أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 20 - صـ 486

جلسة 27 من مارس سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

(79)
الطعن رقم 44 لسنة 35 القضائية

(أ وب) نزع الملكية للمنفعة العامة. "المطالبة بالتعويض عن نزع الملكية أو مقابل الانتفاع". اختصاص. "اختصاص ولائي". نقض.
عدم جواز التجاء ذوي الشأن مباشرة إلى المحكمة لطلب التعويض عن نزع الملكية أو مقابل الانتفاع. شرطه. أن تكون الجهة نازعة الملكية قد اتبعت إجراءات تقدير التعويض التي ألزمها القانون باتباعها. تقدير المحكمة للتعويض المطالب به بدعوى مبتدأة. مخالفة ذلك لقواعد الاختصاص الولائي. جواز التمسك بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ج) نزع الملكية للمنفعة العامة. "استحقاق مقابل الانتفاع من تاريخ الاستيلاء الفعلي". تعويض. محكمة الموضوع.
لصاحب الشأن في العقار الحق في التعويض مقابل الانتفاع بالعقار من تاريخ الاستيلاء الفعلي لحين دفع التعويض المستحق عن نزع الملكية. استقلال محكمة الموضوع بتقدير هذا التعويض.
(د) نقض. "سلطة محكمة النقض".
لمحكمة النقض أن تصحح أسباب الحكم المنطوية على أخطاء قانونية بغير أن تنقضه متى كان سليماً في نتيجته.
1 - أنه وإن كان مفاد أحكام القانون رقم 577 سنة 1954 أنه لا يجوز لذوي الشأن الالتجاء مباشرة إلى المحكمة لطلب التعويض سواء المستحق عن نزع الملكية أو المقابل لعدم الانتفاع في المدة من تاريخ الاستيلاء حتى دفع التعويض المستحق في نزع الملكية، إلا أن هذا الحظر مشروط بأن تكون الجهة نازعة الملكية قد اتبعت من جانبها الإجراءات التي أوجب عليها القانون اتباعها لتقدير التعويض، فإذا لم تلتزم هذه الإجراءات ومضت المواعيد التي حددها لها القانون لتقدير التعويض دون أن يصل إلى ذوي الشأن أي إخطار يفيد أنها سلكت فعلاً الطريق الذي ألزمها القانون باتباعه لتقدير التعويض، فإنه يكون لصاحب الشأن في هذه الحالة أن يلجأ إلى المحكمة المختصة مطالباً بالتعويض المستحق له.
2 - إذ كانت قواعد الاختصاص الولائي من النظام العام وكانت محكمة الموضوع قد جاوزت اختصاصها الولائي بالفصل في تقدير التعويض المطالب به - عن نزع الملكية للمنفعة العامة - بدعوى مبتدأة مخالفة بذلك ما رسمه الشارع من طرق لتقدير التعويض ومن سبل للطعن في هذا التقدير والجهات المختصة بنظر ذلك، فإنه يكون للطاعنين التمسك بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - تقضي المادة السادسة عشرة من القانون رقم 577 سنة 1954 بأن يكون لصاحب الشأن في العقار الحق في تعويض مقابل عدم انتفاعه به من تاريخ الاستيلاء الفعلي لحين دفع التعويض المستحق عن نزع ملكيته ولم تشترط لاستحقاق هذا التعويض أن يكون طالبه منتفعاً فعلاً بالعقار المنزوعة ملكيته وقت نزع الملكية. وتقدير هذا التعويض هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ولها أن تقدر التعويض الجابر للضرر على الوجه الذي تراه [(1)].
4 - متى كان الحكم سليماً في نتيجته التي انتهى إليها فإنه لا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية، إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب بغير أن تنقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت في 15/ 8/ 1961 الدعوى رقم 3811 سنة 1961 مدني كلي القاهرة على الطاعنين بصفتهم طلبت فيها الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا لها مبلغ 4712 ج على سبيل التعويض مع الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية. وقالت شرحاً لدعواها إن وزارة الحربية (الطاعنة الأولى) نزعت ملكيتها من 58 ف و22 ط و3 س بناحية بلبيس تنفيذاً للمشروع رقم 15 حربية وأن الوزارة استولت على هذا القدر فعلاً في 11/ 8/ 1956 - وهو من تاريخ تشغيل المشروع - قبل صدور قرار بالاستيلاء عليه إذ لم يصدر القرار رقم 20 سنة 1957 الخاص بالاستيلاء إلا في 28 فبراير سنة 1957. وقد اقتضت إجراءات الاستيلاء إزالة ما كان على الأطيان من زراعة، وبعد مضي عام قامت الوزارة باتخاذ إجراءات تقدير التعويض في 30/ 5/ 1958 وقدرت اللجنة 40 ج ثمناً للفدان فتظلمت من هذا التقدير طبقاً للقانون 577 سنة 1954 وأقامت الدعوى رقم 723 سنة 1958 مدني الزقازيق فقضى لصالحها في 27/ 6/ 1960 بحكم نهائي بتقدير 140 ج مقابل الفدان الواحد من الأرض المستولى عليها، وأنه إذ كان من حقها طبقاً لنص المادة 16 من القانون رقم 577 لسنة 1954 الحصول على تعويض مقابل عدم انتفاعها بالأطيان المنزوعة ملكيتها في المدة من تاريخ الاستيلاء الفعلي عليها في 11/ 8/ 1956 حتى أغسطس سنة 1960 تاريخ صرف التعويض المستحق عن نزع الملكية فقد لجأت إلى طلب ذلك التعويض من الجهات صاحبة الشأن لكنها أهملت هذا الطلب ولم تتخذ أي إجراء نحو تقدير التعويض، الأمر الذي اضطرها لإقامة دعواها هذه بطلبه، وإذ كان ريع الفدان لا يقل عن 20 ج سنوياً فإن التعويض المستحق لها عن المدة المذكورة يكون 4712 ج وهو المبلغ المطالب به. وفي 25/ 2/ 1962 قضت محكمة الدرجة الأولى قبل الفصل في الموضوع بندب خبير لتقدير ريع تلك الأطيان من تاريخ الاستيلاء الفعلي عليها حتى تاريخ قبض المطعون ضدها ثمنها. وقدم الخبير تقريره متضمناً أن الطرفين اتفقا على أن استيلاء الحكومة على الأطيان كان في 11/ 8/ 1956، وأنه تبين له إن إيداع ثمنها خزانة المحكمة تم في أول ديسمبر سنة 1959. وأن الأطيان - كما جاء بمحضر التثمين المقدم من الحكومة - بور ورملية غير مستغلة إلا أنها تصلح للزراعة إذا توافرت لها سبل الري. كما أثبت الخبير في تقريره أن المطعون ضدها طلبت احتساب مقابل حرمانها مع الانتفاع بالأطيان من تاريخ الاستيلاء الفعلي عليها في 11/ 8/ 1956 لغاية تاريخ إيداع ثمنها في 1/ 12/ 1959 على أساس فائدة قدرها 4% سنوياً من قيمة الثمن المودع. وأن مندوب الحكومة وافق على سعر الفائدة على أن تحتسب من تاريخ المطالبة القضائية بها، وانتهى الخبير في تقريره إلى أن الفوائد المستحقة للمطعون ضدها على هذا الأساس تبلغ 1088 ج و 868 م وعدلت المطعون ضدها طلباتها إلى الحكم لها بالفوائد التي قدرها الخبير على اعتبار أنها تمثل مقابل حرمانها مع الانتفاع بالأطيان المنزوعة ملكيتها من تاريخ الاستيلاء الفعلي عليها حتى تاريخ إيداع ثمنها. وفي 23/ 6/ 1963 قضت محكمة الدرجة الأولى بإلزام الطاعنين بصفتهم متضامنين بدفع مبلغ 1088 ج و868 م. استأنف الطاعنون الحكم المذكور وقيد الاستئناف برقم 1758 سنة 80 ق القاهرة. ومحكمة الاستئناف قضت في 28 نوفمبر سنة 1964 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض بالطعن وبالجلسة المحددة لنظره أضاف الطاعنون سبباً جديداً للطعن مبناه أن محكمة الموضع خالفت قواعد الاختصاص الولائي لأن الطلب التعويض المطالب به تختص بنظره اللجنة المنصوص عليها في القانون رقم 577 لسنة 1954 وصممت النيابة على رأيها برفض الطعن.
وحيث إن السبب الجديد الذي أبداه الطاعنون لأول مرة أمام هذه المحكمة باعتباره متعلقاً بالنظام العام مبناه أن محكمة الموضوع قد خالفت قواعد الاختصاص الولائي بالفصل في الدعوى لأن المادة 16 من قانون نزع الملكية رقم 577 سنة 1954 رسمت طريق تقدير التعويض عن مقابل عدم الانتفاع بأن خولت الجهة الإدارية نازعة الملكية الاختصاص بتقديره، وأجازت لذوي الشأن المعارضة في هذا التقدير في ميعاد محدد وطبقاً للأحكام الخاصة بالمعارضة في تقدير التعويض المستحق عن نزع الملكية مما يقتضي أن تكون المعارضة أمام اللجنة المنصوص عليها بالمادة 13 من ذات القانون وأن يكون الطعن في القرار الذي يصدر منها أمام المحكمة الابتدائية عملاً بالمادة 14 من القانون المذكور. وأنه إذ كانت قواعد الاختصاص الولائي من النظام العام وكانت محكمة الموضوع قد جاوزت اختصاصها الولائي بالفصل في تقدير التعويض المطالب به بدعوى مبتدأة مخالفة بذلك ما رسمه الشارع من طرق لتقدير التعويض ومن سبل للطعن في هذا التقدير والجهات المختصة بنظر ذلك، فإنه يكون للطاعنين التمسك بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض وطلب نقض الحكم للسبب المذكور ولو لم يسبق عرضه أمام محكمة الموضوع ولو لم يرد أيضاً في تقرير الطعن وذلك لتعلقه بالنظام العام.
وحيث إن الثابت من صحيفة افتتاح الدعوى أن المطعون ضدها استندت في دعواها إلى أنها لجأت إلى الجهة الإدارية المختصة طالبة تقدير التعويض المستحق لها عن مقابل عدم انتفاعها بالعين المنزوعة ملكيتها في الفترة من تاريخ الاستيلاء عليها حتى صرف التعويض المقضى لها به نهائياً عن نزع الملكية وأن الجهة المذكورة أهملت هذا الطلب ولم تتخذ أي إجراء نحو تقدير هذا التعويض مما اضطرها للالتجاء إلى القضاء مباشرة لتقديره والقضاء لها به، ولم يجادل الطاعنون أمام محكمة الموضوع فيما قررته المطعون ضدها في هذا الخصوص. وإذ كانت المادة 16 من القانون رقم 577 سنة 1954 تنص على أن "يكون لصاحب الشأن في العقار الحق في تعويض مقابل عدم الانتفاع به من تاريخ الاستيلاء الفعلي لحين دفع التعويض المستحق عن نزع الملكية، وله خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلانه بقيمة التعويض عن عدم الانتفاع حق المعارضة في هذا التقدير، ويكون الفصل في المعارضة طبقاً للنصوص الخاصة بالمعارضة في تقدير التعويض المستحق عن نزع الملكية، وتعين المصلحة المختصة خلال أسبوع من تاريخ الاستيلاء قيمة التعويض ويعلن صاحب الشأن بذلك" وكان مقتضى ذلك أن صاحب الشأن في طلب التعويض المقرر مقابل عدم الانتفاع بالعقار المنزوعة ملكيته لا يكون ملزماً بسلوك الطريق الذي رسمه القانون رقم 577 لسنة 1954 للطعن في تقدير هذا التعويض أو الالتجاء إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة 12 من ذلك القانون إلا إذا كانت المصلحة المختصة قد قامت بتعيين قيمة التعويض وأعلنته بذلك أما إذا استولت على العقار ولم تقم بما ألزمها به القانون من تعيين قيمة التعويض عن عدم الانتفاع خلال أسبوع من تاريخ هذا الاستيلاء ولم تعلن صاحب الشأن بما قدرته له من تعويض فإنه يكون له أن يلجأ إلى المحكمة المختصة للمطالبة بما يستحقه من هذا التعويض لأنه وإن كان مفاد أحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 أنه لا يجوز لذوي الشأن الالتجاء مباشرة إلى المحكمة لطلب التعويض سواء المستحق عن نزع الملكية أو المقابل لعدم الانتفاع بالعقار في المدة من تاريخ الاستيلاء حتى دفع التعويض المستحق عن نزع الملكية إلا أن هذا الحظر مشروط بأن تكون الجهة نازعة الملكية قد اتبعت من جانبها الإجراءات التي أوجب عليها القانون اتباعها لتقدير التعويض فإذا لم تلتزم هذه الإجراءات ومضت المواعيد التي حددها القانون لتقدير التعويض دون أن يصل إلى ذوي الشأن أي إخطار يفيد أنها سلكت فعلاً الطريق الذي ألزمها القانون باتباعه لتقدير التعويض فإنه يكون لصاحب الشأن في هذه الحالة أن يلجأ إلى المحكمة المختصة مطالباً بالتعويض المستحق له. لما كان ذلك وكان الطاعنون لم يتمسكوا أمام محكمة الموضوع بأنهم سلكوا الطريق الذي ألزمهم القانون باتباعه لتقدير التعويض المستحق للمطعون ضدها مقابل عدم انتفاعها بالعقار وأنهم أعلنوها بهذا التقدير كما أنهم لم يقدموا إلى محكمة النقض الدليل على ذلك وهو الأمر الذي يجب ثبوته لكي يصبح قولهم بعدم ولاية المحاكم بنظر الدعوى فإن السبب الجديد الذي أبدوه لأول مرة أمام هذه المحكمة والمؤسس على انتفاء هذه الولاية يكون عارياً عن الدليل وبالتالي ويتعين إطراحه.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الموضوع بأن الفوائد المطالب بها تستحق من تاريخ المطالبة الرسمية بها لا من تاريخ الاستيلاء الفعلي على العين المنوعة ملكيتها حتى تاريخ إيداع التعويض المستحق عن نزع الملكية وأن المطعون ضدها وقد تسلمت هذا التعويض قبل أن ترفع الدعوى فلا يكون لها حق في الفوائد المطالب بها. ولكن الحكم المطعون فيه استند في القضاء لها بالفوائد من تاريخ الاستيلاء إلى تاريخ إيداع التعويض المستحق عن نزع الملكية إلى نص المادة 458 من القانون المدني المتعلقة بفوائد ثمن المبيع رغم عدم انطباقها على هذه الحالة لما هناك من اختلاف بين حالة عقد البيع الذي يحدد فيه الثمن عند التعاقد وبين نزع الملكية حيث لا يكون التعويض معلوم المقدار إلا بعد تقدير اللجنة المختصة أو عند صدور حكم المحكمة عند الطعن في هذا التقدير، هذا إلى أنه لا يجوز إعمال أحكام المادة 458 من القانون المدني في حالة تقدير التعويض عن عدم الانتفاع بالعين المنزوعة ملكيتها لأن هذه الحالة تحكمها النصوص الخاصة الواردة بالقانون رقم 577 سنة 1954، وعبارة عدم الانتفاع الواردة بالمادة 16 منه يتضح منها أن صاحب الشأن في العقار المنزوعة ملكيته لا يكون له حق في التعويض مقابل عدم انتفاعه به إلا إذا كان يستفيد وينتفع منه فعلاً قبل نزع الملكية، وإذ كان الثابت أن المطعون ضدها لم تكن تنتفع بالأرض وقت نزع الملكية، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى لها بتعويض مقابل عدم انتفاعها بها في المدة من تاريخ الاستيلاء حتى تاريخ إيداع التعويض المستحق عن نزع الملكية فإنه يكون مخطئاً في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الثابت أن المطعون ضدها أقامت دعواها بطلب مبلغ 4712 ج على سبيل التعويض، مقابل عدم انتفاعها بالعين المنزوعة ملكيتها في المدة من تاريخ الاستيلاء الفعلي عليها حتى تاريخ صرف التعويض المستحق لها عن نزع الملكية، واستندت في ذلك إلى المادة 16 من القانون رقم 577 سنة 1954 وإذ ندبت محكمة الدرجة الأولى خبيراً لتقدير التعويض المناسب لعدم انتفاع المطعون ضدها بالعين خلال المدة المذكورة فقد قررت المطعون ضدها أمام الخبير أنها تكتفي بتقدير هذا التعويض على أساس فائدة قدرها 4% سنوياً من قيمة التعويض المحكوم به نهائياً مقابل العين المنزوعة ملكيتها وذلك خلال المدة من الاستيلاء عليها في 11/ 8/ 1956 حتى تاريخ إيداع هذا المقابل في 1/ 12/ 1956 فقدر الخبير ما يستحق للمطعون ضدها على هذا الأساس بمبلغ 1088 ج و868 م، وبالجلسة المحددة لنظر الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى عدلت المطعون ضدها طلباتها إلى القضاء لها بهذا المبلغ، فقضى لها به. لما كان ذلك وكانت المادة السادسة عشرة من القانون رقم 577 سنة 1954 تقضي بأن يكون لصاحب الشأن في العقار الحق في تعويض مقابل عدم انتفاعه به من تاريخ الاستيلاء الفعلي عليه لحين دفع التعويض المستحق عن نزع ملكيته، وكان تقدير هذا التعويض هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ولها أن تقدر التعويض الجبر للضرر على الوجه الذي تراه، ومن ثم فلا تثريب عليها فيما رأته من تقدير التعويض المستحق للمطعون ضدها عن حرمانها من الانتفاع بالعين المنزوعة ملكيتها في المدة من تاريخ الاستيلاء الفعلي عليها إلى تاريخ إيداع التعويض المستحق عن نزع الملكية بمقدار الفائدة القانونية لمبلغ هذا التعويض، ما دامت محكمة الموضوع رأت أن هذا التعويض هو الجابر للضرر الذي لحق المطعون ضدها، ولا محل لما يقوله الطاعنون من أن المطعون ضدها لا تستحق تعويضاً لأنها لم تكن تنتفع بالعقار وقت نزع ملكيته ذلك أن الثابت من تقرير الخبير ومن صورة محضر التثمين المقدم من الحكومة أن الأرض تصلح للزراعة إذا توافرت لها سبل الري بالماكينات الارتوازية أو بالآلات الرافعة من ترعة الإسماعيلية، ومتى كان الانتفاع بالأرض المنزوعة ملكيتها ممكناً بأية وسيلة في المدة من تاريخ الاستيلاء عليها حتى تاريخ إيداع التعويض المستحق عن نزع الملكية فإن مالكها يستحق التعويض مقابل عدم الانتفاع طبقاً لنص المادة 16 من القانون رقم 577 لسنة 1954 الذي لم يشترط لاستحقاق هذا التعويض أن يكون طالبه منتفعاً فعلاً بالعقار المنزوعة ملكيته وقت نزع الملكية. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أنه كان في ميسور المطعون ضدها الانتفاع بالعين المنزوعة ملكيتها بريها عن طريق الماكينات الارتوازية أو الماكينات الرافعة للمياه من ترعة الإسماعيلية، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى باستحقاق المطعون ضدها لتعويض عن حرمانها من الانتفاع بالعين المنزوعة ملكيتها خلال المدة من تاريخ الاستيلاء الفعلي عليها حتى إيداع التعويض المستحق عن نزع الملكية وقدر هذا التعويض على الوجه الذي رآه محققاً للغاية منه، فإنه يكون قد انتهى في قضائه إلى النتيجة التي تتفق وصحيح حكم القانون، ولا ينال من ذلك خطؤه في الاستناد إلى أحكام المادة 458 من القانون المدني رغم أنها لا تنطبق في هذه الحالة، ذلك أنه متى كان الحكم سليماً في نتيجته التي انتهى إليها فإنه لا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية، إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب بغير أن تنقضه.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم استند في قضائه إلى أن الحاضر عنهم أقر أمام الخبير بأحقية المطعون ضدها في تقاضي فوائد على الثمن المقابل للعقار المنزوعة ملكيته من تاريخ الاستيلاء إلى تاريخ إيداع الثمن في حين أن محاضر أعمال الخبير خلو من أي إقرار يفيد ذلك، هذا إلى أن مندوب الحكومة أمام الخبير لا يملك إلا الإدلاء بمعلومات المصلحة ولا يملك الإقرار بأية حقوق.
وحيث إن هذا السبب غير منتج لوروده على تقريرات زائدة في الحكم المطعون فيه يستقيم قضاؤه بدونها إذ ما دام القانون - على ما سلف بيانه - يخول للمطعون ضدها الحق في التعويض المقضى به فإنه لا يهم بعد ذلك أن يكون الحاضر عن الطاعنين أمام الخبير قد أقر بهذا الحق أو لم يقر به.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.


[(1)] الطعن 249 لسنة 32 ق جلسة 17/ 11/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 697.