أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 854

جلسة 11 من مايو سنة 1974

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد صادق الرشيدي وعضوية السادة المستشارين: أديب قصبجي, ومحمد فاضل المرجوشي, وحافظ الوكيل, وممدوح عطيه.

(138)
الطعن رقم 274 لسنة 38 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص القيمي". دعوى "الطلبات في الدعوى". "الطلبات المرتبطة". عمل "الدعاوى الناشئة عن عقد العمل".
المحكمة الابتدائية. امتداد اختصاصها إلى ما عساه أن يكون مرتبطاً بالطلب المنظور أمامها من طلبات تدخل في الاختصاص النوعي للقاضي الجزئي. طلب الأجر عن مدة الإيقاف. ارتباطه بطلب التعويض عن الوقف الخاطئ. علة ذلك. وحدة سببهما القانون وهو عقد العمل.
(2) حكم "عيوب التدليل" "القصور". بطلان "بطلان الأحكام". عمل.
عدم تعيين الدليل الذي بنت عليه المحكمة اقتناعها. قصور مبطل. مثال في دعوى عمالية.
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة [(1)] أنه متى كانت المحكمة الابتدائية مختصة بالنظر في طلب ما فإن اختصاصها هذا يمتد إلى ما عساه أن يكون مرتبطاً به من طلبات أخرى ولو كانت مما يدخل في الاختصاص النوعي للقاضي الجزئي. وإذ كان يبين من الأوراق أن دعوى المطعون ضده قد تضمنت إلى جانب طلب الأجر عن مدة الإيقاف طلب التعويض عن وقفه خطأ عن العمل وهو يدخل في الاختصاص القيمي للمحكمة الابتدائية, وكان هذا الطلب يرتبط بطلب الأجر لوحدة سببهما القانوني وهو عقد العمل, فإن اختصاص المحكمة الابتدائية بالنظر في طلب التعويض يمتد إلى طلب الأجر.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في أسبابه على الإشارة إجمالاً إلى أوراق الدعوى ومذكرات الطاعن باعتبارها المصدر الذي استقى منه واقعة وقف المطعون ضده عن عمله بعد أن أصدرت النيابة العامة قرار الحفظ دون بيان مؤدى هذه الأوراق والمذكرات بما يتعذر معه تعيين الدليل الذي كونت منه المحكمة اقتناعها بوجهة نظرها حتى يمكن الوقوف على أن ما أثير حوله من دفاع لا يؤثر فيه والتحقق من أنه من الأدلة التي يصح قانوناً بناء الحكم عليها، فإن الحكم يكون قد عاره قصور يبطله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 73 سنة 1966 عمال كلي القاهرة على البنك الطاعن وطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 5669.315 جنيهاً منه 669.315 جنيهاً أجرة عن مدة الإيقاف و5000 جنيه كتعويض عن وقفه خطأ عن العمل، وقال بياناًً لها أنه كان يعمل مندوباً لبنك الجمهورية بمغاغة قبل اندماجه في البنك الطاعن إلى أن قام بعملية مصرفية لأحد العملاء بدا لذلك البنك أنها تنطوي على مخالفة توجب مسئوليته فأبلغ عنها النيابة العامة التي رأت حفظ الأوراق لعدم الجناية كما أبلغ النيابة الإدارية فأحالته إلى المحكمة التأديبية التي قضت في 15 نوفمبر سنة 1964 بمجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه, ولما طالب البنك بأداء أجرة من تاريخ إيقافه في 12 سبتمبر 1963 حتى 16 أكتوبر سنة 1964 تاريخ إحالته إلى المعاش لبلوغه سن الستين أجابه بأنه لا يستحق أجراً عن فترة الإيقاف طبقاً للمادة 67 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 لأنه لم يثبت أن اتهامه كان بتدبير من البنك وإذا كان هذا الإيقاف مخالفاً للقانون وأدى إلى حرمانه من مرتبه خلال تلك الفترة كما ألحق به أضراراً مادية وأدبية فقد أقام دعواه بطلباته المتقدمة. وبتاريخ 15 مايو سنة 1967 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 1427 سنة 84 ق. وفي 28 مارس سنة 1968 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام البنك الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 767.615 جنيهاً طعن البنك في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظرة جلسة 27 إبريل سنة 1974 وفيها التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وفي بيان ذلك يقول أن المطعون ضده طلب في دعواه إلزام بالأجر عن مدة الإيقاف وأجابته المحكمة إلى هذا الطلب مع أنه يدخل في الاختصاص النوعي للقاضي الجزئي عملاً بالفقرة الثانية من المادة 46 من قانون المرافعات السابق ولا يغير من ذلك كون الدعوى قد تضمنت إلى جانب طلب الأجر طلب التعويض لأن هذا الطلب لا يعتد به في شأن هذا الاختصاص فضلاً عن أن الطلبين يختلفان في سببهما القانوني فطلب الأجر يستند إلى عقد العمل بينما يستند طلب التعويض إلى العمل غير المشروع. وإذ كان الاختصاص النوعي للقاضي الجزئي من النظام العام فقد كان يتعين على المحكمة أن تثيره وتقضي فيه من تلقاء نفسها أمام وقد تصدت للفصل في موضوع الدعوى فإنها تكون قد قضت ضمناً باختصاصها وخالفت القانون ويكون للطاعن التمسك بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كانت المحكمة الابتدائية مختصة بالنظر في طلب ما فإن اختصاصها هذا يمتد إلى ما عساه أن يكون مرتبطاً به من طلبات أخرى ولو كانت مما يدخل في الاختصاص النوعي للقاضي الجزئي، وكان يبين من الأوراق أن دعوى المطعون ضده قد تضمنت إلى جانب طلب الأجر عن مدة الإيقاف طلب التعويض عن وقفه خطأ عن العمل وهو يدخل في الاختصاص القيمي للمحكمة الابتدائية, وكان هذا الطلب يرتبط بطلب الأجر لوحدة سببهما القانوني وهو عقد العمل, فإن اختصاص المحكمة الابتدائية بالنظر في التعويض يمتد إلى طلب الأجر ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه الخطأ في تحصيل الواقع وشابه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الحكم إن أقام قضاءه على ما ذهب إليه من أن البنك أمر بوقف المطعون ضده عن العمل بعد أن ردت إليه الأوراق من النيابة العامة لمجازاته إدارياً وهذا الذي حصله الحكم لا أصل له في الأوراق بل يناقض ما أوضحه الطاعن في مذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف لجلسة 31 يناير سنة 1968 من أنه قد أوقف المطعون ضده عن العمل قبل أن تصدر النيابة قرارها بالحفظ وأن المطعون ضده لم يقدم ما يدل على أن البنك أوقفه عن العمل بعد صدور قرار النيابة, غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع الجوهري ولم يرد عليه مما يعيبه بالقصور والخطأ فهم الواقع.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الطاعن بأجر المطعون ضده عن مدة الإيقاف وبالتعويض على بطلان قرار وقفه عن العمل مستنداً في ذلك إلى قوله "وحيث إنه يبين للمحكمة من الاطلاع على الأوراق ومن مذكرات المستأنف ضده (الطاعن) أن المخالفات التي ارتكبها المستأنف (المطعون ضده) تمت في 25/ 9/ 1962 وقام البنك بالتحقيق الإداري معه وأبلغ النيابة العامة ضده لارتكابه جنحة داخل دائرة العمل طبقاً للقانون 120 لسنة 1962 وقد أصدرت النيابة قرارها بحفظ الأوراق لعدم الجناية ثم أبلغ البنك النيابة الإدارية في 26/ 8/ 1963 ثم أصدر قرار بوقفه عن العمل اعتباراً من 12/ 9/ 1963 ولم يصرف له مرتبه حتى أحيل إلى المعاش لبلوغه السن القانونية في 16/ 10/ 1964". وأضاف الحكم بعد أن أورد حكم المادة 67 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 "ومن ثم يكون البنك إذ قام بإيقاف العامل بعد إبلاغ النيابة العامة بالحادث وصدور قرارها بحفظ التحقيق لعدم الجناية قد خالف القانون بإصداره أمر إيقاف المستأنف (المطعون ضده) عن العمل في حالة لم يجز القانون الوقف فيها وبالتالي يكون هذا الوقف قد صدر باطلاً لا سند له من القانون ويتعين الالتفات عنه وعدم إعماله أثر...." ولما كان مفاد هذا الذي أورده الحكم أنه قد اعتمد في قضائه على ما حصله من أوراق الدعوى ومذكرات البنك الطاعن من أن البنك أوقف المطعون ضده عن العمل بعد أن أمرت النيابة العامة بحفظ التحقيق لعدم الجناية, وكان يبين من مذكرة الطاعن المقدم لمحكمة الاستئناف لجلسة 31 يناير سنة 1968 والمودعة صورتها الرسمية ملف الطعن أنه تمسك في دفاعه بأنه أبلغ النيابة بالجريمة المنسوبة إلى المطعون ضده في 17 أغسطس سنة 1963 كما أبلغ النيابة الإدارية في 26 أغسطس سنة 1963 وأنه قام بوقف المطعون ضده عن العمل في 12 سبتمبر سنة 1963 وقبل أن تتخذ النيابة العامة أي قرار في التحقيق الذي تجريه, كما عاب الطاعن على المطعون ضده في هذه المذكرة أنه أقام استئنافه على أساس أن البنك أمر بوقفه عن العمل بعد صدور قرار النيابة العامة بالحفظ, وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في أسبابه على الإشارة إجمالاً إلى أوراق الدعوى ومذكرات الطاعن باعتبارها المصدر الذي استقى منه واقعة وقف المطعون ضده عن عمله بعد أن صدرت النيابة العامة قرار الحفظ دون بيان مؤدى هذه الأوراق والمذكرات بما يتعذر معه تعيين الدليل الذي كونت منه المحكمة اقتناعها بوجهة نظرها حتى يمكن الوقوف على أن ما أثير حوله من دفاع لا يؤثر فيه والتحقق من أنه من الأدلة التي يصح قانوناً بناء الحكم عليها, فإن الحكم يكون قد عاره قصور يبطله ويتعين لذلك نقضه بغير حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


[(1)] نقض 16/ 2/ 1966 مجموعة المكتب الفني س 17 ص 314.