أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 867

جلسة 13 من مايو سنة 1974

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمود العمراوي, وعضوية السادة المستشارين: سليم راشد, وعبد العليم الدهشان, ومصطفى سليم, ومحمد صالح أبو راس.

(140)
الطعنان رقما 371, 401 لسنة 38 القضائية

(1) حكم "تصحيح الحكم". فوائد.
تصحيح منطوق الحكم. مناطه. خلو منطوق الحكم من النص على الفوائد التي عرض في أسبابه لطلبها وللخلاف القائم حوله مبيناً سببها وسعرها ومحدداً تاريخ استحقاقها ومنهياًً إلى وجوب إلزام المستأنفين بها. جواز تصحيح. علة ذلك.
(2), (3) بنوك "الحساب الجاري" "فوائد". نقض. عرف.
(2) استخلاص الحكم بأن منازعة الطاعنين في الرصيد لم تكن جدية فتسري الفوائد القانونية عليه من تاريخ المطالبة القضائية بها. الجدل في ذلك موضوعي لا يقبل أمام محكمة النقض.
(3) صيرورة الحساب الجاري بإقفاله - بوفاة العميل - ديناً عادياً, تسري عليه الفوائد القانونية. عدم جواز تقاضي فوائد مركبة عنه، إلا إذا وجدت عادة تقضي بذلك.
1 - إذ كان الحكم قد عرض في أسبابه لطلب الفوائد وللخلاف القائم بين الطرفين حوله، فبين سبب الفوائد وسعرها وحدد تاريخ استحقاقها وانتهى في شأنها إلى وجوب إلزام المستأنفين بها، فإن خلا منطوقه من النص عليها فإن الأمر لا يعدو أن يكون من قبيل الخطأ المادي البحت الذي يجوز للمحكمة أن تصححه تصحيحاً ترتفع عنه مظنة الرجوع في الحكم أو المساس بحجيته، ذلك أن - التصحيح جائز ما دام للخطأ المادي أساس في الحكم يدل على الواقع الصحيح فيه في نظره بحيث يبرز هذا الخطأ واضحاً إذا ما قورن بالأمر الثابت فيه، إذ أن ما يرد في الحكم من قضاء قطعي يعتبر كذلك بصرف النظر عن مكان وروده في المنطوق أو الأسباب وهو ما يتحقق كاملاً في واقعة هذا الطعن ومن ثم يكون قرار التصحيح المطعون فيه قد صادف محله في نطاق المادة 364 من قانون المرافعات السابق المنطبق على الواقعة - إذ جاء مضمناً المنطوق ما انتهى إليه في الأسباب عن الفوائد ومحققاً للصلة الوثيقة الواجب توافرها بين أسباب الحكم ومنطوقه.
2 - إذ كان ما ورد في أسباب الحكم المطعون فيه من أن منازعة الطاعنين في الرصيد لم تكن جدية فتسري الفوائد القانونية عليه من تاريخ المطالبة القضائية بها، هو رد سائغ وله أصله بالأوراق ويدل على أن الدين المطالب به مبلغ من النقود معلوم المقدار وقت الطلب وقد تأخر المدينون في الوفاء به فتسري عليه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها، فتكون المجادلة من الطاعنين في ذلك مجادلة موضوعية لا تقبل أمام محكمة النقض.
3 - لما كان الحساب الجاري بما له من طابع شخصي يقفل بوفاة العميل وتزول عنه صفته مما لا يجوز معه طبقاً للمادة 232 من القانون المدني تقاضي فوائد مركبة عن رصيده إلا إذا ثبت وجود عادة تقضي بذلك وهو ما لم يثره الطاعن أمام محكمة الموضوع، كما تسري على الرصيد بعد ما أصبح ديناً عادياً محدد المقدار وحال الأداء الفوائد القانونية لا الفوائد الاتفاقية التي خلا العقد من الاتفاق على سريانها بعد قفل الحساب الجاري، وهو ما استخلصته المحكمة من واقع الاتفاق في حدود سلطتها الموضوعية، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه يكون في غير محله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والتقريرين اللذين تلاهما السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم وقرار تصحيحه المطعون فيهما وسائر أوراق الطعنين - تتحصل في أن بنك مصر أقام الدعوى رقم 1616 لسنة 1957 تجاري كلي القاهرة ضد ورثة المرحوم........ بطلب الحكم بإلزامهم من تركة مورثهم بمبلغ 1560.255 جنيهاً والفوائد بواقع 7% سنوياً تضاف إلى الأصل شهرياً ابتداء من 1/ 9/ 1954حتى السداد على سند من أن ذلك المبلغ هو قيمة رصيد الحساب الجاري المتفق مع المورث في 22/ 11/ 1951 على فتحه له مع احتسابه فوائد تأخير مركبة بواقع 7% سنوياً تضاف للأصل شهرياً، وبتاريخ 4/ 11/ 1962 قضت المحكمة للبنك بطلباته فاستأنف الورثة حكمها وقيد استئنافهم برقم 263 لسنة 79 ق القاهرة طالبين إلغاءه. وبتاريخ 7/ 5/ 1968 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنفين بأن يدفعوا من تركة مورثهم المرحوم........ إلى بنك مصر مبلغ 1542.715 جنيهاً والمصاريف المناسبة عن الدرجتين وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 20/ 5/ 1968 أصدر رئيس الدائرة قراراً بتصحيح منطوق الحكم بجعله على النحو التالي: حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنفين أن يدفعوا من تركة مورثهم المرحوم........ إلى بنك مصر مبلغ 1542.715 ج والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 29 أكتوبر سنة 1957 حتى السداد والمصاريف المناسبة عن الدرجتين وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة "فطعن البنك في الحكم وقيد طعنه برقم 371 سنة 38 قضائية وطعن الورثة في قرار التصحيح وقيد طعنهم برقم 401 لسنة 38 قضائية وقدمت النيابة مذكره أبدت فيها الرأي برفض الطعن الأول ومذكرة أخرى أبدت فيها الرأي بنقض قرار التصحيح وعرض الطعنان على غرفة المشورة فحددت جلسة لنظرهما وفيها قررت المحكمة ضم الطعن الأول للطعن الثاني والتزمت النيابة رأيها.
أولاً - عن الطعن رقم 401 سنة 38 ق قضائية:
وحيث إن حاصل سببي الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون وفي بيانهما يقول الطاعنون أنه ما كان يجوز للمحكمة بعد أن قضت في منطوق حكمها بإلزامهم بالدين أن تجرى عليه تصحيحاً بإضافة إلزامهم بالفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 29/ 10/ 1957 حتى السداد لأن ذلك لا يدخل في مضمون تصحيح الأحكام المنصوص عليها في المادة 364 من قانون المرافعات السابق وكان يتعين على البنك المطعون ضده إما الرجوع إلى المحكمة للقضاء له بها باعتبار عدم النص عليها في المنطوق إغفالاً لأحد الطلبات أو الطعن على الحكم بالطريق المناسب، كما أن حكمها أخطأ حين قضى بإلزامهم بالفوائد من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 29/ 10/ 1957 لأن المطعون ضده هو الذي تسبب في إطالة أمد النزاع لامتناعه عن إعطائهم البيانات اللازمة للوقوف على مقدار الدين.
وحيث إن هذا النعي مردود في سببه الأول ذلك بأنه جاء بأسباب الحكم المطعون فيه ما نصه "ومن حيث إنه لما كان البنك المستأنف عليه قد طلب ورثة المدين وهم المستأنفون بالدعوى المستأنف حكمها رقم 1616 لسنة 1957 تجاري كلي مصر وذلك بعريضة الدعوى المعلنة لهم في 29/ 10/ 1957 وقد امتنع المستأنفون عن وفاء البنك عن رصيد مورثهم الذي أظهره الخبير في الدعوى رقم 2222 لسنة 1954 كلي مصر بمبلغ 1560.255 جنيهاً أي بما لا يزيد عن المبلغ الذي أظهره الخبير في الدعوى المطروحة إلا بمقدار 17.420 جنيهاًًً فإن منازعة المستأنفين للرصيد الثابت في ذمة مورثهم للبنك لم تكن منازعة جدية حتى يقال بأن البنك المستأنف عليه هو الذي تسبب في إطالة أمد النزاع بسوء نية مما ترى معه المحكمة إلزام المستأنفين بالفوائد القانونية المنصوص عليها في المادة 226 من القانون المدني....... ومن ثم فيلزمون بدفع الفوائد القانونية بواقع 5% للبنك الدائن على سبيل التعويض، ومفاد هذا أن الحكم قد عرض في أسبابه لطلب الفوائد وللخلاف القائم بين الطرفين حوله فبين سبب الفوائد وسعرها وحدد تاريخ استحقاقها وانتهى في شأنها إلى وجوب إلزام المستأنفين بها فإن خلا منطوقه الصادر في 7/ 5/ 1968 من النص عليها فإن الأمر لا يعدو أن يكون من قبيل الخطأ المادي البحت الذي يجوز للمحكمة أن تصححه تصحيحاً ترتفع عنه مظنة الرجوع في الحكم أو المساس بحجيته ذلك أن التصحيح جائز ما دام للخطأ المادي أساس في الحكم يدل على الواقع الصحيح فيه في نظره بحيث يبرز هذا الخطأ واضحاً إذا ما قورن بالأمر الثابت فيه إذ أن ما يرد في الحكم من قضاء قطعي يعتبر كذلك بصرف النظر عن مكان وروده في المنطوق أو الأسباب - وهو ما يتحقق كاملاً في واقعة هذا الطعن ومن ثم يكون قرار التصحيح المطعون فيه قد صادف محله في نطاق المادة 364 من قانون المرافعات السابق المنطبق على الواقعة إذ جاء مضمناً المنطوق ما انتهى إليه في الأسباب عن الفوائد ومحققاً للصلة الوثيقة الواجب توافرها بين أسباب الحكم ومنطوقه.
وحيث إن النعي بالسبب الثاني مردود بما ورد في أسباب الحكم المطعون فيه على ما سبق بيانه من أن منازعة الطاعنين في الرصيد لم تكن جدية فتسري الفوائد القانونية عليه من تاريخ المطالبة القضائية بها وهو رد سائغ وله أصل بالأوراق ويدل على أن الدين المطالب به مبلغ من النقود معلوم المقدار وقت الطلب وقد تأخر المدينون في الوفاء به فتسري عليه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها وتكون مجادلة الطاعنين في ذلك مجادلة موضوعية لا تقبل أمام هذه المحكمة ويكون الطعن على غير أساس فيتعين رفضه.
ثانياً - عن الطعن رقم 371 سنة 38 ق:
وحيث إن حاصل سببي الطعن الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيانهما يقول البنك الطاعن أن الحكم المطعون فيه لم يقض له بفوائد على متجمد الفوائد رغم أن العادة والعرف المصرفي اللذين دلت عليهما شهادة اتحاد البنوك المصرية وتعززت بشهادة بعض مديري البنوك المحلية في قضايا أخرى مماثله تؤيد طلبه احتساب الفوائد المركبة على رصيد مورث المطعون ضدهم شهرياً وبعد قفل الحساب الجاري لحين سداد رصيده، كما أن الحكم قضى له بالفائدة القانونية بواقع 5% سنوياً دون الفائدة الاتفاقية بواقع 7% طبقاً للاتفاق المبرم مع مورث المطعون ضدهم وهو ما يسري في مواجهتهم.
وحيث إن هذا النعي مردود في سببيه ذلك بأن الحساب الجاري بما له من طابع شخصي يقفل بوفاة العميل وتزول عنه صفته مما لا يجوز معه طبقاً للمادة 232 من القانون المدني تقاضي فوائد مركبة عن رصيده إلا إذا ثبت وجود عادة تقضي بذلك وهو ما لم يثره الطاعن أمام محكمة الموضوع كما تسري على الرصيد بعد ما أصبح ديناً عادياً محدد المقدار وحال الأداء الفوائد القانونية لا الفوائد الاتفاقية التي خلا العقد من النص على سريانها بعد قفل الحساب الجاري، وهو ما استخلصته المحكمة من واقع الاتفاق في حدود سلطتها الموضوعية لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي يكون في غير محله ويتعين رفضه.