أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 872

جلسة 13 من مايو سنة 1974

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمود العمراوي وعضوية السادة المستشارين/ عبد العليم الدهشان, ومصطفى سليم, ومصطفى الفقي, ومحمد صالح أبو راس.

(141)
الطعن رقم 223 لسنة 39 القضائية

(1) قانون "دستورية القوانين". دفوع "الدفع بعد دستورية القوانين". نظام عام. نقض "السبب الجديد".
الدفع بعدم دستورية القوانين واللوائح قبل وبعد إنشاء المحكمة العليا. عدم تعلقه بالنظام العام. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2) حراسة "حراسة إدارية". دعوى. "عدم سماع الدعوى". خلف نظام عام.
الأموال والممتلكات التي وضعت تحت الحراسة بموجب قانون الطوارئ. صيرورتها ملكاً للدولة بالقانون رقم 150 لسنة 1964 من وقت رفع الحراسة. عدم اعتبار الدولة خلفاً عاماً أو خالصاً لأصحاب هذه الأموال. اللجوء إلى القضاء بطلب دين من المدير العام لإدارة هذه الأموال قبل عرضه عليه لإصدار قرار بشأنه. أثره. عدم سماع الدعوى. للمحكمة أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها.
1 - إن رقابة القضاء على دستورية القوانين واللوائح فيما قبل إنشاء المحكمة العليا ما كانت إلا بدفع من صاحب الشأن تفصل فيه محكمة الموضوع قبل الفصل في الدعوى وما كان يجوز للمحكمة أن تتعرض له من تلقاء نفسها، وهذه قواعد قننها الشارع في المادة الرابعة من القانون رقم 81 لسنة 1969 بإنشاء المحكمة العليا التي اختصها دون غيرها بالفصل في عدم دستورية القوانين، إذ يتخذ شكل دفع من صاحب الشأن أمام محكمة الموضوع فإن هي قدرت جديته حددت لصاحبه أجلاً لرفع الأمر بشأنه للمحكمة العليا وإذا انقضى الأجل دون رفع الأمر إليها سقط الدفع، ومقتضى ذلك كله أن الدفع بعدم الدستورية ما زال غير متعلق بالنظام العام ولا يجوز للمحكمة أن تعرض له من تلقاء نفسها، ومن ثم لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض عند مباشرتها سلطتها في الفصل في الطعون على الأحكام.
2 - مفاد نص المادة الثانية من القانون رقم 150 لسنة 1964 والفقرة الرابعة من المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 1876 لسنة 1964 أن المشرع جعل الأموال والممتلكات التي وضعت تحت الحراسة بموجب قانون الطوارئ ملكاً للدولة من وقت رفع الحراسة بحكم القانون، وأراد أن يكون التعويض عنها بمقدار صافي قيمتها وبحد أقصى لا يجاوز المبلغ الإجمالي الذي قدره بثلاثين ألف جنيه، والغرض من ذلك تصفية الحراسة التي فرضت على أصحابها وتجريدهم من أموالهم وممتلكاتهم وحصر مراكزهم المالية في نطاق التعويض الإجمالي لاعتبارات اقتضتها مصلحة الدولة محافظة على نظامها العام وحماية لأهدافها، وإذ كانت أيلولة الملكية إلى الدولة بقوة القانون ولا تتلقاها بمثابة خلف عام أو خاص عن أصحاب هذه الأموال فإنها لا تكون مسئولة بحسب الأصل عن ديونهم في الأموال والممتلكات التي كانت في الضمان العام أو الخاص محلاً للوفاء بحقوق الدائنين، إلا أن القرار الجمهوري الذي وضع القواعد الخاصة بالتصفية جعل من اختصاص المدير العام لإدارة هذه الأموال والممتلكات تقدير قيمتها والفصل في جدية الديون التي يتقدم بها أصحابها، وأجاز له استثناء من هذا الأصل أن يصدر بشأنها قرار بقبول أداء الدين من قيمتها فيسدده بعد استنزاله لتكون سندات التعويض ممثلة لناتج التصفية أو يصدر قراراً برفض الأداء لعدم جدية الدين أو صوريته أو لأي سبب يقرره القانون فيستبعده من حساب التعويض ولا يكون للدائن إلا حق الرجوع على المدين، وإذ كان القانون يجعل للمدير العام سلطة الفصل في جدية الديون، يملك استنزال ما يقبله واستبعاد ما يرفضه من حساب التعويض، ويعتبر قراره في هذا الشأن جزءاً لا يتجزء من نظام تصفية الحراسة يتوقف عليه تحديد ناتجها لتحقيق أغراضها المتعلقة بالنظام العام، فإنه لا يجوز للدائن أن يلجأ إلى القضاء بطلب دينه قبل عرضه على المدير العام ليصدر قراره بشأنه، وإذ هو لجأ إلى القضاء دون أن يسلك السبيل الذي رسمه القانون، فإن الدعوى لا تكون مسموعة، ويكون لكل ذي مصلحه أن يتمسك بعدم سماعها وللمحكمة أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها ولو كان الدائن قد رفع دعواه على المدين قبل صدور القانون ما دام قد عدل طلباته بتوجيهها إلى المدير العام واختصمه للسير فيها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن رفع الدعوى رقم 828 لسنة 1963 مدني كلي طنطا على المطعون ضده الأول طالباً الحكم بإلزامه في مواجهة شركة نسيج الغربية أن يدفع له مبلغ 11500 جنيه مع المصاريف والأتعاب وقد انتهى فيها بعد - أن قضى مرتين بانقطاع سير الخصومة فعجلها - إلى طلب الحكم بإلزام المطعون ضده الأول بدفع ذلك المبلغ في مواجهة المطعون ضدهما الثاني والثالث دفع المطعون ضده الثاني مدير إدارة الأموال والممتلكات التي آلت إلى الدولة بالقانون رقم 150 لسنة 1964 بعدم قبول الدعوى لعدم اتباع الطريق المرسوم قانوناً بالقرار الجمهوري رقم 1876 لسنة 1964 في شأن سريان بعض القواعد على الأشخاص الخاضعين لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964. وفي 10 من مايو سنة 1967 قضت محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان فأقام الطاعن الاستئناف رقم 385 لسنة 17 قضائية استئناف طنطا وفي 17 من فبراير سنة 1969 قضت محكمة ثاني درجة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بالطعن المماثل وقدمت النيابة العامة مذكره أبدت فيها الرأي برفض الطعن وقد عرض على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل أولهما في وجهه الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن محكمة الاستئناف قضت بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من قبول الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان تأسيساً على أنه لم يتقدم قبل رفع الدعوى إلى المطعون ضده الثاني بطلباته طبقاً للقاعدة الرابعة المنصوص عليها في المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 1876 لسنة 1964 فتكون المحكمة قد طبقت تلك القاعدة التي قيدت حقوق الدائنين في مقاضاة مدينيهم الذين رفعت عنهم الحراسة بالقانون 150 لسنة 1964 مع أنها قاعدة منصوص عليها في قرار جمهوري ليس من شأنه وضع قيد على حق التقاضي لم يضعه القانون رقم 150 لسنة 1964 الذي صدر تنفيذاً له فجاوز بذلك الحدود التي رسمها الدستور للوائح اللازمة لتنفيذ القوانين عملاً بالمادة 122 من دستور سنة 1964 وبذلك يكون الحكم قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن رقابة القضاء على دستورية القوانين واللوائح فيما قبل إنشاء المحكمة العليا ما كانت إلا بدفع من صاحب الشأن تفصل فيه محكمة الموضوع قبل الفصل في الدعوى وما كان يجوز للمحكمة أن تتعرض له من تلقاء نفسها، وهذه قواعد قننها الشارع في المادة الرابعة من القانون رقم 81 لسنة 1969 بإنشاء المحكمة العليا التي اختصها دون غيرها بالفصل في عدم دستورية القوانين إذ يتخذ شكل دفع من صاحب الشأن أمام محكمة الموضوع فإن هي قدرت جديته حددت لصاحبه أجلاً لرفع الأمر بشأنه للمحكمة العليا وإذا انقضى الأجل دون رفع الأمر إليها سقط الدفع ومقتضى ذلك كله أن الدفع بعدم الدستورية ما زال غير متعلق بالنظام العام ولا يجوز للمحكمة أن تعرض له من تلقاء نفسها. ومن ثم لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض عند مباشرة سلطتها في الطعون على الأحكام، لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق أن الطاعن لم يثر هذا الدفع في أي من درجتي التقاضي فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون في هذا الخصوص يكون عق غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجهين الثاني والثالث من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وشابه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان الذي قضى بقبوله لم يبد من المطعون ضده الأول وهو الخصم الحقيقي في الدعوى وإنما أبدى من المطعون ضده الثاني الذي اختصم لصدور الحكم في الدعوى في مواجهته ولما كان هذا الدفع ليس من النظام العام فلا يحق للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، وإذ فعلت بينما لم يتمسك به الخصم الحقيقي الذي رفعت عليه الدعوى بعريضة معلنة في شهر أكتوبر سنة 1963 أي بإجراء تم صحيحاً قبل أن تفرض الحراسة على أمواله في سنة 1964 وكان في حينه كامل أهلية التقاضي ثم اكتفت في الرد على ما أثير من ذلك بقولها أنه سواء كانت هذه الدعوى قد رفعت ضد المطعون ضده الأول قبل فرض الحراسة أو بعد فرضها فإن ذلك لا يغير وجه الحكم في الدعوى طالما أن أمواله قد آلت إلى الدولة نهائياً نفاذاً للقانون رقم 150 لسنة 1964, فإنها تكون قد خالفت القانون وشاب حكمها القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن القانون رقم 150 لسنة 1964 برفع الحراسة عن أموال وممتلكات الأشخاص الذين فرضت عليهم طبقاً لأحكام قانون الطوارئ والنص في مادته الثانية على أن "تؤول إلى الدولة الأموال والممتلكات المشار إليها في المادة السابقة ويعوض عنها صاحبها بتعويض إجمالي قدره 30 ألف جنيه ما لم تكن قيمتها أقل من ذلك فيعوض عنها بمقدار هذه القيمة" والنص في الفقرة الرابعة من المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 1876 لسنة 1964 على أن "الأموال والممتلكات التي تؤول إلى الدولة ويعوض عنها صاحبها وفقاً لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 المشار إليه هي صافي قيمتها بعد استنزال جميع الديون العقارية والممتازة والعادية بحيث تكون سندات التعويض ممثله لناتج التصفية ولا يجوز الرجوع على صاحب هذه السندات بغير الديون التي يرفض المدير العام أداؤها بقرار مسبب لعدم جديتها أو صوريتها أو لأي سبب آخر يقرره القانون" يدل على أن المشرع جعل الأموال, والممتلكات التي وضعت تحت الحراسة بموجب قانون الطوارئ ملكاً للدولة من وقت رفع الحراسة بحكم القانون وأراد أن يكون التعويض عنها بمقدار صافي قيمتها وبحد أقصى لا يجاوز المبلغ الإجمالي الذي قدره بثلاثين ألف جنيه والغرض من ذلك تصفية الحراسة التي فرضت على أصحابها وتجريدهم من أموالهم وممتلكاتهم وحصر مراكزهم المالية في نطاق التعويض الإجمالي لاعتبارات اقتضتها مصلحة الدولة محافظة على نظامها العام وحماية لأهدافها، وإذ كانت أيلولة الملكية إلى الدولة بقوة القانون ولا تتلقاها بمثابة خلف عام أو خاص عن أصحاب هذه الأموال فإنها لا تكون مسئولة بحسب الأصل عن ديونهم في الأموال والممتلكات التي كانت في الضمان العام أو الخاص محلاً للوفاء بحقوق الدائنين إلا أن القرار الجمهوري الذي وضع القواعد الخاصة بالتصفية جعل من اختصاص المدير العام لإدارة هذه الأموال والممتلكات تقدير قيمتها والفصل في جدية الديون التي يتقدم بها أصحابها وأجاز له استثناء من هذا الأصل أن يصدر بشأنها قرار بقبول أداء الدين من قيمتها فيسدده بعد استنزاله لتكون سندات التعويض ممثلة لناتج التصفية أو يصدر قراراً برفض الأداء لعدم جدية الدين أو صوريته أو لأي سبب يقرره القانون فيستبعده من حساب التعويض، ولا يكون للدائن إلا حق الرجوع على المدين وإذ كان القانون يجعل للمدير العام سلطة الفصل في جدية الديون يملك استنزال ما يقبله واستبعاد ما يرفضه من حساب التعويض ويعتبر قراره في هذا الشأن جزءاً لا يتجزأ من نظام تصفية الحراسة يتوقف عليها تحديد ناتجها لتحقيق أغراضها المتعلقة بالنظام العام، فإنه لا يجوز للدائن أن يلجأ إلى القضاء بطلب دينه قبل عرضه على المدير العام ليصدر قراره بشأنه وإذ هو لجأ إلى القضاء دون أن يسلك السبيل الذي رسمه القانون فإن الدعوى لا تكون مسموعة ويكون لكل ذي مصلحه أن يتمسك بعدم سماعها وللمحكمة أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها ولو كان الدائن قد رفع دعواه على المدين قبل صدور القانون ما دام قد عدل طلباته بتوجيهها إلى المدير العام واختصمه للسير فيها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ولم يشب أسبابه القصور.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته في غير محله ويتعين رفضه.