أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 859

جلسة 12 من مايو سنة 1974

برياسة السيد المستشار أمين فتح الله وعضوية السادة المستشارين: علي عبد الرحمن, محمد السيد الرفاعي, وصلاح الدين حبيب, ومحمود المصري.

(139)
الطعن رقم 288 لسنة 38 القضائية

(1) شركات "اندماج الشركة". دعوى "الصفة في الدعوى". نقض "تقرير الطعن".
اندماج شركة في أخرى. أثره. خلافة الشركة الدامجة للشركة المندمجة خلافة عامة فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات. مباشرة الشركة الدامجة للدعوى. لا أهمية لإغفال هذه الصفة في تقرير الطعن بالنقض.
(2) حكم "بيانات الحكم". بطلان "بطلان الأحكام".
إغفال البيان الخاص بمكان المحكمة التي أصدرت الحكم بعد بيان اسم المحكمة. لا يترتب عليه البطلان.
(3) حكم "تسبيب الحكم" نقض "أسباب الطعن".
البيان الخاص بمراحل الدعوى الذي يترتب على إقفاله البطلان. شرطه. أن يكون ضرورياً للفصل في الدعوى. عدم بيان الطاعن للمرحلة التي أغفل الحكم المطعون فيه ذكرها. نعى غير مقبول.
(4) حكم "بيانات الحكم".
إغفال الحكم بيان صدوره باسم الأمة وخلو محضر الجلسة من هذا البيان. لا يترتب عليه البطلان. علة ذلك.
(5) اختصاص "اختصاص ولائي". تحكيم.
اختصاص هيئات التحكيم في القانون رقم 32 لسنة 1966. شرطه. أن يكون جميع أطراف النزاع من شركات القطاع العام أو بينها وبين جهة حكومية أو هيئة عامة أو مؤسسة عامة.
(6) حوالة "حوالة الحق". دعوى "الصفة في الدعوى". تأمين. نقل بحري. التزام.
دعوى شركة التأمين قبل المسئول عن الضرر استناداً إلى حوالة الحق إليها من المؤمن له في وثيقة التأمين. هي دعوى من ذي صفة. وقوع الخطر المؤمن منه فعلاً. صيرورة الحق المحال محققاً وليس احتمالياً. انتقال هذا الحق ليس معلقاً على وفاء شركة التأمين بالتعويض للمؤمن له.
1 - اندماج شركة في أخرى يترتب عليه انقضاء الشركة الأولى وزوال شخصيتها، وخلافة الشركة الثانية لها خلافة عامة فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات, فتغدو هذه الشركة الأخيرة وحدها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي الجهة التي تخاصم وتختصم في خصوص تلك الحقوق والالتزامات, وإذ كان الثابت أن الشركة الطاعنة تباشر الدعوى باعتبارها الدامجة للشركة الأخرى, فلا أهمية بعد ذلك لإغفال هذا البيان عند التقرير بالطعن بالنقض.
2 - بيان مكان المحكمة التي أصدرت الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليست له أهمية جوهرية بعد بيان اسم المحكمة التي أصدرته ومن ثم فإن عدم ذ كر ذلك المكان لا يترتب عليه البطلان.
3 - يتعين لاعتبار البيان الخاص بمراحل الدعوى جوهرياً يترتب على إغفاله البطلان, أن يكون ذكره - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ضرورياً للفصل في الدعوى لتعلقه بسير الخصومة فيها باعتباره حلقة من حلقاتها قام بين الطرفين نزاع بشأنه, وإذ كانت الطاعنة لم تعين المرحلة التي أغفل الحكم المطعون فيه ذكرها حتى يمكن الوقوف على أثر ذلك في قضاء المحكمة, فإن هذا الشق من النعي يكون غير مقبول.
4 - النص في المادة 155 من الدستور الصادر في 24 مارس سنة 1964 على أن "تصدر الأحكام وتنفذ باسم الأمة" وهو ما رددته بعد ذلك المادة 25 من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965, ليس إلا إفصاحاً عن أصل دستوري قوامه أن الأحكام إنما تصدر باسم السلطة العليا صاحبة السيادة ومصدر السلطات جميعاً وهي الأمة, وهو أصل ينهض عليه نظام الدولة ويصاحب الحكم ويسبغ عليه شرعية منذ بدء إصداره دون ما مقتضى لأي التزام بالإعلان عنه من القاضي عند النطق به أو الإفصاح عنه في ورقة الحكم عند تحريره, ومن ثم فإن خلو محضر الجلسة مما يفيد صدور الحكم باسم الأمة لا ينال من شرعيته ولا يمس ذاتيته.
5 - النص في المادة 66 من قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الصادر بالقانون رقم 32 لسنة 1966 على أن هيئات التحكيم المنصوص عليها في ذلك القانون تختص دون غيرها بنظر المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام وبين شركة منها وبين جهة حكومية أو هيئة عامة أو مؤسسة عامة, مؤداه أنه يلزم لاختصاص تلك الهيئات أن يكون جميع أطراف النزاع ممن عددتهم المادة سالفة الذكر، وإذ كان الثابت في الدعوى أن الطاعنة - شركة التأمين الأهلية - تطلب الحكم على المطعون عليهما - شركة إسكندرية للتوكيلات الملاحية والشركة العربية للشحن والتفريغ - متضامنتين بالدين موضوع المنازعة وكانت المطعون عليها الأولى قد اختصمت أيضاً بصفتها وكيلة عن باخرة أجنبية, فإن شرط تطبيق المادة 66 المشار إليها يكون غير متوفر, ويكون الاختصاص بنظر هذا النزاع معقود للمحاكم دون هيئات التحكيم.
6 - إذ كان الثابت أن الطاعنة - وهي شركة تأمين - أقامت هذه الدعوى طالبة إلزام المطعون عليها الأولى - بوصفها مسئولة عن الضرر المؤمن منه - بما دفعته الشركة المستأمنة, واستندت في مطالبتها إلى شرط الحلول الوارد في وثيقة التأمين, وإذ كان هذا الشرط في حقيقته حوالة حق احتمالي مشروطة بتحقق الخطر المؤمن منه, فإنه يكون خاضعاً لأحكام حوالة الحق في القانون المدني وهي لا تستوجب لانعقاد الحوالة رضاء المدين، وترتب عليها - بالنسبة للحقوق الشخصية - انتقال الحق المحال به من المحيل إلى المحال له بمجرد انعقاد العقد. ولما كانت الحوالة الثابتة في وثيقة التأمين قد تمت باتفاق طرفيها عليها, وكان الخطر المؤمن منه وهو حصول عجز تلف وعوار في الرسالة المؤمن عليها قد وقع فعلاً, فقد زال عن الحق المحال صفته الاحتمالية وأضحى وجوده محققاً وانتقل من ثم إلى شركة التأمين الطاعنة, وإذ كان مؤدى ما سلف أن الحق في الرجوع عن المسئول عن الضرر قد انتقل إلى الطاعنة بمقتضى الحوالة الثابتة في وثيقة التأمين, وكان انتقال هذا الحق - على ما سلف القول - غير معلق على الوفاء بالتعويض, فإن الدعوى تكون قد أقيمت من ذي صفة, ويكون الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا النظر وانتهى إلى أن الطاعنة حين رفعت دعواها لم يكن لها ثمة حق في رفعها بسبب وفائها اللاحق بالتعويض, يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 854 سنة 1964 تجاري الإسكندرية الابتدائية وطلبت الحكم بإلزام الشركتين المطعون عليهما متضامنتين بأن تؤديا لها مبلغ أربعة آلاف جنيه وفوائده بواقع 5% سنوياً من تاريخ الحكم حتى تمام السداد, وقامت شرحاً للدعوى أن شركة النصر للمسبوكات أمنت لديها على رسالة من الحديد الزهر الخام قدرها 4500 طن استوردتها من ألمانيا على الباخرة (دورسيا) وقد تبين بعد وصول الرسالة إلى ميناء الإسكندرية وتفريغها أن بها عجزاً وتلفاً وعواراً قيمته أربعة آلاف جنيه فدفعت هذا المبلغ للشركة المؤمنة وأقامت الدعوى على المطعون عليهما - الأولى بصفتها وكيلة عن الباخرة ووكيلة عن مالكتها وبصفتها الشخصية والثانية بصفتها القائمة بأعمال الشحن والتفريغ, بالطلبات سالفة للبيان. دفعت المطعون عليها الأولى بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وفي 26 يونيو سنة 1966 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى المطعون عليها الأولى وبرفض الدعوى قبل المطعون عليها الثانية. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 423 لسنة ق تجاري استئناف الإسكندرية وفي 26 مارس سنة 1968 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره, وفي الجلسة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن المطعون عليها الثانية دفعت ببطلان الطعن لعدم إيداع الطاعنة قلم كتاب المحكمة وقت التقرير بالطعن صورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ولا من الحكم الابتدائي الذي أحال إليه ذلك الحكم, كما دفعت بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفه استناداً إلى أن الطاعنة باشرت الدعوى أمام المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف بصفتها الدامجة لشركة الإسكندرية للتأمين ولكنها أغفلت هذه الصفة عند التقرير بالطعن بالنقض.
وحيث إن الدفع ببطلان الطعن غير صحيح, ذلك أنه يبين من الأوراق أن الطاعنة أودعت قلم كتاب المحكمة في الميعاد أصل ورقة إعلان الطعن للمطعون عليهما وصورة من الحكم المطعون فيه مطابقاً لأصله وصورة من الحكم الابتدائي الذي أحال إليه ذلك الحكم في أسبابه. أما الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة فمردود, ذلك أنه لما كان اندماج شركة الإسكندرية للتأمين في شركة التأمين الأهلية (الطاعنة) يترتب عليه انقضاء الشركة الأولى وزوال شخصيتها وخلافة الشركة الثانية لها خلافة عامة فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات فتغدو هذه الشركة الأخيرة وحدها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي الجهة التي تخاصم وتختصم في خصوص تلك الحقوق والالتزامات وإذ كان الثابت أن الشركة الطاعنة تباشر الدعوى باعتبارها الدامجة لشركة الإسكندرية للتأمين فلا أهمية بعد ذلك لإغفال هذا البيان عند التقرير بالطعن بالنقض.
وحيث إن الطاعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه البطلان, وفي بيان ذلك تقول أن الحكم خلا من البيانات المتعلقة بمكان إصداره وإثبات حضور المستأنفة وما قدمته من طلبات ومراحل الدعوى, وهي بيانات جوهرية يترتب على إغفالها بطلان الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود أولاً بأن بيان مكان المحكمة التي أصدرت الحكم - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - ليس له أهمية جوهرية بعد بيان اسم المحكمة التي أصدرته, ومن ثم فإن عدم ذ كر ذلك المكان لا يترتب عليه البطلان, ومردود ثانياً بأنه يتعين لاعتبار البيان الخاص بمراحل الدعوى جوهرياً يترتب على إغفاله البطلان أن يكون ذكره - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ضرورياً للفصل في الدعوى لتعلقه بسير الخصومة فيها باعتباره حلقة من حلقاتها قام بين الطرفين نزاع بشأنه, وإذ كانت الطاعنة لم تعين المرحلة التي أغفل الحكم المطعون فيه ذكرها حتى يمكن الوقوف على أثر ذلك في قضاء المحكمة فإن هذا الشق من النعي يكون غير مقبول. ومردود أخيراً بأن الحكم المطعون فيه - على ما يبين من صورته - أثبت حضور المستأنفة ممثلة في شخص محاميها كما تضمن بياناً بطلباتها وبالأسباب التي قام عليها الاستئناف.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني من السبب الخامس أن محضر جلسة 26 مارس سنة 1968 خلا من بيان صدر الحكم باسم الأمة, وأنه لما كان الميلاد القانوني للحكم هو وقت النطق به لا وقت تحريره فإن هذا الإغفال يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن النص في المادة 155 من الدستور الصادر في 24 مارس سنة 1964 على أن "تصدر الأحكام وتنفذ باسم الأمة" وهو ما رددته بعد ذلك المادة 25 من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 ليس إلا إفصاحاً عن أصل دستوري قوامه أن الأحكام إنما تصدر باسم السلطة العليا صاحبة السيادة ومصدر السلطات جميعاً وهي الأمة وهو أصل ينهض عليه نظام الدولة وصاحب الحكم ويسبغ عليه شرعيته منذ بدء إصداره دون مقتضى لأي التزام بالإعلان عنه من القاضي عند النطق به أو الإفصاح عنه في ورقة الحكم عند تحريره؛ ومن ثم فإن خلو محضر الجلسة مما يفيد صدور الحكم باسم الأمة لا ينال من شرعيته ولا يمس ذاتيته.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني من السبب الرابع أن محكمة الاستئناف خالفت القانون إذ فصلت في الشق الخاص بالنزاع بين الطاعنة والمطعون عليها الثانية رغم أنهما من شركات القطاع العام وكان من المتعين على المحكمة القضاء بعدم اختصاصها ولائياً بنظر ذلك النزاع والأمر بإحالته إلى هيئات التحكيم.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن النص في المادة 66 من قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الصادر بالقانون رقم 32 لسنة 1966 على أن هيئات التحكيم المنصوص عليها في ذلك القانون تختص دون غيرها بنظر المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام أو بين شركة منها وبين جهة حكومية أو هيئة عامة أو مؤسسة عامة, مؤداه أنه يلزم لاختصاص تلك الهيئات أن يكون جميع أطراف النزاع ممن عدتهم المادة سالفة الذكر، وإذ كان الثابت في الدعوى أن الطاعنة تطلب الحكم على المطعون عليها متضامنين بالدين موضوع المنازعة, وكانت المطعون عليها الأولى قد اختصمت أيضاً بصفتها وكيلة عن باخرة أجنبية فإن شرط تطبيق المادة 66 المشار إليها يكون غير متوفر ويكون الاختصاص بنظر هذا النزاع معقود للمحاكم دون هيئات التحكيم.
وحيث إن حاصل الوجه الأول من السبب الرابع أن المحكمة أخطأت إذ قضت برفض الدعوى بالنسبة إلى المطعون عليها الثانية استناداً إلى أن الطاعنة لم تقدم ما يدل على قيام علاقة عقدية بينهما بالرغم من أن أساس مطالبتها في الدعوى هو القانون الذي يقصر امتياز التفريغ والشحن عليها وليس العقد.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى قبل المطعون عليها الثانية على أن المستأنفة لم تقدم ثمة دليل على قيام علاقة عقدية بينها وبين المستأنف عليها الثانية بشأن عملية تفريغ البضاعة وحراستها على الأرصفة كما لم تقدم الدليل على أن الأخيرة هي التي تولت فعلاً هذه العملية وإذ كان مؤدى هذه الأسباب ألا وجه لإلزام المطعون عليها الثانية بالمبلغ المطالب به لعدم وجود الدليل على قيامها بعملية تفريغ الشحنة من السفينة الناقلة وحراستها على الأرصفة وكان هذا الذي ساقته المحكمة كافياً لنفي مسئولية المطعون عليها المذكورة عما أصاب تلك الشحنة من عجز وتلف وعوار ويصلح أساساً لرفض الدعوى قبلها, فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص بالخطأ يكون على غير أساس.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة في باقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن حوالة الحقوق المستقبلة والتعامل فيها جائزاً قانوناً فيكون لشركة التأمين أن تتلقى الحق من المستأمن ولو لم يكن الضرر المؤمن منه قد تتحقق بعد. وقد تضمنت وثيقة التأمين المقدمة في هذه الدعوى شرطاً يخولها الحق في الحلول محل الشركة المستأمنة فيما يكون لها من دعاوٍ وهو شرط صحيح ويتعين إعمال أحكامه من غير حاجة إلى سند آخر مستقل لينعقد به الحلول وإذ كان هذا الشرط قائماً منذ تاريخ وثيقة التأمين وكانت الطاعنة قد تمسكت به أمام المحكمة فإن إهداره بدعوى أنه لا يجدي "المستأنفة" التمسك به طالما لم تقم بالوفاء بالتعويض إلا في تاريخ لاحق لتقديم عريضة الدعوى لقلم المحضرين وأنها حين رفعت دعواها لم يكن لها ثمة حق في رفعها يكون من الحكم خطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح, ذلك أنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق أن الطاعنة - وهي شركة تأمين - أقامت هذه الدعوى طالبة إلزام المطعون عليها الأولى بوصفها مسئولة عن الضرر المؤمن منه - بما دفعته الشركة المستأمنة, واستندت في مطالبتها إلى شرط الحلول الوارد في وثيقة التأمين وإذ كان هذا الشرط في حقيقته حوالة حق احتمالي مشروطة بتحقق الخطر المؤمن منه فإنه يكون خاضعاً لأحكام حوالة الحق في القانون المدني وهو لا تستوجب لانعقاد الحوالة رضاء المدين وترتب عليها - بالنسبة للحقوق الشخصية - انتقال الحق المحال به من المحيل إلى المحال له بمجرد انعقاد العقد. ولما كانت الحوالة الثانية في وثيقة التأمين قد تمت باتفاق طرفيها عليها وكان الخطر المؤمن منه وهو حصول عجز تلف وعوار في الرسالة المؤمن عليها - قد وقع فعلاً فقد زال عن الحق المحال صفته الاحتمالية وأضحى وجوده محققاًً وانتقل إلى شركة التأمين الطاعنة, وإذ كان مؤدى ما سلف أن الحق في الرجوع على المسئول في الضرر قد انتقل إلى الطاعنة بمقتضى الحوالة الثابتة في وثيقة التأمين وكان انتقال هذا الحق على ما سلف القول غير معلق على الوفاء بالتعويض, فإن الدعوى تكون قد أقيمت من ذي صفة ويكون الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا النظر وانتهى إلى أن الطاعنة حين رفعت دعواها لم يكن لها ثمة حق في رفعها بسبب وفائها اللاحق بالتعويض يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن محكمة الاستئناف بقضائها بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون عليها الأولى قد حجبت نفسها عن نظر الموضوع, فإنه يتعين مع النقض الإحالة.