أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 607

جلسة 15 من إبريل سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وإبراهيم علام، وإبراهيم الديواني، وعبد العليم الدهشان.

(98)
الطعن رقم 218 لسنة 35 القضائية

اختصاص. "اختصاص ولائي". "الدعاوى المتعلقة بتنفيذ القرار الإداري". قرار إداري.
اختصاص مجلس الدولة بطلبات التعويض عن القرارات الإدارية. دعوى الجمارك بالرجوع بقيمة الأشياء المهربة المحكوم بمصادرتها من اللجنة الجمركية تنفيذاً لقرار المصادرة هي من قبيل التعويضات المدنية التي يجوز الادعاء بشأنها من مصلحة الجمارك أمام جهة القضاء العادي. اختصاص المحاكم بهذه الدعوى.
اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري محدد بما نص عليه القانون، وإذ نصت المادة التاسعة من القانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن تنظيم مجلس الدولة على أن طلبات التعويض التي يختص بنظرها مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري عن القرارات الإدارية هي تلك التي ترفع بصفة أصلية أو تبعية عن هذه القرارات التي تسبب أضراراً للغير متى كانت معيبة بعيب من العيوب المنصوص عليها في المادة الثانية وهي عيب الاختصاص أو وجود عيب في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها أو إساءة استعمال السلطة. فإذا كانت الدعوى قد رفعت من الطاعنين على المطعون عليه تنفيذاً لقرار المصادرة الصادر من اللجنة الجمركية للرجوع عليه بقيمة البضائع المهربة المحكوم بمصادرتها لتعذر تسليمها بسبب عدم وجودها ولم ينع المطعون عليه على القرار المذكور عيباً من العيوب المنصوص عليها في المادة الثانية سالفة البيان، وكان ما تقضي به اللجان الجمركية في مواد التهريب من المصادرة هو - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - من قبيل التعويضات المدنية التي يجوز الادعاء المدني بشأنها من مصلحة الجمارك أمام جهة القضاء العادي فإن مؤدى ذلك هو اختصاص هذا القضاء بنظر الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة الخزانة ومصلحة الجمارك - الطاعنتين - أقامتا الدعوى رقم 486 سنة 1963 مدني جزئي ميناء بور سعيد ضد المطعون عليه طلبتا فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع لهما مبلغ 81 ج و800 م وقالتا شرحاً للدعوى إنه بتاريخ 9/ 5/ 1959 قامت مصلحة الجمارك بجرد المخزن الجمركي للمطعون عليه بالمنطقة الحرة بميناء بور سعيد وأسفر الجرد عن وجود زيادة في البضائع غير مقيدة بدفاتره، وقد أصدرت اللجنة الجمركية بتاريخ 18/ 8/ 1960 قراراً بإلزام المطعون عليه بقيمة الغرامة المقررة قانوناً عن ذلك مع مصادرة البضائع الزائدة، وعارض المطعون عليه في هذا القرار وقيدت المعارضة رقم 139 سنة 1960 تجاري كلي بور سعيد وقضى فيها بتاريخ 29/ 4/ 1962 بتأييد القرار المعارض فيه وأصبح هذا الحكم نهائياً، وإذ لم يقم المطعون عليه بتسليم البضائع الزائدة تنفيذاً للقرار الذي قضى بمصادرتها وكان من حق الطاعنتين طلب التعويض عن ذلك وهو يتمثل في قيمة هذه البضائع التي تقدر بمبلغ 81 ج و800 م فقد أقامتا الدعوى بالطلبات سالفة البيان. وبتاريخ 18/ 4/ 1964 حكمت محكمة أول درجة للطاعنتين بطلباتهما. استأنف المطعون عليه هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 100 لسنة 1964 مدني مستأنف بور سعيد، ودفع بعدم اختصاص جهة القضاء العادي بنظر الدعوى تأسيساً على أنها رفعت بطلب تعويض عن عدم تنفيذ قرار إداري مما يدخل في اختصاص جهة القضاء الإداري. وبتاريخ 28/ 1/ 1965 حكمت محكمة بور سعيد الابتدائية - بهيئة استئنافية - بقبول هذا الدفع وبإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص جهة القضاء العادي بنظر الدعوى. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله خطأ الحكم المطعون فيه تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول الطاعنتان إن الحكم قضى بعدم اختصاص جهة القضاء العادي بنظر الدعوى وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظرها تأسيساً على أنها رفعت بطلب تعويض عن عدم تنفيذ قرار إداري هو القرار الذي أصدرته اللجنة الجمركية بمصادرة البضائع الزائدة التي وجدت بمخزن المطعون عليه بالمنطقة الحرة بميناء بور سعيد. هذا في حين أن طلبات التعويض التي يختص بها مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري عن القرارات الإدارية هي تلك التي يقيمها المضرور عن هذه القرارات متى كانت مشوبة بعيب من العيوب المبطلة لها، أما وقد رفعت الطاعنتان الدعوى الحالية بمطالبة المطعون عليه بقيمة الأشياء التي ضبطت في مخزنه بميناء بور سعيد دون أن تكون مقيدة بدفاتره وقررت اللجنة الجمركية مصادرتها وأصبح هذا القرار نهائياً، فلا تعتبر جهة الإدارة في موقف المضرور من القرار الإداري، وإذ لا يدعي المطعون عليه بوقوع خطأ من جهة الإدارة يوجب مساءلتها وإنما أقامت الطاعنتان الدعوى تنفيذاً للقرار الذي قضى بمصادرة الأشياء المشار إليها فلا تعتبر الدعوى على هذه الصورة طعناً في قرار إداري حتى يختص مجلس الدولة بنظر طلب التعويض عنه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه لما كان اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري هو اختصاص محدد بما نص عليه في القانون، وكان يبين من نص المادة التاسعة من القانون رقم 55 سنة 1959 بشأن تنظيم مجلس الدولة الذي يحكم واقعة الدعوى أن طلبات التعويض التي يختص بنظرها مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري عن القرارات الإدارية هي تلك التي ترفع بصفة أصلية أو تبعية عن هذه القرارات التي تسبب أضراراً للغير متى كانت معيبة بعيب من العيوب المنصوص عليها في المادة الثامنة وهي عيب عدم الاختصاص أو وجوب عيب في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها أو إساءة استعمال السلطة، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن اللجنة الجمركية أصدرت بتاريخ 18/ 8/ 1960 قرار بمصادرة البضائع الزائدة التي ضبطت في المخزن الجمركي للمطعون عليه دون أن تكون مقيدة بدفاتره وذلك باعتبار أنها بضائع مهربة تطبيقاً لحكم المادة 15 من لائحة المخازن الجمركية المؤرخة 8/ 10/ 1885 وأصبح هذا القرار نهائياً، وكان المطعون عليه لا ينعى على القرار المشار إليه عيباً من العيوب المنصوص عليها في المادة الثامنة سالفة البيان، لما كان ذلك وكانت الدعوى الحالية قد رفعت من الطاعنتين على المطعون عليه تنفيذاً لقرار المصادرة للرجوع عليه بقيمة البضائع المهربة المحكوم بمصادرتها لتعذر تسليمها بسبب عدم وجودها، وكان ما تقضي به اللجان الجمركية في مواد التهريب من المصادرة هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من قبيل التعويضات المدنية التي يجوز الادعاء المدني بشأنها من مصلحة الجمارك أمام جهة القضاء العادي، فإن مؤدى ذلك هو اختصاص هذا القضاء بنظر دعوى الطاعنتين. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقرر أن الدعوى رفعت بطلب تعويض عن عدم تنفيذ قرار إداري مما يختص بنظرها مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ورتب على ذلك قضاءه بعدم اختصاص جهة القضاء العادي بنظرها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم مما يستوجب نقضه وإذ نازع المطعون عليه أمام المحكمة الاستئنافية في تقدير قيمة الأشياء موضوع المصادرة فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.