أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 630

جلسة 3 من إبريل سنة 1974

برياسة السيد نائب رئيس المحكمة المستشار أحمد حسن هيكل، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، إبراهيم السعيد ذكرى، وإسماعيل فرحات عثمان.

(102)
الطعن رقم 192 لسنة 37 القضائية

ضرائب "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية". سمسرة.
مبالغ السمسرة أو العمولة. خضوعها لضريبة الأرباح التجارية والصناعية ولو كان الممول الذي دفعت له لا يمتهن السمسرة أو الأشغال بالعمولة بل يقوم بها بصفة عارضة. التزام دافع السمسرة أو العمولة العارضة. بتوريد مبلغ الضريبة للخزانة بعد خصمها من العمولة أو السمسرة. الممول غير المحترف تعريفة. مثال بشأن موردي الأنفار للمقاول.
مؤدى نص المادة 32 مكرر من القانون رقم 14 لسنة 1939 المضافة بالقانون رقم 39 لسنة 1941، والمادة الأولى من القرار الوزاري رقم 39 لسنة 42 أن المشرع - وعلى ما جرى به قضاء المحكمة [(1)] قد خرج عن الأصل وهو اشتراط ركن الاحتراف لخضوع أعمال السمسرة وأشغال العمولة للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية، فأخضع بالمادة 32 مكررة سالفة الذكر للضريبة مبالغ السمسرة والعمولة ولو كان الممول الذي دفعت له لا يمتهن السمسرة أو الاشتغال بالعمولة، وإنما يقوم بهما بصفة عارضة، وقد أضيفت هذه المادة حسبما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 39 لسنة 1941 لأن "كثيراً من الناس يعيشون من طريقة التوسط في البيع والشراء، دون أن يكون لهم مكتب فلا يسهل لذلك إقامة الدليل على أنهم يباشرون هذا العمل كمهنة ولا شك أن الفقرة التي أضيفت تسوغ اقتضاء الضريبة منهم". ونص القرار الوزاري رقم 39 لسنة 1942 في مادته الأولى ضماناً لتحصيل الضريبة على أن دافع السمسرة أو العمولة العارضة للممول هو الذي يلتزم بتوريد مبلغ الضريبة إلى الخزانة بعد خصمها من العمولة أو السمسرة المستحقة، وعرف هذا القرار الممول غير الممتهن بأنه من لا يكون له مكتب أو محل معروف باسمه لمباشرة مهنة السمسرة أو الاشتغال بالعمولة. على أن هذا لا يعني أن الممول لا يعد محترفاً السمسرة أو أشغال العمولة إلا إذا كان له مكتب أو محل معروف باسمه بل يجوز إقامة الدليل على احترافه تلك المهنة رغم عدم وجود مكتب أو محل يباشر فيه الأعمال المذكورة، وعندئذ تسري عليه القواعد العامة في الضريبة على الأرباح التجارية ولا تطبق بالنسبة له أحكام السمسرة أو العمولة العارضة وإذ يبين مما أورده الحكم أنه اعتبر موردي الأنفار الذين دفعت لهم العمولات - من الطاعن الذي يقوم بأشغال المقاولات - لا يمتهنون السمسرة أو الاشتغال بالعمولة استناداً إلى عدم معرفة محال إقامتهم حسبما هو ثابت بمذكرة المأمور الفاحص ورتب على ذلك أنهم يقومون بأشغال السمسرة أو العمولة بصفة عرضية في حكم المادة الأولى من القرار الوزاري رقم 39 لسنة 1942 وهو استخلاص سائغ لا مخالفة فيه للقانون، وكانت الأوراق قد خلت مما يدل على أن الطاعن - الممول - قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن مستندات الصرف لموردي الأنفار تضمنت بيان محال إقامة هؤلاء الموردين مما يعتبر معه هذا الدفاع سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض فإن النعي على الحكم يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مأمورية ضرائب دمنهور قدرت صافي أرباح الطاعن الخاضعة للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية من مزاولة أشغال المقاولات عن سنة 1955 بمبلغ 4709 جنيهات وحددت قيمة الضريبة المستحقة على العمولات العارضة المدفوعة لموردي الأنفار طبقاً لنص المادة 32 مكررة من القانون رقم 14 لسنة 1939 بمبلغ 532.015 ج، وإذ اعترض وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها بتاريخ 3 من يناير 1962 بتخفيض أرباحه في سنة المحاسبة إلى مبلغ 779 مليماً و2101 ج وإلغاء ضريبة العمولات العارضة، فقد أقامت مصلحة الضرائب الدعوى رقم 36 لسنة 1962 تجاري أمام محكمة دمنهور الابتدائية بالطعن في هذا القرار طالبة إلغاءه وتأييد تقديرات المأمورية، وبتاريخ 14 من يناير سنة 1965 حكمت المحكمة بتعديل قرار اللجنة وتحديد أرباح الطاعن بمبلغ 3385 ج وبتأييده فيما انتهى إليه من إلغاء ضريبة العمولات العارضة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 90 لسنة 21 ق تجاري إسكندرية طالباً إلغاءه والقضاء بتأييد قرار اللجنة، كما أقامت مصلحة الضرائب استئنافاً فرعياً طلبت فيه إلغاء الحكم فيما قضى به بالنسبة للعمولات العارضة وإلزام الطاعن بدفع مبلغ 532.015، وبتاريخ 5 من فبراير 1967 حكمت المحكمة في الاستئناف الأصلي بإلغاء الحكم المستأنف بتحديد أرباح الطاعن وبتأييد قرار لجنة الطعن في هذا الخصوص وفي الاستئناف الفرعي بإلغائه فيما قضى به بالنسبة للضريبة على العمولات العارضة وإلزام الطاعن بدفعها، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه بإلزامه بأداء الضريبة المستحقة على العمولات التي دفعها إلى موردي الأنفار على سند من القول بأن هؤلاء الموردين يزاولون نشاطاً تجارياً يخضع للضريبة، وأن المأمور الفاحص لم يستطع أن يقف على مكتب أو محل معروف لهم فيعتبرون من الممولين الذين يقومون بأعمال السمسرة والعمولة بصفة عرضية، وبالتالي يلتزم الطاعن بالضريبة وفق المادة الأولى من القرار الوزاري رقم 39 لسنة 1942، في حين أن هذه المادة تشترط لتطبيقها أن يكون الممول لا يمتهن السمسرة أو يشتغل بالعمولة وأن يقوم بها بصفة عرضية، علاوة على أن عدم معرفة مقر العمل إنما يقوم قرينة على عدم مزاولة مهنة السمسرة أو الأشغال بالعمولة دون أن تستطيل إلى ثبوت القيام بها بصفة عرضية، وإذ كان هؤلاء الموردون يقومون بعملهم على وجه الدوام أو الاستمرار واتخذ الحكم من عدم ذكر الطاعن محال إقامتهم قرينة على قيامهم بالعمل بصفة عرضية، هذا إلى أن محال إقامة الموردين المذكورين ثابتة بمستندات الصرف المنوه عنها بدفاتر الطاعن والتي أثبت الحكم انتظامها ولم يعن الحكم بفحص هذه المستندات فإنه يكون قد أخطا في تطبيق القانون وشابه القصور والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 32 مكرر من القانون رقم 14 لسنة 1939 المضافة بالقانون رقم 39 لسنة 1941 على أن "تسري الضريبة بالسعر المقرر في المادة 37 وبغير أي تخفيض على كل مبلغ يدفع على سبيل العمولة أو السمسرة ولو كان دفعه عن عمل عارض لا يتصل بمباشرة مهنته. ويصدر قرار من وزير المالية ببيان ما ينبغي تقديمه من الإقرارات من الممول أو من الأشخاص الذين يدفعون إليه تلك العمولة والسمسرة، وكذلك ببيان طريقة دفع الضريبة ومواعيده" وفي المادة الأولى من القرار الوزاري رقم 39 لسنة 1942 على أن "يلتزم كل من يدفع أي مبلغ على سبيل العمولة أو السمسرة إلى ممول لا يمتهن السمسرة أو الاشتغال بالعمولة وإنما يقوم بها بصفة عرضية تحجز الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية المستحقة عليها، ويكون الحجز على كل مبلغ على حدة وبغير أي تخفيض وبذات السعر المقرر في المادة 37 من القانون رقم 14 لسنة 1939. وفي تطبيق الحكم المتقدم يعتبر ممول غير ممتهن من لا يكون له مكتب أو محل معروف باسمه بمباشرة مهنة السمسرة أو الاشتغال بالعمولة"، يدل على أن المشرع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة قد خرج عن الأصل وهو اشتراط ركن الاحتراف لخضوع أعمال السمسرة وأشغال العمولة للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية، فأخضع بالمادة 32 مكررة سالفة الذكر للضريبة مبالغ السمسرة والعمولة ولو كان الممول الذي دفعت له لا يمتهن السمسرة أو الاشتغال بالعمولة، وإنما يقوم بهما بصفة عارضة، وقد أضيفت هذه المادة حسبما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 39 لسنة 1941 لأن "كثيراً من الناس يعيشون من طريقة التوسط في البيع والشراء دون أن يكون لهم مكتب فلا يسهل لذلك إقامة الدليل على أنهم يباشرون هذا العمل كمهنة، ولا شك أن الفقرة التي أضيفت تسوغ اقتضاء الضريبة منهم ونص القرار الوزاري رقم 39 لسنة 1942 في مادته الأولى ضماناً لتحصيل الضريبة على أن دافع السمسرة أو العمولة العارضة للممول هو الذي يلتزم بتوريد مبلغ الضريبة إلى الخزانة بعد خصمها من العمولة أو السمسرة المستحقة، وعرف هذا القرار الممول غير الممتهن بأنه من لا يكون له مكتب أو محل معروف باسمه لمباشرة مهنة السمسرة أو الاشتغال بالعمولة، على أن هذا لا يعني أن الممول لا يعد محترفاً السمسرة أو أشغال العمولة إلا إذا كان له مكتب أو محل معروف باسمه، بل يجوز إقامة الدليل على احترافه تلك المهنة رغم عدم وجود مكتب أو محل يباشر فيه الأعمال المذكورة، وعندئذ تسري عليه القواعد العامة في الضريبة على الأرباح التجارية ولا تطبق بالنسبة له أحكام السمسرة أو العمولة العارضة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في شأن إلزام الطاعن بالضريبة المستحقة على العمولات المدفوعة لموردي الأنفار قوله "....... الثابت من الاطلاع على أوراق ملف الممول أن المأمور الفاحص لم يستطع أن يتبين عند الفحص - رغم أن دفاتر الممول منتظمة - عناوين محال هؤلاء الموردين أو مكاتبهم ولم يستطع حتى الآن أن يقدم الممول ما يمكن منه الاستدلال عليهم فإنه والحالة هذه يعتبرون من الممولين الذي لا يمتهنون السمسرة أو يشتغلون بالعمولة بل يقومون بذلك بصفة عرضية، وذلك في حكم المادة الأولى من القرار الوزاري المذكور. والقول بغير ذلك فيه إهدار لحق الخزانة وضياع للضريبة المستحقة على تلك المبالغ التي قام الممول رب العمل بدفها إلى موردي العمال. ولا يمكن القول بأن على المأمورية أن تتبع هؤلاء الموردين ما دام أن رب العمل لم يقدم لها ما تستطيع به أن تستدل على هؤلاء الموردين، ومن ثم كان من الطبيعي ورب العمل يعلم بظروف هؤلاء الموردين أن تقتطع الضريبة المستحقة على ما يستولون عليه من عمولات نظير توريد عمال، فإن لم يفعل فعلية مغبة ذلك ولا يلومن إلا نفسه......"، وكان يبين مما أورده الحكم أنه اعتبر موردي الأنفار الذين دفعت لهم العمولات لا يمتهنون السمسرة أو الأشغال بالعمولة استناداً إلى عدم معرفة محال إقامتهم حسبما هو ثابت بمذكرة المأمور الفاحص ورتب على ذلك أنهم يقومون بأشغال السمسرة أو العمولة بصفة عرضية في حكم المادة الأولى من القرار الوزاري رقم 39 لسنة 1942، وهو استخلاص سائغ لا مخالفة فيه للقانون، وكانت الأوراق قد خلت مما يدل على أن الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن مستندات الصرف تضمنت بيان محال إقامة هؤلاء الموردين مما يعتبر معه هذا الدفاع سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.


[(1)] نقض 24/ 11/ 1971 مجموعة المكتب الفني السنة 22 ص 926.