أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 20 - صـ 64

جلسة 8 من يناير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، ومحمد شبل عبد المقصود، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

(11)
الطعن رقم 17 لسنة 36 ق "أحوال شخصية"

وقف. "إشهاد الرجوع في الوقف". اختصاص.
سماع الإشهاد بالرجوع في الوقف الصادر بعد العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946 من اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية أو من يحيله عليه.
مؤدى نصوص المواد الأولى والثانية والثالثة من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف، أن سماع الإشهاد بالرجوع في الوقف الصادر بعد العمل بالقانون المذكور كان من اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية الشرعية أو من يحيله عليه، وبصدور القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية، أصبح سماع هذا الإشهاد من اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية أو من يحيله عليه وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم اختصاص هيئة التصرفات بنظر طلب الرجوع عن الوقف الخيري الصادر بعد العمل بقانون الوقف فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيد حافظ صقر غازي أقام الدعوى رقم 3 لسنة 1961 تصرفات المنصورة الابتدائية ضد وزارة الأوقاف يطلب قبول إشهاد منه برجوعه عن الوقف الخيري الصادر منه بالإشهاد رقم 95 أمام محكمة المنصورة الابتدائية الشرعية في 17/ 7/ 1946. وبتاريخ 12/ 10/ 1963 حكمت المحكمة حضورياً برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصاريف. واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالباً إلغاؤه والحكم له بطلبه وقيد هذا الاستئناف برقم 1 سنة 1964 تصرفات وبتاريخ 6/ 4/ 1966 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) بقبول الاستئناف شكلاً. (ثانياً) بإلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر رجوع المستأنف عن وقفه الخيري الصادر بعد العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946. (ثالثاً) بإلزام المستأنف بالمصروفات وبمبلغ خمسة جنيهات أتعاب محاماة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثالث أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم اختصاص هيئة التصرفات بنظر طلب رجوع الطاعن عن وقفه الخيري الصادر بعد العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946 مستنداً في ذلك إلى أن مؤدى المواد 1 و2 و3 من القانون رقم 48 لسنة 1946 أن سماع الإشهاد بالرجوع في الوقف الصادر قبل العمل بهذا القانون من اختصاص هيئة التصرفات بالمحكمة الشرعية أما سماع الإشهاد بالرجوع في الوقف الصادر بعد العمل بالقانون المذكور فهو من اختصاص رئيس المحكمة الشرعية، وأنه بمقتضى قانون إلغاء المحاكم الشرعية رقم 462 لسنة 1955 انتقلت جميع أعمال المحاكم الشرعية إلى المحاكم الوطنية ويصبح العمل الذي كان ممنوحاً لرئيس المحكمة الشرعية من اختصاص رئيس المحكمة الوطنية، وإلى أن إلغاء التوثيق من المحاكم الشرعية وجعله من اختصاص مكاتب التوثيق لا صلة له بالنزاع لأن التوثيق له طريقه بعد صلاحية الطلب للرجوع، وهذا من الحكم مخالفة القانون وخطأ في تطبيقه وتأويله من وجوه (أولها) أن القانون رقم 462 لسنة 1955 لم ينص على إلغاء المحاكم الشرعية وحلول المحاكم الوطنية محلها في كل ما كانت تختص به بل قصر هذا الحلول على قضايا الأحوال الشخصية وقضايا الوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية والمجالس الملية، فلا يمكن إدخال إشهادات يسمعها رئيس محكمة بنفسه أو بواسطة قاضي أو كاتب يسمعها بطريق الإحالة من رئيس المحكمة ضمن ما عهد إلى المحاكم الوطنية لأن القضاء يتخصص بالزمان والمكان والحوادث وأنواع القضايا ويجب الوقوف عند نصوص القانون (وثانيها) أن الحكم استند في قضائه إلى المواد 1 و2 و3 من القانون رقم 48 لسنة 1946 مع أن هذه المواد ألغيت بالقانون رقم 462 لسنة 1955 حيث قصر حلول المحاكم الوطنية محل المحاكم الشرعية على قضايا بالأحوال الشخصية وقضايا الوقف ولم يشمل الإشهادات الخاصة بالوقف والتي نظمتها المواد المشار إليها يؤيد هذا النظر أن الأوقاف الأهلية انتهت بالقانون رقم 180 لسنة 1952 وصارت ملكاً لمستحقيها وبانتهائها حرم سماع أي إشهاد بوقف أهلي وهو ما لا يصح معه القول ببقاء هذه المواد وهي تتحدث عن سماع الإشهاد المشتمل على الحرمان والإشهاد بالرجوع في الوقف الصادر قبل العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946 أو بالتغيير في مصارف الوقف الأهلي (وثالثها) أن القانون رقم 629 لسنة 1955 ألغى المواد من 362 إلى 373 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وهي المواد الخاصة بالإشهادات كما ألغى أفلام التوثيق بالمحاكم الشرعية وأحال جميع المضابط والسجلات والدفاتر المتعلقة بها إلى مكاتب التوثيق ونص على أن تتولى هذه المكاتب توثيق جميع المحررات وذلك فيما عدا عقود الزواج وإشهادات الطلاق والرجعة والتصادق على ذلك الخاصة بالمصريين المسلمين والمصريين غير المسلمين المتحدي الطائفة والملة، وأصبحت مكاتب التوثيق هي المختصة بتحرير جميع الإشهادات التي كانت تتولاها المحاكم الشرعية عدا الإشهادات التي ينص القانون على جعلها من اختصاص المحكمة، وبذلك لم يبق من اختصاص المحاكم إلا الإشهادات التي تجريها هيئة التصرفات بما لها من ولاية عامة على الأوقاف طبقاً للمادة 27 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية من عزل وإقامة ناظر وضم ناظر إلى آخر واستبدال والموافقة أو عدم الموافقة على ما يطلبه الواقف من سماع إشهاد منه برجوعه عن الوقف، ولم ينص القانون رقم 462 لسنة 1955 على إلغاء هذه المادة من اللائحة، فيكون الفصل في الرجوع عن الوقف من اختصاص هيئة التصرفات بعموم نص المادة 27 من اللائحة ولا يدخل في اختصاص رئيس المحكمة أو مكاتب التوثيق، ومتى وافقت هيئة التصرفات على مبدأ الرجوع عن الوقف فإن موافقتها تكون إذناً منها للواقف بأن يشهد رسمياً برجوعه عن وقفه أمام الجهة المختصة وهي مكتب التوثيق.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته، ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف على أنه "من وقت العمل بهذا القانون لا يصح الوقف، ولا الرجوع فيه ولا التغيير في مصارفه وشروطه، ولا الاستبدال به من الواقف، إلا إذا صدر بذلك إشهاد ممن يملكه، لدى إحدى المحاكم الشرعية بالمملكة المصرية، على الوجه المبين بالمادتين الثانية والثالثة، وضبط بدفتر المحكمة"، وفي المادة الثانية على أن "سماع الإشهادات المبنية بالمادة الأولى عدا ما نص عليه في المادة الثالثة من اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية الشرعية التي بدائرتها أعيان الوقف كلها أو أكثرها قيمة أو من يحيلها عليه من القضاة أو الموظفين...." وفي المادة الثالثة على أن "سماع الإشهاد المشتمل على الحرمان الوارد في الفقرة الأولى من المادة 27 وسماع الإشهاد بالرجوع في الوقف الصادر قبل العمل بهذا القانون أو بالتغيير في مصارفه من اختصاص هيئة التصرفات بالمحكمة التي بدائرتها أعيان الوقف كلها أو أكثرها قيمة دون غيرها" يدل على أن سماع الإشهاد بالرجوع في الوقف الصادر بعد العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946 كان من اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية الشرعية أو من يحيله عليه، ولما صدر المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات ظلت المواد 1 و2 و3 من القانون رقم 48 لسنة 1946 على حالها فيما يتعلق بالأوقاف على الخيرات، وبصدور القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية والنص في المادة الأولى منه على أن "تلغى المحاكم الشرعية والمحاكم الملية ابتداء من أول يناير سنة 1956 وتحال الدعاوى المنظورة أمامها لغاية 31 ديسمبر سنة 1955 إلى المحاكم الوطنية لاستمرار النظر فيها" وفي المادة الثالثة على أن "ترفع الدعاوى التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية أو التي كانت من اختصاص المجالس الملية إلى المحاكم الوطنية ابتداء من أول يناير سنة 1956" وفي المادة الخامسة على أن "تتبع أحكام قانون المرافعات في الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية والمجالس الملية عدا الأحوال التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو القوانين الأخرى المكملة لها" أصبح سماع الإشهاد بالرجوع في الوقف الصادر بعد العمل بقانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 من اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية أو من يحيله عليه. ولا وجه للتحدي بما نصت عليه المادة 27 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية من أن "التصرف في الأوقاف من عزل وإقامة ناظر وضم ناظر إلى آخر واستبدال وإذن بعمارة أو تأجير أو استدانة أو بخصومة وغير ذلك يكون من اختصاص هيئة تصرفات المحكمة التي تكون في دائرتها أعيان الوقف كلها أو بعضها الأكبر قيمة أو أمام المحكمة التي بدائرتها محل توطن الناظر" ذلك أن القانون رقم 48 لسنة 1946 قد حدد الاختصاص بسماع الإشهاد بالرجوع في الوقف الصادر بعد العمل بهذا القانون وناطه برئيس المحكمة الابتدائية أو بمن يحيله عليه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم اختصاص هيئة التصرفات بنظر طلب الرجوع عن الوقف الخيري الصادر بعد العمل بقانون الوقف، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن فقه الحنفية لا يمنع الرجوع عن وقف الأرض التي أعدت لإقامة مسجد عليها، والمسجد عند الإشهاد بالوقف لم يكن قائماً بالفعل على الأرض الموقوفة وإنما كان أمنية من أماني الواقف التي وعد بإنشائها ولا تكون الأماني التي لم تتحقق مانعة لواقف الأرض من الرجوع في وقفها وحقه في ذلك يبقى له ما دام حياً خاصة وقد أقام مسجداً على قطعة أرض أخرى.
وحيث إن هذا النعي لا يتجه إلى ما قضى به الحكم المطعون فيه من عدم اختصاص هيئة التصرفات بطلب رجوع الطاعن عن وقفه الخيري الصادر بعد العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946 فهو غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.