أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 548

جلسة 26 من مارس سنة 1974

برياسة السيد المستشار عباس حلمي عبد الجواد وعضوية السادة المستشارين: عدلي بغدادي، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد توفيق المدني ومحمد كمال عباس.

(89)
الطعن رقم 359 لسنة 38 القضائية

(1) دعوى. "تدخل النيابة". نيابة عامة.
إخبار النيابة العامة بدعاوى القصر. إجراء جوهري. حضورها فيها جوازي. م 100، 103 مرافعات سابق.
(2) اعتراض الخارج عن الخصومة. إرث. قوة الأمر المقضي.
اعتبار المورث ممثلاً لورثته فيما يرفع منه أو يرفع عليه من الدعاوى. للوارث أن يعترض على الحكم الصادر ضد مورثه متى أثبت غشه أو تواطؤه أو إهماله الجسيم وكانت له مصلحة قانونية.
(3) اعتراض الخارج عن الخصومة.
قبول الاعتراض بطرح موضوع الخصومة من جديد. عدم وجوب تحديد جلسة لنظر الموضوع أو صدور حكم مستقل فيه. م 455 مرافعات سابق.
(4) اعتراض الخارج عن الخصومة. أمر أداء. حكم. "حجية الحكم".
اعتراض الورثة على إجراءات التنفيذ العقاري المتخذة بناء على أمر أداء صادر ضد المورثة. الحكم نهائياً برفضه استناداً إلى أن أمر الأداء المذكور لم تتظلم منه المورثة وهو حجة على الورثة. لا يحول دون رفعهم دعوى اعتراض الخارج عن الخصومة على هذا الأمر.
(5) اعتراض الخارج عن الخصومة. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
قبول الاعتراض. شرطه ثبوت الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم من جانب من كان يمثل المعترض وعلاقة السببية بين ذلك وبين الحكم الصادر في الدعوى. ظواهر الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم. استقلال محكمة الموضوع بتقديرها.
(6)، (7) إثبات. "البينة والقرائن". دعوى "الدفاع في الدعوى". أمر أداء. بطلان "حكم. تسبيب الحكم". "محكمة الموضوع". نقض.
(6) محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب جميع أوجه دفاع الخصوم، حسبما إقامة قضائها على ما يكفي لحمله.
(7) استخلاص محكمة الموضوع بطلان السند موضوع الدعوى من البينة والقرائن بما لا يخالف الثابت بالأوراق. إلغاؤها أمر الأداء بالصادر بمقتضاه. لا قصور ولا مخالفة للثابت في الأوراق.
1 - لما كان المشرع قد أجاز للنيابة العامة بمقتضى المادة 100 من قانون المرافعات السابق أن تتدخل في القضايا الخاصة بالقصر وأوجب في المادة 102 من ذلك القانون على كاتب المحكمة إخبار النيابة بها كتابة بمجرد قيدها، ومفاد ذلك أن إخبارها بهذه الدعاوى إجراء جوهري، وحضورها جوازي، وكانت محاضر الجلسات المقدمة صورها من الطاعن، وإن دلت على عدم حضور النيابة جلسات نظر الدعوى، إلا أنها لا تدل على عدم قيام قلم الكتاب بإخبارها بالدعوى، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان يكون عارياً عن الدليل.
2 - إذا كانت المادة 450 من قانون المرافعات السابق تنص في فقرتها الأولى على أنه "يجوز لمن يعتبر الحكم الصادر في الدعوى حجة عليه ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها أن يعترض على هذا بشرط إثبات غش من كان يمثله أو تواطئه أو إهماله الجسيم" مما مفاده أن القانون أجاز لمن يمتد إليه أثر الحكم الصادر في الدعوى ويعتبر حجة عليه مع أنه لم يكن ماثلاً فيها بشخصه أن يتعرض عليه بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة، ذلك أن جواز الاعتراض على الحكم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحجيته؛ فكلما كان هذا الحكم حجة على شخص لم يكن طرفاً في الخصومة بنفسه يكون له الحق في سلوك هذا الطريق وكانت حجية الأحكام تتعدى الخصوم إلى خلفهم، فيكون الحكم الصادر على الخصم حجة على خلفه ومنهم ورثته، وكان الورثة يخلفون مورثهم في صافي حقوقه ويتقيدون بالأحكام الصادرة ضده كما يفيدون من الأحكام الصادرة له، فإن المورث يعتبر بذلك ممثلاً لورثته في الدعاوى التي ترفع منه أو عليه، إلا أنه إذا أثبت الوارث غش مورثه أو تواطؤه أو إهماله الجسيم، كان له أن يعترض على الحكم الذي صدر ضد المورث بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة طالباً اعتباره من الغير بالنسبة إلى ذلك الحكم والتقرير بأنه ليس حجة عليه متى كانت له مصلحة قانونية، ويكفي لذلك أن تكون صفته كوارث متحققة وقت إقامة الاعتراض.
3 - لما كانت المادة 455 من قانون المرافعات السابق تنص على أنه "يترتب على الاعتراض على الحكم إعادة طرح الخصومة على المحكمة من جديد" ومفاد ذلك أن المحكمة تنظر في شأن قبول الاعتراض فإذا رأته مقبولاً بحثت موضوع الخصومة الذي يعتبر مطروحاً أمامها من جديد، وكانت المادة المذكورة لا توجب على المحكمة في حالة قبول الاعتراض أن تحدد جلسة لنظر الموضوع، كما لا توجب أن يصدر في الموضوع حكم مستقل، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن استوفى الطرفان دفاعهما في شأن قبول الاعتراض وفي الموضوع قضت المحكمة فيها بحكم واحد، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
4 - إذ يبين من الاطلاع على الحكم الصادر في القصية رقم..... استئناف المنيا أن المطعون ضدهم أقاموا دعوى الاعتراض على إجراءات التنفيذ العقاري التي باشرها الطاعن بناء على أمر الأداء موضوع النزاع فقضت المحكمة برفض الاعتراض والاستمرار في إجراءات التنفيذ وتأيد ذلك بحكم الاستئناف تأسيساً على أن أمر الأداء المذكور صدر ضد المورثة ولم تتظلم منه فيعتبر حجة على ورثتها ولما كان هذا القضاء لا يحول بين هؤلاء الورثة وبين الاعتراض على الأمر المذكور بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة؛ ذلك لأن مناط قبول هذا الاعتراض هو أن يكون الحكم حجة على المعترض دون أن يكون ماثلاً في الخصومة بشخصه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر إذ التفت عن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى وخلص إلى أن حجية أمر الأداء على المورثة وامتداد هذه الحجية إلى ورثتها لا تمنعهم من الاعتراض على الأمر بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة، بل إن هذه الحجية هي شرط لقبول الاعتراض، لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون يكون في غير محله.
5 - إنه وإن كان يشترط لقبول اعتراض الخارج من الخصومة ثبوت الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم من جانب من كان يمثل المعترض، وتوافر علاقة السببية بين ذلك وبين الحكم الصادر في الدعوى، إلا أن ظواهر الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم لا تقع تحت حصر وتستقل بتقديرها محكمة الموضوع. ولما كان المستفاد من الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف قد استظهرت في حدود سلطتها الموضوعية وبأسباب سائغة وقوع إهمال جسيم من جانب مورثة المطعون ضدهم، وذلك إذ استبانت أن هذه المورثة قد أسلمت قيادها لابنها الطاعن الذي كانت تعيش في كنفه بحيث كانت تستجيب للتوقيع على كل ورقة يقدمها لها ووكلته عنها في القيام بكل ما يتعلق بشئونها وكانت طاعنة في السن لا تحسن تقدير أمورها ولا إدارة أموالها، وانتهت المحكمة إلى أن مظاهر الإهمال الجسيم هذه هي التي أدت إلى صدور أمر الأداء موضوع اعتراض الخارج عن الخصومة المقام من المطعون ضدهم - بدين صوري لصالح زوجة الطاعن ضد مورثة المطعون ضدهم وأن هذه المظاهر بالإضافة إلى عدم طعن هذه المورثة في الأمر سالف الذكر حتى أصبح نهائياً، هي مما يتوافر به شرط الإهمال الجسيم الذي تتطلبه المادة 450 من قانون المرافعات (السابق) لقبول اعتراض الخارج عن الخصومة لما كان ذلك وكان فيما أوردته محكمة الاستئناف في حكمها المطعون فيه ما يكفي لحمل قضائها ويتضمن الرد الكافي على أسباب الحكم الابتدائي وعلى دفاع الخصوم في هذا الشأن, فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون في غير محله.
6 - المحكمة غير ملزمة بأن تتعقب جميع حجج الخصوم وأوجه دفاعهم جميعاً وأن ترد على كل منها استقلالاً، وحسبها أن تقيم قضاءها على أدلة سائغة كافية لحمله.
7 - إذا كان مؤدى ما أورده الحكم المطعون عليه - أن محكمة الموضوع قد استخلصت من أقول الشهود وقرائن الأحوال بما لا يخالف الثابت في الأوراق وفي حدود سلطتها الموضوعية في تقدير الدليل، بطلان السند موضوع الدعوى، وانتهت من ذلك إلى الحكم بإلغاء أمر الأداء الصادر بمقتضاه، فإن النعي على حكمها - المطعون عليه بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق يكون نعياً على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن - المطعون ضدهم أقاموا على الطاعن الدعوى رقم 1614 لسنة 1965 مدني أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية وقالوا بياناً لها أن الطاعن استغل كبر سن والدته - مورثة الطرفين - وضعف صحتها وإدراكها فادعى على غير الحقيقة أنها استدانت من زوجته....... مبلغاً قدره 5195 جنيهاً حرر به سنداً مصطنعاً واستصدر به نيابة عن الدائنة أمر الأداء رقم 20 لسنة 1963 كلي الإسكندرية، وقد أعلن ذلك الأمر إلى المورثة قبل وفاتها فلم تتظلم منه، وإذ اتخذ الطاعن إجراءات التنفيذ على تركة مورثتهم نيابة عن زوجته ثم بصفته وارثاً لهذه الزوجة وولياً على ابنه القاصر منها بعد وفاتها، فقد أقام المطعون ضدهم هذه الدعوى بالاعتراض على أمر الأداء سالف الذكر إعمالاً لحكم المادة 450 وما بعدها من قانون المرافعات السابق، وطلبوا الحكم ببطلان سند الدين المنسوب صدوره إلى مورثتهم وإلغاء أمر الأداء الصادر بناء عليه وذلك استناداً إلى أن صدوره وعدم التظلم منه قد بنيا على الغش والإهمال الجسيم وأن المورثة كانت في حالة عته وسفه وإن كانت قد توفيت قبل الحجر عليها. وفي 4/ 12/ 1965 قررت المحكمة الانتقال إلى محكمة الأحوال الشخصية للاطلاع على تحقيقات الطلب رقم 43 ب لسنة 1963 ولاية على المال المقدم من المطعون ضده الأول لتوقيع الحجرة على والدته، وبتاريخ 31/ 12/ 1966 قضت المحكمة بعدم قبول الاعتراض وبرفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافهم برقم 230 لسنة 23 ق. وفي 20/ 5/ 1968 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول اعتراض المطعون ضدهم على أمر الأداء الصاد ضد مورثتهم واعتباره كأن لم يكن بالنسبة إليهم. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وقد عرض على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ستة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب السادس منها على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقول إنه اختصم بصفته ولياً على ابنه القاصر ولم تخطر النيابة العامة بالدعوى أمام محكمة الاستئناف وذلك بالمخالفة لما توجبه المادة 102 من قانون المرافعات (السابق) مما يجعل الإجراءات مشوبة ببطلان أثر في الحكم.
وحيث إن هذا النعي في غير محله. ذلك أنه لما كان المشرع قد أجاز للنيابة العامة بمقتضى المادة 100 من قانون المرافعات السابق أن تتدخل في القضايا الخاصة بالقصر وأوجب في المادة 102 من ذلك القانون على كاتب المحكمة إخبار النيابة بها كتابة بمجرد قيدها، ومفاد ذلك أن إخبارها بهذه الدعاوى إجراء جوهري، وحضورها جوازي، وكانت محاضر الجلسات المقدمة صورها الرسمية من الطاعن وإن دلت على عدم حضور النيابة بالجلسات التي نظرت فيها الدعوى إلا أنها لا تدل على عدم قيام قلم الكتاب بإخبارها بالدعوى، فإن النعي بهذا السبب يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إن مؤدى حكم المادة 450 من قانون المرافعات السابق الذي رفعت الدعوى في ظله أنه يجب لقبول اعتراض الخارج عن الخصومة على الحكم الصادر فيها أن تكون ثمة رابطة قانونية قائمة وقت صدور الحكم بين من صدر الحكم ضده وبين المعترض وإذا كان أمر الأداء المعترض عليه قد صدر ضد والدة الطرفين سنة 1963 في وقت كانت فيه وحدها هي صاحبة الصفة في التقاضي، ولم تكن للمطعون ضدهم صفة كورثة لها، وما كان يجوز إدخالهم في الدعوى المقامة ضدها أثناء حياتها أو تدخلهم فيها وكان من شأن وفاتها ووراثة المطعون ضدهم لها أن يصبح الحكم الصادر ضدها حجة عليهم، فإنه لا يكون لهم حق الاعتراض عليه اعتراض الخارج عن الخصومة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك فقد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كانت المادة 450 من قانون المرافعات السابق تنص في فقرتها الأولى على أنه "يجوز لمن يعتبر الحكم الصادر في الدعوى حجة عليه ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها أن يعترض على هذا الحكم بشرط إثبات غش من كان يمثله أو تواطئه أو إهماله الجسيم" مما مفاده أن القانون أجاز لمن يمتد إليه أثر الحكم الصادر في الدعوى ويعتبر حجة عليه مع أنه لم يكن ماثلاً فيها بشخصه أن يتعرض عليه بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة ذلك أن جواز الاعتراض على الحكم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحجيته, فكلما كان هذا الحكم حجة على شخص لم يكن طرفاً في الخصومة بنفسه يكون له الحق في سلوك هذا الطريق؛ لما كان ذلك وكانت حجية الأحكام تتعدى الخصوم إلى خلفهم فيكون الحكم الصادر على الخصم حجة على خلفه ومنهم ورثته. وكان الورثة يخلفون مورثهم في صافي حقوقه ويتقيدون بالأحكام الصادرة ضده كما يفيدون من الأحكام الصادرة له فإن المورث يعتبر بذلك ممثلاً لورثته في الدعاوى التي ترفع منه أو عليه، إلا أنه إذا ما أثبت الوارث غش مورثه أو تواطؤه أو إهماله الجسيم، كان له أن على يعترض الحكم الذي صدر ضد المورث بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة طالباً اعتباره من الغير بالنسبة إلى ذلك الحكم والتقرير بأنه ليس حجة عليه متى كانت له مصلحة قانونية ويكفي لذلك أن تكون صفته كوارث متحققة وقت إقامة الاعتراض؛ لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر إذ أجاز للمطعون ضدهم بوصفهم خلفاً عاماً لمورثة الطرفين رفع دعوى الاعتراض على أمر الأداء الصادر ضدها قبل وفاتها، وذلك متى توافرت باقي شروط المادة 450 السالف ذكرها فإن النعي عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه لهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المحكمة قبلت الاعتراض وقضت في موضوع الدعوى في الحكم ذاته، في حين أن مؤدى أحكام قانون المرافعات (السابق) أنه في حالة اعتراض الخارج عن الخصومة يفصل في الدعوى على مرحلتين: المرحلة الأولى النظر في قبول الاعتراض بالتحقق من ثبوت الغش من جانب من كان يمثل المعترض في الخصومة، والمرحة الثانية تأتي بعد قبول الاعتراض وفيها يطرح موضوع النزاع على المحكمة لنظره من جديد، وإذ خالفت محكمة الاستئناف ذلك وقضت بقبول الاعتراض وفي الموضوع بحكم واحد، فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله. ذلك أنه لما كانت المادة 455 من قانون المرافعات (السابق) تنص على أنه يترتب على الاعتراض على الحكم إعادة طرح الخصومة على المحكمة من جديد ومفاد ذلك أن المحكمة تنظر في شأن قبول الاعتراض فإذا رأته مقبولاً بحثت موضوع الخصومة الذي يعتبر مطروحاً أمامها من جديد، وكانت المادة المذكورة لا توجب على المحكمة في حالة قبول الاعتراض أن تحدد جلسة لنظر الموضوع، كما لا توجب أن يصدر في الموضوع حكم مستقل، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن استوفى الطرفان دفاعهما في شأن قبول الاعتراض وفي الموضوع قضت المحكمة فيهما بحكم واحد، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون بذلك النعي عليه بهذا السبب غير صحيح.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ذلك أنه دفع الدعوى بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى التي أقامها المطعون ضدهم بطلب بطلان إجراءات نزع الملكية التي اتخذها الطاعن نفاذاً لأمر الأداء، ذلك أن محكمة استئناف المنيا قضت في الاستئناف رقم 11 لسنة 2 ق برفض دعواهم المذكورة تأسيساً على أن ذلك الأمر أعلن إلى المورثة فلم تتظلم منه وبذلك أصبح نهائياً وحجة عليها وعلى ورثتها من بعدها ومنهم المطعون ضدهم فلا يجوز لهم أن يطعنوا فيه بالصورية إلا إذا كان بيدهم ورقة ضد وإذ رفضت المحكمة بحكمها المطعون فيه هذا الدفع ونظرت الدعوى على الرغم من سبق الفصل فيها فإن حكمها يكون مشوباً بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم الصادر في القضية رقم 11 لسنة 2 ق استئناف المنيا أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 429 لسنة 1965 مدني كلي المنيا بالاعتراض على إجراءات التنفيذ العقاري التي باشرها الطاعن بناء على أمر الأداء موضوع النزاع، فقضت المحكمة برفض الاعتراض والاستمرار في إجراءات التنفيذ وتأيد ذلك بحكم محكمة استئناف المنيا تأسيساً على أن أمر الأداء المذكور صدر ضد المورثة ولم تتظلم منه فيعتبر حجة على ورثتها، ولما كان هذا القضاء لا يحول بين هؤلاء الورثة وبين الاعتراض على الأمر المذكور بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة على الحكم الصادر فيها ذلك لأن مناط قبول هذا الاعتراض هو أن يكون الحكم حجة على المعترض دون أن يكون ماثلاً في الخصومة بشخصه, لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر إذ التفت عن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى وخلص إلى أن حجية أمر الأداء على المورثة وامتداد هذه الحجية إلى ورثتها لا تمنعهم من الاعتراض على الأمر بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة بل إن هذه الحجية هي شرط لقبول الاعتراض, وكان حكم محكمة استئناف المنيا رقم 11 لسنة 2 ق قد انتهى صحيحاً إلى أن أمر الأداء قد أصبح نهائياً فهو حجة على الورثة وكان ما ورد به بعد ذلك من قوله (إنه لا يجوز للورثة الطعن في الأمر بالصورية إلا إذا كان معهم ورقة ضد) يعد استطراداً زائداً عن حاجة الدعوى يستقيم الحكم بدونه فلا يحوز قوة الشيء المحكوم فيه فيما عرض له من ذلك، لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون لهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن محكمة الاستئناف لم تتحقق من شرط غش من كانت تمثل المعترضين أو تواطئها أو إهمالها الجسيم على نحو أدى إلى صدور أمر الأداء المعترض عليه، ولم ترد على أسباب حكم محكمة أول درجة في هذا الشأن، مما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه وإن كان يشترط لقبول اعتراض الخارج عن الخصومة ثبوت الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم من جانب من كان يمثل المعترض، وتوافر علاقة السببية بين ذلك وبين الحكم الصادر في الدعوى، إلا أن ظواهر الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم لا تقع تحت حصر, وتستقل بتقديرها محكمة الموضوع، ولما كان المستفاد من الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف قد استظهرت في حدود سلطتها الموضوعية وبأسباب سائغة وقوع إهمال جسيم من جانب مورثة المطعون ضدهم، وذلك إذ استبانت أن هذه المورثة قد أسلمت قيادها لابنها الطاعن الذي كانت تعيش في كنفه بحيث كانت تستجيب للتوقيع على كل ورقة يقدمها لها ووكلته عنها في القيام بكل ما يتعلق بشئونها، وكانت طاعنة في السن لا تحسن تقدير أمورها ولا إدارة أموالها وخلصت المحكمة إلى أن مظاهر الإهمال الجسيم هذه هي التي أدت إلى صدور أمر الأداء آنف الذكر بدين صوري لصالح زوجة الطاعن ضد مورثة المطعون ضدهم وأن هذه المظاهر بالإضافة إلى عدم طعن هذه المورثة في الأمر سالف الذكر حتى أصبح نهائياً، هي مما يتوافر به شرط الإهمال الجسيم الذي تتطلبه المادة 450 من قانون المرافعات (السابق) لقبول اعتراض الخارج عن الخصومة - لما كان ذلك وكان فيما أوردته محكمة الاستئناف في حكمها المطعون فيه ما يكفي لحمل قضائها ويتضمن الرد على أسباب الحكم الابتدائي وعلى دفاع الخصوم في هذا الشأن, فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون في غير محله.
وحيث إن النعي بالشق الأول من السبب الثالث وبالسبب الخامس يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد شابه القصور في التسبيب والاستناد إلى غير الثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم لم يرد على الدفاع الذي تمسك به أمام محكمة الاستئناف وحاصله أن الدين الصادر به أمر الأداء صحيح ذلك أن المورثة كانت مدينة بدين مضمون برهن على أطيانها وقد اقترضت من زوجته المبلغ - موضوع السند - لتوفي به الدين المذكور، وأنها لم تكن تملك سوي عقار مهدم وهبته إلى أولادها عدا المطعون ضده الأول وتولى الطاعن بناءه من ماله، هذا إلى أنه متى كان لم يحجر على المورثة فالأصل أن تصرفاتها صحيحة قانوناً، وقد قطع الحكم المطعون فيه بوجود حالة العته لديها على الرغم مما رآه الطبيب الشرعي من أن قواها العقلية سليمة وأما ما ورد بطلب الحجر أو بمذكرة النيابة العامة فلا يعد دليلاً على العته، كما أن الحكم لم يورد أدلة قاطعة على أن حالة العته كانت قائمة لديها في وقت توقيعها على سنة الدين.... وأضاف الطاعن قوله إن المورثة لم تكن تقيم معه على نحو ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه وإنما كانت تقيم مع ابنتها، وأن الحكم استند في إثبات الاستغلال والغش إلى عقد صلح أبرم بين الطاعن وبين المطعون ضدهما الأول والثاني في دعوى حساب أقيمت سنة 1947 في حين أن ذلك ليس دليلاً على الاستغلال أو الغش وإذ لم يلتفت الحكم المطعون فيه إلى دفاع الطاعن وخالف مؤدى المستندات التي قدمها تأييداً لذلك فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كانت المحكمة غير ملزمة بأن تتعقب حجج الخصوم وأوجه دفاعهم جميعاً وأن ترد على كل منها استقلالاً وحسبها أن تقيم قضاءها على أدالة سائغة كافية لحمله وكان الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أقوال الشهود الذين سمعوا في طلب الحجز على مورثة المطعون ضدهم وتحقيقات النيابة العامة التي أجريت في ذلك الطلب، أقام قضاءه ببطلان السند موضوع الدعوى على قوله "إنه من استعراض حالة المورثة على نحو ما تقدم يبين أنها قد وقعت على سندات إذنية بمبالغ جاوزت 15 ألف جنيه ومنها خمس سندات كل سند بألف جنيه لابنها... وسند بألف جنيه لصالح زوجته بخلاف السند ذي الخمسة آلاف جنيه الذي صدر بموجبه أمر الأداء، وسند بخمسة آلاف جنيه حررته لولدها.... وقد أقر - الطاعن - في تحقيقات النيابة بصدور السندات المذكورة له ولزوجته متعللاً بأنه كان ينفق على جامع شيدته المورثة وأنه أخذ السندات تأميناً للمبالغ التي كان يدفعها على ذمة بناء الجامع - وهذا الادعاء غير معقول لأنه كان يكفيه استصدار سند واحد لا أن تتعدد السندات. وقرر في تعليل مديونية المورثة لزوجته بأنها اقترضت الخمسة آلاف جنيه لسداد دين الرهن المقرر لصالحه ولصالح شقيقه... - وهذا القول ينقضه ما أقر به... من أن الدين كان صورياً وظاهر الحال يؤيد هذا الإقرار لأنه لم يكن ثمة ما يدعو المورثة إلى الاستدانة في عام 1952 وهو تاريخ إنشاء الدين والسبب الذي قاله المستأنف عليه - الطاعن - لتبرير هذه المديونية من أن المورثة كانت قد اشترت أرضاً محل شك لأن الثابت أن المورثة اشترت الأطيان في سنة 1943 وفي سنة 1950 ولم يقدم المستأنف عليه - الطاعن - ما يدل على تملك المورثة أطياناً بطريق الشفعة ولا تاريخ ذلك وهو الادعاء الذي نهجه لتبرير دائنيه زوجته للمورثة بالسند موضوع أمر الأداء، مع ما هو ثابت من أن المورثة كانت ثرية وإيرادها لا يقل عن 1200 جنيه، فإذا أضيف إلى ما تقدم وما قررته المورثة لدى مناقشتها من أنها لم تكن مدينة إلا بمبلغ خمسمائة جنيه لزوجة ابنها.... - الطاعن - وأنها أوفتها بهذا المبلغ، وأنها كانت توقع ببصمة خاتمها على جميع الأوراق التي يطلب المذكور منها التوقيع عليها، قام الدليل على أن المورثة ما كانت تعلم شيئاً عن أحوالها المالية إلى درجة أنها قالت إن إيرادها من الأطيان سبعون جنيهاً بينما هذا الإيراد لا يقل عن 600 جنيه، بل أنها كانت تجهل العملة والتعريف بأيام الأسبوع حسبما بان من المناقشة التي أجرتها النيابة والتي حاول المستأنف عليه تبريرها برهبة المناقشة وقد شهد........ في تحقيقات النيابة بأن المطلوب الحجر عليها كانت سيدة طاعنة في السن ولم تكن تتحسن التصرف في أموالها وأنها تصرفت في بعض أموالها لبعض أولادها دون البعض الآخر (عقد الهبة) وحررت سندات ورهنت أطيانها بالمنيا لولديها...... دون مقابل وبقصد حرمان باقي أولادها" وانتهت المحكمة من ذلك إلى أنها "اطمئناناً منها إلى ما ثبت الاطلاع عليه من التحقيقات التي أجرتها النيابة على النحو سالف البيان ترى أن المرحومة شفيقة قنديل - المورثة - وإن لم تكن مصابة بآفة عقلية غير أنها كانت في حالة ضعف بعض الملكات الضابطة في النفس أثرت على حسن إدارتها في أموالها وتقديرها للأمور مما جعلها في حالة غفلة وأن المستأنف عليه - الطاعن - كان وكيلاً عنها وكانت يده - تجري في كل ما لها ولم تكن المورثة إلا لتستجيب إلى التوقيع على كل ورقة يقدمها لها وكانت طاعنة في السن وتعيش في رعاية ابنها المذكور فأتاحت له هذه الظروف جمعاء أن يستغلها مسيطراً عليها كل السيطرة وهو ما ينكر التوكيل ولا أنه كان يقول بتلك الصفة المطلقة بكل ما يتعلق بشئون والدته وهذه السيطرة وذلك الاستغلال كان لهما صداهما في الإقرار المؤرخ 30/ 3/ 1947 الذي وصف بأنه محضر صلح بين أولادها الذكور ومنهم المستأنف عليه - الطاعن - الذي تعهد بالمحافظة على أموال والدته وأن كل تصرف يجريه في هذه الأموال يكون باطلاً وأنه مسئول عن كل ذلك أمام جميع الورثة. وبثبوت الاستغلال مع ثبوت أن المورثة كانت في حالة غفلة فإن الدين الصادر به أمر الأداء رقم 20 لسنة 1963 مدني كلي الإسكندرية يكون باطلاً بملاحظة أن سند هذا الدين لم يحمل تاريخاً ثابتاً إلا في 20/ 6/ 1962 وأمر الأداء لم يصدر إلا في 31/ 1/ 1963 وأعقبه تقديم طلب الحجر في 8/ 7/ 1963 ولا يغير من هذه النتيجة أن يكون سند الذين قد حرر باسم....... فهذه كانت زوجة.... - الطاعن - وهي بلا شك كانت تعلم بحقيقة الحال وظروف استصدار السند... وطالما قد ثبت بطلان السند الذي بني عليه أمر الأداء فيتعين القضاء بإلغاء هذا الأمر بالنسبة للمستأنفين (المطعون ضدهم)" لما كان ذلك وكان مؤدى ما تقدم أن محكمة الموضوع قد استخلصت من أقول الشهود وقرائن الأحوال بما لا يخالف الثابت في الأوراق وفي حدود سلطتها الموضوعية في تقدير الدليل، بطلان السند موضوع الدعوى وانتهت من ذلك إلى الحكم بإلغاء أمر الأداء الصادر بمقتضاه، فإن النعي على حكمها - المطعون عليه - بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق يكون نعياً على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.