أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 531

جلسة 23 من مارس سنة 1974

برياسة السيد/ المستشار محمد صادق الرشيدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أديب قصبجي، وحافظ الوكيل، ومحمد مصطفى المنفلوطي، وممدوح عطيه.

(86)
الطعن رقم 496 لسنة 37 القضائية

(1) حكم. "حجية الحكم" "قوة الأمر المقضي".
أسباب الحكم. حيازتها الحجية متى كانت مرتبطة بالمنطوق ولازمة لحمل نتيجته. ما عدا ذلك لا يجوز حجية. مثال بشأن حكم بوقف دعوى.
(2) عمل. "إنهاء عقد العمل" "الاستقالة" عقد.
الاستقالة إنهاء للعقد بالإدارة المنفردة. إنتاجها لأثرها بمجرد تقديمها. لا يحول دون ذلك التأشير عليها بالحفظ من رب العمل أو إقراره بأن علاقة العمل ما زالت باقية.
1 - أسباب الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تحوز حجية إلا إذا كانت مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمنطوقه ولازمة للنتيجة التي انتهى إليها وتكون مع منطوقه وحدة لا تقبل التجزئة. وإذ كان مفاد ما قرره الحكم الصادر في 3/ 3/ 1962 بوقف الدعوى حتى يفصل في قضية الجنحة رقم 2772 سنة 1961 قصر النيل، أن طلبي مكافأة نهاية الخدمة والتعويض عن عدم إعطاء شهادة نهاية الخدمة لا يمكن الفصل فيهما إلا بعد التحقق مما إذا كان العامل قد أخل بالتزاماته الجوهرية أو أن رب العمل كان متعسفاً في الإبلاغ عن واقعة التبديد التي نسبها إليه، وهو ما رأت معه المحكمة أن البت فيه معلق على ما ينتهي إليه الحكم في الجنحة المتهم فيها الطاعن - العامل - لتبديد أموال الشركة المطعون ضدها، فإن ما جاء بأسباب الحكم من أن الاستقالة التي قدمها الطاعن لا تنتج أثرها إلا بقبول رب العمل لا يكون بلازم للنتيجة التي انتهى إليها الحكم من وقف الدعوى حتى يبت في قضية الجنحة السالف الإشارة إليها ومن ثم فلا تكون له حجية.
2 - تجيز المادة 694/ 2 من القانون المدني لكل من طرفي عقد العمل غير المحدد المدة أن يضع حداً لعلاقته مع المتعاقد الآخر بإرادته المنفردة وهو حق لا يقيده سوى سبق الإخطار في الميعاد الذي حدده القانون أو التعويض عنه إذا لم يتم، وإذ كانت المادة 80 من القانون رقم 91 لسنة 1959 تنص على أنه "يجوز للعامل بعد إعلان صاحب العمل طبقاً للمادة 72 أن يستقيل من العمل" "فإن الاستقالة تكون إنهاء للعقد بالإدارة المنفردة وتتم بمجرد تقديمها ومن ثم فلا يحول دون إعمال أثرها التأشير عليها بالحفظ من رب العمل أو قول المطعون ضده أن الطاعن ما زال موظفاً لديه بعد أن أنهى الطاعن عمله بإرادته المنفرد باستقالته منه.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1167 سنة 1961 كلي القاهرة ضد الشركة المطعون ضدها وطلب في صحيفتها الحكم بإلزامها بأن تؤدي له مبلغ 1520 جنيهاً والمصاريف وقال إيضاحاً لها أنه التحق بالعمل بفندق شبرد منذ سنة 1942 وظل يتدرج في عمله حق وصل رئيساً لخزينة الفندق وبلغ راتبه 60 جنيهاً شهرياً عدا مكافأته السنوية وبدل الطعام وقدره 20 جنيهاً ولخلاف بينه وبين إدارة الفندق قدم استقالته ولهذا فهو يطالب بمكافأته عن مدة خدمته وقيمة المتأخر من مرتبه ومقابل الإجازة ومجموع ذلك هو المبلغ المطالب به. وإذ أجاب الحاضر عن الشركة بأن الطاعن مازال موظفاً بالفندق. وأنه أوقف عن عمله بسبب اتهامه باختلاس أمول في عهدته وقيدت لذلك الجنحة رقم 2772 سنة 1961 قصر النيل فقد قضت المحكمة أولاً بوقف الدعوى بالنسبة لطلب مكافأة نهاية الخدمة والتعويض عن مقابل الامتناع عن إعطاء شهادة نهاية مدة الخدمة إلى أن يقضي نهائياً في الجنحة رقم 2772 سنة 1961 قصر النيل ثانياً: وقبل الفصل في باقي الطلبات بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت (الطاعن) بكافة الطرق القانونية مقدار أجره ومقدار ما لم يحصل عليه من راتبه عن شهر يوليو سنة 1961 وصرحت للمطعون ضده بالنفي بذات الطرق. وبعد أن قضى ببراءة الطاعن في استئناف الحكم الصادر في الجنحة سالفة الذكر والمقيد برقم 4648 سنة 1963 جنح مستأنفة مصر جدد الدعوى بإعلان في 10/ 5/ 1965 طلب فيه الحكم أولاً: بإلغاء قرار وقفه عن العمل الصادر في 7/ 8/ 1961 ثانياً: إلزام المطعون ضده بصفته أن يدفع له مبلغ 2717 جنيهاً قيمة مرتبه عن مدة الوقف حتى صدور الحكم ببراءته. ثالثاً: إلزام المطعون ضده بصفته أن يدفع له مبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض عما لحقه من ضرر نتيجة الإجراءات التعسفية التي اتبعت معه وبتاريخ 4/ 2/ 1967 قضت محكمة أول درجة حضورياً برفض الدعوى وأعفت الطاعن من المصروفات فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 341 سنة 81 ق. وبتاريخ 22/ 6/ 1967 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها نقض الحكم وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 29/ 12/ 1973 وفيها التزمت النيابة رأيها الثابت بمذكرتها.
وحيث إن حاصل السبب الأول من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن المحكمة الابتدائية فصلت بحكمها الصادر في 3/ 3/ 1962 في شأن استقالة الطاعن من عمله وقالت إن هذه الاستقالة لا تنتج أثرها إلا بقبولها وقضت بإيقاف الدعوى بشأن طلبي المكافأة والتعويض عن عدم إعطاء شهادة نهاية الخدمة حتى يفصل في الجنحة رقم 2772 سنة 1961 قصر النيل ثم أعادت المحكمة بحث هذه المسألة التي فصلت فيها وقضت في 4/ 2/ 1967 بأن استقالة الطاعن غير معلقة على قبول رب العمل وأن استقالته تنتج أثرها في إنهاء العقد بمجرد تقديمها في 14/ 7/ 1961 وانتهت إلى رفض طلباته، وإذ كان الحكم الأول قد أخرج بحث هذه المسألة من ولاية المحكمة وأصبح نهائياً بعد الطعن فيه استقلالاً فما كان يجوز للحكم الثاني أن يخالف هذا القضاء بشأن أثر الاستقالة وأن يؤسس قضاءه برفض الدعوى على أن الاستقالة أنتجت أثرها منذ تقديمها، ولما كان الحكم المطعون فيه أيد الحكم المستأنف لأسبابه رغم ما شابه من خطأ فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك لأن أسباب الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تحوز حجية إلا إذا كانت مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمنطوقه ولازمة للنتيجة التي انتهى إليها وتكون مع منطوقه وحدة لا تقبل التجزئة، وإذ قضى الحكم الصادر في 3/ 3/ 1962 بوقف الدعوى حتى يفصل في قضية الجنحة رقم 2772 سنة 1961 قصر النيل استناداً إلى ما قرره من "أنه متى كان يجوز في القانون للعامل أن يستقيل من علمه لأي باعث يحمله على إنهاء علاقته برب العمل وكانت الاستقالة لا تنتج أثرها إلا بقبولها ما لم يكن رب العمل متعسفاً ومتى كانت قد قدمت وفقاً لأحكام المادة 72 من قانون العمل الموحد وبشرط أن يكون العامل قد قام بالتزاماته على الوجه الأكمل وكان يجوز في القانون لصاحب العمل حرمان العامل من مكافأة مدة الخدمة إذا لم يقم بالتزاماته الجوهرية المترتبة على عقد استخدامه كما يجوز له وقفه عن عمله إذا نسب إليه ارتكابه أية جنحة داخل دائرة العمل وذلك من تاريخ إبلاغ الحادث إلى الجهة المختصة لحين صدور قرار منه في شأنه ولما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن المدعي إذا تقدم باستقالته من عمله فقد أشر عليها رب العمل بإرجاء - التصرف فيها حتى ينحسم موضوع الخزانة المعهودة إليه من الجهة الإدارية ثم قام بوقفه لما نسب إليه من واقعة الاختلاس المشار إليها في التحقيق وفي تحقيقات النيابة وهو إجراء يملكه - وكانت واقعة الاختلاس المسندة إليه وقد قام عليها من الجد بقيدها ضده وتقديمه للمحاكمة مما يجعل المدعى عليه بمنجاة عن شبهة العسف حين أرجأ البت في الاستقالة حتى يتم التصرف في موضوع الخزانة وكان التصرف في التزام رب العمل أو انحرافه في استعمال حقه في خصوص الاستقالة المعروضة عليه وحقوق المدعي في المطالبة بمكافأة نهاية الخدمة والتعويض عن التراخي في إعطائها له إنما يتوقف على ما يسفر عنه الحكم نهائياً في واقعة الاختلاس المسندة للمدعي في الجنحة رقم 2772 سنة 1961 قصر النيل فإن المحكمة ترى لذلك وأخذاً بما أذن لها به القانون في هذا الخصوص وقف الدعوى في شقها الخاص بطلبي مكافأة نهاية الخدمة والتعويض عن عدم إعطاء شهادة نهاية الخدمة حتى يقضي نهائياً في الجنحة المذكورة وكان مفاد ما قرره الحكم على هذا النحو أن طلبي مكافأة نهاية الخدمة والتعويض عن عدم إعطاء شهادة نهاية الخدمة لا يمكن الفصل فيهما إلا بعد التحقق مما إذا كان العامل قد أخل بالتزاماته الجوهرية أو أن رب العمل كان متعسفاً في الإبلاغ عن واقعة التبديد التي نسبها إليه وهو ما رأت معه المحكمة أن البت فيه معلق على ما ينتهي إليه الحكم في الجنحة المتهم فيها الطاعن بتبديد أموال الشركة المطعون ضدها لما كان ذلك فإن ما جاء بأسباب الحكم الصادر في 3/ 3/ 1962 من أن الاستقالة التي قدمها لا تنتج أثرها إلا بقبول رب العمل لا يكون بلازم للنتيجة التي انتهى إليها الحكم من وقف الدعوى حتى يبت في قضية الجنحة السالف الإشارة ومن ثم فلا تكون له حجية ويكون النعي في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ قرر أن استقالة الطاعن المقدمة للشركة المطعون عليها في 14/ 7/ 1971 تنتج أثرها من هذا التاريخ في حين أن رئيس مجلس الإدارة أشر عليها بحفظها حتى ينظر في موضوع الخزينة بواسطة الجهات المختصة ورغم أن علاقة العمل قد استمرت بسبب عدم قبول الاستقالة حتى 7/ 8/ 1961 تاريخ صدور قرار وقف الطاعن عن العمل حتى يفصل في الاتهام الموجه إليه واستمرت كذلك بتقرير وكيل المطعون ضده بمحضر جلسة 17/ 2/ 1962 مما يقطع بأن علاقة العمل قد تجددت وتكون الاستقالة قد أضحت وكأنها لم تكن كما أن الحكم المطعون فيه أطرح الحكم الجنائي رقم 4648 سنة 1963 جنح مستأنفة القاهرة الصادرة ببراءة الطاعن رغم ما جاء به من أن المبلغ كان متعسفاً في بلاغه وأن الاتهام كان على غير أساس.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود بأن المادة 694/ 2 من القانون المدني تجيز لكل من طرفي عقد العمل غير المحدد المدة أن يضع حداً لعلاقته مع المتعاقد الآخر بإرادته المنفردة وهو حق لا يقيده سوى سبق الإخطار في الميعاد الذي حدده القانون أو التعويض عنه إذا لم يتم، ولما كانت المادة 80 من القانون رقم 91 سنة 1959 تنص على أنه "يجوز للعمل بعد إعلان صاحب العمل طبقاً للمادة 72 أن يستقيل من العمل،......." "فإن الاستقالة تكون إنهاء للعقد بالإرادة المنفردة وتتم بمجرد تقديمها ومن ثم فلا يحول دون إعمال أثرها التأشير عليها بالحفظ من رب العمل أو قول المطعون ضده أن الطاعن ما زال موظفاً لديه بعد أن أنهى الطاعن عمله بإرادته المنفرد باستقالته منه.
وحيث إن النعي في شقه الثاني مردود بأن الحكم المطعون فيه قال أن الادعاء بأن (المستأنف) المطعون ضده تعسف معه بإبلاغه عن واقعة الاختلاس التي بني عليها الاتهام الذي وجه إليه فإن الثابت من مطالعة الحكم القاضي بالبراءة أن المحكمة ندبت خبيراً لفحص المسائل التي نسبت للمستأنف (الطاعن) ولتتبع رصيد الشيكات السياحية التي قيل أنه لم يورد قيمتها وانتهى الخبير إلى القول بأن أربعة شيكات فقط هي التي لم يتمكن من معرفة ما إذا كان المستأنف قد ورد قيمتها من عدمه فقضت المحكمة ببراءته استناداً إلى الشك في الاتهام المسند إليه ولم تأخذ بأقواله التي قررها في التحقيق الإداري من أنه هو المسئول عن هذه الشيكات وتعهد بسداد قيمتها لشكها في أن يكون هذا القول قد صدر تحت تهديد مفتش مصلحة الشركات.......... ويبين من ذلك أن المحكمة لم تقض ببراءة المتهم لكون الاتهام غير صحيح أو أن البلاغ كذب أو كان بتدبير صاحب العمل وإنما كان حكم البراءة مبنياً على عدم كفاية الدليل وبالتالي فإن المستأنف عليه (المطعون ضده) لا يكون قد تعسف مع المستأنف (الطاعن) أو أخطأ في حقه حينما أبلغ بواقعة الاتهام بل أن واجبه كان يحتم عليه ذلك....." ولما كانت المبررات التي ساقها الحكم المطعون فيه سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى نفي وصف التعسف عن رب العمل عند اتهامه للطاعن فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قد شابه الفساد في الاستدلال إذ قرر أن مبنى حكم البراءة عدم كافية الدليل رغم أن ذلك الحكم انتهى في أسبابه إلى أن الاتهام على غير أساس.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سبق الرد به على السبب السابق فضلاً عن أن الثابت من الحكم الصادر من محكمة الجنح المستأنفة المرفق بحافظة الطاعن أن المحكمة قضت ببراءته لشكها في الاتهام مما يفيد أن التهمة يعوزها الدليل الكافي ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون غير صحيح.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.