أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 20 - صـ 404

جلسة 11 من مارس سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام، وعبد العليم الدهشان.

(65)
الطعن رقم 72 لسنة 35 القضائية

( أ ) استئناف. "نطاق الاستئناف".
الاستئناف ينقل الدعوى برمتها إلى المحكمة الاستئنافية على أساس ما تقدم فيها من أدلة ودفوع وما يطرح منها ويكون قد فات الطرفين إبداؤه أمام محكمة أول درجة.
(ب) إثبات. "الإقرار".
الإقرار - قضائياً كان أو غير قضائي - تصرف من جانب واحد يتضمن نزول المقر عن حقه قبل خصمه في إثبات ما يدعيه. يشترط فيه ما يشترط في سائر التصرفات القانونية من أن يكون صادراً عن إرادة غير مشوبة بأي عيب من عيوب الرضا.
(ج) تزوير. وارث. "الطعن بالجهالة". إثبات.
طعن الوارث بالجهالة. عدم قبوله إذا أقر بأن الختم الموقع به من المورث صحيح. يجب عليه سلوك سبيل الطعن بالتزوير.
(د) إثبات. "حجية الأوراق العرفية". وارث. "حجية المحررات الصادرة من المورث".
حجية تاريخ المحررات الصادرة من المورث قبل الوارث ولو لم يكن ثابتاً ثبوتاً رسمياً سواء صدرت إلى وارث أو غير وارث ما لم يقم الدليل على عدم صحته.
1 - يترتب على الاستئناف أن تنتقل الدعوى برمتها إلى المحكمة الاستئنافية لنظرها - وفقاً لما تقضي به المادة 410 من قانون المرافعات السابق - لا على أساس ما كان قد قدم فيها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع أمام محكمة أول درجة فحسب، بل أيضاً على أساس ما يطرح منها عليها ويكون قد فات الطرفين إبداؤه أمام محكمة أول درجة.
2 - يشترط في الإقرار قضائياً كان أو غير قضائي - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - ما يشترط في سائر التصرفات القانونية من أن يكون صادراً عن إرادة غير مشوبة بأي عيب من عيوب الرضا لأنه ينطوي على تصرف من جانب واحد ويتضمن نزول المقر عن حقه قبل خصمه في إثبات ما يدعيه.
3 - مقتضى نص المادة 394 من القانون المدني أنه يكفي بالنسبة للوارث الذي يدفع بعدم الاحتجاج عليه بالورقة العرفية المنسوب إلى مورثه التوقيع عليها أن يحلف يميناً بأنه لا يعلم أن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لهذا المورث، ولا يقبل من ذلك الوارث الطعن بالجهالة على هذه الورقة متى أقر بأن الختم الموقع به عليها صحيح، بل يجب عليه في هذه الحالة أن يسلك السبيل الذي رسمه القانون للطعن عليها بالتزوير. وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه استظهر من دفاع الطاعن بأن هذه الورقة مصطنعة إنما يعني الادعاء بتزويرها ولم يسلك الطاعن من أجله سبيل الطعن عليها بالتزوير طبقاً لما تقضي به المواد من 281 - 290 من قانون المرافعات السابق. وكانت محكمة الاستئناف لم تر من حالة الورقة ومن ظروف الدعوى ما يشككها في صحتها لتحكم من تلقاء نفسها بتزويرها عملاً بالرخصة المخولة لها بالمادة 290 من قانون المرافعات السابق. فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الخصوص يكون غير سديد.
4 - الوارث بحكم كونه خلفاً عاماً لمورثة لا يعد - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - من الغير في حكم المادة 395 من القانون المدني بل حكمه بالنسبة إلى المحررات غير الرسمية التي يكون المورث طرفاً فيها هو حكم مورثه ويكون تاريخها بحسب الأصل حجة عليه ولو لم يكن ثابتاً ثبوتاً رسمياً سواء كانت الورقة صادرة إلى وارث أو إلى غير وارث ما لم يقم الدليل على عدم صحته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 166/ 59 مدني كلي المنيا ضد المطعون عليهم، وقال في عريضتها المعلنة بتاريخ 29 سبتمبر، 11، 12 من أكتوبر سنة 1959 إن والدته المرحومة فاطمة محمد أحمد الدشلوطي تركت فيما يورث عنها أرضاً مساحتها 9 ف و4 ط و12 س بناحية بان العلم مركز مغاغه مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وأن نصيبه بالميراث في هذه الأرض هو 2 ف و3 ط و4 س، وإذ نازعه المطعون ضدهم في ملكيته لهذا القدر، فقد أقام الدعوى بطلب الحكم بتثبيت ملكيته إليه وتسليمه له. دفع المطعون ضده الأخير بوصفه وصياً على قصر المرحوم محمد محمد أحمد الدشلوطي بأن والدة الطاعن كانت قد رهنت سبعة أفدنة من الأرض السالفة الذكر لأحمد عبد الرازق الدشلوطي مقابل مبلغ 1111 ج و110 م وقام هذا الدائن بتحويل الرهن والدين المؤمن به إلى مورث القصر المشمولين بوصايته بعد أن استوفى حقوقه منه وذلك بعقد محرر في 19 من أكتوبر سنة 1924 ومسجل في 6 مارس سنة 1926. وبتاريخ 3 مارس سنة 1961 قضت محكمة أول درجة بندب مكتب خبراء الوزارة العدل لبيان ما يخص الطاعن بالميراث في الأرض المذكورة ومقدار غلتها منذ انعقاد الرهن على سبعة أفدنة منها. وقدم الخبير تقريراً أورد فيه أن مورثة الطاعن كانت تملك 9 ف و14 ط و12 س بناحية بان العلم مركز مغاغه يخص الطاعن فيها 2 ف و3 ط و5 س وأن دين الرهن المشار إليه قد استهلك بنهاية سنة 1954. وقضت المحكمة بتاريخ 7 من إبريل سنة 1963 بطلبات الطاعن أخذاً بتقرير الخبير. استأنف المطعون ضده الأخير هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 913/ 80 ق وقال إنه عثر بعد صدور الحكم المستأنف على إقرار صادر في 15 يناير سنة 1932 من مورثة الطاعن لمورث القصر المشمولين بوصايته يتضمن بيعها لهذا المورث الأرض موضوع الرهن السالف الإشارة إليه مقابل وفائه بالدين المؤمن به الرهن للدائن المرتهن وأن هذا المورث وورثته من بعده قد وضعوا اليد على هذه الأرض باعتبارهم مالكين لها منذ ذلك البيع. وأحالت محكمة استئناف القاهرة القضية إلى محكمة الاستئناف بني سويف بعد إنشائها حيث قيدت بجدولها تحت رقم 405/ 1 ق. وبتاريخ 7 ديسمبر سنة 1964 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة إلى 1 ف و13 ط و17 س ويعادل نصيب الطاعن بالميراث في السبعة أفدنة المبيعة من مورثته إلى مورث القصر المشمولين بوصاية المطعون ضده الأخير ورفض دعوى الطاعن بالنسبة لهذا القدر وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من تثبيت ملكية الطاعن إلى نصيبه بالميراث عن والدته في مساحة 2 ف و14 ط و12 س ويبلغ 13 ط و21 س شيوعاً فيها. طعن الطاعن في الشق الأول من هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن في الجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من السبب الأول الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن المطعون ضده الأخير قرر أمام محكمة أول درجة بأن العلاقة التي نشأت بين المرحوم محمد أحمد الدشلوطي مورث القصر المشمولين بوصايته وبين مورثة الطاعن هي علاقة دائن مرتهن بمدين راهن وفي هذا التسليم منه بطلبات الطاعن في الملكية وإذ دار النزاع نتيجة لذلك حول استهلاك دين الرهن فقد أحالت المحكمة الدعوى إلى خبير بحكم قطعت فيه بتحديد الوصف القانوني لهذه العلاقة على أساس الإقرار المذكور وقد سلم المطعون ضده الأخير بهذا الوصف بعدم استئناف ذلك الحكم في الميعاد، غير أن محكمة الاستئناف أغفلت حجية ذلك الحكم وعولت في قضائها على الورقة المؤرخة 15 يناير سنة 1932 والتي قدمها المطعون ضده الأخير أثناء نظر الاستئناف ونسب صدورها لمورثة الطاعن والتي تتضمن بيعها له السبعة أفدنة مع تناقض ما ورد في هذه الورقة للإقرار السالف الذكر والذي صدر من المطعون ضده في مجلس القضاء بما يجعله حجة عليه، وهو مما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت من الاطلاع على الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 30 مايو سنة 1961 أنه قضى بندب خبير لبحث طلب الطاعن تثبيت ملكيته إلى حصته الميراثية في أرض مساحتها 9 ف و14 ط و12 س مبينة في صحيفة الدعوى ولبحث ما دفع به المطعون ضده الأخير من أن مورثة الطاعن رهنت سبعة أفدنة من هذه الأرض لأحمد عبد الرازق الدشلوطي الذي حول الرهن والدين المؤمن به لمورث القصر المشمولين بوصايته مقابل استيفائه هذا الدين منه، وذلك لبيان ما يخص الطاعن في الأرض المشار إليها وبحث ما إذا كان دين الرهن قد استهلك، دون أن يقطع هذا الحكم في أن علاقة مورث القصر المشمولين بوصاية المطعون ضده الأخير بمورثة الطاعن هي علاقة دائن مرتهن بمدين، وذلك بما قرره من أن "المحكمة ترى سواء لإمكان الفصل في الطلبات الخاصة بالقدر الخارج عن موضوع المنازعة أو فيما اختلف فيه المدعي (الطاعن) والمدعى عليه الخامس (المطعون ضده الأخير) ضرورة ندب خبير زراعي". وإذ لم ينه الحكم الخصومة كلها أو بعضها بين طرفي النزاع فإنه يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مما لا يجوز استئنافه على استقلال طبقاً لما تقضي به المادة 378 من قانون المرافعات السابق. ولما كان الثابت من الأوراق أن محكمة أول درجة قد قضت بتاريخ 7 من إبريل سنة 1963 في موضوع الدعوى بطلبات الطاعن وأن المطعون عليه الأخير قد استأنف هذا الحكم، وإذ يترتب على الاستئناف أن تنتقل الدعوى برمتها إلى المحكمة الاستئنافية لتنظرها - وفقاً لما تقضي به المادة 410 من القانون المذكور - لا على أساس ما كان قد قدم فيها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع أمام محكمة أول درجة فحسب بل أيضاً على أساس ما يطرح منها عليها ويكون قد فات الطرفين إبداؤه أمام محكمة أول درجة وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه الأخير، تمسك أمام محكمة الاستئناف بورقة مؤرخة 15 يناير سنة 1932 تتضمن نزول مورثة الطاعن عن ملكية الـ 7 أفدنة التي أنشأت عليها الرهن السالف الذكر لمورث القصر المشمولين بوصاية المطعون عليه الأخير مقابل وفائه بدين الرهن للدائن المرتهن كما تمسك بأن وضع يد المورث المذكور وورثته من بعده على هذه الأرض كان منذ ذلك التاريخ بنية التملك وأنهم اكتسبوا ملكيتها بالتقادم الطويل قبل إقامة هذه الدعوى وقال إنه لم يستطع تقديم هذه الورقة إلى محكمة أول درجة لأنه لم يعثر عليها إلا بعد صدور الحكم المستأنف، فإن الحكم المطعون فيه إذ بحث هذا الدفاع وفصل فيه لا يكون قد خالف القانون بمخالفة حجية حكم سابق. لما كان ذلك وكان يشترط في الإقرار قضائياً كان أو غير قضائي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ما يشترط في سائر التصرفات القانونية من أن يكون صادراً عن إرادة غير مشوبة بأي عيب من عيوب الرضا لأنه ينطوي على تصرف من جانب واحد ويتضمن نزول المقر عن حقه قبل خصمه في إثبات ما يدعيه، وكانت محكمة الاستئناف قد اقتنعت بجدية دفاع المطعون عليه الأخير من أنه كان يجهل حقيقة العلاقة بين الطرفين لأنه لم يكن قد عثر على الورقة المؤرخة 15 يناير سنة 1932 إلا بعد صدور الحكم المستأنف وانتهت في ضوء الاعتبارات التي ساقها المطعون عليه الأخير على النحو سالف بيانه وفي أسباب سائغة إلى الأخذ بمدلول الورقة المشار إليها، ولم تعول على الإقرار السابق الذي أبداه المطعون عليه الأخير أمام محكمة أول درجة من أن علاقة مورثة الطاعن بمورث القصر المشمولين بوصاية المطعون عليه الأخير كانت علاقة مدين بدائن مرتهن باعتبار أنه كان إقراراً مشوباً بالغلط، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون لمخالفة الحكم الصادر في 30 مايو سنة 1961 أو حجية إقرار المطعون عليه الأخير أمام محكمة أول درجة يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السبب الأول الخطأ في تطبيق القانون، ويقول في بيان ذلك إنه ضمن رده على مذكرة المطعون ضده الأخير أمام محكمة الاستئناف أن الورقة المؤرخة 15 يناير سنة 1932 قد اصطنعت لخدمة هذه الدعوى وأن مورثته لم تبصم بخاتمها عليها، غير أن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا الدفاع بحجة أن الطاعن لم يطعن على هذه الورقة بالتزوير، وإذ فات الحكم نتيجة ذلك أن دفاع الطاعن في هذا الصدد ينطوي على الدفع بجهالة الورقة المشار إليها ويخول له الحق في الطعن عليها بالتزوير في أية حالة كانت عليها الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان مقتضى المادة 394 من القانون المدني أنه يكفي بالنسبة للوارث الذي يدفع بعدم الاحتجاج عليه بالورقة العرفية المنسوب إلى مورثه التوقيع عليها أن يحلف يميناً بأنه لا يعلم أن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لهذا المورث ولا يقبل من ذلك الوارث الطعن بالجهالة على هذه الورقة متى أقر بأن الختم الموقع به عليها صحيح، بل يجب عليه في هذه الحالة أن يسلك السبيل الذي رسمه القانون للطعن عليها بالتزوير، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه استظهر من دفاع الطاعن بأن هذه الرقة مصطنعة أنه إنما يعني الادعاء بتزويرها ولم يسلك الطاعن من أجل ذلك سبيل الطعن عليها بالتزوير طبقاً لما تقضي به المواد من 281 - 290 من قانون المرافعات السابق، وكانت محكمة الاستئناف لم تر من حالة الورقة ومن ظروف الدعوى ما يشككها في صحتها لتحكم من تلقاء نفسها بتزويرها عملاً بالرخصة المخولة لها بالمادة 290 من قانون المرافعات السابق، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الخصوص يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه في الوجه الثالث من السبب الأول الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه لم يقم دليل في الأوراق على صحة التاريخ الذي أعطي للورقة المنسوبة لمورثته، وإذ أجابت المحكمة على هذا الدفاع بأنها لم تجد في تلك الورقة ما يدل على الاصطناع بما يعد منها تخلياً عما يوجبه عليها القانون في شأن تحقيق صحة تاريخ الورقة المذكورة، فإن الحكم يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الوارث بحكم كونه خلفاً عاماً لمورثه لا يعد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الغير في حكم المادة 395 من القانون المدني بل حكمه بالنسبة إلى المحررات غير الرسمية التي يكون المورث طرفاً فيها هو حكم مورثه ويكون تاريخها - بحسب الأصل - حجة عليه ولو لم يكن ثابتاً رسمياً سواء أكانت الورقة صادرة إلى وارث أو إلى غير وارث ما لم يقيم الدليل على عدم صحته، وكان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه لم يرد فيه ما يفيد أن الطاعن قد طلب إلى محكمة الاستئناف تمكينه من إقامة الدليل على عدم صحة هذا التاريخ، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني القصور في التسبيب ويقول في بيان ذلك إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن ما ورد في عجز الورقة المنسوبة لمورثته والمؤرخة 15 يناير سنة 1932 من أنها باعت الأرض موضوع الرهن لمورث القصر السابق ذكرهم يناقض ما جاء في صدر هذه الورقة من أن المورثة المذكورة توافق على حلول ذلك المورث محل الدائن المرتهن في الرهن المشار إليه بما يجعلها لا تحمل معنى البيع، كما تمسك بأن هذه الورقة غير منتجة في إثبات ملكية الأرض المرهونة لأنها تحمل تاريخاً في ظل القانون المدني القديم الذي كان يحرم على الدائن المرتهن حيازياً أن يمتلك العين المرهونة، فضلاً عن أنها ورقة عرفية لا تنقل الملكية لأن الملكية لا تنتقل فيما بين المتعاقدين ولا بالنسبة للغير إلا بالتسجيل، وأنه تمسك كذلك بأن المطعون ضده الأخير أقر أمام محكمة أول درجة بأن مورث القصر المشمولين بوصايته وضع يده على أرض النزاع تنفيذاً لعقد الحلول الصادر له من الدائن لهذه الأرض حيازياً بما يعني أن وضع يده عليها كان مجرداً من نية التملك وإذ لم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع فإنه يكون معيباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه أياً كان وجه الرأي فيما قرره الحكم المطعون فيه من أن العقد الذي صدر من مورثة الطاعن متضمناً بيع الأرض المرهونة لمورث القصر المشمولين بوصاية المطعون ضده الأخير كان صحيحاً بالتأسيس على ما قرره من أن ذلك البيع قد تم بعد انعقاد الرهن، فإنه يبين من أسباب الحكم أنه أقام قضاءه على أن الورقة الصادرة من مورثة الطاعن في 15 يناير سنة 1932 لمورث القصر المشمولين بوصاية المطعون ضده الأخير هي بداية لتغير نية هذا المورث في وضع يده من دائن مرتهن إلى مالك، وعلى أنه ظل كذلك إلى أن تلقى عنه هؤلاء الورثة حيازة الأرض المذكورة بهذه الصفة الجديدة واكتملت لهم مدة التقادم الطويل المكسب لملكيتها قبل رفع الدعوى الحالية، ولما كان ما قرره الحكم في هذا الصدد كافياً في ذاته لحمل قضائه فإن جميع ما يثيره الطاعن بهذا السبب يكون غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.