أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 611

جلسة 15 من إبريل سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام، وإبراهيم الديواني.

(99)
الطعن رقم 219 لسنة 35 القضائية

( أ ) محاماة. "طلب تقدير الأتعاب". اختصاص "اختصاص ولائي".
عدم وجود الاتفاق الكتابي على أتعاب المحامي. للمحامي أو الموكل طريقان لطلب تقدير الأتعاب هما اللجوء إلى القضاء أو مجلس نقابة المحامين. قضاء المجلس بعدم اختصاصه بنظر الطلب على أساس أن الطالب لم يكن محامياً وقت الفصل فيه، ثم لجوء المحامي إلى القضاء بطلب تقدير أتعابه. رفض الحكم الدفع بعدم اختصاص المحاكم بالطلب والقضاء له بالأتعاب استناداً إلى كونه محامياً وقت مباشرته الأعمال القضائية. لا خطأ في القانون.
(ب) وكالة "الوكالة بأجر" محاماة.
اشتغال المطعون عليه بالمحاماة وقت قيامه بالأعمال التي وكل فيها لحساب الطاعن. كفاية ذلك لاعتبار الوكالة بأجر. (المادة 709/ 1 مدني).
1 - للمحامي أو الموكل - طبقاً للمواد 46 و47 و49 من قانون المحاماة رقم 69 لسنة 1957 - طريقان لطلب تقدير الأتعاب عند عدم وجود اتفاق كتابي عليها هما اللجوء إلى القضاء أو مجلس نقابة المحامين. وإذ لجأ المطعون عليه (محام) إلى مجلس نقابة المحامين وطلب الحكم بتقدير أتعابه عن أعمال قضائية قام بها لصالح الطاعن وقضى هذا المجلس بعدم اختصاصه بنظر هذا الطلب لأنه لم يكن محامياً وقت الفصل فيه، وكان المطعون عليه قد لجأ بعد ذلك إلى القضاء بطلب تقدير أتعابه وقضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة وقضى للمطعون عليه بالأتعاب استناداً إلى أنه كان محامياً وقت قيامه بالأعمال القضائية سالفة الذكر، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - إذ تقضي المادة 709/ 1 من القانون المدني بأن الوكالة تبرعية ما لم يتفق على غير ذلك صراحة أو يستخلص ضمناً من حالة الوكيل، فإن اشتغال المطعون عليه بالمحاماة وقت قيامه بالأعمال التي وكل فيها لحساب الطاعن يكفي في ذاته لاعتبار وكالته عن الطاعن مأجورة وذلك على أساس أن هذه هي مهنته التي يحترفها ويتكسب منها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1035 سنة 1962 مدني كلي الجيزة ضد الطاعن وطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 2000 جنيه. وقال بياناً لدعواه إن الطاعن وشقيقه أرادا شراء قطعة أرض للبناء بشارع الهرم مساحتها 7 ف و5 ط و12 س وتم الاتفاق مع البائعين على أن ثمن الفدان 4000 جنيه أي أن جملة ثمن الصفقة 28916 ج و628 م وقد وكلاه في فحص مستندات الملكية والتحقق من خلو الأرض من الحقوق العينية وفحص إشهادات وراثة البائعين وبعد أن تأكدا بواسطته من صحة ملكية البائعين وسلامتها طلبا إليه تحرير عقد البيع الابتدائي فقام باستلام مستندات الملكية من البائعين وحرر عقد البيع الابتدائي في 26 يونيه سنة 1958 ثم عاد الطاعن وأخوه وطلبا إليه تحرير عقد بيع ابتدائي آخر معدلاً لكيفية الوفاء بالثمن فقام بذلك كما قام باتخاذ الإجراءات لتسليم العين المبيعة خالية من شاغليها وبسداد بعض أقساط الثمن للبائعين نيابة عنهما واتخاذ إجراءات شهر العقد وشهر حق إرث البائعين وإذ خلصت الصفقة بعد ذلك للطاعن وحده بعد أن تنازل شقيقه عن حصته فيها إليه لم يقم الطاعن بدفع أتعابه عن هذه الأعمال القضائية التي قام بها لصالحه ولما تقدم إلى مجلس نقابة المحامين بطلب تقدير أتعابه قضى بعدم اختصاصه بنظر الطلب فقد أقام دعواه بالطلبات سالفة البيان. دفع الطاعن بعدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى.
وبتاريخ 3/ 11/ 1963 قضت المحكمة برفض الدفع ورفض الدعوى. استأنف المطعون عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 1887 سنة 80 ق. وبتاريخ 27 يناير سنة 1965 حكمت المحكمة بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض الدفع بعدم الاختصاص وحكمت في الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ 200 جنيه. قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظره التزمت رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالشق الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنه دفع بعدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى استناداً إلى المادتين 46 و47 من القانون رقم 96 سنة 1957 الخاص بالمحاماة إذ لا يوجد اتفاق كتابي بينه وبين المطعون عليه على الأتعاب ولم يصدر أمر تقدير بأتعاب المطعون عليه من نقابة المحامين حتى يختص القضاء بنظر التظلم فيه طبقاً للمادتين المشار إليهما إلا أن الحكم المطعون فيه قضى رغم ذلك برفض الدفع وباختصاص المحاكم بنظر الدعوى مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد استقر وطبقاً لما تقضي به المواد 46 و47 و49 من قانون المحاماة رقم 96 سنة 1957 - الذي يحكم واقعة النزاع - على أن للمحامي وللموكل طريقين لطلب تقدير الأتعاب عند عدم وجود اتفاق كتابي عليها هما اللجوء إلى القضاء أو إلى مجلس نقابة المحامين وإذ لجأ المطعون عليه إلى مجلس نقابة المحامين وطلب الحكم بتقدير أتعابه عن أعمال قضائية قام بها لصالح الطاعن وقضى هذا المجلس بعدم اختصاصه بنظر هذا الطلب لأنه لم يكن محامياً وقت الفصل فيه، وكان المطعون عليه قد لجأ بعد ذلك إلى القضاء بطلب تقدير أتعابه وقضى الحكم المطعون فيه برفض رفع الدفع بعدم اختصاص المحاكم الذي أبداه الطاعن وقضى للمطعون عليه بالأتعاب استناداً إلى أنه كان محامياً وقت أن قام بالأعمال القضائية لصالح الطاعن، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الثاني من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه التناقض والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه في خصوص القضاء برفض الدفع بعدم الاختصاص أقام قضاءه تأسيساً على أن المطعون عليه ليس محامياً. ثم عاد الحكم المطعون فيه وقضى للمطعون عليه بالأتعاب على أساس أنه محام يشتغل بالأعمال القضائية دون أن يبين المصدر الذي استقى منه اشتغال المطعون عليه بالمحاماة مما يعيب الحكم بالتناقض والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه في خصوص رفض الدفع بعدم الاختصاص قد أوضح أن الطاعن قدم صورة من قرار مجلس نقابة المحامين الصادر بتاريخ 14 يونيه سنة 1962 في طلب تقدير الأتعاب الذي قدمه المطعون عليه ضد الطاعن وأن هذه الصورة ثابت منها أن المجلس قضى بعدم اختصاصه بنظر الطلب بعد أن زالت عن المطعون عليه صفة المحاماة بالتحاقه بوظيفة بإحدى الشركات. وإذ كان الثابت من أسباب قرار مجلس نقابة المحامين السالف البيان أن المجلس وإن أقام قضاءه بعدم اختصاصه تأسيساً على أن المطعون عليه كان وقت الحكم في طلب تقدير الأتعاب قد التحق بوظيفة بإحدى الشركات مما يجعل مجلس النقابة غير مختص بطلب التقدير المقدم إليه إلا أنه ورد ضمن أسباب القرار أن المطعون عليه كان قبل ذلك يشتغل بالمحاماة ولم ينف القرار عن المطعون عليه العمل بالمحاماة وقت قيامه بالأعمال القضائية التي قال إنه قام بها لصالح الطاعن، وكان المطعون عليه قد قدم لمحكمة الموضوع الخطاب الصادر إليه من الطاعن بتاريخ 18/ 11/ 1961 والذي أشار فيه إلى صفة المطعون عليه باعتباره محامياً وإن نفى فيه على المطعون عليه حقه في الأتعاب وقد تناضل الطرفان أمام محكمة الموضوع في هذا الخطاب وفحواه وفيما ورد في قرار مجلس النقابة بشأنه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى على أساس من المستندات المقدمة إليه على النحو السالف بيانه أن المطعون عليه كان محامياً يشتغل بالأعمال القضائية وقت أن قام لمصلحة الطاعن بأعمال متعلقة بصفقة شراء الأرض المشار إليها، وإذ رتب الحكم على ذلك القضاء للمطعون عليه قبل الطاعن بالأتعاب عن هذه الأعمال، فإنه لا يكون قد تناقض مع ما أيده من أسباب الحكم الابتدائي في هذا الخصوص أو شابه قصور في التسبيب ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى للمطعون عليه باعتبار أنه يشتغل بالمحاماة بأتعاب عن أعمال قضائية قام بها لصالح الطاعن، هذا في حين أن المطعون عليه لا يشتغل بالمحاماة وأنه فيما لو اعتبر وكيلاً فإنه لا يستحق أجراً عن عمله لأن الوكالة بحسب الأصل من عقود التبرع وإذ لم يتفق على غير ذلك صراحة ولا يستخلص ضمناً من حالة الوكيل أنها غير تبرعية فإن الحكم وقد خالف ذلك ويكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف البيان في الرد على السبب الثاني - قد حصل من المستندات المقدمة في الدعوى - اشتغال المطعون عليه بالمحاماة وقت قيامه بالأعمال القضائية التي وكل بها لصالح الطاعن ورتب الحكم على ذلك تقدير أتعاب للمطعون عليه عن هذه الأعمال. وإذ تقضي المادة 709/ 1 من القانون المدني أن الوكالة تبرعية ما لم يتفق على غير ذلك صراحة أو يستخلص ضمناً من حالة الوكيل، وكان اشتغال المطعون عليه بالمحاماة وقت قيامه بالأعمال التي وكل فيها لصالح الطاعن يكفي في ذاته لاعتبار وكالته عن الطاعن مأجورة وذلك على أساس أن هذه هي مهنته التي يحترفها ويتكسب منها، وإذ رتب الحكم على هذا النظر تقدير الأتعاب المستحقة للمطعون عليه قبل الطاعن عن الأعمال القضائية التي قام بها لصالحه، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.