أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 502

جلسة 14 من مارس سنة 1974

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور حافظ هريدي وعضوية السادة المستشارين: محمد سيد أحمد حماد وعلي صلاح الدين وأحمد صفاء الدين وعز الدين الحسيني.

(81)
الطعن 414 لسنة 38 القضائية

(1) حكم. "تسبيب الحكم. استئناف. "الأحكام غير الجائز استئنافها". دفوع. نقض. "ما لا يصلح سبباً للطعن".
قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي - فيما قضى به من رفض الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن - تأسيساً على تقريرات موضوعية سائغة وكافية لحمل نتيجته تضمينه الأسباب أن الطاعنين لم يبادرا باستئناف الحكم الصادر - على استقلال - برفض الدفع المذكور - تزيد النعي به غير منتج.
(2) محكمة الموضوع. حكم. "تسبيب الحكم". شفعة.
استخلاص المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية وبأسباب سائغة أن ما قرره المطعون عليه - قبل إتمام بيع العقار المشفوع فيه - لا يتضمن تنازلاً عن استعمال حقه في الشفعة استطراده إلى القول بأن التنازل الضمني لا يثبت إلا بعد إتمام المبيع. تزيد. غير مؤثر.
(3) شفعة. إيداع الثمن. حكم. "عيوب التدليل. ما لا يعد قصوراً".
اشتراط القانون المدني الجديد إيداع كامل الثمن وإلا سقط الحق في الأخذ بالشفعة إغفاله ملحقات الثمن فيما يجب إيداعه خلافاً لقانون الشفعة القديم عدم رد الحكم المطعون فيه على ما أثاره الطاعنان من سقوط حق المطعون عليه في الأخذ بالشفعة لعدم اشتمال صحيفة الدعوى على استعداده لدفع الملحقات. لا قصور.
1 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي - فيما قضى به من رفض الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن على تقريرات موضوعية سائغة تكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها، فإنه لا يؤثر في هذه النتيجة الصحيحة ما أشار إليه في أسبابه من أن الطاعنين لم يبادرا باستئناف الحكم الصادر - على استقلال - برفض الدفع المذكور، إذ أن هذا التقرير جاء زائداً عن حاجة الدعوى، ويستقيم قضاء الحكم بدونه، ومن ثم يكون النعي عليه بهذا السبب غير منتج.
2 - إذا كانت المحكمة قد استخلصت من أقوال الشهود وفي حدود سلطتها الموضوعية وبأسباب سائغة أن ما قرره المطعون عليه الأول - من رفض الصفقة لضيق ذات يده وقت إبرام عقد بيع العقار المشفوع فيه - لا يتضمن تنازلاً عن استعمال حقه في الشفعة، فإن ما استطرد إليه الحكم تزيداً من أن "التنازل الضمني لا يثبت إلا بعد إتمام البيع" لا يؤثر على قضائه هذا الخصوص.
3 - إذا كانت المادة 942 من القانون المدني توجب على الشفيع إيداع كامل الثمن ضماناً لجدية طلب الشفعة، وجعلت الجزاء على مخالفة ذلك هو سقوط الحق في الأخذ بالشفعة مما يدل على أن الشارع قد تعمد في القانون الجديد - خلافاًً لقانون الشفعة القديم - إغفال ملحقات الثمن فيما يجب إيداعه، اكتفاء منه بتقييد حق الشفعة بإيداع الثمن الحقيقي فحسب مما يتعين معه إعمال هذا القيد في أضيق الحدود، دون أن ينسحب إلى ملحقات الثمن التي لم يرد بها تكليف في القانون، فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد على ما يثيره الطاعنان بسبب النعي - من سقوط حق المطعون عليه الأول في الأخذ بالشفعة لعدم اشتمال صحيفة الدعوى على استعداده لدفع الملحقات - لا يعيبه بالقصور [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن - .......... أقام الدعوى رقم 3632 لسنة 1965 مدني كلي القاهرة ضد........... وآخرين طالباً الحكم بأحقيته في أخذ الحصة المبيعة في العقار المبين بصحيفتها بالشفعة مقابل الثمن الذي أودعه خزانة المحكمة وقال شرحاً للدعوى أنه علم أن المدعى عليه الأول باع للمدعى عليهما الثاني والثالث حصة قدرها 6 ط من 24 ط في العقار المشار إليه بمبلغ 3000 جنيه وإذ كان شريكاً على الشيوع في العقار فقد أعلنهم في 10/ 6/ 1964 برغبته في أخذ الحصة المبيعة بالشفعة، ولما أنكروا عليه حقه في ذلك أودع الثمن خزانة المحكمة في 28/ 6/ 1964 ثم رفع الدعوى بالشفعة. ودفع المدعى عليه الثالث باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلان المدعى عليه الثاني في الميعاد، وبسقوط حق المدعي في الشفعة لعدم إيداع ملحقات الثمن عند رفع الدعوى ولنزوله عن حقه في الشفعة قبل البيع وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا التنازل وفي 16/ 1/ 1965 حكمت المحكمة قبل الفصل في الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي أن العنوان الذي تم فيه إعلان المدعى عليه الثاني بصحيفة افتتاح الدعوى هو المكان الذي يقيم فيه عادة وصرحت للمدعى عليهما الثاني والثالث بالنفي. وبعد أن سمعت المحكمة أقوال شهود الطرفين حكمت في 19/ 3/ 1966 برفض الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعى عليهما الثاني والثالث أنهما قد عرضا على المدعي شراء القدر موضوع الدعوى قبل شرائهما له بثمن قدره 3000 جنيه وأنه لم يقبل الشراء وليثبت المدعي أن الثمن الوارد بعقد البيع محل الدعوى ثمن صوري وأن حقيقته 2700 جنيه وليس 3000 جنيه وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 4/ 2/ 1967 بأحقية المدعي لأخذ القدر المشفوع فيه وهو 6 ط شائعة في العقار المبين بصحيفة الدعوى لقاء مبلغ 1000 جنيه وتسليمه له. استأنف المدعى عليهما الثاني والثالث هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة ابتغاء إلغائه والحكم أصلياً باعتبار الدعوى كأن لم تكن وببطلان إجراءات الشفعة لعدم إعلان إنذار الرغبة ومحضر الإيداع للمستأنف الأول إعلاناً صحيحاً في موطنه واحتياطياً بسقوط حق المستأنف عليه الأول في أخذ الحصة المبيعة بالشفعة لتنازله عنه قبل صدور البيع للمستأنفين ومن باب الاحتياط الكلي برفض الدعوى. وقيد هذا الاستئناف برقم 699 لسنة 84 ق وفي 26/ 5/ 1968 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف وطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال من وجوه (أولها) أن الطاعنين تمسكا ببطلان إجراءات الشفعة لبطلان إعلانات الرغبة في الأخذ بالشفعة ومحضر الإيداع وصحيفة الدعوى لتوجيهها إلى الطاعن الأول........ في عنوان لا يقيم فيه - ودفعا ترتيباً على ذلك باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلان صحيفة الدعوى إليه في موطنه الصحيح خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إعلان الطاعن الثاني بها وبالتالي بسقوط حق المطعون عليه الأول في الشفعة لعدم انعقاد الخصومة في دعوى الشفعة بالنسبة للطاعن الأول وهو أحد المشترين إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه خلص إلى صحة إعلان صحيفة الدعوى في العنوان الثابت بها استناداً إلى أن - إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ومحضر الإيداع اللذين تما في نفس العنوان قد وقعا صحيحين كما اتخذ الحكم المطعون فيه من صحة إعلان الدعوى سنداً للقول بصحة إعلاني الرغبة ومحضر الإيداع في حين أن طعنهما ينصب على أن الطاعن الأول لا يقيم في العنوان الوارد في هذه الإعلانات الثلاثة وأنه ليس في استلام الطاعن الثاني لها عن نفسه ونيابة عن أبيه الطاعن الأول ما يفيد نزول الأخير عن أوجه البطلان التي تشوب إعلانه لأن الدفع بالبطلان في هذه الصورة يتعلق بصحة انعقاد الخصومة ويجوز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى بل إن للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها وإذا انتهى الحكم إلى صحة الإعلانات وقضى برفض الدفع دون أن يناقش أقوال الشهود يكون معيباً بالفساد في الاستدلال والمصادرة على المطلوب و(ثانيها) أن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن الحكم برفض الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن يجوز استئنافه على استقلال واستخلص من عدم مبادرتهما إلى استئنافه عدم جدية دفعهما يكون قد خالف القانون ذلك أن هذا الحكم لا ينهي الخصومة كلها أو بعضها فلا يستأنف إلا مع الحكم الصادر في الموضوع. (وثالثها) أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لباقي مستندات الطاعنين الرسمية والعرفية التي من شأنها لو صحت أن يتغير بها وجه الرأي - في الدعوى مما يشوبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي بالوجه الأول مردود بما قرره الحكم المطعون فيه من أن "المستأنف عليه الأول أشهد........ اللذين شهدا بإقامة المستأنفين في إحدى شقق المنزل موضوع النزاع ونفى شاهدا المستأنفين وهما...... ذلك، وتطمئن هذه المحكمة إلى شهادة شاهدي المستأنف عليه الأول التي يؤيدها استلام المستأنف الثاني لإعلان الدعوى في نفس هذا المنزل نيابة عن الأول دون اعتراض وقد أثبت المحضر أنه يقيم معه ولو كانت الحقيقة تخالف ذلك لرفض المستأنف الثاني استلام الإعلان عن الأول وبذلك يكون الدفع على غير أساس وقد أصابت محكمة أول درجة في رفضه ومثله الدفع الآخر ببطلان إجراءات الشفعة لعدم إعلان إنذار الرغبة ومحضر الإيداع للمستأنف الأول وقد ثبت إقامته بالعنوان الذي تم فيه الإعلان ومن ثم يكون هذا الدفع خليقاً بالرفض كسابقه" وهي تقريرات موضوعية سائغة تكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها الحكم والنعي بالوجه الثاني غير منتج ذلك أنه لا يؤثر في هذه النتيجة الصحيحة ما أشار إليه الحكم المطعون فيه في أسبابه من أن الطاعنين لم يبادرا باستئناف الحكم الصادر برفض الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن إذ أن هذا التقرير جاء زائداً عن حاجة الدعوى ويستقيم قضاء الحكم بدونه والنعي بالوجه الثالث غير مقبول لوروده مجهلاً إذ لم يحدد الطاعنان المستندات التي أشار إليها في هذا الوجه من النعي ولم يبينا وجه استدلالهما بها وأثر ذلك في الحكم المطعون فيه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه صدر على خلاف حكم سابق ذلك أن حكم محكمة أول درجة الصادر في 19/ 3/ 1966 الذي قضى بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنان أنهما عرضا على المطعون عليه الأول شراء القدر موضوع الدعوى قبل شرائهما له بثمن قدره 3000 جنيه وأنه لم يقبل الشراء قطع في أسبابه بجواز نزول الشفيع ضمنياً عن حقه في الأخذ بالشفعة ولو قبل البيع أخذاً بما ورد في الفقرة الأولى من المادة 948 من القانون المدني وهو قضاء قطعي في شق من النزاع أصبح نهائياً لعدم استئنافه استقلالاً وحاز قوة الأمر المقضي إلا أن المحكمة الابتدائية بعد أن سمعت شهود الطرفين ذهبت إلى أن ما صدر من المطعون عليه الأول لا يعتبر تنازلاً عن استعمال حقه في الشفعة وأوجبت أن يكون التنازل صريحاً إذا صدر قبل البيع خلافاً لقضائها السابق الذي أجاز التنازل الضمني في هذه الحالة وأحال الدعوى إلى التحقيق لإثباته وأيدها الحكم المطعون فيه في ذلك.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدفع بسقوط حق المطعون عليه الأول في أخذ الحصة المبيعة بالشفعة على أن "شهود المستأنفين أنفسهم... لم يذكروا أن المستأنف عليه قد تنازل عن حقه في أخذ الحصة المبيعة بالشفعة وما قرروه من أنه رفض إتمام الصفقة لضيق ذات يده وقت إبرام العقد فلا ينطوي على قبوله ضمنياً التنازل عن حقه في الشفعة" ومن ذلك يبين أن المحكمة استخلصت من أقوال الشهود وفي حدود سلطتها الموضوعية وبأسباب سائغة أن ما قرره المطعون عليه الأول لا يتضمن تنازله عن استعمال حقه في الشفعة وذلك منه لا يتضمن مخالفة لقضاء الحكم السابق الصادر في 19/ 3/ 1966 أما ما استطرد إليه الحكم تزيداً من أن "التنازل الضمني - لا يثبت إلا بعد إتمام البيع" فإنه لا يؤثر على قضائه هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل السبب الرابع القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعنان أنهما تمسكا بسقوط حق المطعون عليه الأول في الأخذ بالشفعة لعدم اشتمال صحيفة الدعوى على استعداد المطعون عليه الأول لدفع الملحقات ومن بينها رسم تسجيل عقد البيع رغم الإشارة إلى سبق تسجيله في إعلان الرغبة وفي صحيفة الدعوى مع أنه من البيانات التي يتعين على الشفيع ابداؤها وإلا سقط حقه في الشفعة وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفع فإنه يكون قاصر التسبيب.
وحيث إنه لما كانت المادة 942 من القانون المدني توجب على الشفيع إيداع كامل الثمن ضماناً لجدية طلب الشفعة وجعلت الجزاء على مخالفة ذلك هو سقوط الحق في الأخذ بالشفعة مما يدل على أن الشارع قد تعمد في القانون الجديد - خلافاً لقانون الشفعة القديم - إغفال ملحقات الثمن فيما يجب إيداعه اكتفاء منه بتقييد حق الشفعة بإيداع الثمن الحقيقي فحسب مما يتعين معه إعمال هذا القيد في أضيق الحدود دون أن ينسحب إلى ملحقات الثمن التي لم يرد بها تكليف في القانون فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد على ما يثيره الطاعنان بسبب النعي لا يعيبه بالقصور.


[(1)] نقض 21/ 2/ 1963 مجموعة المكتب الفني. السنة 14. ص 278.