أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 658

جلسة 9 من إبريل سنة 1974

برياسة السيد المستشار عباس حلمي عبد الجواد وعضوية السادة المستشارين: عدلي بغدادي، محمد طايل راشد، عثمان حسين عبد الله، محمد توفيق المدني.

(106)
الطعن رقم 121 لسنة 39 القضائية

(1) دعوى "نظر الدعوى". بطلان. نظام عام.
مباشرة كاتب الجلسة عملاً في الدعوى التي تربطه بأحد الخصوم فيها صلة قرابة للدرجة الرابعة أثره. بطلان إجراءات نظر الدعوى. عدم تعلق هذا البطلان بالنظام العام.
(2) بيع. تأمينات عينية "رهن حيازي". صورية. عقد "تفسير العقد".
استخلاص الحكم من تقرير الخبير أن الإقرار اللاحق إنما ينصب علي العقد السابق الذي وصف بأنه بيع بات. استنتاجه من عباراته أن العقد قصد به منذ البداية أن يكون ساتراً لرهن حيازي.
لا خطأ. علة ذلك.
(3) إثبات "عبء الإثبات". تزوير. حكم.
عدم وقوف الطاعن عند حد الدفع بالجهالة أو إنكار توقيع مورثه علي المحرر. ادعاؤه بتزويره. قصر البحث على هذا الادعاء وإلقاء عبء الإثبات على مدعي التزوير. لا خطأ.
(4)، (5) تزوير "الادعاء بالتزوير. حكم.
(4) تحديد موضع التزوير في تقرير الادعاء به بأن المورث اعتاد التوقيع بالإمضاء لا بالختم.
قصر البحث علي عدم توقيع المورث بختمه علي المحرر المدعي بتزويره. لا خطأ.
(5) المعول عليه في تحديد مواضع التزوير هو تقرير الادعاء به. عدم جواز إضافة مواضع أخرى في مذكرة شواهد التزوير أو في دفاع مدعي التزوير أمام المحكمة. علة ذلك.
1 - إنه وإن كان يبين من مقارنة نصوص المواد 28، 313، 314 من قانون المرافعات السابق أن المشرع قد رتب البطلان جزاء علي مباشرة القاضي أو كاتب المحكمة عملاًًًًًً في الدعوى التي تربطه بأحد الخصوم فيها صلة قرابة إلى الدرجة الرابعة، إلا إنه غاير في التعبير بين الحالتين إذ بينما نص علي وقوع البطلان بالنسبة لعمل القاضي أو قضائه ولو باتفاق الخصوم فإنه لم يورد نصاً مماثلاً لذلك بالنسبة لكاتب الجلسة، وذلك على أساس أن البطلان الذي يشير إليه نص المادة 28 المتقدم ذكرها لا يتعلق بالنظام العام فلا تحكم به المحكمة إلا إذا تمسك به الخصم صاحب المصلحة ويسقط حقه في التمسك به إذا نزل عنه. لما كان ذلك وكان الثابت من محاضر جلسات الدعوى أمام المحكمة الابتدائية أنه بعد أن قرر كاتب الجلسة أنه ابن عم المدعي - المطعون ضده - وافق الحاضر عن الطاعن الثاني على حضور هذا الكاتب بالجلسة كما قرر الحاضر مع الطاعن الثاني عدم اعتراضه على ذلك، وكذلك فإنه لم يثبت أن باقي الطاعنين الذين قدموا مذكرة بدفاعهم في الدعوى - قد اعترضوا على أن يباشر هذا الكاتب عمله في الدعوى، لما كان ما تقدم فإن الطاعنين يكونون قد نزلوا عن حقهم في التمسك ببطلان إجراءات نظر الدعوى أمام المحكمة الابتدائية لهذا السبب مما لا يجيز لهم العودة إلى التمسك به في الاستئناف، وإذ انتهت محكمة الاستئناف إلى عدم بطلان الحكم المستأنف استناداً إلى نص المادة 28 من قانون المرافعات السابق، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - إذ استخلص الحكم المطعون فيه مما أورده الخبير في تقريره أن الإقرار اللاحق للعقد محل الدعوى الموصوف بأنه عقد بيع بات إنما ينصب على هذا العقد، واستنتج الحكم من عبارات هذا الإقرار - بما لا خروج فيه على المعنى الظاهر لها - أن العقد وإن كان في ظاهره بيعاً إلا أن طرفيه إنما قصدا به في الحقيقة منذ البداية إلى أن يكون ساتراً لرهن حيازي فإن الحكم لا يكون قد أخطأ، إذ يكفي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - في اعتبار الإقرار المذكور ورقة ضد توافر المعاصرة الذهنية التي تربطه بالعقد وإن اختلف تاريخهما.
3 - إذ كان الثابت أن الطاعن لم يقف عند حد الدفع بعدم علمه بتوقيع مورثة على الإقرار أو إنكاره ذلك التوقيع, وإنما ذهب إلى الادعاء بتزويره, فإن الحكم الابتدائي إذ قصر بحثه على الادعاء بالتزوير وألقى على الطاعن عبء الإثبات وأيده في ذلك الحكم المطعون فيه, فإنه لا يكون قد خالف قواعد الإثبات.
4 - إذا أوجبت المادة 281 من قانون المرافعات السابق على مدعي التزوير تحديد كل مواضع التزوير المدعي به في تقرير الادعاء بالتزوير الذي يحرر في قلم الكتاب وإلا كان التقرير باطلاًً, وكان يبن من تقرير الادعاء بالتزوير أن مدعي التزوير قد حدد في هذا التقرير موضع التزوير في الإقرار المدعي بتزويره بأن مورثه اعتاد التوقيع بالإمضاء لا بالختم, فإن المحكمة الابتدائية لا تكون قد أخطأت إذ قصرت بحث الادعاء بالتزوير على عدم توقيع المورث بختمه على ذلك الإقرار.
5 - إن المعول عليه في تحديد مواضع التزوير - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو تقرير الادعاء بالتزوير ولا يجوز لمدعي التزوير أن يضيف في مذكرة شواهد التزوير, أو في دفاعه أمام المحكمة مواضع أخرى غير التي حددها في ذلك التقرير، لأن ذلك منه يكون ادعاء بتزوير بغير الطريق الذي رسمه القانون وهو طريق التقرير به في قلم الكتاب.


المحكمة

بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 677 لسنة 1964 كلى المنيا على الطاعنين وقال في صحيفتها أنه بتاريخ 20/ 12/ 1958 اقترض من مورثهم مبلغ 529 جنيهاً و960 مليماً وأنه ضماناً لذلك رهن له 2 فدان و8 قراريط أطياناً زراعية مبينة بالصحيفة وسلمها إليه لاستثمارها وخصم ريعها من الدين, وحرر بينهما عقد ورد فيه على خلاف الحقيقة أن المطعون ضده باع تلك الأطيان إلى مورث الطاعنين بثمن قدره 529 جنيهاً و660 مليماً وإذ كان مورث الطاعنين قد أقر كتابة في 28/ 3/ 1959 أن التعاقد هو في حقيقته رهن انعقد لمدة ست سنوات تنتهي في 31/ 10/ 1964 وكان ذلك المورث وورثته من بعده - الطاعنون - قد استوفوا قيمة الدين وفوائده من صافى ريع الأطيان المرهونة فقد أقام عليهم الطعون ضده هذه الدعوى وطلب فيها الحكم باستهلاك الدين وانقضاء الرهن الذي عقد ضماناًً له وتسليمه الأطيان المذكورة وبتاريخ 9/ 5/ 1965 ندبت المحكمة خبيراً لبيان ما إذا كانت الأطيان الواردة بالإقرار المشار إليه تنطبق على العقد المؤرخ 20/ 12/ 1958 وتقدير ريعها وإجراء عملية الاستهلاك قدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن الأطيان المبينة بالإقرار هي بذاتها الواردة بعقد البيع وأنه بإجراء عملية الاستهلاك خلال المدة من 22/ 12/ 1958 حتى 14/ 10/ 1964 تبين أنه لا يزال متبقيا في ذمة المطعون ضده من الدين مبلغ 320 جنيهاً720 مليماً - ادعى الطاعن الثالث بتزوير الإقرار المشار إليه, وندبت المحكمة لتحقيق هذا الادعاء قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي, وإذ تخلف هذا الطاعن عن إيداع الأمانة التي كلفته المحكمة إيداعها وتبين لها أن الدين لم يستهلك فقد قضت بتاريخ 19/ 12/ 1967 برفض الادعاء بالتزوير وبعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 33 لسنة 4 ق بني سويف وطلبوا إلغاءه والقضاء برفض الدعوى باعتبار أن العقد المؤرخ 20/ 12/ 1969 هو عقد بيع بات وليس عقد رهن وبتاريخ 11/ 1/ 1969 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة إلى الطاعنة الأولى بصفتها وصية على القاصر........ استناداً إلى أن المحامي الذي قرر بالطعن لم يقدم توكيلاً صادراً إليه منها بهذه الصفة, وفي الموضوع برفض الطعن بالنسبة إلى باقي الطاعنين, وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إنه لما كان المحامي الذي قرر بالنقض عن الطاعنة الأولى عن نفسها وبصفتها وصية لم يقدم توكيلاً صادراً إليه منها بهذه الصفة وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجب تقديم التوكيل حتى تتحقق المحكمة من وجوده وتستطيع معرفة صفات الخصوم وحدود الوكالة وما إذا كانت تشتمل على الإذن للمحامي الموكل في الطعن بطريق النقض، فإن الطعن يكون غير مقبول بالنسبة إلى الطاعنة الأولى بصفتها وصية للتقرير به من غير ذي صفة.
وحيث إن الطعن بالنسبة إلى باقي الطاعنين استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على سببين, يعنى الطاعنون بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ويقولون في بيان ذلك أن إجراءات الدعوى أمام محكمة أول درجة وقعت باطلة ذلك أن كاتب المحكمة الذي حضر بالجلسات عند نظر الدعوى وباشر عمله فيها هو ابن عم المطعون ضده وإذ كان هذا الكاتب قد وقع على النسخة الأصلية للحكم الابتدائي فإن ذلك الحكم يكون باطلاً طبقاًً للمادة 28 من قانون المرافعات السابق, وأنه على الرغم من تمسك الطاعنين أمام محكمة الاستئناف بهذا البطلان إلا أنها رفضته استناداً إلى القول بأن القانون لا يمنع كاتب المحكمة من الحضور في مثل هذه الحالة وقضت بتأييد الحكم المستأنف مما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كانت المادة 28 من قانون المرافعات السابق تنص على أنه لا يجوز للمحضرين ولا للكتبة وغيرهم من أعوان القضاة أن يباشروا عملاً يدخل في حدود وظائفهم في الدعاوى الخاصة بهم أو بأزواجهم أو أقاربهم أو أصهارهم للدرجة الرابعة وإلا كان هذا العمل باطلاً "وكانت المادة 313 من ذلك القانون تقضي بأن يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها ولو لم يرده أحد من الخصوم في الأحوال الآتية": أولاًًً - إذا كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم إلى الدرجة الرابعة وتنص المادة 314 منه على أن عمل القاضي أو قضاؤه في الأحوال المتقدمة الذكر ولو باتفاق الخصوم يقع باطلاً فإنه يبين من مقارنة هذه النصوص أنه وإن كان المشرع قد رتب البطلان جزاء علي مباشرة القاضي أو كاتب المحكمة عملاً في الدعوى التي تربطه بأحد الخصوم فيها صلة قرابة إلى الدرجة الرابعة إلا أنه غاير في التعبير بين الحالتين إذ بينما نص علي وقوع البطلان بالنسبة لعمل القاضي أو قضائه ولو باتفاق الخصوم فإنه لم يورد نصاً مماثلاً لذلك بالنسبة لكاتب الجلسة وذلك على أساس - أن البطلان الذي يشير إليه نص المادة 28 المتقدم ذكره لا يتعلق بالنظام العام فلا تحكم به المحكمة إلا إذا تمسك به الخصم صاحب المصلحة ويسقط حقه في التمسك به إذا نزل عنه ولما كان الثابت من محاضر جلسات الدعوى أمام المحكمة الابتدائية أنه بعد أن قرر كاتب الجلسة أنه ابن عم المدعي - المطعون ضده - وافق الحاضر عن الطاعن الثاني على حضور هذا الكاتب بالجلسة كما قرر الحاضر مع الطاعن الثاني عدم اعتراضه على ذلك وكذلك فإنه لم يثبت أن باقي الطاعنين - الذين قدموا مذكرة بدفاعهم في الدعوى - قد اعترضوا على أن يباشر هذا الكاتب عمله في الدعوى، لما كان ما تقدم فإن الطاعنين يكونون قد نزلوا عن حقهم في التمسك ببطلان إجراءات نظر الدعوى أمام المحكمة الابتدائية لهذا السبب مما لا يجيز لهم العودة إلى التمسك به في الاستئناف وإذ انتهت محكمة الاستئناف إلى عدم بطلان الحكم المستأنف استناداً إلى نص المادة 28 من قانون المرافعات السابق، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ويقولون في بيان ذلك أن الحكم اعتبر عقد البيع المؤرخ 20/ 12/ 1958 رهناً استناداً منه إلى الإقرار المؤرخ 28/ 3/ 1959 على الرغم من انتقاء المعاصرة بينهما مما لا يجوز معه اعتبار هذا الإقرار ورقة ضد بالنسبة إلى عقد البيع كما لا يجوز اعتبار هذا العقد بيعاً وفائياً يحكمه نص المادة 465 من القانون المدني فيقع باطلاًًً - وإذ جانب الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص قوله "أن الخبير انتهى في تقريره إلى أن القدر موضوع الدعوى بحسب حدوده الموضحة بالعريضة هي نفس الأطيان التي شملها عقد البيع العرفي المؤرخ 20/ 12/ 1958 بالحدود الموضحة به وهي نفس الأطيان التي شملها الإقرار المؤرخ 28/ 3/ 1959... وأما ما يذكره المستأنفون - الطاعنون - من أن ذلك الإقرار لا يعتبر ورقة ضد فمردود بأن عبارات هذا الإقرار واضحة وصريحة في أنه يفسر عقد البيع المؤرخ في 20/ 12/ 1958 بأنه عقد رهن مما يعتبر معه أن حقيقته ورقة ضد..... وأنه وقد انقشع زيف ما رمى به المستأنفون الإقرار المؤرخ 28/ 3/ 1959 بثبوت صحته فيغدو ورقة ضد لعقد البيع المذكور يؤكد أن نية الطرفين قد انصرفت من بادئ الأمر إلى الرهن" فإن مفاد ذلك أن الحكم المطعون فيه قد استخلص مما أورده الخبير في تقريره أن الإقرار اللاحق للعقد محل الدعوى الموصوف بأنه عقد بيع بات إنما ينصب على هذا العقد واستنتج الحكم من عبارات هذا الإقرار بما لا خروج فيه على المعنى الظاهر لها - أن العقد وإن كان في ظاهره بيعاً إلا أن طرفيه إنما قصدا به في الحقيقة منذ البداية إلى أن يكون ساتراً لرهن حيازي فإن الحكم لا يكون قد أخطأ إذ يكفي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - في اعتبار الإقرار المذكور ورقة ضد توافر المعاصرة الزمنية التي تربطه بالعقد وإن اختلف تاريخهما - لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون بهذا الوجه يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني مخالفة القانون والقصور في التسبيب وذلك من ثلاثة أوجه ويقولون في بيان الوجه الأول والشق الأول من الوجه الثالث أن الطاعن الثالث قرر أمام المحكمة الابتدائية أنه لا يعرف شيئاً عن الإقرار المؤرخ 28/ 3/ 1959 المنسوب إلى مورثه مما يعتبر منه دفعاً بالجهالة أو بإنكار توقيع المورث عليه مما يلقي على عاتق المتمسك بالإقرار عبء إثبات صحته, غير أن تلك المحكمة التفتت عن ذلك وقصرت بحثها على تحقيق ادعائه بتزوير ذلك الإقرار وألزمته بإقامة الدليل على ادعائه وإذ أيد الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي في هذا الخصوص على الرغم من تمسك الطاعن بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف قواعد الإثبات وشابه قصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه متى كان الثابت أن الطاعن الثالث لم يقف عند حد الدفع بعدم علمه بتوقيع مورثه على الإقرار أو إنكاره ذلك التوقيع وإنما ذهب إلى الادعاء بتزوير فإن الحكم الابتدائي إذ قصر بحثه على الادعاء بالتزوير وألقى على هذا الطاعن عبء الإثبات وأيده في ذلك الحكم المطعون فيه فإنه لا يكون قد خالف قواعد الإثبات أو شابه قصور في التسبيب ومن ثم فإن النعي عليه بما تقدم يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني من السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب ذلك أن ادعاء الطاعن الثالث بالتزوير لم يقتصر على أن مورثه لم يوقع على الإقرار بختمه بل إن ادعاءه قد شمل الإقرار صلباً وتوقيعاً إذ قرر أن من المحتمل أن يكون الإقرار قد حرر بغير علم مورثه وإن التوقيع عليه بختمه قد تم نتيجة اختلاس الختم وأنه طلب تحقيق ذلك بشهادة الشهود خاصة وأن أحد شاهدي هذا الإقرار قد أنكر توقيعه عليه، غير أن المحكمة الابتدائية لم تجبه إلى طلبه هذا، واقتصرت على تحقيق الادعاء بعدم توقيع المورث بختمه على الإقرار وذلك بطريق المضاهاة، وقد جارتها محكمة الاستئناف في ذلك على الرغم من تمسك الطاعن بهذا الدفاع أمامها ولم ترد عليه وهو ما يعيب حكمها المطعون فيه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن المادة 281 من قانون المرافعات السابق أوجبت على مدعي التزوير تحديد كل مواضع التزوير المدعي به في تقرير الادعاء بالتزوير الذي يحرر في قلم الكتاب وإلا كان التقرير باطلاً - ولما كان يبن من تقرير الادعاء بالتزوير المحرر في 16/ 1/ 1966 بقلم كتاب محكمة المنيا الابتدائية أن الطاعن الثالث - مدعي التزوير - حدد في هذا التقرير موضع التزوير في الإقرار المدعي بتزويره بأن مورثه اعتاد التوقيع بالإمضاء لا بالختم فإن المحكمة الابتدائية لا تكون قد أخطأت إذ قصرت بحث الادعاء بالتزوير على عدم توقيع المورث بختمه على ذلك الإقرار، وكان لا عبرة بما يقوله الطاعن الثالث من أنه تمسك في دفاعه أمام المحكمة الابتدائية بأن الإقرار قد حرر دون علم مورثه ورضائه وأنه من المحتمل أن يكون ختمه قد اختلس منه ووقع به على الإقرار، ولا بتمسكه بذلك أمام محكمة الاستئناف وبأن الادعاء بالتزوير قد شمل الإقرار صلباً وتوقيعاً لا عبرة بقوله هذا أو ذاك لأن المعول عليه في تحديد مواضع التزوير وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو تقرير الادعاء بالتزوير ولا يجوز لمدعي التزوير أن يضيف في مذكرة شواهد التزوير أو في دفاعه أمام المحكمة مواضع أخرى غير التي حددها في ذلك التقرير لأن ذلك منه يكون ادعاء بتزوير بغير الطريق الذي رسمه القانون وهو طريق التقرير به في قلم الكتاب وإذ كان الحكم الابتدائي قد انتهى بحق إلى أن ادعاء الطاعن الثالث بالتزوير قد انصب على عدم توقيع المورث بختمه على الإقرار دون ما جاوز ذلك مما لم يرد في تقرير الادعاء بالتزوير، فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي في هذا الخصوص دون أن يرد على ما أضافه الطاعن أمام محكمة الاستئناف من مواضع أخرى للتزوير لا يكون قد أخطأ أو شابه قصور في التسبيب ومن ثم فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الشق الثاني من الوجه الثالث من السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه جاء مشوباً بالقصور في التسبيب ذلك أنه أيد المحكمة الابتدائية في رفضها طلب إقالته من الغرامتين المحكوم عليه بهما بجلستي 28/ 5/ 1967، 25/ 6/ 1967 على سند من القول بأن هذا الطاعن لم يبد عذراً مقبولاً يبرر إقالته من الغرامة في حين أنه قدم الأعذار المبررة لذلك.
وحيث إن النعي بهذا الشق مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أورد بأسبابه في هذا الخصوص أن الحكم بالغرامة على من يتخلف من الخصوم عن القيام بأي إجراء كلفته به المحكمة غير قابل للطعن فيه بأي طريق وإذ كان هذا الذي أورده الحكم لا مخالفة فيه للقانون فإن النعي عليه بالقصور في التسبيب فيما تزيد فيه من القول بأن الطاعن لم يقدم عذراً مقبولاً يبرر إقالته من الغرامة يكون غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.