أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 439

جلسة 27 من فبراير 1974

برياسة المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وإبراهيم السعيد ذكرى، وإسماعيل فرحات عثمان، وجلال عبد الرحيم عثمان.

(71)
الطعن رقم 41 لسنة 37 القضائية

(1) ضرائب "مسائل منوعة".
الضريبة لا ترتكن في أساسها على رباط عقدي بين مصلحة الضرائب والممول. جواز تدارك الخطأ الذي يقع فيها سواء من الممول أو المصلحة ما لم يكن الحق قد سقط بالتقادم.
(2) ضرائب "الطعن الضريبي".
عدم منازعة الممول أمام لجنة الطعن في خضوع إيراد العقار في سنة معينة للضريبة العامة لعدم ربط العوائد عليه في هذه السنة - لا يحول دون إثارة ذلك لأول مرة أمام المحكمة الابتدائية لتعلق المنازعة بمبدأ الخضوع للضريبة وهي مسألة قانونية لا يجوز الاتفاق على خلافها.
(3) حكم "تسبيب الحكم". خبرة. محكمة الموضوع.
إقامة الحكم قضاءه على النتيجة التي انتهى إليها الخبير بأسباب سائغة بما يكفي لحمل قضائه. عدم التزام المحكمة بتعقب كل حجة للخصوم بعد ذلك.
(4، 5) ضرائب "الضريبة العامة على الإيراد".
(4) الدخل الذي لا يخضع لضريبة نوعية. لا تسري عليه أحكام الضريبة العامة الضريبة العامة تنشأ بالنسبة للعقارات المبنية من تاريخ سريان العوايد عليها. المادة 6 ق 99 لسنة 1949.
(5) محاسبة الممول الخاضع للضريبة العامة على الإيراد على أساس الإيراد الفعلي للعقار في حالة عدم ربط العوائد عليه غير جائز.
(6) ضرائب "ضريبة الدفاع" "الضريبة العامة على الإيراد".
ضريبة الدفاع المفروضة على الإيجار السنوي للعقارات المبنية فرضها لأول مرة من 1/ 7/ 1955 عدم جواز خصمها من وعاء الضريبة العامة إلا إذا قام الدليل على سدادها خلال تلك السنة.
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الضريبة لا ترتكن في أساسها على رباط عقدي بين مصلحة الضرائب والممول وإنما تحددها القوانين التي تفرضها، وليس في هذه القوانين ولا في القانون العام ما يحول دون تدارك الخطأ الذي يقع فيها، فللممول أن يسترد ما دفعه بغير حق، وللمصلحة أن تطالب بما هو مستحق زيادة على ما دفع ما لم يكن هذا الحق قد سقط بالتقادم.
2 - إذا كان الثابت في الدعوى أن المطعون عليه اعترض على تقدير المأمورية لإيراده عن سنوات النزاع ومن بينها سنة 1950 وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن ثم طعن في قرارها أمام المحكمة الابتدائية، فمن حقه أن ينازع أمام المحكمة في خضوع إيراد العمارة في سنة 1950 للضريبة العامة استناداً إلى أنه لم يربط عليها عوائد مباني في تلك السنة، لا يغير من هذا النظر أنه لم يثر هذه المنازعة أمام لجنة الطعن وإنما قصر اعتراضه على خصم بعض التكاليف وأنه قبل الربط في حدود مبلغ معين، ذلك لأن هذه المنازعة إنما تتعلق بمبدأ الخضوع للضريبة وهي مسألة قانونية، لا يجوز الاتفاق على خلاف ما يقضي به القانون في شأنها.
3 - متى كانت المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية قد أخذت بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير للأسباب التي أوضحها في تقريره، وهي أسباب سائغة تكفي لحمل الحكم، فلا عليه إن هو لم يرد على المستندات التي قدمتها الطاعنة - مصلحة الضرائب - لأن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب كل حجة للخصوم وترد عليها استقلالاً إذ حسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها، وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، لأن قيام هذه الحقيقة فيه الرد الضمني والمسقط لكل حجة تخالفها.
4 - النص في المادة السادسة من القانون رقم 99 لسنة 1949 في فقراتها الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة، يدل على أن المشرع حصر الإيرادات التي يشملها وعاء الضريبة العامة على الإيراد، فيما يخضع لضريبة نوعية، وأن كل دخل لا يخضع لضريبة نوعية لا تسري عليه أحكام الضريبة العامة، مما مقتضاه أن وعاء الضريبة النوعية وبالتالي وعاء الضريبة العامة ينشأ بالنسبة للعقارات المبنية اعتباراً من تاريخ سريان العوايد المربوطة، وهو ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية للقانون المذكور على ما جاء بتقرير لجنة الشئون المالية بمجلس النواب، وما جاء على لسان ممثل الحكومة في مناقشات مجلس الشيوخ.
5 - لا يجوز محاسبة الممول على أساس الإيراد الفعلي في حالة عدم ربط الضريبة على العقار لأن الأصل في تحديد إيراد العقارات - وفق ما تنص عليه المادة السادسة من القانون رقم 99 لسنة 1949 أن يكون حكمياً بحسب القيمة الإيجارية المتخذة أساساً لربط الضريبة، وإنما أجاز المشرع استثناء من هذا الأصل إجراء التحديد على الأساس الفعلي إذا طلب الممول ذلك في موعد تقديم الإقرار واستوفى طلبه باقي الشروط التي نصت عليها المادة.
6 - مؤدى نص المادة الأولى من القانون رقم 277 لسنة 1956 بفرض ضريبة الدفاع وقبل تعديله بالقانون رقم 266 لسنة 1960، ونص الفقرة الأولى من المادة 25 من القانون رقم 56 لسنة 1954 بشأن الضريبة على العقارات المبنية، ونص الفقرة الثالثة من المادة السابعة من القانون رقم 99 لسنة 1949 قبل تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1969 الذي يعمل به اعتباراً من إيرادات سنة 1969، أن ضريبة الدفاع المفروضة على الإيجار السنوي للعقارات المبنية قد فرضت ولأول مرة من أول يوليو سنة 1956 وأنها في خصوص هذه السنة تستحق بنصف مقدارها السنوي وتؤدي مقدماً خلال الخمسة عشر يوماً الأولى من شهر يوليو من السنة المذكورة، ولا تخصم من وعاء الضريبة العامة إلا إذا قام الدليل على سدادها خلال تلك السنة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب عابدين أول قدرت صافي إيراد المطعون عليه الخاضع للضريبة العامة على الإيراد في السنوات من 1950 إلى 1956 بمبالغ 2434 جنيهاً و5679.200 ج و3169.614 ج و2772.047 ج و3353.087 ج و3357 جنيهاً و3361.620 ج وإذ اعترض وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها بتاريخ 24/ 3/ 1962 بتخفيض تحديد المأمورية لصافي إيراد المطعون عليه في سنوات الخلاف إلى المبالغ 2380.413 ج و3482.010 ج و3169.614 ج و2638.490 ج و2965.195 ج و3062.145 ج و2938.435 ج فقد أقام الدعوى رقم 681 سنة 1962 تجاري أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد مصلحة الضرائب بالطعن في هذا القرار طالباً تعديل قرار اللجنة إلى اعتبار صافي إيراده في سنوات النزاع بمبالغ 1380.413 ج و3362.010 و3049.614 ج و2518.490 ج و2845.195 ج و2942.145 ج و3818.435 ج ثم قدم مذكرة بجلسة 18/ 4/ 1963 عدل فيها طلباته وطلب تعديل قرار اللجنة إلى مبالغ 514 جنيهاً و3349.560 ج و3049.614 ج و2380.990 ج و2845.195 ج و2942.145 ج و2646.435 ج على التوالي وتمسك في هذه المذكرة باستبعاد إيراد العمارة الكائنة بمدينة المنصورة في سنة 1950 من وعاء الضريبة العامة استناداً إلى أن عوائد المباني لم تربط عليها إلا في سنة 1951، ودفعت مصلحة الضرائب بعدم قبول الطلبات المعدلة بشأن إيراد العمارة عن سنة 1950 لعدم إثارة هذا النزاع أمام لجنة الطعن، وقالت من ناحية الموضوع أنه ثابت من الشهادة المقدمة منها أن عوائد المباني ربطت على العمارة في سنة 1950 - وبتاريخ 7/ 5/ 1964 حكمت المحكمة برفض الدفع وبندب مكتب خبراء وزارة العدل لتحقيق اعتراضات المطعون عليه ولبيان ما إذا كان قد تم ربط عوائد المباني على العمارة في سنة 1950 ومقدار هذه العوائد وتاريخ سدادها، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وبتاريخ 28/ 10/ 1965 فحكمت بتعديل قرار اللجنة إلى اعتبار إيراد المطعون عليه مبلغ 514 جنيهاً عن سنة 1950، 3362.010 ج عن سنة 1951، 3049.614 ج عن سنة 1952 و2380.990 ج عن سنة 1953 و284.195 ج عن سنة 1954، 2942.145 ج عن سنة 1955 و2746.435 ج عن سنة 1956 وتأييد القرار المطعون فيه فيما عدا ذلك. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم والحكم الصادر في 7/ 5/ 1964 لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 161 سنة 83 ق تجاري طالبة إلغاءهما والحكم لها بطلباتها، وبتاريخ 23/ 11/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على طلباتها.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد من أربعة أوجه تنعى الطاعنة بالوجه الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وتقول بياناً لذلك إن الحكم قضى برفض دفعها بعدم قبول طلب المطعون عليه استبعاد إيراد العمارة من وعاء الضريبة العامة في سنة 1950 على سند من القول بأنه وقد طعن المطعون عليه في التقدير فله أن يضيف ما يشاء من أسباب من شأنها تخفيض هذا التقدير هذا في حين أن مؤدى نص المادة 20 من القانون رقم 99 لسنة 1949 والمواد 50، 52، 53 من القانون رقم 14 لسنة 1939 أن أوجه الخلاف بين الممول والمصلحة هي التي يجوز عرضها على لجنة الطعن وأن ما لم يكن محل خلاف يصبح الربط بشأنه نهائياً ولا يجوز عرضه ابتداء على محكمة الطعن، وإذ لم ينازع المطعون عليه أمام لجنة الطعن في خضوع إيراد العمارة في سنة 1950 للضريبة العامة بل قصر نزاعه على ما يراه من وجوب خصم بعض التكاليف، فقد تحدد اختصاص المحكمة الابتدائية بهذا النزاع وحده دون أن يمتد ليشمل مبدأ خضوع هذا الإيراد للضريبة والذي أثاره المطعون عليه أمامها في مذكرة تعديل الطلبات، هذا إلى أن المطعون عليه وقد طلب أمام اللجنة تحديد إيراداته الخاضعة للضريبة العامة في تلك السنة بمبلغ 1504 جنيهات فإنه يكون قد قبل الربط في هذه الحدود وصار انتهائياً، وإذ تعرض الحكم المطعون فيه لمبدأ خضوع إيراد العمارة للضريبة في سنة 1950 وانتهى إلى عدم خضوعه وقضى بتخفيض تقدير المأمورية لإيرادات المطعون عليه في السنة المذكورة إلى مبلغ 514 جنيهاً فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الضريبة لا ترتكن في أساسها على رباط عقدي بين مصلحة الضرائب والممول وإنما تحددها القوانين التي تفرضها وليس في هذه القوانين ولا في القانون العام ما يحول دون تدارك الخطأ الذي يقع فيها فللممول أن يسترد ما دفعه بغير حق وللمصلحة أن تطالب بما هو مستحق زيادة على ما دفع ما لم يكن هذا الحق قد سقط بالتقادم، وكان الثابت في الدعوى أن المطعون عليه اعترض على تقدير المأمورية لإيراده عن سنوات النزاع ومن بينها سنة 1950 وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن ثم طعن في قرارها أمام المحكمة الابتدائية، فمن حقه أن ينازع أمام المحكمة في خضوع إيراد العمارة في سنة 1950 للضريبة العامة استناداً إلى أنه لم يربط عليها عوائد مباني في تلك السنة، ولا يغير من هذا النظر أنه لم يثر هذه المنازعة أمام لجنة الطعن وإنما قصر اعتراضه على خصم بعض التكاليف وأنه قبل الربط في حدود مبلغ معين، ذلك لأن هذه المنازعة إنما تتعلق بمبدأ الخضوع للضريبة وهي مسألة قانونية لا يجوز الاتفاق على خلاف ما يقضي به القانون في شأنها وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يعتد بالموافقة التي أبداها المطعون عليه في أول الأمر على احتساب إيراد للعمارة عن سنة 1950 وقضى برفض الدفع الذي أبدته مصلحة الضرائب بعدم قبول طلب المطعون عليه استبعاد هذا الإيراد من وعاء الضريبة فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت بالأوراق وشابه قصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم قضى بعدم خضوع إيراد العمارة في سنة 1950 للضريبة العامة على الإيراد استناداً إلى ما أورده الخبير في تقريره من أن العمارة كانت تحت الإتمام ولم تربط عليها عوائد المباني في تلك السنة وإنما ربطت عليها في سنة 1951، في حين أنه ثابت من الشهادة الصادرة من مصلحة الأموال المقررة أن العوائد ربطت على العمارة في سنة 1950 وأقر المطعون عليه بمحضر المناقشة المؤرخ 10/ 11/ 1954 أنه أجر العمارة بعد إتمامها في شهر إبريل سنة 1950 وهو ما أثبته في اعتراضه على ربط المأمورية ثم في مذكرته أمام لجنة الطعن وإذ خالف الحكم ما ثبت بالمستندات المقدمة ولم يناقش ما ساقته الطاعنة من الأدلة فإنه يكون معيباً بمخالفة الثابت في الأوراق والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 7/ 5/ 1964 أنه إزاء الخلاف الذي ثار في الدعوى حول السنة التي ربطت فيها عوائد المباني على العمارة - رأت المحكمة ندب مكتب الخبراء بوزارة العدل للاطلاع على السجلات الخاصة لبيان وجه الحقيقة في هذه المسألة، وقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أنه لم تربط عوائد مباني على العمارة في سنة 1950 وأخذت محكمة الموضوع بهذا التقرير وأورد الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص وقله "ثبت من مطالعة محاضر أعمال الخبير المندوب أنه انتقال إلى قلم العوائد بالقسم المالي بمحافظة الدقهلية بالمنصورة واطلع على الدفاتر والسجلات الخاصة بالعقار موضوع النزاع وبأن له من دفتر المكلفة عن المدة من سنة 1950 إلى سنة 1959 قسم خامس بندر المنصورة أن العقار المذكور باسم المستأنف عليه - المطعون عليه - مكلفة رقم 475 واتضح له من بيانات الدفتر عن سنة 1950 أن الملك جميعه تحت الإتمام ولم تربط عليه عوائد هذا العام وقرر له الحاضر عن القسم المالي وهو موظف مسئول بأن المباني التي تحت الإتمام لا تربط عنها عوائد كما اتضح له من الاطلاع على الدفتر عن سنة 1951 أن البناء أصبح تاماً ومشغولاً في هذه السنة ولذلك ربطت عليه العوائد عن هذه السنة وقدرها 240 جنيهاً, وقرر الحاضر عن القسم المالي أن العوائد تربط اعتباراً من أول يناير كل عام عن المباني المستجدة أي أن العوائد ربطت على العقار موضوع النزاع من أول يناير سنة 1951" ولما كان يبين من ذلك أن المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية قد أخذت بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير للأسباب التي أوضحها في تقريره وهي أسباب سائغة تكفي لحمل الحكم، فلا عليه إن هو لم يرد على المستندات التي قدمتها الطاعنة لأن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب كل حجة للخصوم وترد عليها استقلالاً إذ حسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله لأن قيام هذه الحقيقة فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بمخالفة الثابت في الأوراق القصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن الوجه الثالث من سبب الطعن يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم استند في عدم خضوع إيراد العمارة في سنة 1950 للضريبة العامة على الإيراد إلى أنه طبقاً لنص المادة السادسة من القانون رقم 99 سنة 1949 يحدد إيراد العقارات المبنية على أساس القيمة الإيجارية المتخذة أساساً لربط عوائد المباني، وأنه طالما أن العمارة لم تربط عليها عوائد في سنة 1950 فلا يصلح إيرادها وعاء للضريبة العامة, وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، ذلك أن المشرع لم يهدف بنص المادة السادسة سالفة الذكر أن يستبعد من وعاء الضريبة العامة إيراد العقار الذي لم تربط عليه عوائد المباني أو ضريبة الأطيان بل قصد به فرض وسيلة حكمية لتقدير قيمة الإيراد بحيث يخضع للضريبة كل ما يحصل عليه الممول من إيراد في سنة المحاسبة إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة السادسة وإنما يكون تقديره على الأساس الحكمي الذي تضمنته الفقرة الثالثة من ذات المادة، فإذا لم يكن العقار مربوطاً عليه عوائد مباني أو ضريبة أطيان فلا يكون هناك تقدير حكمي بل يتعين الربط على الأساس الفعلي وحده.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كانت المادة السادسة من القانون رقم 99 سنة 1949 قبل تعديلها بالقانون رقم 218 لسنة 1951 تنص في فقراتها الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة على أنه "ويكون تحديد إيرادات العقارات المبنية على أساس القيمة الإيجارية التي اتخذت أساساً للربط عوائد المباني.... ومع ذلك يجاوز تحديد إيراد العقارات مبنية كانت أو زراعية على أساس الإيراد الفعلي إذا طلب ذلك الممول في الفترة التي يجب أن يقدم خلالها الإقرارات السنوية وإلا سقط حقه. ويشترط للإفادة من حكم الفقرة السابقة أن يمسك الممول دفاتر منتظمة. أما باقي الإيرادات فتحدد طبقاً للقواعد المقررة فيما يتعلق بوعاء الضرائب النوعية الخاصة بها" فإن ذلك يدل على أن المشرع حصر الإيرادات التي يشملها وعاء الضريبة العامة على الإيراد فيما يخضع لضريبة نوعية لا تسري عليه أحكام الضريبة العامة مما مقتضاه أن وعاء الضريبة العامة ينشأ بالنسبة للعقارات المبنية اعتباراً من تاريخ سريان العوائد المربوطة، وهو ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية للقانون المذكور فجاء بتقرير لجنة الشئون المالية بمجلس النواب أنها "استعرضت أحكام وعاء الضريبة العامة على الإيراد وارتأت حسماًً لكل خلاف اتباع المبدأ المقرر في التشريع الإيطالي وهو أن يكون وعاء الضريبة العامة هو مجموع أوعية الضرائب النوعية حسب القواعد المقررة لكل ضريبة، بمعنى أن الإيراد المعفي من الضريبة النوعية يعفى من الضريبة العامة وما يخضع للضرائب النوعية يخضع بدوره للضريبة العامة" كما جاء في مناقشات مجلس الشيوخ على لسان ممثل الحكومة "أن طبيعة هذه الضريبة أنها ضريبة تكميلية أو ثانوية بمعنى أن المال الذي يفرض عليه الضريبة يجب أن يكون قد تقرر من قبل فرض ضريبة أخرى عليه، ولذلك قيل أن وعاء هذه الضريبة هو مجموع أوعية الضرائب الأخرى"، ولما كان لا يجوز محاسبة الممول على أساس الإيراد الفعلي في حالة عدم ربط الضريبة على العقار لأن الأصل في تحديد إيراد العقارات - وفق ما تنص عليه المادة السادسة سالفة الذكر - أن يكون حكمياً بحسب القيمة الإيجارية المتخذة أساساً لربط الضريبة وإنما أجاز المشرع استثناء من هذا الأصل إجراء التحديد على الأساس الفعلي إذا طلب الممول ذلك في موعد تقديم الإقرار واستوفى طلبه باقي الشروط التي نصت عليها المادة، لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن المطعون عليه لم يطلب محاسبته على الأساس الفعلي في سنة 1950 بل لم يقدم إقراراً عن إيراده في تلك السنة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على استبعاد إيراد العمارة من وعاء الضريبة العامة في سنة 1950 لأنه لم تربط عليها ضريبة في تلك السنة، فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وتقول في بيان ذلك أن الحكم وافق على خصم مبلغ 72 جنيهاً باعتبار أنه ضريبة دفاع استحقت على إيراد العمارة في سنة 1956 وهو قضاء مخالف للقانون، ذلك أن ضريبة الدفاع فرضت بالقانون رقم 277 لسنة 1956 اعتباراً من 1/ 7/ 1956 ومن ثم فلا يجوز خصمها عن المدة التالية للعمل بالقانون هذا إلى أن المطعون عليه لم يقدم ما يدل على سداد هذه الضريبة عن السنة المذكورة حتى تعتبر من التكاليف التي يحق له خصمها طبقاً لنص المادة السابعة من القانون رقم 99 لسنة 1949 وقد تمسكت الطاعنة بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف غير أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد عليه مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 277 لسنة 1956 بفرض ضريبة الدفاع وقبل تعديله بالقانون رقم 266 لسنة 1960 على أن تفرض ضريبة إضافية للدفاع "....(ب) بنسبة 2 و1/ 2% من الإيجار السنوي للعقارات المفروضة عليها ضريبة طبقاً لأحكام القانون رقم 56 لسنة 1954 المشار إليه...... وتقتضي هذه الضريبة مع أقساط الضريبة الأصلية المستحقة اعتباراً من أول يوليو سنة 1956 وبنسبتها وتأخذ حكمها وتسري عليها القوانين الخاصة بتلك الضريبة....."، والنص في الفقرة الأولى من المادة 25 من القانون رقم 56 لسنة 1954 بشأن الضريبة على العقارات المبنية على أن "تؤدي الضريبة مقدماً على قسطين متساويين خلال الخمسة عشر يوماً الأولى من شهري يناير ويوليو من كل سنة" والنص الفقرة الثالثة من المادة السابعة من القانون رقم 99 لسنة 1949 قبل تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1969 الذي يعمل به اعتباراً من إيرادات سنة 1969 - على أن يخصم من الإيراد الخاضع للضريبة ما يكون قد دفعه الممول من....." كافة الضرائب المباشرة التي دفعها الممول خلال السنة السابقة غير الضريبة العامة على الإيراد......"، يدل على أن ضريبة الدفاع المفروضة على الإيجار السنوي للعقارات المبنية قد فرضت ولأول مرة من أول يوليو سنة 1956 وأنها في خصوص هذه السنة تستحق بنصف مقدارها السنوي وتؤدي مقدماً خلال الخمسة عشر يوماً الأولى من شهر يوليو من السنة المذكورة ولا تخصم من وعاء الضريبة العامة إلا إذا قام الدليل على سدادها خلال تلك السنة، لما كان ذلك وكان الثابت من صورة صحيفة الاستئناف المقدمة أن الطاعنة اعترضت على تقرير الخبير لأنه خصم مبلغ 72 جنيهاً قيمة ضريبة الدفاع عن سنة كاملة من وعاء الضريبة العامة عن سنة 1956 مع أنها لا تستحق إلا اعتباراً من 1/ 7/ 1956 فضلاً عن أن المطعون عليه لم يقدم الدليل على سدادها وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه اعتمد تقرير الخبير الذي خصم مبلغ 72 جنيهاً قيمة ضريبة الدفاع عن سنة كاملة من وعاء الضريبة العامة عن سنة 1956 واستند الحكم في ذلك إلى أن المبنى مؤجر لمديرية التربية والتعليم بالمنصورة وأنها خصمت هذه الضريبة كما فعلت في السنوات اللاحقة ودون أن يتحقق الحكم من أن قيمة الضريبة الحقيقية سددت فعلاً في سنة 1956 فإنه يكون قد خالف القانون وعابه قصور في التسبيب بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.