أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 698

جلسة 17 من إبريل سنة 1974

برياسة السيد نائب رئيس المحكمة/ المستشار أحمد حسن هيكل وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، وإبراهيم السعيد ذكرى، وإسماعيل فرحات عثمان.

(112)
الطعن رقم 38 لسنة 40 القضائية "أحوال شخصية"

(1) دعوى "وقف الدعوى". حكم "حجية الحكم".
الحكم بوقف الدعوى لحين الفصل في مسألة أخرى ترى المحكمة ضرورة الفصل فيها. حكم قطعي. أثره. امتناع العودة لنظر الموضوع دون تقديم الدليل على تنفيذ ذلك الحكم.
(2) اختصاص "الاختصاص الولائي". دعوى "وقف الدعوى" حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. نظام عام.
الحكم نهائياً بوقف الدعوى لحين الفصل في شأن الجنسية من المحكمة الإدارية المختصة. قضاء بعدم الاختصاص الولائي بنظر هذه المسألة. امتناع عرضها من جديد على المحاكم العادية ولو كان هذا القضاء قد أخطأ في القانون. قوة الأمر المقضي تعلو على اعتبارات النظام العام. تحديد الحكم أجلاً لإقامة الدعوى، لا يحوز قوة الأمر المقضي.
(3) اختصاص "اختصاص ولائي". إحالة. قوة الأمر المقضي.
إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة. لا تكون إلا عند الحكم بعدم الاختصاص. الحكم بعدم جواز نظر الدعوى - لسابقة الفصل فيها بعدم اختصاص القضاء العادي بنظرها - لا يعد فصلاً في مسألة الاختصاص.
(4) دعوى "وقف الدعوى". حكم "فساد الاستدلال". دفوع.
وقف الدعوى لحين الفصل في مسألة أولية من جهة قضاء أخرى. تخلف الخصم عن إقامة الدعوى أمام هذه الجهة. أثره. للمحكمة الفصل في الدعوى بحالتها. م 15 ق 43 لسنة 1965 اعتبار الحكم هذا التخلف تسليماً بدفاع الخصم. فساد في الاستدلال.
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة [(1)] - أن تعليق أمر الفصل في الدعوى حتى يفصل في مسألة أخرى ترى المحكمة ضرورة الفصل فيها، والحكم بوقف الدعوى لهذا السبب يجعل حكم الوقف حكماً قطعياً فيما تضمنه من عدم جواز الفصل في موضوع الدعوى قبل تنفيذ مقتضاه، بحيث يمتنع على المحكمة معاودة النظر في هذا الموضوع دون أن يقدم لها الدليل على تنفيذ ذلك الحكم.
2 - إذ كان الطاعن بصفته قد أقام الدعوى - أمام دائرة الأحوال الشخصية للأجانب - بصحة الوصية الصادرة لصالح الطائفة التي يمثلها، ورأت المحكمة أن النزاع حول جنسية الموصية مسألة أولية يتوقف عليها الفصل في الدعوى وتخرج عن اختصاصها الولائي فقضت بحكم نهائي بوقفها مع تكليف الطاعن باستصدار حكم في خلال سنة من المحكمة الإدارية المختصة، فإن الحكم يكون قد قطع في أن الفصل في مسألة جنسية الموصية - وهي من مسائل الواقع - يخرج عن الاختصاص الولائي للمحكمة، وينعقد لمحكمة القضاء الإداري، وتكون له في هذا النطاق حجية الأمر المقضي، بحيث لا تملك المحكمة التي أصدرته أن تعدل عن هذا النظر وتقضي باختصاص جهة القضاء العادي بالفصل في هذه المسألة، كما يمتنع على الخصوم إعادة طرحها من جديد علي المحاكم العادية، ولا يقبل القول بأن حجية هذا الحكم النهائي موقوتة بانتهاء الأجل المضروب لاستصدار الحكم في المسألة الأولية، لأن في ذلك إهدار القاعدة الحجية، ومن شأنه أن يجعلها مرهونة بإرادة الخصم إذا قصر في استصدار الحكم المطلوب، لا يغير من ذلك ادعاء الطاعن أن القضاء العادي هو المختص دون القضاء الإداري على خلاف مذهب الحكم، لأن الحكم النهائي ولو اشتمل على خطأ في القانون تكون له قوة الأمر المقضي، وهي تعلو على اعتبارات النظام العام، كما لا يغير منه أيضاً أن الحكم بالوقف فيما تضمنه من تحديد أجل معين لإقامة الدعوى لا يحوز بطبيعته قوة الأمر المقضى في هذا الخصوص، ويجوز العدول عنه من المحكمة التي أصدرته، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد ساير هذا النظر، فإنه يكون قد أصاب في قضائه ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون على غير أساس.
3 - تقضي المادة 110 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 بأنه على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة، ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية، مما مفاده أن الإحالة لا تكون إلا عند الحكم بعدم الاختصاص. ولما كان الحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها - بعدم اختصاص القضاء العادي بنظرها - لا يعتبر فصلاً في الاختصاص وإنما هو قضاء مانع من نظر الدعوى إعمالاً لقاعدة حجية الأمر المقضي تفادياً لتضارب الأحكام، فإن النعي - بأن الحكم ينطوي في الحقيقة على قضاء بعدم الاختصاص الولائي وكان يتعين إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية المختصة - يكون في غير محله.
4 - إذا كان الحكم المطعون فيه حين عرض للفصل في الدعوى المرفوعة بصحة الوصية، قرر أن عدم قيام الطاعن برفع دعوى بجنسية الموصية أمام محكمة القضاء الإداري - والتي وافقت من أجلها الدعوى الأصلية لحين استصدار حكم في هذا الشأن من تلك الجهة - يعد منه تسليماً بدفاع خصمه القائم على أن الموصية مصرية الجنسية، فإن هذا الذي أسس عليه الحكم قضاءه، استدلال غير سائغ لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، ذلك أن الطاعن أقام الدعوى بالجنسية أمام الحاكم العادية لأنه يرى أنها الجهة المختصة بنظر هذه المسألة، فلا يعتبر تخلفه عن إقامة الدعوى أمام القضاء الإداري تسليماً منه بدفاع خصمه بأن الموصية مصرية الجنسية، وكان يتعين على المحكمة أن تقضي في الدعوى بحالتها عملاً بما تنص عليه الفقرة الأخيرة من المادة/ 15 من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 - المنطبق على واقعة الدعوى - من أنه إذا قصر الخصم في استصدار حكم نهائي في الدفع في المدة المحددة كان للمحكمة أن تفصل في الدعوى بحالتها، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد عاره فساد في الاستدلال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن ممثل طائفة السريان الكاثوليك بالإسكندرية - الطاعن - أقام الدعوى رقم 5 لسنة 1963 أحوال شخصية أجانب أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد المطعون عليهم الأربعة الأولين ومورث المطعون عليها الخامسة بطلب الحكم ببطلان الإشهاد رقم 114 لسنة 1962 الصادر من محكمة الإسكندرية للأحوال الشخصية لغير المسلمين وعدم الاعتداد به، وبصحة الوصية الصادر من المرحومة....... والمسجلة بقلم العقود بمحكمة الإسكندرية المختلطة في 9 من أغسطس 1947. وقال شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 11 من يونيو 1962 توفيت المرحومة....... اللبنانية الجنسية - عن وصية رسمية مسجلة بقلم العقود بمحكمة الإسكندرية المختلطة أوصت فيها بكامل تركتها المنقولة والعقارية لطائفة السريان الكاثوليك بالإسكندرية، وإذ تجاهل أشقاء الموصية - المطعون عليهم - هذه الوصية واستصدروا الإشهاد الشرعي رقم 114 لسنة 1962 بانحصار الإرث فيهم وحدهم، فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان. دفع المطعون عليهم بعدم اختصاص دائرة الأحوال الشخصية للأجانب بنظر الدعوى تأسيساً على أن الموصية مصرية الجنسية وبتاريخ 15 من يونيو 1964 حكمت المحكمة برفض هذا الدفع، وبوقف الدعوى حتى يفصل بحكم نهائي من المحكمة الإدارية المختصة في جنسية الموصية. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 5 لسنة 20 ق الإسكندرية للأحوال الشخصية أجانب، ومحكمة الاستئناف حكمت في 4 من ديسمبر 1966 بتأييد الحكم المستأنف وحددت للطاعن سنة محسوبة من يوم صدور الحكم الاستئنافي لاستصدار الحكم النهائي بجنسية الموصية من القضاء الإداري المختص فأقام الطاعن بصفته ضد المطعون عليهم الدعوى رقم 9 لسنة 1967 أحوال شخصية أجانب أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بثبوت الجنسية اللبنانية للموصية المرحومة.........، وقال إنه رفع دعواه أمام القضاء العادي المختص لأن النزاع حول الجنسية لا يمس قراراً إدارياً. دفع المطعون عليهم هذه الدعوى أصلياً بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 5 لسنة 1963 كلي أحوال شخصية أجانب الإسكندرية واحتياطياً بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظرها لأن محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة هي المختصة بنظر دعوى الجنسية، وبتاريخ 11 من شهر يناير 1968 حكمت المحكمة برفض الدفعين، وحددت جلسة لنظر الموضوع وعلى أثر ذلك عجل المطعون عليهم الدعوى رقم 5 لسنة 1963 كلي أحوال شخصية أجانب الإسكندرية طالبين القضاء برفضها، قررت المحكمة ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، ثم حكمت بجلسة 20 من فبراير 1969 في الدعوى رقم 9 لسنة 1967 بثبوت الجنسية اللبنانية للموصية، وفي الدعوى رقم 5 لسنة 1963 بصحة الوصية المؤرخة 9 من أغسطس 1947 وبعدم الاعتداد بالإشهاد رقم 114 لسنة 1962. استأنف المطعون عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 1 لسنة 25 ق الإسكندرية للأحوال الشخصية أجانب، وبتاريخ 19 من مايو 1970 حكمت (أولاًًً) في الدعوى رقم 9 لسنة 1967 بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول الدفع وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالدعوى رقم 5 لسنة 1963، (ثانياً) في الدعوى رقم 5 لسنة 1963 بتعديل الحكم المستأنف وبصحة الوصية الصادرة من المرحومة........ لصالح طائفة السريان الكاثوليك بالإسكندرية في حدود ثلث التركة الموضحة بالوصية وبصحيفة افتتاح الدعوى. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم قضى بعدم جواز نظر دعوى الجنسية رقم 9 لسنة 1967 لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 5 لسنة 1963 بوقفها حتى يفصل من محكمة القضاء الإداري في جنسية الموصية، على سند من القول بأنه حكم قطعي إذ قضى بأن جنسية الموصية مسألة أولية تختص محكمة القضاء الإداري بالفصل فيها فيجوز حجية تمنع من العودة إلى نظرها، في حين أن الحكم لا تكون له حجية الأمر المقضي إلا حيث يفصل في مسألة واقع لا في مسألة قانون، وقضاء الحكم الصادر بالوقف باختصاص المحكمة الإدارية بالفصل في الجنسية ليس إلا فصلاً في مسألة قانونية لا يجوز أية حجية، علاوة على أن هذا الحكم لا يعد قطعياً إلا في خصوص تعليق الفصل في الدعوى على المسألة الأولية، أما فيما تضمنه من استصدار الحكم من جهة معينة بالذات وفي خلال أجل محدد فهو قضاء تحضيري لا يكتسب حجية ويجوز العدول عنه، هذا إلى أن الحكم بالوقف ذو حجية موقوتة تنتهي بانتهاء الأجل المضروب للطاعن لاستصدار حكم الجنسية وإذ حجب الحكم المطعون فيه نفسه بهذا التقرير القانوني الخاطئ عن الفصل في دعوى الجنسية التي أقامها الطاعن أما جهة القضاء العادي التي رأى أنها هي الجهة المختصة بالفصل في هذه المسألة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تعليق أمر الفصل في الدعوى حتى يفصل في مسألة أخرى ترى المحكمة ضرورة الفصل فيها والحكم بوقف الدعوى لهذا السبب - يجعل حكم الوقف حكماً قطعياً فيما تضمنه من عدم جواز الفصل في موضوع الدعوى قبل تنفيذ مقتضاه بحيث يمتنع على المحكمة معاودة النظر في هذا الموضوع دون أن يقدم لها الدليل على تنفيذ ذلك الحكم، وكان البين من الاطلاع على الأوراق أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم 5 لسنة 1963 أحوال شخصية أجانب بصحة الوصية الصادرة لصالح الطائفة التي يمثلها ورأت المحكمة أن النزاع حول جنسية الموصية مسألة أولية يتوقف عليها الفصل في الدعوى وتخرج عن اختصاصها الولائي، فقضت بحكم نهائي بوقفها مع تكليف الطاعن باستصدار حكم في خلال سنة من المحكمة الإدارية المختصة، فإن الحكم يكون قد قطع في أن الفصل في مسألة جنسية الموصية - وهي من مسائل الواقع يخرج عن الاختصاص الولائي للمحكمة، وينعقد لمحكمة القضاء الإداري، وتكون له في هذا النطاق حجية الأمر المقضي بحيث لا تملك المحكمة التي أصدرته أن تعدل عن هذا النظر وتقضي باختصار جهة القضاء العادي بالفصل في هذه المسألة، كما يمتنع على الخصوم إعادة طرحها من جديد علي المحاكم العادية، ولا يقبل القول بأن حجية هذا الحكم النهائي موقوتة بانتهاء الأجل المضروب لاستصدار الحكم في المسألة الأولية لأن في ذلك إهدار القاعدة الحجية ومن شأنه أن يجعلها مرهونة بإرادة الخصم إذا قصر في استصدار الحكم المطلوب، لا يغير من ذلك ادعاء الطاعن أن القضاء العادي هو المختص دون القضاء الإداري على خلاف مذهب الحكم، لأن الحكم النهائي ولو اشتمل على خطأ في القانون تكون له قوة الأمر المقضي، وهي تعلو على اعتبارات النظام العام، كما لا يغير منه أيضاً أن الحكم بالوقف فيما تضمنه من تحديد أجل معين لإقامة الدعوى لا يجوز بطبيعته قوة الأمر المقضي في هذا الخصوص ويجوز العدول عنه من المحكمة التي أصدرته، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد ساير هذا النظر وخلص إلى أن حكم الوقف الصادر في الدعوى رقم 5 لسنة 1963 أحوال شخصية أجانب له حجية ملزمة تمنع من نظر موضوع الجنسية أمام جهة القضاء العادي بالدعوى رقم 9 لسنة 1967 أحوال شخصية أجانب فإنه يكون قد أصاب في قضائه ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم جواز نظر دعوى الجنسية رقم 9 لسنة 1967 لسبق الفصل فيها بالدعوى رقم 5 لسنة 1963 بأن مسألة الجنسية تختص بها محكمة القضاء الإداري وهو ينطوي في الحقيقة على قضاء بعدم الاختصاص الولائي. الأمر الذي كان يتعين معه على المحكمة أن تحيل دعوى الجنسية رقم 9 لسنة 1967 إلى المحكمة الإدارية المختصة عملاً بالمادة 110 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 ولو أنزلت المحكمة حكم القانون لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى رقم 5 لسنة 1963 الخاصة بصحة الوصية بإعادتها إلى الوقف حتى يفصل في جنسية الموصية.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 110 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 تقضي بأنه على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية، مما مفاده أن الإحالة لا تكون إلا عند الحكم بعدم الاختصاص، ولما كان الحكم بعدم جواز نظر الدعوى رقم 9 لسنة 1967 لسابقة الفصل فيها بحكم الوقف الصادر في الدعوى رقم 5 لسنة 1963 لا يعتبر فصلاً في الاختصاص وإنما هو قضاء مانع من نظر الدعوى إعمالاً لقاعدة حجية الأمر المقضي تفادياً لتضارب الأحكام، لما كان ذلك فإن النعي بهذا الوجه يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتبر عدم قيام الطاعن برفع دعوى أمام محكمة القضاء الإداري بجنسية الموصية تسليماً منه بدفاع المطعون عليهم من أنها مصرية الجنسية، في حين أن الثابت أن الطاعن أقام دعواه بالجنسية أمام القضاء العادي متمسكاً بأن الموصية لبيانية الجنسية، ومجرد لجوئه إلى هذا القضاء دون القضاء الإداري أياً كان وجه الرأي فيه، لا يمكن تفسيره بأنه تسليم بدفاع الخصوم، خاصة وأن مفهوم المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 أنه إذا قصر الخصم في استصدار حكم نهائي في الدفع في المدة المحددة فإنه يتعين على المحكمة أن تفصل في الدعوى بحالتها أي بعد بقدير كافة أوجه دفاع الطرفين المطروحة والموازنة بين مراكز الخصوم ليس بافتراض أن أحد الطرفين قد سلم بدفاع خصمه، وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه حين عرض للفصل في الدعوى رقم 5 لسنة 1963 المرفوعة بصحة الوصية قرر ما يلي "وترى المحكمة إزاء عدم قيام المستأنف ضده - الطاعن - برفع الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري للحصول على حكم بالجنسية أن ذلك يعد منه تسليماً بدفاع خصمه القائم على أن الموصية مصرية الجنسية، وكان هذا الذي أسس عليه الحكم قضاءه استدلال غير سائغ لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، ذلك أن الطاعن أقام الدعوى رقم 9 لسنة 1967 بالجنسية أمام المحاكم العادية لأنه يرى أنها الجهة المختصة بنظر هذه المسألة، فلا يعتبر تخلفه عن إقامة الدعوى أمام القضاء الإداري تسليماً منه بدفاع خصمه بأن الموصية مصرية الجنسية، وكان يتعين على المحكمة أن تقضي في الدعوى بحالتها عملاً بما تنص عليه الفقرة الأخيرة من المادة من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 - المنطبق على واقعة الدعوى - من أنه إذا قصر الخصم في استصدار حكم نهائي في الدفع في المدة المحددة كان للمحكمة أن تفصل في الدعوى بحالتها، لما كان ذلك فإن الحكم يكون قد عاره فساد في الاستدلال بما يوجب نقضه.


[(1)] نقض 21/ 3/ 1963 مجموعة المكتب الفني السنة 14 ص 337.