أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 20 - صـ 500

جلسة 27 من مارس سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

(81)
الطعن رقم 104 لسنة 35 القضائية

(أ وب) مسئولية. "المسئولية الناشئة عن حوادث السيارات". تأمين. "دعوى المؤمن له قبل المؤمن". دعوى. "الدعوى المباشرة قبل المؤمن". تقادم. "تقادم مسقط".
للمضرور في حوادث السيارات دعوى مباشرة قبل المؤمن. خضوعها للتقادم الثلاثي. نشوء حق المضرور من وقت وقوع الحادث مستقلاً عن حق المؤمن له قبل المؤمن. سريان مدة التقادم من تاريخ الحادث بخلاف دعوى المؤمن له قبل المؤمن التي يبدأ تقادمها ومن وقت مطالبة المضرور المؤمن له بالتعويض.
(ج) تقادم. "وقف التقادم". تأمين.
سريان التقادم بالنسبة لدعوى المضرور قبل المؤمن. وقفه طوال مدة المحاكمة الجنائية متى كان الفعل الضار مكوناً لجريمة ورفعت الدعوى الجنائية على مقارفها.
1 - أنشأ المشرع بمقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 "بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات" للمضرور في هذه الحوادث دعوى مباشرة قبل المؤمن ونص على أن تخضع هذه الدعوى للتقادم المنصوص عليه في المادة 752 من القانون المدني وهو التقادم الثلاثي المقرر للدعاوى الناشئة عن عقد التأمين ولولا هذا النص لسرى على تلك الدعوى المباشرة التقادم العادي لأنها لا تعتبر من الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين المنصوص عليها في المادة 752.
2 – ينشأ حق المضرور قبل المؤمن من وقت وقوع الحادث الذي ترتبت عليه مسئولية المؤمن له، مستقلاً عن حق المؤمن له قبل المؤمن، لأن المضرور يستمد حقه المباشر بموجب النص القانوني من نفس العمل غير المشروع الذي أنشأ حقه قبل المؤمن له، وبذلك يستطيع المضرور أن يرفع دعواه المباشرة على المؤمن من وقت وقوع هذا الفعل الذي سبب له الضرر مما يترتب عليه أن مدة الثلاث سنوات المقررة لتقادم هذه الدعوى تسري من هذا الوقت، وهي في هذا تختلف عن دعوى المؤمن له من قبل المؤمن التي لا يبدأ سريان تقادمها إلا من وقت مطالبة المضرور للمؤمن له بالتعويض.
3 - تسري في شأن التقادم المقرر لدعوى المضرور المباشرة، القواعد العامة الخاصة بوقف مدة التقادم وانقطاعها - وهو ما حرصت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 652 سنة 1955 على تأكيده - ومن ثم فإنه إذا كان الفعل غير المشروع الذي سبب الضرر والذي يستند إليه المضرور في دعواه قبل المؤمن هو جريمة ورفعت الدعوى الجنائية على مقارفها سواء كان هو بذاته المؤمن له أو أحد ممن يعتبر المؤمن له مسئولاً عن الحقوق المدنية عن فعلهم، فإن سريان التقادم بالنسبة لدعوى المضرور قبل المؤمن يقف طوال المدة التي تدوم فيها المحاكمة الجنائية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على المطعون ضدهما الثاني والثالث وشركة التأمين الطاعنة الدعوى رقم 938 سنة 1961 مدني كلي الجيزة طالباً الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 2000 ج على سبيل التعويض. وقال بياناً للدعوى إن المطعون ضده الثاني صدمه بسيارة كان يقودها في يوم 22/ 12/ 1956 فأحدث به عدة إصابات. وأنه حرر عن هذه الواقعة محضر الجنحة رقم 72 سنة 1957 بندر الجيزة وقيدته النيابة العامة ضد المطعون ضده الثاني بالمادة 244 من قانون العقوبات وأقامت عليه الدعوى الجنائية فادعى مدنياً قبله وقبل والده المطعون ضده الثالث الذي تبين أنه مالك السيارة بمبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت. وقد قضت محكمة جنح بندر الجيزة في 27/ 12/ 1959 بتغريم المتهم عشرة جنيهات وأجابته (المطعون ضده الأول) إلى طلباته في الدعوى المدنية. ولما استأنف المتهم ذلك الحكم رفضت محكمة الجنح المستأنفة بتاريخ 27/ 4/ 1960 استئنافه ومن ثم أقام المطعون ضده الأول دعواه الحالية ضد السابق ووالده مالك السيارة وشركة التأمين الطاعنة التي كان مؤمناً لديها من حوادث تلك السيارة طبقاً لقانون التأمين الإجباري طالباً الحكم له بالتعويض الكامل وهو ما قدره بألفين من الجنيهات. دفعت شركة التأمين بسقوط حق المضرور في الرجوع عليها بالدعوى المباشرة لمضي أكثر من ثلاث سنوات على وقوع الحادث. دون رفع الدعوى عليها. وبعد أن ضمت محكمة الجيزة الابتدائية قضية الجنحة سالفة الذكر قضت بتاريخ 27/ 3/ 1963 برفض الدفع ثم حكمت بتاريخ 15/ 1/ 1964 بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا للمطعون ضده الأول مبلغ ألف جنيه. استأنفت شركة التأمين هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 596 سنة 81 ق وتمسكت في أسباب استئنافها بسقوط حق المضرور في الرجوع عليها بالتقادم الثلاثي المقرر في المادة 752 من القانون المدني، كما استأنفه المضرور بالاستئناف رقم 509 سنة 81 ق طالباً تعديل الحكم المستأنف والقضاء له بما طلبه من التعويض. وبعد أن ضمت تلك المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 22/ 12/ 1964 بتعديل الحكم المستأنف وإلزام كل من المطعون ضدهما الثاني والثالث بأن يدفعا إلى المطعون ضده الأول ألفين من الجنيهات وبإلزام شركة التأمين بأن تدفع له هذا المبلغ بحيث إذا قام أحدهم بوفاء كل أو بعض هذا المبلغ فإن هذا الوفاء يبرئ ذمة المحكوم عليهما الآخرين في حدود ما وفى به. طعنت شركة التأمين في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب تنعى الشركة الطاعنة فيها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره، وفي بيان السبب الأول تقول إنها دفعت لدى محكمة أول درجة بسقوط حق المضرور في الرجوع عليها مباشرة بما يستحقه من التعويض بالتقادم الثلاثي تأسيساً على أنه لم يرفع عليها الدعوى إلا في يوم 4/ 2/ 1961 في حين أن الحادث وقع بتاريخ 22/ 12/ 1956 وأنه إذ كان حقه في الرجوع بالتعويض عليها يتقادم بمضي ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الحادث على ما قضت به الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية الناشئة من حوادث السيارات فإن هذا الحق يكون قد تقادم. غير أن تلك المحكمة رفضت ذلك الدفع وقضت بإلزامها متضامنة مع مرتكب الحادث ومالك السيارة بأن يدفعوا للمضرور ما قدرته له من التعويض. ولما استأنفت ذلك الحكم تمسكت الطاعنة بهذا الدفع غير أن محكمة الاستئناف أيدت محكمة أول درجة في رفضها للدفع بناء على ما قالته في حكمها المطعون فيه من أن المحاكمة الجنائية لمرتكب الحادث توقف سريان تقادم الدعوى المباشرة عملاً بالقاعدة القانونية التي تقضي بأن الجنائي يوقف المدني، وهو من الحكم المطعون فيه خطأ في تطبيق القانون لأن شركة التأمين ليست مسئولة عن الحقوق المدنية ومن ثم فإنها تخرج من عداد الأشخاص المسئولين عن عمل الغير الذين تناولتهم المادتان 173، 174 من القانون المدني وإنما تقوم مسئوليتها على أساس التزامها الناشئ عن عقد التأمين المبرم بينها وبين المتعاقد معها ولا يعتبر الفعل الضار سبباً مباشراً لمطالبتها إذ أن المضرور لا يطالبها بتعويض عن الفعل بل هو يطالبها بتنفيذ عقد التأمين وإذن فكل نزاع يقوم حول هذا العقد يكون متعلقاً بالمسئولية العقدية وإذ نص القانون رقم 652 سنة 1955 بشأن التأمين الإجباري على حق المضرور المباشر قبل شركة التأمين فإنه لم يغير من أساس المسئولية العقدية لشركة التأمين، وإنما خول للمضرور حق مقاضاة الشركة مباشرة بالتعويض دون حاجة إلى استعمال حقوق مدنية في الرجوع عليها. ويترتب على ذلك أن الدعوى المباشرة التي خولها القانون للمضرور لا ترتبط بالدعوى الجنائية ولا تأخذ حكم الدعوى المدنية المرتبطة بها ومن ثم لا تصدق عليها أحكام الوقف التي تسري على تلك الدعوى الأخيرة، ويبدأ تقادمها في السريان منذ وقوع الحادث طبقاً لما تقضي به المادة 752 من القانون المدني التي أحالت إليها الفقرة الأخيرة من المادة 5 من القانون رقم 652 لسنة 1955 في شأن تقادم دعوى المضرور قبل المؤمن دون أن يكون للمحاكمة الجنائية أثر على هذا التقادم. ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه على أساس ارتباط دعوى المضرور المباشرة قبل المؤمن بالدعوى الجنائية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. وتقول الشركة الطاعنة في السبب الثاني إن الحكم المطعون فيه لم يعالج غير فرض واحد هو قيام المحاكمة الجنائية وغفل عن باقي الفروض الأخرى هي أحوال لا يستقيم فيها منطق الحكم كالأحوال التي لا تتم فيها المحاكمة الجنائية كما لو أمرت النيابة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى أو كانت الدعوى الجنائية قد انقضت بالوفاة أو كان المؤمن له قد أقر بالمسئولية ففي كل هذه الأحوال قد تثبت المسئولية بغير حكم جنائي، ومن ثم كان اشتراط صدور حكم جنائي قبل رفع الدعوى المباشرة منطوياً على خلط بين وسيلة الإثبات والحق في إقامة الدعوى فالحكم الجنائي ما هو إلا وسيلة لإثبات مسئولية المؤمن له قبل المضرور ولا يتأثر حق المضرور في رفع الدعوى المباشرة بفقدان تلك الوسيلة لأن المحكمة المدنية تملك أن تيسر له سبيل هذا الإثبات ومن ثم فلا أثر للإجراءات الجنائية على الحق في إقامة الدعوى المباشرة ومدة تقادمه المنصوص عليها في المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 السالف الذكر والتي يبدأ سريانها من تاريخ الحادث، وإذ خلط الحكم بين وسيلة الإثبات والحق في إقامة الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. وتضيف الشركة الطاعنة في السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه شابه كذلك الخطأ في تفسير القانون ذلك أنه قرر أن عدم تحديد قيمة التعويض ضد المؤمن له يمنع المضرور من إقامة الدعوى المباشرة على شركة التأمين وفي هذا مصادرة لحقه في إقامة الدعوى لأن حق المضرور ليس معلقاً على شرط سبق صدور حكم ضد المؤمن له.
وحيث إن النعي بالسبب الأول غير سديد، ذلك بأن المشرع أنشأ بمقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 "بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات" للمضرور في هذه الحوادث دعوى مباشرة قبل المؤمن ونص على أن تخضع هذه الدعوى للتقادم المنصوص عليه في المادة 752 من القانون المدني وهو التقادم الثلاثي المقرر للدعاوى الناشئة عن عقد التأمين، ولولا هذا النص لسرى على تلك الدعوى المباشرة التقادم العادي لأنها لا تعتبر من الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين المنصوص عليها في المادة 752، وإذا كان حق المضرور قبل المؤمن ينشأ من وقت وقوع الحادث الذي ترتبت عليه مسئولية المؤمن له، مستقلاً عن حق المؤمن له قبل المؤمن، لأن المضرور يستمد حقه المباشر بموجب النص القانوني من نفس العمل غير المشروع الذي أنشأ حقه قبل المؤمن له وبذلك يستطيع المضرور أن يرفع دعواه المباشرة على المؤمن من وقت وقوع هذا الفعل الذي سبب له الضرر مما يترتب عليه أن مدة الثلاث سنوات المقررة لتقادم هذه الدعوى تسري من هذا الوقت، وهي في هذا تختلف عن دعوى المؤمن له قبل المؤمن التي لا يبدأ سريان تقادمهما إلا من وقت مطالبة المضرور للمؤمن له بالتعويض، إلا أنه لما كان التقادم المقرر لدعوى المضرور المباشرة تسري في شأنه القواعد العامة الخاصة بوقف مدة التقادم وانقطاعها - وهو ما حرصت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 652 لسنة 1955 على تأكيده - فإنه إذا كان الفعل غير المشروع الذي سبب الضرر والذي يستند إليه المضرور في دعواه قبل المؤمن هو جريمة ورفعت الدعوى الجنائية على مقارفها سواء كان هو بذاته المؤمن له أو أحد ممن يعتبر المؤمن له مسئولاً عن الحقوق المدنية عن فعلهم، فإن سريان التقادم بالنسبة لدعوى المضرور قبل المؤمن يقف طوال المدة التي تدوم فيها المحاكمة الجنائية ولا يعود التقادم إلى السريان إلا منذ صدور الحكم الجنائي النهائي أو انتهاء المحاكمة بسبب آخر، ذلك لأن المضرور لا يستطيع وفقاً للمادة 253 من قانون الإجراءات الجنائية ولما استقر عليه قضاء الدائرة الجنائية بهذه المحكمة إدخال المؤمن في الدعوى الجنائية لمطالبته بالتعويض كما أنه إذا رفع دعواه على المؤمن أمام المحاكم المدنية أثناء السير في الدعوى الجنائية كان مصيرها الحتمي هو وقف الفصل فيها الفصل فيها حتى يحكم نهائياً في الدعوى الجنائية لأن مسئولية المؤمن قبل المضرور لا تقوم إلا بثبوت مسئولية المؤمن له قبل هذا المضرور فإذا كانت هذه المسئولية الأخيرة ناشئة عن الجريمة التي رفعت عنها الدعوى الجنائية فإنها تكون مسألة مشتركة بين هذه الدعوى والدعوى المدنية التي رفعها المضرور على المؤمن ولازماً للفصل فيها في كليهما، فيتحتم لذلك على المحكمة المدنية أن توقف دعوى المضرور هذه حتى يفصل نهائياً في تلك المسألة من المحكمة الجنائية عملاً بقاعدة أن الجنائي يوقف المدني التزاماً بما تقضي به المادة 406 من القانون المدني من وجوب تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً، وما تقضي به المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية من أن ما يفصل فيه الحكم الجنائي نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها تكون له قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائياً. ومتى كان ممتنعاً قانوناً على المضرور أن يرفع دعواه على المؤمن أمام المحكمة الجنائية بعد رفع الدعوى العمومية على الجاني محدث الضرر وكان إذا رفع دعواه أمام المحاكم المدنية أثناء السير في الدعوى الجنائية كان رفعها في هذا الوقت عقيماً إذ لا يمكن النظر فيها إلا بعد أن يفصل نهائياً في تلك الدعوى الجنائية، فإن رفع الدعوى الجنائية يكون في الحالة مانعاً قانونياً يتعذر معه على الدائن المضرور مطالبة المؤمن بحقه، مما ترتب عليه المادة 382 من القانون المدني وقف سريان التقادم ما دام المانع قائماً، وبالتالي يقف سريان التقادم بالنسبة لدعوى المضرور قبل المؤمن طوال المدة التي تدوم فيها المحاكمة الجنائية. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه وقد أخذ بهذا النظر وقضى على أساسه برفض الدفع بسقوط حق المطعون ضده الأول رفع دعواه بالتقادم، فإن الحكم لا يكون مخالفاً للقانون، ويكون لذلك النعي عليه بالسبب الأول على غير أساس.
وحيث إن النعي بالسبب الثاني مردود بأنه لما كان الحكم المطعون فيه قد عالج المسألة القانونية التي كان يتوقف على الفصل فيها نتيجة الحكم في الدفع بسقوط حق المطعون ضده الأول بالتقادم وانتهى فيها إلى رأي صحيح - على ما سلف بيانه - فإنه لم يكن عليه بعد ذلك أن يتجاوز هذه المسألة إلى البحث في فروض واحتمالات لا تقوم في الدعوى المطروحة ولا يلزم بحثها للفصل فيها، هذا إلى أنه ليس فيما قرره الحكم المطعون فيه ما يفيد أنه اشترط لرفع دعوى المضرور قبل المؤمن صدور حكم جنائي نهائي على مقارف الحادث الذي سبب الضرر المطالب بالتعويض عنه، وما قررته هذه المحكمة فيما تقدم بشأن وقف سريان تقادم دعوى المضرور المباشرة قبل المؤمن لا يصدق إلا حيث يكون الفعل غير المشروع الذي يستند إليه المضرور في مطالبة المؤمن بالتعويض جريمة رفعت عنها الدعوى الجنائية.
وحيث إن النعي بالسبب الثالث غير منتج، لأنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد أخطأ فيما قرره من أن عدم تحديد التعويض ضد المؤمن له هو مما يمنع المضرور من رفع دعواه المباشرة على شركة التأمين إلا أن في أسباب الحكم الأخرى الصحيحة ما يكفي لحمل قضائه واستقامته بغير هذا التقرير الخاطئ.