أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 492

جلسة 12 من مارس سنة 1974

برياسة السيد المستشار عباس حلمي عبد الجواد وعضوية السادة المستشارين/ عدلي بغدادي، ومحمد طايل راشد، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد كمال عباس.

(80)
الطعنان رقما 396، 398؛ لسنة 37 القضائية

(1)، (2) محاماة. نقض "التوكيل في الطعن. "مؤسسات عامة. وكالة.
(1) محامو أقلام قضايا الشركات التي تساهم فيها الحكومة بنصيب في رأس المال. قبولهم للمرافعة عنها أمام المحاكم. مدير الإدارة القانونية فيها. حقه في تمثيلها أمام محكمة النقض. التوكيل الصادر منه للمحامي الذي قرر بالطعن بالنقض نيابة عن الشركة صادر ممن يملكه. ق. 96 لسنة 1957.
(2) عدم التزام المحامي المقرر بالطعن بالنقض بتقديم سند وكالته عند التقرير به. حبسه تقديمه عن نظر الطعن.
(3) عقد. "عقود الإذعان".
عقد الإذعان. خصائصه. تعلقه بسلع أو مرافق ضرورية واحتكار الموجب لها احتكاراً قانونياً أو فعلياً أو قيام منافسة محدودة النطاق بشأنها مع صدور الإيجاب للناس كافة وبشروط واحدة ولمدة غير محددة. السلع الضرورية. ماهيتها. الانفراد بإنتاج سلعة ما أو الاتجار فيها. لا يعد بذاته احتكاراً.
(4) حكم. "القصور في التسبيب. ما يعد كذلك".
اعتبار الحكم أن السيارات الخاصة من اللوازم الأولية للجمهور في هذا المجتمع دون أسباب سائغة. ترتيبه على ذلك أن الإعلان الموجه من الشركة محتكرة إنتاجها إيجاباً بالبيع وأن طلب حجز السيارة المقدم للشركة الموزعة قبولاً. قيام به عقد إذعان. حجب الحكم نفسه عن بحث دفاع الشركة الطاعنة من أن إعلانها مجرد دعوة إلى التعاقد وأن طلب الحجز إيجاب. وما إذا كان هذا الإيجاب صادفه قبول انعقد به عقد بيع السيارة. قصور.
(5) وكالة. "وكالة بالعمولة".
تمييز الوكالة بالعمولة عن الوكالة العادية بطبيعة الشيء محل الوكالة. اعتبار الوكالة وكالة بالعمولة متى كان محلها من عروض التجارة. سريان أحكام قانون التجار عليها. جواز اعتبار الوكيل بالعمولة ضامناً تنفيذ العقد. شرطه.
(6) نقض. "أثر نقض الحكم".
نقض الحكم نقضاً كلياً. أثره. عودة الخصومة والخصوم إلى ما كانت وما كانوا عليه قبل صدور الحكم المنقوض.
1 - لما كانت المادة 26 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 96 لسنة 1957 تقضي بأن يقبل للمرافعة أمام المحاكم عن المؤسسات العامة والهيئات التي يصدر بتعيينها قرار من وزير العدل محامو أقلام قضايا هذه الجهات، وكان قد صدر من وزير العدل في 21/ 5/ 1957 قرار بأن يقبل للمرافعة أمام المحاكم عن الشركات التي تساهم الحكومة فيها بنصيب في رأس المال محامو أقلام قضايا هذه الشركات ثم أصدر في 24/ 2/ 1962 قرار بإضافة شركة النصر لصناعة السيارات إلى الهيئات المنصوص عليها في قراره السابق، فإنه يكون لمدير الإدارة القانونية في هذه الشركة - الحق في تمثيلها أمام المحاكم ومنها محكمة النقض، ويكون التوكيل الصادر منه إلى المحامي الذي قرر بالطعن الراهن نيابة من هذه الشركة صادراً ممن يملكه.
2 - لا إلزام على المحامي المقرر بالطعن بالنقض بأن يقدم سند وكالته عن طالب الطعن عند تقريره به إذ حسبه تقديم هذا السند عند نظر الطعن.
3 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن من خصائص عقود الإذعان أنها تتعلق بسلع أو مرافق تعتبر من الضروريات بالنسبة إلى المستهلكين أو المنتفعين، ويكون فيها احتكار الموجب هذه السلع أو المرافق احتكاراً قانونياً أو فعلياً أو تكون سيطرته عليها من شأنها أن تجعل المنافسة فيها محدودة النطاق، وأن يكون صدور الإيجاب منه إلى الناس كافة وبشروط واحدة ولمدة غير محدودة. والسلع الضرورية هي التي لا غنى للناس عنها، والتي لا تستقيم مصالحهم بدونها بحيث يكونون في وضع يضطرهم إلى التعاقد بشأنها، ولا يمكنهم رفض الشروط التي يضعها الموجب ولو كانت جائرة وشديدة، كما أن انفراد الموجب بإنتاج سلعة ما أو الاتجار فيها لا يعد احتكاراً يترتب عليه اعتبار العقد المبرم بشأنها من عقود الإذعان ما لم تكن تلك السلعة من الضرورات الأولية للجمهور بالمعنى المتقدم [(1)].
4 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الشركة الطاعنة محتكرة للسيارات التي أعلنت عن إنتاجها والمعدة للاستعمال الخاص دون أن يبين بأسباب سائغة وجه اعتبارها من اللوازم الأولية للجمهور في هذا المجتمع، ورتب الحكم على ذلك أن الإعلان الموجه من تلك الشركة يعد إيجاباً بالبيع ملزماً لها، وأن طلب حجز السيارة المقدم من المطعون ضده الأول إلى الشركة الموزعة يعتبر منه قبولاً للإيجاب الصادر من الشركة المنتجة، وأن العقد الذي تم بناء على ذلك يكون من عقود الإذعان ولا يمنع من انعقاده ما ورد بطلب الحجز من شرط تعسفي أهدرته المحكمة، وبذلك حجب الحكم نفسه عن بحث ما تمسكت به الشركة الطاعنة من أن ما صدر منها لا يعدو أن يكون دعوة إلى التعاقد وأن طلب حجز السيارة المقدم إلى الشركة الموزعة هو الذي يعتبر إيجاباً وكذلك عن بحث ما إذا كان هذا الإيجاب قد صادفه قبول انعقد به عقد بيع السيارة موضوع النزاع - فإنه يكون مشوباً بقصور في التسبيب أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون.
5 - أن الوكالة بالعمولة تتميز عن الوكالة العادية - وعلى ما سبق لهذه المحكمة القضاء به - بطبيعة الشيء محل الوكالة فإذا كان من عروض التجارة اعتبرت الوكالة بالعمولة ومن ثم تسري عليها أحكام قانون التجارة التي تجيز اعتبار الوكيل بالعمولة ضامناً تنفيذ العقد بناء على إرادة الطرفين ولو كانت ضمنية أو إعمالاً للعرف التجاري [(2)].
6 - نقض الحكم نقضاً كلياً، يبني عليه عودة الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل صدور الحكم المنقوض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقريرين اللذين تلاهما السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول في الطعن رقم 396 لسنة 37 قضائية، وهو الطاعن في الطعن رقم 398 لسنة 37 قضائية أقام الدعوى رقم 6943 لسنة 1965 كلي القاهرة على شركة انجلو اجبشيان موتورز - المطعون ضدها الثانية في كل من الطعنين - وعلى شركة النصر لصناعة السيارات - الطاعنة في الطعن الأول والمطعون ضدها الأولى في الطعن الثاني - وطلب فيها الحكم بثبوت ملكيته للسيارة المبينة بصحيفة الدعوى - وهي من طراز نصر 1300 والمخصصة له من بين السيارات المحجوزة لدى الشركتين لأعضاء نادي مجلس الدولة، وإلزامها بتسليمها إليه، وقال بياناً لدعواه أن شركة النصر لصناعة السيارات التي تقوم بإنتاج هذا الطراز من السيارات، عرضتها على الجمهور لشرائها بطريق الحجز وأداء مقدم الثمن لدى إحدى الشركات التي عهدت إليها بالتوزيع، ومنها شركة انجلوا جبشيان موتورز وقد اتفق نادي مجلس الدولة مع هاتين الشركتين - المنتجة والموزعة - على تخصيص عدد من تلك السيارات لأعضائه وفي 4/ 12/ 1962 حجز "المدعي" إحداها وأدى معجل ثمنها وإذ حل دوره في استلامها ولم تنفذ الشركتان التزامهما قبله فقد أقام عليهما هذه الدعوى بالطلبات السابقة، وفي 31/ 5/ 1966 قضت المحكمة الابتدائية بثبوت ملكيته للسيارة الموجودة لدى شركة انجلو اجبشيان موتورز وإلزامها بتسليمها إليه لقاء دفع الباقي من ثمنها وقدره 630 جنيهاً وبإخراج شركة النصر لصناعة السيارات من الدعوى استأنف المدعي هذا الحكم فيما قضى به في شقه الأخير، بالاستئناف رقم 1159 لسنة 83 قضائية القاهرة، كما استأنفته الشركة المحكوم عليها بالاستئناف رقم 1169 لسنة 83 قضائية القاهرة، وبعد أن ضمتهما محكمة الاستئناف ليصدر فيهما حكم واحد قضت في 11/ 5/ 1967 بإخراج شركة انجلو اجبشيان موتورز من الدعوى وبإلزام شركة النصر لصناعة السيارات بأن تسلم إلى "المدعي" سيارة من طراز نصر 1300 لقاء دفع باقي ثمنها المقدر بمبلغ 1430 جنيهاً. طعنت الشركة المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 396 لسنة 37 قضائية بتقرير مؤرخ 9/ 7/ 1967 كما طعن فيه المحكوم له. في الشق الخاص بتحديد الثمن وفيما قضى به من إخراج الشركة الموزعة من الدعوى، بالطعن رقم 398 لسنة 37 قضائية. دفع هذا الطاعن الأخير ببطلان الطعن الأول لعدم إيداع سند التوكيل الصادر من ممثل الشركة الطاعنة إلى وكيله الذي وكل بدوره المحامي الذي قرر بالطعن عنها، وقدمت النيابة العامة مذكرة في الطعن الأول أبدت فيها الرأي بتعليق قبوله على ما يبين من مطالعة سند التوكيل المشار إليه في حالة تقديمه وما إذا كان يبيح للوكيل توكيل غيره في الطعن أم لا يبيحه، وبرفض الطعن موضوعاً، كما قدمت مذكرة في الطعن الثاني أبدت فيها الرأي برفضه ولدى نظر الطعن الأول أمام هذه المحكمة قدم الحاضر عن الشركة الطاعنة سند التوكيل الصادر من ممثلها إلى مدير الإدارة القانونية فيها، فدفع المطعون ضده الأول في هذا الطعن بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة على أساس أن مدير الإدارة المشار إليه ليس محامياً مقبولاً أمام محكمة النقض وأنه لم يصدر من وزير العدل قرار بتخويله الحق في تمثيل الشركة أمام القضاء، وقدمت النيابة العامة مذكرة تكميلية أبدت فيها الرأي برفض الدفع وبقبول الطعن شكلاً وقررت المحكمة ضم الطعن رقم 398 - لسنة 37 ق إلى الطعن رقم 396 لسنة 37 ق للارتباط ليصدر فيهما حكم واحد.
وحيث إنه لما كان يبين من مطالعة تقرير الطعن رقم 396 لسنة 37 ق أن المحامي المقرر بالطعن قدم عند تقريره به سند الوكالة الصادرة إليه من مدير الإدارة القانونية لشركة النصر لصناعة السيارات الطاعنة وذلك بصفته وكيلاً عن رئيس مجلس إدارتها بالتوكيل رقم 350 لسنة 1967 حلوان وكانت الشركة الطاعنة قد أودعت سند هذا التوكيل الأخير ملف الطعن عند نظره أمام هذه المحكمة ويبين منه أنه صادر من رئيس مجلس إدارة الشركة إلى مدير الإدارة القانونية فيها بتاريخ 4/ 6/ 1967 وقد وكله فيه بالتقرير بالنقض عن الشركة واتخاذ جميع ما تقتضيه إجراءات التقاضي وأذن له في توكيل غيره عنه في ذلك، ولما كانت المادة 26 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 96 لسنة 1957 تقضي بأن يقبل للمرافعة أمام المحاكم عن المؤسسات العامة والهيئات التي يصدر بتعيينها قرار من وزير العدل محامو أقلام قضايا هذه الجهات؛ وكان قد صدر من وزير العدل في 21/ 5/ 1957 قرار بأن يقبل للمرافعة أمام المحاكم عن الشركات التي تساهم الحكومة فيها بنصيب في رأس المال محامو أقلام قضايا هذه الشركات ثم أصدر في 24/ 2/ 1962 قراراً بإضافة شركة النصر لصناعة السيارات - الطاعنة - إلى الهيئات المنصوص عليها في قراره السابق، فإن يكون لمدير الإدارة القانونية المشار إليه الحق في تمثيل الشركة الطاعنة أمام المحاكم - ومنها محكمة النقض، ويكون التوكيل الصادر منه إلى المحامي الذي قرر بالطعن الراهن نيابة عن هذه الشركة صادراً ممن يملكه، لما كان ذلك وكان لا إلزام على المحامي المقرر بالطعن بالنقض بأن يقدم سند وكالته عن طالب الطعن عند تقريره به إذ حسبه تقديم هذا السند عند نظر الطعن فإن الدفع ببطلان الطعن رقم 396 لسنة 37 ق وبعدم قبوله يكون على غير أساس، وإذ كان هذا الطعن والطعن الآخر رقم 398 لسنة 37 ق قد استوفيا أوضاعهما الإجرائية فإنهما يكونان مقبولين شكلاً.
وحيث إن مما تنعاه الشركة بطعنها رقم 396 لسنة 37 على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه اعتبر البيان الذي نشرته في الصحف في يوم 22/ 3/ 62 بالإعلان عن أسماء الموزعين المتعمدين لحجز سيارات الركوب طراز نصر 1300، ولحث الجمهور على الشراء لترويج بضاعتها، إيجاباً منها بالبيع ملزماً لها باعتبارها محتكرة لصناعة تلك السيارات التي وصفها الحكم بأنها من اللوازم الأولية للجمهور، مما يعد معه طلب حجز السيارة وأداء جزء من ثمنها قبولاً من جانب طالب الشراء طابق الإيجار المنشور في الصحف فتم به عقد البيع وفقاً للشروط المعلن عنها، وأنه لا يغير من ذلك ما تضمنه طلب الحجز المقدم إلى الشركة الموزعة من أن إتمام إجراءات التعاقد متوقف على موافقة الشركة المنتجة - الطاعنة - وذلك قولاً من الحكم بأن ذلك شرط تعسفي ورد في عقد تم بطريق الإذعان فيحق للمحكمة أن تعفي الطرف المذعن منه هذا في حين أنه بعد صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 913 لسنة 1960 بإنشاء الشركة الطاعنة، اتفقت مع بعض موزعي السيارات على شراء إنتاجها ليتولوا هم بيعه لحسابهم، وإن كانت قد وضعت لذلك شروطاً تهدف إلى حماية الجمهور من استغلال أولئك الموزعين له، ولكن بغير تدخل منها فيما ينشأ بين هؤلاء بين المتعاقدين معهم من علاقات وأنه حفزاً للجمهور على الإقبال على شراء تلك السيارات، التي لم يكن قد بدأ في إنتاجها بعد، نشرت في الصحف بياناً بأسماء أولئك الموزعين، وإجراءات حجز السيارات لديهم، وأثر ذلك تقدم نادي مجلس الدولة إلى شركة انجلو اجبشيان موتورز - المطعن ضدها الثانية - وهي إحدى الشركات الموزعة - طالباً حجز عدد من السيارات لأعضائه، مما لم يكن للشركة الطاعنة شأن به وإذ كان التوجه المباشر إلى الجمهور عن طريق الإعلان لا يعدو أن يكون من قبيل الحث على التعاقد وأن احتراف المعلن لمهنة أو تجارة معينة لا يعد - حسبما أورده الحكم المطعون فيه ذاته - إيجاباً، وكان قرار إنشاء الشركة قاطعاً في نفي صفة الاحتكار عنها بما قرره من أن الترخيص لها لا يترتب عليه منحها أي احتكار أو امتياز، كما أنه من غير المتصور قيام احتكار فعلي مما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من قبل أن تبدأ الشركة إنتاجها من السيارات، علاوة على أنه لا يمكن أن تعد السيارات الخاصة في هذا المجتمع من السلع الأولية للجمهور حتى يسوغ اعتبار منتجها محتكراً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر الشركة الطاعنة محتكرة ورتب على ذلك أن ما صدر منها من إعلان عن أسماء الموزعين يعد إيجاباً ملزماً صادفه قبول فتم بذلك عقد بيع بطريق الإذعان تضمن شرطاً تعسفياً أهدره الحكم، فإنه يكون خاطئاً، ذلك أن صدور الإعلان من الشركة على النحو المتقدم لا يعدو أن يكون دعوة للجمهور إلى التعاقد مع الموزعين على الشراء وليس إيجاباً منها بالبيع مما يكون معه طلب حجز السيارة المقدم من المطعون ضده الأول إلى المطعون ضدها الثانية مجرد إيجاب صادر من طالب الشراء لا ينعقد به البيع إلا إذا طابقه قبول من جانب البائع، وإذ لم يتحقق ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزامها بتسليم السيارة إلى المطعون ضده الأول فإنه يكون قد شابه قصور في التسبيب أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الشركة الطاعنة بتسليم السيارة موضوع النزاع إلى المطعون ضده الأول على أساس أن الشركة محتكرة لصناعة السيارات من طراز نصر 1300، مما يعد معه الإعلان الصادر منها بشأنها إيجاباً حتمياً بالبيع يمتنع عليها الرجوع فيه وأن بيع السيارة موضع النزاع قد تم بقبول طالب الشراء لهذا الإيجاب وأنه مع ثبوت احتكار الشركة الطاعنة لهذه السلعة التي تبدو الحاجة ملحة إليها فإن العقد يكون قد تم بطريق الإذعان وأنه لا يغير من ذلك ما ورد بطلب حجز السيارة المقدم من المطعون ضده الأول إلى الشركة المطعون ضدها الثانية من تعليق إتمام التعاقد على موافقة الشركة الطاعنة، قولاً من الحكم بأن هذا الشرط تعسفي تملك المحكمة إعفاء الطرف المذعن منه طبقاً للمادة 149 من القانون المدني، لما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن من خصائص عقود الإذعان أنها تتعلق بسلع أو مرافق تعتبر من الضروريات بالنسبة على المستهلكين أو المنتفعين ويكون فيها احتكار الموجب هذه السلع أو المرافق احتكاراً قانونياً أو فعلياً أو تكون سيطرته عليها من شأنها أن تجعل المنافسة فيها محدودة النطاق وأن يكون صدور الإيجاب منه إلى الناس كافة وبشروط واحدة ولمدة غير محددة، وكانت السلع الضرورية هي التي لا غنى للناس عنها والتي لا تستقيم مصالحهم بدونها بحيث يكونون في وضع يضطرهم إلى التعاقد بشأنها ولا يمكنهم رفض الشروط التي يضعها الموجب ولو كانت جائرة وشديدة كان مجرد انفراد الموجب بإنتاج سلعة ما أو الاتجار فيها لا يعد احتكاراً يترتب عليه اعتبار العقد المبرم بشأنها من عقود الإذعان ما لم تكن تلك السلعة من الضرورات الأولية للجمهور بالمعنى المتقدم وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الشركة الطاعنة محتكرة للسيارات التي أعلنت عن إنتاجها والمعدة للاستعمال الخاص دون أن يبين بأسباب سائغة وجه اعتبارها من اللوازم الأولية للجمهور في هذا المجتمع، ورتب الحكم على ذلك أن الإعلان الموجه من تلك الشركة يعد إيجاباً بالبيع ملزماً لها وأن طلب حجز السيارة المقدم من المطعون ضده الأول إلى الشركة الموزعة يعتبر منه قبولاً للإيجاب الصادر من الشركة المنتجة وأن العقد الذي تم بناء على ذلك يكون من عقود الإذعان ولا يمنع من انعقاده ما ورد بطلب الحجز من شرط تعسفي أهدرته المحكمة وبذلك حجب الحكم نفسه عن بحث ما تمسكت به الشركة الطاعنة من أن ما صدر منها لا يعدو أن يكون دعوة إلى التعاقد وأن طلب حجز السيارة المقدم إلى الشركة الموزعة هو الذي يعتبر إيجاباً، وكذلك عن بحث ما إذا كان هذا الإيجاب قد صادفه قبول انعقد به عقد بيع السيارة موضوع النزاع، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون في خصوص قضائه بالنسبة إلى الشركة الطاعنة مشوباً بقصور في التسبيب أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب من أسباب الطعن رقم 396 لسنة 37 ق دون حاجة إلى بحث باقي أسبابه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن في الطعن رقم 398 لسنة 37 ق على الحكم المطعون فيه - القصور في التسبيب ويقول في بيان ذلك أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن الشركة الموزعة - المطعون ضدها الثانية - هي وكيله بالعمولة عن الشركة المنتجة - المطعون ضدها الأولى - بما يجعلهما مسئولتين بالتضامن عن تسليمه السيارة موضوع النزاع إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع الجوهري وقضى بإخراج الشركة الموزعة من الدعوى دون أن يبرر إطراحه بأسباب سائغة مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن تمسك أمام محكمة الاستئناف بالدفاع المشار إليه وقد ردت المحكمة عليه بقولها "أن المحاولة الجاهدة التي بذلها رافع الدعوى لتطبيق المواد الخاصة بالوكالة بالعمولة توصلاً لإيجاد تضامن بين الشركتين لا يتسع لها المجال ولأنها تستلزم تعمقاً في تكوين عقد الوكالة وفي إرجاعه إلى جذوره وليس بين يدي المحكمة ما يسمح لها بذلك هذا مع ملاحظة أن الوكيل بالعمولة لا يلتزم شخصياً قبل الغير إلا إذا تعاقد باسمه الشخصي دون اسم الموكل وأن الشركة الموزعة كانت متعاقدة باسم الشركة المنتجة لا باسمها الخاص، ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه اتخذ من مجرد تعاقد الشركة الموزع باسم الشركة المنتجة سنداً لاعتبار العلاقة بينهما وكالة عادية وليست وكالة بالعمولة، هذا في حين أن الوكالة بالعمولة تتميز عن الوكالة العادية وعلى ما سبق لهذه المحكمة القضاء به بطبيعة الشيء محل الوكالة فإذا كان من عروض التجارة اعتبرت وكالة بالعمولة ومن ثم تسري عليها أحكام قانون التجارة التي تجيز اعتبار الوكيل بالعمولة ضامناً تنفيذ العقد بناء على إرادة الطرفين ولو كانت ضمنية أو إعمالاً للعرف التجاري وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يبحث دفع الطاعن في هذا الشأن بما يقتضيه فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب في خصوص قضائه إخراج شركة الانجلو اجبشيان موتورز من الدعوى بما يستوجب نقضه لهذا السبب من أسباب الطعن رقم 398 سنة 37 ق دون حاجة إلى بحث باقي أسبابه.
وحيث إنه ترتيباً على ما تقدم بتعيين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً كلياً يبني عليه عودة الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل صدور الحكم المنقوض وإحالة القضية إلى محكمة الاستئناف للفصل مجدداً في الاستئنافين رقمي 1159، 1169 لسنة 83 قضائية القاهرة.


[(1)] تقض 22/ 4/ 1954 مجموعة المكتب الفني السنة 5 ص 788.
[(2)] نقض 28/ 6/ 1956 مجموعة المكتب الفني السنة 7 ص 768.