوراق ما يفيد هذا الرضاء من جانب المؤجرة المذكورة" وهذا الذي قرره الحكم يفيد أنه اعتمد بصفة أساسية على أن عقد الإيجار الصادر من الوصية على المطعون ضدهم إلى الطاعن وقع باطلاً لمخالفته لنص المادتين 628، 630 من القانون المدني وهو صحيح في القانون ذلك أن مؤدى نص المادتين 628، 630/ 1 من القانون المدني، أن ولاية إجازة الوقف تكون للناظر عليه الذي يتولى إدارته ولا يملكها المستحق ولو انحصر فيه الاستحقاق إلا بإذن من القاضي أو الناظر كما أنه لا يجوز للناظر أن يستأجر الوقف لأنه يكون في حكم المستأجر من نفسه فيقع العقد باطلاً. لما كان ذلك وكان التجديد لا يرد على العقد الباطل وكان ما قرره الحكم بشأن تجديد العقد الصادر من الوصية تزيداً يستقيم الحكم بدونه وكان النعي على الحكم بالسببين الثاني والرابع يدور حول ما قرره الحكم في هذا الصدد فإنه يكون غير منتج ولا جدوى منه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه طلب إجراء المحاسبة على أساس عقد إيجار مؤرخ 29/ 12/ 1956 صادر إليه من المطعون ضده الثاني ولم يأخذ الحكم الابتدائي بهذا العقد استناداً إلى أنه صدر من المطعون ضده الثاني وهو قاصر كما أنه لا يحتج به على باقي المطعون ضدهم، وأمام محكمة الاستئناف تمسك الطاعن بأن المؤجر لم يكن قاصراً وقدم شهادة ميلاده التي تبين منها أنه كان قد تجاوز سن الرشد وقت العقد وقد خلا الحكم المطعون فيه من الرد على هذا الدفاع الجوهري فشابه قصور يبطله.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن الطاعن لم يقدم ما يدل على أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضده الثاني كان رشيداً وقت أن صدر منه العقد المؤرخ 26/ 12/ 1956 وبالتالي فإن ما يثيره الطاعن في هذا السبب يعتبر دفاعاً موضوعياً جديداً لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون حين قرر أن الطاعن إذ استأجر الأطيان رغم كونه حارساً عليها بحكم القانون رقم 180 لسنة 1952 بحل الوقف على غير الخيرات قد خالف القانون، ذلك أن صفة الحارس التي أسبغها عليه القانون المذكور ليست إجبارية وليس لها صفة الاستمرار بل هي موقوتة إلى أن يقوم الناظر بتسليم كل مستحق حصته وأنه ليس ثمة ما يمنع من أن يتم هذا التسليم فور صدور القانون المذكور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن مؤدى نصوص القانون رقم 180 لسنة 1952 بحل الأوقاف على غير الخيرات أن الأوقاف الأهلية قد اعتبرت جمعيها منقضية وأصبحت أموالها ملكاً حراً للواقف أو المستحقين على النحو المبين في تلك النصوص وإلى أن يتم تسليم هذه الأموال إليهم فإنها تكون تحت يد الناظر لحفظها وإدارتها وتكون للناظر في هذه الفترة صفة الحارس ويمتنع عليه بصفته هذه أن يستأجر تلك الأموال من المستحقين وإنما يجوز له ذلك بعد أن يتم تسليمها إليهم لما كان ذلك وكان الطاعن لم يدع أمام محكمة الموضوع أنه قام بتسليم أعيان الوقف إلى مستحقيها تنفيذاً للقانون رقم 180 لسنة 1952 وليس في أوراق الدعوى ما يفيد ذلك فإنه لا يجوز للطاعن بصفته المذكورة أن يستأجر تلك الأعيان من مستحقيها وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ولما تقدم يكون الطعن برمته غير سديد ويتعين رفضه.