أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 428

جلسة 26 من فبراير سنة 1974

برياسة السيد/ المستشار عباس حلمي عبد الجواد وعضوية السادة المستشارين: محمد طايل راشد، وعثمان حسين عبد الله، محمد توفيق المدني ومحمد كمال عباس.

(70)
الطعن رقم 123 لسنة 38 القضائية

(1)، (2) أحوال شخصية "الولاية على المال." اختصاص.
(1) عدم اعتماد المجلس الحسبي الحساب نهائياً. قراره بإعادة النظر فيه عدم تمام تنفيذه لبلوغ القاصر سن الرشد. للقاصر مطالبة وصيه أمام المحاكم بتقديم الحساب.
(2) تكليف المجلس الحسبي للوصي بإيداع المتوفر طبقاً للحسابات المقدمة منه عدم إفادته اعتماد الحساب نهائياً. للمجلس ندب خبيراً لفحصها.
(3) نقض. "سلطة محكمة النقض".
لمحكمة النقض أن تصحح أسباب الحكم المطعون فيه بغير أن تنقضه متى كان سليماً في نتيجته.
(4) حكم. خبرة. قوة الأمر المقضي. استئناف. "الأحكام الغير جائز استئنافها".
الحكم بندب خبير لمجرد استكمال عناصر النزاع. لا حجية في خصوص تحديد أساس المحاسبة. عدم استئنافه استقلالاً في الميعاد. لا يجعله حائزاً قوة الأمر المقضي.
(5) تقادم. "تقادم مسقط" دفوع. استئناف.
التقادم دفع موضوعي. جواز إبدائه في أية حالة كانت عليها الدعوى ولأول مرة في الاستئناف النزول عنه لا يفترض.
(6)، (7)، (8). إثبات. "الإقرار القضائي". تقادم. خبرة.
(6) الإقرار القضائي. ماهيته. أثره.
(7) الأصل في الإقرار أن يكون صريحاً قبول الإقرار الضمني. وجوب قيام دليل يقيني على وجوده ومرماه.
(8) الطلب الاحتياطي بندب الخبير ليس إقراراً ضمنياً بالحق عدم دلالته على التنازل عن التمسك بالتقادم.
1 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المجلس الحسبي إذا لم يعتمد الحساب نهائياً بل قرر إعادة النظر فيه ولم يتم تنفيذ ذلك القرار بسبب بلوغ القاصر سن الرشد، فإن لهذا القاصر أن يطالب وصيه أمام المحاكم بتقديم حساب عن وصايته.
2 - تكليف المجلس الحسبي مورث الطاعنين (الوصي) بقراره الصادر في 22/ 6/ 1943 بإيداع المبالغ المتوفرة في ذمته للقاصر حتى سنة 1936، لا يفيد اعتماده للحسابات نهائياً إذ أن تكليف الوصي بإيداع المبالغ المتوفرة للقاصر طبقاً للحسابات المتقدمة قبل اعتمادها نهائياً لا يتنافى واستمرار المجلس في فحص تلك الحسابات بمعرفة خبير لبيان حقيقة المبالغ المستحقة فعلاً في ذمة الوصي توطئة لاعتماد الحساب نهائياً.
3 - لمحكمة النقض - وعلى ما جرى به قضاؤها [(1)] - أن تصحح أسباب الحكم المطعون فيه بغير أن تنقضه، متى كان سليماً في نتيجته التي انتهى إليها.
4 - إذ كان ما أورده الحكم لا ينطوي على قضاء قطعي بحسم النزاع فيما ثار بين الطرفين في شأن الأساس الذي يجب أن تجرى عليه المحاسبة بينهما ذلك أن الحكم لم يقصد بندب الخبير على ما صرح به في أسبابه المرتبطة بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً - إلا مجرد استكمال عناصر النزاع لإمكان الفصل فيه، فلا يكون لهذا الحكم حجية في خصوص تحديد الأساس الذي تجرى عليه المحاسبة، ومن ثم لا يجوز قوة الأمر المقضي بعدم استئنافه في الميعاد القانوني على استقلال.
5 - الدفع بالتقادم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - دفع موضوعي، يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليه الدعوى، ولأول مرة في الاستئناف، والنزول عنه لا يفترض ولا يؤخذ بالظن.
6 - الإقرار القضائي هو - طبقاً لنص المادة 408 من القانون المدني - اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه أثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة، بما ينبني عليه إقالة خصمه من إقامة الدليل على تلك الواقعة.
7 - الأصل في الإقرار أن يكون صريحاً وأن الاقتضاء فيه استثناء من حكم هذا الأصل، فلا يجوز قبول الإقرار الضمني ما لم يقم دليل يقيني على وجوده ومرماه.
8 - طلب ندب الخبير بصفة احتياطية لا يعد إقراراً ضمنياً بالحق بالمعني الذي يتطلبه القانون ولا يدل بمجرده على نفي مشيئة - الخصم - في التمسك بالتقادم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على مورث الطاعنين الدعوى رقم 320 سنة 1945 كلي سوهاج وطلب فيها ابتداء الحكم بإلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ 7579.325 ج وفوائده القانونية وقال بياناً لدعواه أن مورث الطاعنين عين وصياً في 6/ 4/ 1926 وأنه تسلم أطيانه البالغة مساحتها 309 ف و13 ط و1س والتي آلت إليه بالميراث عن والده وشقيقته وظل يديرها حتى سنة 1940 حيث تسلمها هو منه لإدارتها بنفسه لبلوغه الثامنة عشرة من عمرة بناء على القرار الصادر في 5/ 11/ 1940 من المجلس الحسبي وأنه بتاريخ 30/ 11/ 43 قرر هذا المجلس انتهاء مهمته بالنسبة للمطعون ضده المذكور لبلوغه سن الرشد - وإذ كان مورث الطاعنين - الوصي - قدم حساباً عن إدارته لأطيان - القاصر - عن المدة من 1926 إلى 1936 وامتنع عن تقديم الحسابات عن المدة التالية من 1937 إلى 1940 متذرعاً في ذلك بأن إدارة تلك الأطيان كانت هذه المدة في يد شقيقه المرحوم - ..... كما أن الوصي - قصر في مطالبة بعض المستأجرين بالأجرة مما بلغت جملته 3113.668 ج ولم يقم بالوفاء بالدين المستحق للبنك العقاري في ذمة المطعون ضده حتى ازدادت قيمته فبلغت 3680.643 ج وكذلك لم يودع باقي المتوفر لحساب القاصر حتى سنة 1936 وبذلك يكون جملة المستحق في ذمته للقاصر هو المبلغ المرفوعة به الدعوى وبتاريخ 11/ 11/ 1948 ندبت المحكمة مكتب خبراء وزارة العدل لإجراء المحاسبة بين الطرفي وقبل أن يقدم الخبير تقريره عدل المطعون ضده الأول طلباته بصحيفة معلنة في 3/ 4/ 1952 إلى إلزام مورث الطاعنين بأن يدفع له مبلغ 2933.958 ج وفوائده القانونية على أساس أن هذا المبلغ هو ما يستحقه في ذمته عن إدارته لأمواله طول مدة وصايته من 14/ 3/ 1926 إلى 5/ 11/ 1940 وبتاريخ 26/ 3/ 1953 أعادت المحكمة المأمورية إلى مكتب الخبراء لبيان صافي ريع أطيان القاصر عن المدة من سنة 1926 إلى سنة 1940 وفق قرارات المجلس ومقدار ما سدده هذا الوصي للبنك العقاري وقد باشر المكتب مهمته وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن ما يستحقه المطعون ضده في ذمة مورث الطاعنين هو مبلغ 11254.775 ج فدفع هذا الأخير بعدم جواز إعادة النظر في حسابات المدة 1926 إلى 1936 لسبق اعتمادها من المجلس الحسبي وبسقوط حق المطعون ضده في المطالبة بحسابات المدة من 1937 إلى 1940 لمضي خمس سنوات من تاريخ انتهاء الوصاية عليه لبلوغه سن الرشد في 2/ 10/ 1942 دون المطالبة بهذا الحساب - وفي 7/ 2/ 1963 قضت المحكمة الابتدائية بسقوط حق المطعون ضده في المطالبة بحسابات المدة من سنة 1937 إلى سنة 1940 وبإلزام مورث الطاعنين بأن يدفع له مبلغ 620.965 ج ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات استأنف المطعون ضده الحكم بالاستئناف رقم 49 سنة 38 ق أسيوط - كما استأنفه الحارس العام على أموال الخاضعين للأمر رقم 138 سنة 1961 بصفته حارساً على أموال مورث الطاعنين الذي خضع لحكم هذا الأمر وذلك بالاستئناف رقم 65 سنة 38 ق أسيوط وإذ رفعت الحراسة عن أمواله وآلت إلى الدولة بمقتضى القانون رقم 160 لسنة 1964 فقد حل المدير العام لإدارة الأموال التي آلت إلى الدولة محل الحارس العام في الخصومة وبعد أن قررت محكمة الاستئناف ضم الاستئنافين حكمت بتاريخ 10/ 1/ 1968 في الاستئناف رقم 65 لسنة 1938 ق برفضه وفي الاستئناف المرفوع من المطعون ضده بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض إعادة مناقشة حساب السنوات من سنة 1937 حتى سنة 1940 وبرفض هذين الدفعين وبتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المدير العام لإدارة الأموال التي آلت إلى الدولة بأن يدفع للمطعون ضده الأول في مواجهة الطاعنين من مورثهم مبلغ 11254 جنيهاً و775 مليماً والفوائد القانونية بواقع 5% عن مبلغ 7579 جنيهاً و225 مليماً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 8/ 4/ 1945 حتى 14/ 10/ 1949 وبواقع 4% من 15/ 10/ 1949 حتى السداد وبواقع 4% بالنسبة لباقي المحكوم به وقدره 3675 جنيهاً و550 مليماً ابتداء من 3/ 4/ 1952 حتى السداد طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ويقولون في بيان ذلك أن الحكم قضى برفض الدفع بعدم جواز إعادة مناقشة الحسابات المعتمدة من المجلس الحسبي عن السنوات من سنة 1926 إلى سنة 1936 استناداً إلى ما استظهره من الأوراق من أن الوصي أدخل الغش على المجلس الحسبي بتواطئه مع الخبراء الذين ندبوا لفحص تلك الحسابات وقد صادق المجلس عليها واعتمدها تحت تأثير هذا الغش الذي كان من مظاهره ما درج عليه الوصي من زراعة أطيان القاصر بنفسه دون تأجيرها على الرغم من تحذير المجلس له من ذلك وما اعتاده من عدم إمساك دفاتر حسابات منتظمة وما ادعاه على خلاف الحقيقة من سداد بعض ديون البنك العقاري علاوة على تقصيره في تحصيل الديون المتأخرة للقاصر أو المقاضاة بشأنها. ولو تكشف للمجلس ذلك وقت فحص الحسابات لما اعتمدها ويرى الطاعنون أن هذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون ومخالف لحجية القرارات النهائية الصادرة من المجلس الحسبي باعتماد الحسابات المشار إليها ذلك أن قرارات المجلس الحسبي بالتصديق على حسابات الوصي تعتبر حجة نهائية للمتولي يحتج بها على ناقص الأهلية كأنها صادرة منه وهو ذو أهلية تامة بما لا يجيز له مطالبة الوصي مرة أخرى لدى القضاء بتقديم الحساب ما لم تظهر أسباب جديدة تسوغ ذلك كما أن تلك القرارات تعتبر بمثابة إنفاق رسمي بين المجلس بصفته حالا محل ناقص الأهلية وبين الوصي كأي عقد واجب الاحترام ولئن كان يجوز العدول عنها بسب عيب من عيوب الرضا ومنها الغش إلا أنه يشترط فيه ألا يكون ظاهراً ومعلوماً للمجلس قبل التصديق على الحساب وإذ كانت مظاهر الغش التي استند إليها الحكم المطعون فيه تبريراً لإهداره حجية قرارات المجلس الحسبي الآنف ذكرها علاوة على أنها لا يتحقق بها الغش بالمعني الذي يتطلبه القانون فقد سبق إثارتها ومناقشتها أمام ذلك المجلس فتناولها في قراره الصادر في 18/ 11/ 1941 بإعادة مناقشة تلك الحسابات والذي عدل عنه بقراره المؤرخ في 16/ 3/ 1943 نتيجة تظلم الوصي من القرار الأول إلى وزارة العدل التي رفضت التصديق عليه وأعادت الأمر إلى المجلس فرأى العدول عنه إذ كان ذلك فإن القرارات السابق صدورها باعتماد حساب السنوات من 1926 إلى 1936 تكون بذلك قد عادت إليها حجيتها الملزمة التي تمنع من إعادة فحصها مرة أخرى ولما كان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر وقضى على خلافه فإنه يكون قد اخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المجلس الحسبي إذ لم يعتمد الحساب نهائياً بل قرر إعادة النظر فيه ولم يتم تنفيذ ذلك القرار بسبب بلوغ القاصر سن الرشد فإن لهذا القاصر أن يطالب وصيه أمام المحاكم بتقديم حساب عن وصايته وكان الثابت من الأوراق المودعة ملف الطعن والتي كانت مقدمة إلى محكمة الاستئناف أن المجلس الحسبي قرر في 18/ 11/ 1941 قبول طلب القاصر - المطعون ضده الأول - بإعادة النظر في محاسبة الوصي - مورث الطاعنين - من تاريخ وفاة مورث المطعون ضده المذكور حتى تاريخ صدور ذلك القرار. وندب مكتب الخبراء لإعادة فحص الحسابات مع مراعاة محاسبة الوصي على أجر المثل لأطيان القاصر المنزرعة طبقاً لقرار المجلس الصادر في 21/ 10/ 1930 إلا أن القرار المؤرخ 18/ 11/ 1941 لم يتم تنفيذه بسبب بلوغ القاصر سن الرشد في 2/ 10/ 1942 وانتهاء مهمة المجلس والوصي بالنسبة له بالقرار الصادر في 30/ 11/ 1943 وقد سجل الحكم المطعون فيه ذلك بقوله "إن المجلس أصدر في 18/ 11/ 1941 قراراً بإعادة النظر في محاسبة الوصي من تاريخ الوفاة إلى الآن وندب مكتب الخبراء الحكومي لمباشرة المأمورية وقد أعقب هذا القرار تظلمات وأحداث عديدة تنطق بها الأوراق انتهت بقرار 16/ 3/ 1943 ثم بانتهاء مأمورية الوصي والمجلس تاركين المستأنف - المطعون ضده - ضحية لتلك التصرفات الجائزة." ولما كان الطاعنون لم يقدموا ما يثبت عدول المجلس عن قراره الصادر في 18/ 11/ 1941 بإعادة النظر في محاسبة الوصي أو أنه أصدر قراراً بعد ذلك باعتماد حسابات السنوات المشار إليها وكان الثابت من البيان الذي دونه كاتب أول المجلس الحسبي على تقرير مكتب الخبراء المؤرخ 18/ 5/ 1942 أن المجلس قرر بجلسته 16/ 3/ 1943 اعتماد حساب سنتي 1935 و1936 مما مؤداه أن المجلس لم يعدل بمقتضى هذا القرار عن قراره الصادر في 18/ 11/ 1941 وذلك خلافاًًً لما يدعيه الطاعنون وأنه مما يؤيد ذلك أن المجلس قرر بجلسة 22/ 6/ 1943 ندب مكتب الخبراء لأداء المأمورية المبينة بقراره الصادر في 21/ 2/ 1939 وهي فحص المتأخرات لدى المستأجرين عن السنتين السابقة وبيان سبب ارتفاع دين البنك في سنة 1940 عما كان عليه في سنة 1930 ومسئولية الوصي عن ذلك لما كان ذلك وكان تكليف المجلس - مورث الطاعنين - بقراره الصادر في 22/ 6/ 1943 بإيداع المبالغ المتوفرة في ذمته للقاصر حتى سنة 1936 لا يفيد اعتماد المجلس للحسابات نهائياً إذا أن تكليف الوصي بإيداع المبالغ المتوفرة للقاصر طبقاً للحسابات المتقدمة قبل اعتمادها نهائياً لا يتنافى واستمرار المجلس في فحص تلك الحسابات بمعرفة خبير لبيان حقيقة المبالغ المستحقة فعلاً في ذمة الوصي توطئة لاعتماد الحساب بصفة نهائية فإن ما يدعيه الطاعنون من أن المجلس الحسبي قد عدل عن قراره الصادر في 18/ 11/ 1941 المشار إليه يكون غير صحيح، ولما كان الثابت من تقرير مكتب الخبراء الذي ندبته المحكمة الابتدائية. الذي اعتمده الحكم المطعون فيه وعول عليه في قضائه وبذلك أصبح جزءاً متمماً له - وأنه اعتمد حساب سنتي 1935 و1936طبقاً لما جاء بشأنهما بتقرير مكتب الخبراء المؤرخ 18/ 5/ 1942 والمقدم إلى المجلس الحسبي وذلك لموافقة طرفي النزاع على هذا الحساب أمام الخبير - لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعتد بقرارات المجلس الحسبي عن حسابات المدة من 1926 إلى 1934 لعدم اعتمادها نهائياً حتى بلوغ القاصر سن الرشد ورتب على ذلك حق القاصر في مطالبة وصيه - مورث الطاعنين - أمام المحاكم المدنية بتقديم حساب عن تلك المدة واقتضاء حقه في ضوء ما يسفر عنه هذا الحساب، لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون كما أنه لم يخطئ فيما خلص إليه من اعتماد حساب سنتي 1935 و1936 طبقاً لما ورد بتقرير الخبير المؤرخ 18/ 5/ 1942 والحكم في الدعوى على مقتضى ذلك. لما كان ما سلف فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انتهى في قضائه في شأن حسابات السنوات من 1926 إلى 1936 إلى النتيجة التي تتفق وصحيح حكم القانون فلا يعيبه ما ينعى به الطاعنون عليه من عدم توافر الغش المبطل لحساب السنوات المتقدمة والذي استند إليه الحكم في قضائه ذلك أن لمحكمة النقض وعلى ما جرى به قضاؤها أن تصحح أسباب الحكم المطعون فيه بغير أن تنقضه متى كان سليماً في نتيجته التي انتهى إليها ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون بإهداره حجية الحكم القطعي الصادر بتاريخ 26/ 3/ 1953 ذلك أن المطعون ضده تمسك أمام المحكمة الابتدائية بوجوب تصفية الحساب عن مدة الوصاية بأكملها ابتداء من 14/ 3/ 1926 على أساس أجر المثل لأطيانه، لا على الأساس الذي اعتمده المجلس الحسبي وقد حسمت المحكمة هذا الخلاف الذي ثار بين الطرفين بحكمها آنف الذكر الذي قضت فيه بندب خبير حددت له فيه الأساس الذي يجب أن تجري عليه المحاسبة وهو احترام قرارات المجلس المعتمدة وقد ارتضاه المطعون ضده بعدم استئنافه في الميعاد القانوني طبقاً لنص المادة 378 من قانون المرافعات السابق وبذلك أصبح هذا الحكم نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي بما يمتنع معه العودة إلى مناقشة الحساب على أساس آخر وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك وجعل المحاسبة على أساس أجر المثل فإنه يكون معيباً بمخالفته للقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يبين من مطالعة الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بتاريخ 26/ 3/ 1953 أنه قضى قبل الفصل في الموضوع بندب خبير لبيان صافي ريع أطيان المطعون ضده عن السنوات من 1926 إلى آخر 1940 الزراعية وفق قرارات المجلس الحسبي وذلك بعد خصم الأموال الأميرية وكافة المصروفات واستند الحكم في ذلك إلى ما أورده بأسبابه - بعد استعراضه لوقائع النزاع - من أن الطرفين انتهيا إلى طلب تعيين خبيراً لتصفية الحساب بينهما وترى المحكمة تحقيقاً للدعوى وإمكان الفصل فيها إعادة الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل بسوهاج للقيام بالمأمورية الموضحة بمنطوق الحكم، وهذا الذي أورده الحكم لا ينطوي على قضاء قطعي بحسم النزاع فيما ثار بين الطرفين في شأن تحديد الأساس الذي يجب أن تجرى عليه المحاسبة بينهما ذلك أن الحكم لم يقصد بندب الخبير - على ما صرح به في أسبابه المرتبطة بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً إلا مجرد استكمال عناصر النزاع لإمكان الفصل فيه، وبذلك لا يكون لهذا الحكم حجية في خصوص تحديد الأساس الذي تجرى عليه المحاسبة ومن ثم لا يجوز قوة الأمر المقضي بعدم استئنافه في الميعاد القانوني على استقلال - لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه يكون منهار الأساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن فيما قضى به الحكم المطعون فيه في شأن حساب المدة من سنة 1926 إلى سنة 1936.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال ويقول الطاعنون في بيان ذلك إنهم تمسكون لدى محكمة الموضوع بسقوط حق المطعون ضده في المطالبة بحساب السنوات من سنة 1937 إلى سنة 1940 لمضي خمس سنوات من تاريخ انتهاء الوصاية عليه وبلوغه سن الرشد في 2/ 10/ 1942 وذلك طبقاً للمادة 34 من المرسوم بقانون الخاص بترتيب المجالس الحسبية الصادر في 13/ 10/ 1925 المقابلة للمادة 26 من قانون المحاكم الحسبية رقم 99 لسنة 1947 غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع استناداً إلى ما قاله من أنه بعد أن عدل المطعون ضده طلباته في الدعوى بأن أضاف إليها طلب الحساب عن المدة من سنة 1937 إلى سنة 1940 وافق مورث الطاعنين على تعيين خبير لفحص الحساب وبذلك يكون قد أقر صراحة بالموافقة على إجراء الحساب بما يفيد نزوله عن الدفع بالتقادم في حين أن هذا الدفع هو من الدفوع الموضوعية التي يجوز إبداؤها في أية حالة كانت عليها الدعوى وأن النزول عنه لا يفترض بل يجب أن يقوم الدليل عليه بطريقة صريحة، ولئن كان لقاضي الموضوع أن يستخلص من موقف المدين ما يفيد نزوله عن التمسك بالتقادم بعد ثبوت الحق فيه إلا أن هذا الاستخلاص ينبغي أن يكون سائغاً ومستمداً من الأوراق وإذ كان ما استند إليه الحكم على النحو المتقدم لا يفيد تنازل الطاعنين عن الدفع فإنه يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الدفع بالتقادم هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - دفع موضوعي يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليه الدعوى ولأول مرة في الاستئناف والنزول عنه لا يفترض ولا يؤخذ بالظن - وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم مستنداً إلى القول بأنه "ما أن عدل المطعون ضده طلباته بصحيفته المعلنة في 3/ 4/ 1952 وضمنها طلباته الخاصة بالسنوات من سنة 1937 إلى سنة 1940 حتى أجاب المستأنف - مورث الطاعنين - على هذا الطلب بمذكرتيه رقمي 18 و24 دوسيه - بالموافقة على طلب تعيين خبير لفحص حساب تلك السنوات - كطلب احتياطي - وهذا الرد يعتبر منه إقراراً صريحاً بالموافقة على إجراء الحساب فهو مأخوذ به باعتباره إقراراً قضائياً ملزماً له وبالتالي فقد نزل عن حقه في الدفع بتقادم هذه الدعوى في شقها الجديد بمضي خمس سنوات عملاً بالمادة 388 من القانون المدني. لما كان ذلك وكان الإقرار القضائي هو طبقاً لنص المادة 408 من القانون المدني - اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه أثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة بما ينبني عليه إقالة خصمه من إقامة الدليل على تلك الواقعة وكان الأصل في الإقرار أن يكون صريحاً وأن الاقتضاء فيه استثناء من حكم هذا الأصل فلا يجوز قبول الإقرار الضمني ما لم يقم دليل يقيني على وجوده ومرماه. لما كان ما تقدم وكان يبين من مطالعة أوراق الدعوى أن مورث الطاعنين طلب في مذكرتيه المشار إليهما في الحكم المطعون فيه أصلياً رفض الدعوى واحتياطياً تعيين خبير لإعادة فحص الحسابات السابق فحصها والتي لم يعتمدها المجلس الحسبي مما مفاده أنه لم يعترف للمطعون ضده بالحق المدعي به بل إنه على العكس من ذلك قد أنكره عليه صراحة وأن طلبه ندب خبير بصفة احتياطية لا يعد إقراراً ضمنياً بالحق بالمعنى الذي يتطلبه القانون على النحو السابق الإشارة إليه ولا يدل بمجرده على نفي مشيئة مورث الطاعنين في التمسك بالتقادم وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر طلب ندب الخبير في الظروف المتقدمة إقراراً قضائياً صريحاً واستخلص من ذلك نزول المورث عن حقه في الدفع بالتقادم ورتب على ذلك قضاءه برفض هذا الدفع وبمسئولية مورث الطاعنين عن حساب المدة من سنة 1937 إلى سنة 1940 فإنه يكون بذلك قد أخطا في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه في خصوص قضائه بما أسفر عنه حساب تلك المدة دون حاجة لبحث السبب الأخير من أسباب الطعن لتعلقه بهذه المدة.


[(1)] نقض 27/ 3/ 1969 السنة 20 ص 486.