أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 20 - صـ 516

جلسة 27 من مارس سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

(83)
الطعن رقم 125 لسنة 35 القضائية

( أ ) حكم. "الطعن في الأحكام". "الأحكام الجائز الطعن فيها". استئناف. اختصاص.
اشتمال قضاء الحكم برفض الدفع بعدم قبول طلب استصدار أمر أداء بالدين على القضاء بإعادة الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى للفصل في موضوع التظلم. اعتباره بمثابة حكم بعدم الاختصاص. جواز الطعن فيه على استقلال.
(ب) استئناف. "نطاق الاستئناف". حكم. "مخالفة القانون". نقض.
الاستئناف يطرح الدعوى بما احتوته من طلبات وأوجه دفاع على محكمة الاستئناف. امتناع إعادة القضية إلى محكمة الدرجة الأولى. مخالفة ذلك. خطأ في القانون.
1 - إذا لم يقتصر قضاء الحكم على رفض الدفع بعدم قبول طلب استصدار أمر أداء بالدين المطالب به لعدم ثبوته بالكتابة وإنما اشتمل قضاؤه أيضاً على إعادة الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى لتفصل في موضوع التظلم تأسيساً على القول بأن محكمة الاستئناف لا تملك الفصل في هذا الموضوع لأن محكمة الدرجة الأولى لم تستنفد ولايتها فيه، فإن هذا من الحكم يعتبر قضاءً قطعياً بعدم ولاية محكمة الاستئناف بنظر موضوع الدعوى لاختصاص المحكمة الابتدائية به، وهذا القضاء يعتبر بمثابة حكم بعدم الاختصاص فيجوز الطعن فيه على استقلال.
2 - إذا كان ما قرره الحكم الابتدائي يعتبر قضاء بعدم قبول الدعوى وفي صميم موضوعها لا تملك معه محكمة الدرجة الأولى الرجوع فيه، وبه تكون قد استنفدت ولايتها في الفصل في هذا الموضوع، فإن الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم يكون قد طرح الدعوى بما احتوته من طلبات وأوجه دفاع على محكمة الاستئناف، ويمتنع عليها لذلك أن تعيد القضية إلى محكمة الدرجة الأولى بعد أن استنفدت ولايتها في نظر النزاع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإعادة القضية إلى تلك المحكمة لنظر موضوعها تأسيساً على ما ذهب إليه خطأ من أن محكمة أول درجة لم تتعرض لموضوع التظلم وأنه لذلك فلا تملك المحكمة الاستئنافية الفصل فيه لأن الاستئناف لا يطرحه عليها، فإن الحكم المطعون فيه يكون بذلك مخالفاً القانون بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته رئيساً لشركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو) طلب إصدار أمر بإلزام الطاعنين عن نفسيهما وبصفتهما شريكين متضامنين في شركة الخطيب ومنشى بأن يؤديا له أربعين ألف جنيه وتثبيت الحجز الذي أوقعه تحت يد المطعون ضدهم من الثاني للأخير، وقال في تبيان طلبه في شركة الخطيب ومنشى تقدمت في 17 نوفمبر سنة 1958 إلى شركة الزيت العربية - أرامكو - التي يمثلها المطعون ضده الأول - تطلب إليها أن تكلفها لدى بنك الأندوشين في قرض قيمته 250 ألف ريال سعودي، ثم تقدمت إليها مرة أخرى في 6 يونيه سنة 1960 لتكفلها في قرض آخر مماثل لدى البنك الهولندي وتعهدت الشركة المقترضة كتابة بدفع مبلغ القرضين للشركة الكفيلة عند قيامها بالوفاء به عنها، إلا أن الشركة المدينة - الطاعنة - رغم تسلمها القرضين بكفالة شركة أرامكو لم تدفع منهما سوى مبلغ 100 ألف ريال سعودي من القرض الأول وحده مما اضطر الشركة الكفيلة إلى الوفاء بقيمة الباقي من هذا القرض للبنك الأول وبكل دين البنك الثاني بعد أن طالبها البنكان بالوفاء عند استحقاق الدينين ولما طالبت الشركة المدينة بأداء ما وفته عنها رفضت فتقدمت بطلبها سالف الذكر. وبتاريخ 18 سبتمبر سنة 1960 صدر الأمر رقم 79 سنة 1960 من محكمة الجيزة الابتدائية بإلزام الطاعنين أن يؤديا للمطعون ضده الأول بصفته أربعين ألف جنيه قيمة ما أوفاه عنهما للبنكين وتثبيت الحجز الموقع تحت يد باقي المطعون ضدهم. عارض الطاعنان في هذا الأمر بالدعوى رقم 560 سنة 1960 كلي الجيزة، وبتاريخ 31 من مارس سنة 1961 قضت المحكمة بإلغاء الأمر المعارض فيه تأسيساً على صحة الدفع المبدى من الطاعنين بعدم قبول الدعوى بطريق أمر الأداء لأن الدين المطالب به غير ثابت بكتابة موقع عليها من الطاعنين. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 711 قضائية. وبتاريخ 31 ديسمبر سنة 1965 قضت محكمة الاستئناف في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلغاء أمر الأداء وبإعادة القضية إلى محكمة الجيزة الابتدائية للفصل في موضوع التظلم وأقامت قضاءها بذلك على توافر شرط ثبوت الدين بالكتابة وقت صدور أمر الأداء. طعن الطاعنان بطريق النقض في هذا الحكم بتقرير مؤرخ 25 فبراير سنة 1965 وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم جواز الطعن كما دفعت ببطلان الطعن بالنسبة لمن لم يعلن به من المطعون ضدهم.
وحيث إن مبنى الدفع ببطلان الطعن المبدى من النيابة أن الطاعنين لم يعلنا تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم الخامس والسادس والرابع عشر والتاسع عشر والرابع والعشرين والسابع والعشرين والتاسع والعشرين والواحد والثلاثين والخامس والثلاثين والرابع والأربعين المحجوز تحت يدهم في الميعاد المنصوص عليه في المادة 431 مرافعات قبل تعديلها بالقانون 401 سنة 1955 الذي أنشأ دوائر فحص المطعون، ولم يستكمل الطاعنان هذا الإجراء في الميعاد المقرر بالقانون رقم 4 سنة 1967، مما يجعل الطعن باطلاً بالنسبة لهؤلاء المطعون ضدهم.
وحيث إن هذا الدفع صحيح، ذلك أن الطعن رفع في 25 فبراير سنة 1965 وقد أدركه قانون السلطة القضائية رقم 43 سنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون، ولما كانت المادة الثالثة من هذا القانون الذي عمل به من تاريخ نشره في 22 يوليه سنة 1965 قد نصت في فقرتها الثانية على أن تتبع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون، وكانت المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون 401 سنة 1955 الذي أنشأ دوائر فحص الطعون قد أوجبت على الطاعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن وإلا كان باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، وإذ كانت أوراق الطعن قد خلت مما يثبت قيام الطاعنين بإعلان المطعون ضدهم الذين أشارت إليهم النيابة في دفعها خلال هذا الميعاد وحتى انقضى الميعاد الذي منحه لهما القانون رقم 4 سنة 1967، فإنه يتعين إعمال الجزاء المنصوص عليه المادة 431 من قانون المرافعات السالف الإشارة إليها بالنسبة لهؤلاء المطعون ضدهم والحكم ببطلان الطعن بالنسبة لهم.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم جواز الطعن المبدى من النيابة، أن الحكم المطعون فيه اقتصر على القضاء برفض الدفع بعدم قبول طلب استصدار أمر الأداء لعدم توافر شروطه وبقبول هذا الطلب وبني على ذلك قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلغاء أمر الأداء، وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه حكماً صادراً قبل الفصل في الموضوع وغير منه للخصومة كلها أو بعضها مما لا يجوز معه الطعن فيه استقلالاً وفقاً لنص المادة 378 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا الدفع غير صحيح، ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يقتصر قضاؤه على رفض الدفع بعدم قبول طلب استصدار أمر أداء بالدين المطالب به لعدم ثبوته بالكتابة، وإنما اشتمل قضاؤه أيضاً على إعادة الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى لتفصل في موضوع التظلم تأسيساً على القول بأن محكمة الاستئناف لا تملك الفصل في هذا الموضوع لأن محكمة الدرجة الأولى لم تستنفد ولايتها فيه، وهذا من الحكم المطعون فيه يعتبر قضاءً قطعياً بعدم ولاية محكمة الاستئناف بنظر موضوع الدعوى لاختصاص المحكمة الابتدائية به، وهذا القضاء يعتبر بمثابة حكم بعدم الاختصاص فيجوز الطعن فيه على استقلال، والطعن الحالي في سببه الأول وارد على هذا القضاء.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم الذين صح إعلانهم وهم من عدا من سبق ذكرهم حاز أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم المذكور قضى بإعادة القضية إلى محكمة الدرجة الأولى بمقولة إن هذه المحكمة لم تتعرض لموضوع التظلم في أمر الأداء وأنه لذلك فلا تملك المحكمة الاستئنافية الفصل في هذا الموضوع مع أن الثابت من حيثيات الحكم الابتدائي وما انتهت إليه محكمة الدرجة الأولى فيه أنها قضت بعدم قبول الدعوى بطريق أمر الأداء على أساس عدم استيفاء شروط المادة 851 من قانون المرافعات ومن ناحية أخرى لعدم جواز الرجوع على الشركاء المتضامنين (الطاعنين) قبل الحصول على حكم نهائي ضد الشركة المدينة وبهذا تكون محكمة الدرجة الأولى قد فصلت في صميم موضوع الدعوى بعدم قبولها واستنفدت بذلك ولايتها في الخصومة، ومن ثم فإن استئناف حكمها يطرح النزاع برمته على محكمة الاستئناف مع أسانيده القانونية وأدلته الواقعية ولهذا فقد كان على محكمة الاستئناف بما لها من ولاية فحص النزاع أن تقول كلمتها فيه فتؤيد الحكم المستأنف أو تتدارك ما شابه من أخطاء وذلك لما للاستئناف من أثر في نقل الدعوى المستأنف حكمها إلى المحكمة الاستئنافية، وإذ لم تفعل وقضت بإعادة القضية إلى محكمة الدرجة الأولى على الرغم من استنفاد ولايتها بنظر النزاع، فإنها تكون قد خالفت القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، وذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي الذي رفع عنه الاستئناف أنه لم يكتف بقبول الدفع بعدم قبول الدعوى بطريق أمر الأداء تأسيساً على القول بعدم توافر شرط ثبوت الدين بالكتابة بل إنه قال بعد ذلك في أسبابه "وفضلاً عن ذلك فإن المطالبة الموجهة للمعارضين بصفتهما الشريكين المتضامنين في الشركة المدينة (الطاعنين) لا تقبل إلا إذا كان بيد الدائن (شركة الزيوت) - المطعون ضده الأول بصفته - سند رسمي أو حكم نهائي على الشركة بالدين فإذا كانت المطالبة قد حصلت قبل الحصول على السند الرسمي أو الحكم النهائي المثبت لمديونية الشركة فإنها تكون غير مقبولة". وهذا الذي قررته محكمة الدرجة الأولى يعتبر قضاء منها بعدم قبول الدعوى وفي صميم موضوعها لا تملك معه الرجوع فيه، وبه تكون قد استنفدت ولايتها في الفصل في هذا الموضع ويكون الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم قد طرح الدعوى بما احتوته من طلبات وأوجه دفاع على محكمة الاستئناف، ويمتنع عليها لذلك أن تعيد القضية إلى محكمة الدرجة الأولى بعد أن استنفدت ولايتها في نظر النزاع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإعادة القضية إلى تلك المحكمة لنظر موضوعها تأسيساً على ما ذهب إليه خطأ من أن محكمة أول درجة لم تتعرض لموضوع التظلم وأنه لذلك فلا تملك المحكمة الاستئنافية الفصل فيه لأن الاستئناف لا يطرحه عليها، فإن الحكم المطعون فيه يكون بذلك مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث السبب الآخر من أسباب الطعن.