أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 773

جلسة 29 من إبريل سنة 1974

برياسة السيد المستشار سليم راشد وعضوية السادة المستشارين/ عبد العليم الدهشان، ومصطفى سليم، ومصطفى الفقي، ومحمد صالح أبو راس.

(127)
الطعن رقم 275 لسنة 39 القضائية

(1) دعوى. "دعوى عدم نفاذ التصرف". صورية. استئناف. "الطلبات الجديدة".
جواز الجمع بين دعوى الصورية والدعوى البوليصية معاً متى كان الدائن يهدف بهما إلى عدم نفاذ تصرف المدين في حقه. إغفال محكمة الدرجة الأولى الفصل في طلب الصورية، لا يجعله طلباً جديداً أمام محكمة الاستئناف.
(2)، (3) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". بيع. إثبات. القرائن القضائية. صورية.
(2) حق محكمة الموضوع بصدد التدليل على صورية عقد البيع في الاستعانة بأقوال الشهود في تحقيق أجرته حول تقديم تاريخ هذا العقد. اعتبار ما تحصله من تلك الأقوال. قرينة تساند الأدلة الأخرى.
(3) إقامة الحكم بصورية عقد البيع صورية مطلقة على قرائن متساندة، عدم جواز مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها. النعي على الحكم في هذا الصدد. جدل موضوعي.
1 - إنه وإن كان الطعن بالدعوى البوليصية يتضمن الإقرار بجدية التصرف والطعن بالصورية يتضمن إنكار التصرف، مما يقتضي البدء بالطعن بالصورية إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من إبداء الطعنين معاً إذا كان الدائن يهدف بهما إلى عدم نفاذ تصرف المدين في حقه. لما كان ذلك وكان الثابت من مذكرة المطعون ضدها الأولى أمام محكمة الدرجة الأولى أنها تمسكت بالدعويين معاً، إذ طلبت الحكم بعدم نفاذ عقد البيع الصادر إلى الطاعنة من مورث باقي المطعون ضدهم تأسيساً على أنها دائنة له وأن العقد صوري محض وقصد به تهريب أمواله وعلى فرض أنه جدي فإنه إنما عقد للإضرار بحقوقها كدائنة وتنطبق عليه شروط المادتين 237، 238 من القانون المدني ولما استأنفت تمسكت بدفاعها المتقدم ذكره، وبالتالي فإن طلب الصورية كان معروضاً على محكمة الدرجة الأولى وإغفالها الفصل فيه لا يجعله طلباً جديداً أمام محكمة الاستئناف.
2 - لما كان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير الدليل من كافة الأوراق المقدمة في الدعوى بحيث يكون لها أن تقضي في موضوعها بما تراه حقاً وعدلاً، فإنه لا تثريب عليها إن هي استعانت في شأن التدليل على صورية عقد البيع موضوع الدعوى أقوال الشهود في التحقيق الذي أجرته في شأن تقديم تاريخ هذا العقد للإضرار بالمطعون ضدها الأولى الدائنة للبائع وذلك على تقدير أن ما حصله الحكم من أقوال هؤلاء الشهود يعتبر قرينة تساند الأدلة الأخرى التي ساقتها.
3 - إذ كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بصورية عقد البيع - موضوع الدعوى - صورية مطلقة بقصد الإضرار بالدائنة للبائع - المطعون ضدها الأولى - على ما استخلصه من شهادة شاهدي المطعون ضدها الأولى من أن مورث المطعون ضدهم - البائع - عرض على المطعون ضدها الأولى أن تشتري منه العقارات موضوع العقد الصادر منه للطاعنة وفاء لدينها قبله وكان ذلك بحضور الطاعنة التي لم تبد أي اعتراض على هذا العرض من جانب البائع وأن الثمن الوارد في عقدها بخس إذ يقل عن الثمن الذي عرض البيع به وأنه لا يعقل أن يسلمها الربع مع أنه لم يقبض منها سوى نصف الثمن وأنها تراخت في إجراءات شهر هذا البيع عدة سنوات وأن التصرف انصب على كل ما يملك إلى شقيقة زوجته وهي قرائن متساندة استنبطتها المحكمة من الأوراق المقدمة في الدعوى وهي سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه ولا تجوز مناقشة كل قرينة منها على حدة لإثبات عدم كفايتها وبالتالي فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1382 لسنة 1965 مدني كلي القاهرة على المطعون ضدهم عدا الأولى طالبة الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 28/ 7/ 1962 الصادر إليها من مورثهم عن حصة مقدارها 13 و93/ 100 ط من 24 ط شيوعاً في العقارات المبينة بصحيفة الدعوى نظير ثمن قدره 400، وبجلسة 20/ 5/ 1965، طلبت المطعون ضدها الأولى قبول تدخلها خصماً في الدعوى للحكم بعدم نفاذ عقد البيع في حقها تأسيساً على أنها تداين البائع في مبلغ 652 جنيهاً بمقتضى أمر أداء وأن البيع صوري محض كما تمسكت بصورية التاريخ الثابت على العقد وأن المورث قصد تهريب جميع ما يملك إضراراً بها، وفي 19/ 4/ 1967 قضت المحكمة بقبول تدخلها خصماً في الدعوى وبرفض طلباتها وحكمت للطاعنة بطلباتها واستأنف المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 1246 لسنة 84 ق استئناف القاهرة طالبة إلغاءه ورفض الدعوى. وبتاريخ 17/ 2/ 1968 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها الأولى بكافة الطرق أن التاريخ الثابت على عقد البيع المؤرخ 28/ 7/ 1962 غير صحيح وأنه قدم للإضرار بها وصرحت للطاعنة بالنفي وسمعت المحكمة شهود المطعون ضدها الأولى واكتفت الطاعنة بالاستناد إلى صورة رسمية من الطلب رقم 1800 لسنة 1962 شهر عقاري الوايلي للتدليل على صحة التاريخ الثابت على عقد البيع وفي 9/ 3/ 1969 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب حاصل أولها الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول الطاعنة: إن المطعون ضدها تمسكت أمام محكمة الدرجة الأولى بعدم نفاذ التصرف في حقها عملاً بالمادتين 237، 238 من القانون المدني ومؤدى ذلك أنها لا تطعن ببطلان العقد وتسلم بوجوده ولما رفضت محكمة الدرجة الأولى طلباتها استأنفت الحكم وطلبت رفض الدعوى تأسيساً على صورية العقد صورية مطلقة وهو طلب جديد لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ولأنه لا يجوز إبداء الدفع بالصورية الذي يتضمن إنكار العقد بعد الدفع بعدم النفاذ إلى يتضمن الإقرار به.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه وإن كان الطعن بالدعوى البوليصية يتضمن الإقرار بجدية التصرف، والطعن بالصورية يتضمن إنكار التصرف مما يقتضي البدء بالطعن بالصورية إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من إبداء الطعنين معاً إذا كان الدائن يهدف بهما إلى عدم نفاذ تصرف المدين في حقه. لما كان ذلك وكان الثابت من مذكرة المطعون ضدها الأولى أمام محكمة الدرجة الأولى أنها تمسكت بالدعويين معاً إذ طلبت الحكم بعدم نفاذ عقد البيع الصادر إلى الطاعنة من مورث باقي المطعون ضدهم تأسيساً على أنها دائنة له وأن العقد صوري محض وقصد به تهريب أمواله، وعلى فرض أنه جدي فإنه إنما عقد للإضرار بحقوقها كدائنة وتنطبق عليه شروط المادتين 237، 238 من القانون المدني ولما استأنفت الحكم تمسكت بدفاعها المتقدم ذكره وبالتالي فإن طلب الصورية كان معروضاً على محكمة الدرجة الأولى وإغفالها الفصل فيه لا يجعله طلباً جديداً أمام محكمة الاستئناف وعلى ذلك فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الأسباب الثاني والثالث والرابع أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه القصور والإخلال بحق الدفاع حين أسس قضاءه بصورية العقد ورفض الدعوى على ما استخلصه من شهادة شاهدي المطعون ضدها الأولى ذلك أن الواقعة التي كانت محل التحقيق بمقتضى حكم محكمة الاستئناف الصادر بتاريخ 17/ 2/ 1968 هي واقعة تقديم التاريخ الثابت على عقد البيع بقصد الإضرار بالمطعون ضدها الأولى، وما كان يجوز لمحكمة الاستئناف أن تأخذ بشهادة شاهدي المطعون ضدها إلا في هذا النطاق وإذ استندت عليها في إثبات صورية العقد فإنها تكون قد خالفت القانون، كما أخلت بحق الطاعنة في الدفاع إذ كان على المحكمة إذا ما رأت التعرض لصورية العقد أن تقضي بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الصورية ونفيها هذا إلى جانب أن الحكم المطعون فيه استند إلى قرائن لا تقوم على أساس صحيح من الأوراق وإنما استنبطها من أقوال شاهدي المطعون ضدها الأولى التي تضمنت أن المورث تصرف في كل الحصص التي ورثها عن زوجته إلى شقيقتها الطاعنة نظير ثمن قدره 400 جنيه وهو ثمن بخس يقل عن الثمن قبل البيع به للمطعون ضدها الأولى وقدره 1000 جنيه وهي قرائن لا تكفي لحمل قضائه ذلك أن البيع إلى شقيقة الزوجة دليل على جدية التصرف خصوصاً وأن المبيع عبارة عن حصة ضئيلة في عقارات متفرقة الأمر الذي تتعذر معه على غير الشركاء استغلالها، كما أنه لم يقم دليل على بخس الثمن وأضافت الطاعنة أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه بشأن الإنذار الموجه إلى الشريكة الثالثة في العقارات المبيعة والطلب المقدم من الطاعنة لشهر العقد من أنهما لا يصلحان للتدليل على جدية العقد، لا ينهض دليلاً على صوريته وفيه خلط بين دعوى الصورية والدعوى البوليصية بالإضافة إلى أنها وإن لم تتم إجراءات شهر العقد إلا أنها كانت تقوم بتجديد الطلب سنوياً.
وحيث إن النعي بهذه الأسباب مردود بأن المطعون ضدها الأولى وعلى ما سبق بيانه في الرد على السبب الأول قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بصورية العقد صورية مطلقة بقصد الإضرار بها كدائنة كما تمسكت بعدم نفاذه في حقها وساقت في مذكرتها عدة قرائن للتدليل على هذه الصورية من بينهما ما قرره شاهداها في التحقيق الذي أجرته محكمة الاستئناف بشأن تقديم التاريخ الثابت على عقد البيع، ولما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير الدليل من كافة الأوراق المقدمة في الدعوى بحيث يكون لها أن تقضي في موضوعها بما تراه حقاً وعدلاً فإنه لا تثريب عليها إن هي استعانت في شأن تقديم تاريخ هذا العقد للإضرار بالمطعون ضدها الأولى الدائنة للبائع وذلك على تقدير أن ما حصله الحكم من أقوال هؤلاء الشهود يعتبر قرينة تساند الأدلة الأخرى التي ساقتها وكانت الطاعنة لم تطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لنفي الصورية وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بصورية عقد البيع صورية مطلقة بقصد الإضرار بالدائنة المطعون ضدها الأولى على ما استخلصه من شهادة شاهدي المطعون ضدها الأولى في أن مورث المطعون ضدهم عدا الأولى عرض على المطعون ضدها الأولى أن تشتري منه العقارات موضوع العقد الصادر منه للطاعنة وفاء لدينها قبله وكان ذلك بحضور الطاعنة التي لم تبد أي اعتراض على هذا العرض من جانب البائع، وأن الثمن الوارد في عقدها بخس إذ يقل عن الثمن الذي عرض البيع به وأنه لا يعقل أن يسلمها الريع مع أنه لم يقبض منها سوى نصف الثمن وأنها تراخت في إجراءات شهر هذا البيع عدة سنوات وأن التصرف انصب على كل ما يملك إلى شقيقة زوجته وهي قرائن متساندة استنبطتها المحكمة من الأوراق المقدمة في الدعوى وهي سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه ولا يجوز مناقشة كل قرينة منها على حدة لإثبات عدم كفايتها وبالتالي فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع.
ولما تقدم يكون الطعن برمته غير سديد ويتعين رفضه.