أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 662

جلسة 23 من إبريل سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

(107)
الطعن رقم 176 لسنة 32 القضائية

استئناف. "نطاق الاستئناف". "القبول المانع من الاستئناف". حكم.
تنتقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما أبدى فيها من دفوع وأوجه دفاع. لا يلزم أن ينص بصفة خاصة بصحيفة الاستئناف على استئناف الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع والمشار إليها فيها. إغفال ذكرها. لا يعتبر قبولاً لها يمنع من طلب إلغائها.
مؤدى نص المادتين 378 و404 من قانون المرافعات السابق - الذي يحكم النزاع - أن جميع الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها تعتبر مستأنفة حتماً مع الحكم الصادر في موضوع الدعوى يستوي في ذلك أن تكون هذه الأحكام فرعية أم متعلقة بإجراءات الإثبات، كما يستوي أن تكون صادرة لصالح المستأنف أم صادرة ضده ما لم تكن قد قبلت صراحة، وهي تتبع مصير الحكم الصادر في موضوع الدعوى من ناحية قبول الاستئناف وعدم قبوله، بحيث إذا استؤنف هذا الحكم الأخير في الميعاد كانت هي الأخرى مستأنفة في الميعاد. وتنتقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما أبدى فيها من دفوع وأوجه دفاع سواء منها ما فصل فيه بأحكام فرعية أو ما أغفلت محكمة أول درجة الفصل فيه. وترتيباً على ذلك فإنه ليس من اللازم أن ينص بصفة خاصة على استئناف الأحكام المشار إليها في صحيفة الاستئناف. ولا يعتبر إغفال ذكرها في تلك الصحيفة قبولاً لها يمنع من طلب إلغائها، بل يكفي أن يكون المستأنف قد وجه مطاعنه إليها في مرافعته الكتابية أو الشفوية أمام محكمة الاستئناف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 9/ 4/ 1954 توفى المرحوم عثمان فهمي سليمان وقدرت مأمورية ضرائب دمنهور صافي تركته بمبلغ 61837 ج و727 م وأخطرت ورثته بهذا التقدير وإذا اعترضوا عليه وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها في 16/ 6/ 1956 بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتخفيض صافي قيمة التركة إلى مبلغ 54461 ج و845 م فقد أقاموا الدعوى رقم 52 سنة 1956 تجاري دمنهور الابتدائية ضد مصلحة الضرائب بالطعن في هذا القرار طالبين تعديله واستبعاد كافة العناصر المعترض عليها، ودفعت المصلحة بعدم قبول الطعن لرفعه بغير الطريق القانوني. وبتاريخ 5/ 2/ 1958 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) برفض الدفع المبدى من مصلحة الضرائب بعدم قبول الطعن لرفعه بغير الطريق القانوني وبقبوله شكلاً (ثانياً) وقبل الفصل في الموضوع بندب الخبير الحسابي المختص بشئون الضرائب بمكتب خبراء وزارة العدل للانتقال إلى منشأة الطاعنين سواء بمقر الشركتين بدمنهور وإيتاي البارود أو بمقرهما الأصلي وكذا الانتقال إلى مأمورية الضرائب ومقر لجنة الطعن للاطلاع على المستندات الخاصة بتركة مورث الطاعنين المرحوم عثمان فهمي سليمان المتوفى بتاريخ 9/ 4/ 1954 أو إلى أية جهة حكومية يرى الخبير ضرورة الانتقال إليها في سبيل بيان أصول هذه التركة عند وفاة المورث والديون العادية التي سقطت بالتقادم لمدة 15 سنة أو الديون التجارية التي يسقط الحق في المطالبة بها بمضي خمس سنوات واستنزالها من أصول التركة هي والزمامات التي يتبين للخبير أنها أصبحت معدومة وكذلك استبعاد الضرائب المستحقة على المورث ومنها الضريبة العامة على الإيراد وخصم الأموال الأميرية التي كانت مستحقة على المورث وثبت من المستندات القيام بأدائها وكذلك تحقيق المبالغ الحقيقية التي صرفت على مأتم وجنازة ودفن المورث واستنزالها أيضاً من أصول التركة وبالجملة تحقيق أوجه الخلاف بين الطرفين لبيان صافي قيمة تركة المورث مع تقدير قيمة شهرة المحل وبعد أن باشر الخبير هذه المأمورية عادت وبتاريخ 19 يناير سنة 61 فحكمت في موضوع الطعن بتعديل القرار المطعون فيه بتخفيض صافي تركة المرحوم عثمان فهمي سليمان إلى مبلغ 43630 ج و667 م وألزمت الطاعنين بنصف المصروفات وألزمت مصلحة الضرائب بباقيها وبمبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة" ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنفت المصلحة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه وتأييد قرار اللجنة وقيد هذا الاستئناف برقم 82 سنة 17 ق، وبتاريخ 28 نوفمبر سنة 1962 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وقرار لجنة الطعن وتقدير صافي تركة المرحوم عثمان فهمي سليمان بمبلغ 49014 ج و564 م وألزمت مصلحة الضرائب بالمصاريف المناسبة للفرق بين تقدير اللجنة وما حكم به عن الدرجتين وألزمت المستأنف عليهم باقي المصاريف عنهما وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة، ثم عادت وبتاريخ 14/ 3/ 1962 فحكمت بتصحيح قيمة صافي التركة إلى مبلغ 48239 ج و564 م. وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ودفع المطعون عليهم الثاني والثالث والأخير ببطلان الطعن وطلبوا في الموضع رفضه ولم يحضر باقي المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً، وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على ما جاء بمذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون عليهم الأول والثاني والأخير أن الطاعنة لم تعلن المطعون عليهم من الخامس إلى العاشرة بتقرير الطعن إعلاناً صحيحاً إذا أعلنتهم للنيابة دون القيام بالتحريات اللازمة للتقصي عن محال إقامتهم فضلاً عن أنهم قد اتخذوا لهم محلاً مختاراً في ورقة إعلان الحكم فكان في وسعها أن تعلنهم في هذا المحل، كما أنها أغفلت إعلان المطعون عليه الأخير الذي كان مشمولاً بوصاية والدته وبلغ سن الرشد قبل صدور الحكم المطعون فيه وفي هذا وذاك ما يجعل الطعن باطلاً برمته لأن الموضوع غير قابل للتجزئة.
وحيث إن هذا الدفع غير صحيح ذلك أنه بالرجوع إلى الأوراق يبين أن جميع المطعون عليهم قد أعلنوا بالتقرير إعلاناً صحيحاً في الميعاد إذ أن من سبق إعلانه منهم في مواجهة النيابة قد أعيد إعلانه في محل إقامته في الميعاد الذي منحه القانون 4 لسنة 1967 لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات التي يقتضيها تطبيق الفقرة الثانية من المادة الثالثة من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1955 ولتصحيح ما لم يصح منها وفقاً لحكم تلك الفقرة عدا المطعون عليها السادسة ناديه عثمان فهمي فقد دلت أوراق التحريات المقدمة من الطاعنة ضمن مستنداتها أنها رغم البحث والتحري لم تهتد إلى محل إقامتها، ولا يؤثر في صحة إعلانها للنيابة ما ادعاه المطعون عليهم من أنهم قد اتخذوا لهم محلاً مختاراً في ورقة إعلان الحكم المطعون فيه ذلك أنهم ما يقدموا صورة الحكم المعلنة بل قدموا أوراقاً ليس فيها ما يدل على اتخاذهم هذا المحل، أما بالنسبة للمطعون عليه الأخير سمير عثمان فهمي فقد أقر في مذكرته المقدمة بملف الطعن بأن الطاعنة قد أعادت إعلانه في الميعاد الذي منحه القانون رقم 4 لسنة 1967 هذا بالإضافة إلى أن الثابت من الأوراق أنه قدم دفاعه في الميعاد القانوني ومن ثم فإن هذا الدفع يكون في غير محله.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث عن حاصل السببين الأول والثالث أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول استئناف الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 5/ 2/ 1958 مستنداً في ذلك إلى أن صحيفة الاستئناف لا تتضمن الإشارة إلى هذا الحكم سواء في أسبابها أو في الطلبات الختامية بل قصرت المصلحة استئنافها على الحكم الصادر في الموضوع بتاريخ 19/ 1/ 1961 بما يعتبر منها قبولاً صريحاً للحكم الأول يحول دون الطعن فيه، وهو خطأ ومخالفة للقانون وقصور إذ تنص المادة 404 من قانون المرافعات على أن استئناف الحكم الصادر في موضوع الدعوى يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قد قبلت صراحة، والأحكام التي تقصدها هذه المادة هي الصادرة قبل الفصل في الموضوع والتي أشارت إليها المادة 378 مرافعات، ومؤدى هاتين المادتين أن الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الموضوع تتبع مصير الحكم الصادر في الموضوع من جهة قبول الاستئناف وعدم قبوله بحيث يترتب حتماً على استئناف هذا الحكم الأخير استئناف ما سبقه من الأحكام المشار إليها وتنتقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما أبدى فيها من دفوع وأوجه دفاع سواء منها ما فصل فيه بأحكام فرعية أو ما أغفلته محكمة أول درجة ويبدأ ميعاد الاستئناف بالنسبة لهذه الأحكام من تاريخ إعلان الحكم الصادر في الموضوع فإذا فات ميعاد استئناف هذا الحكم فات تبعاً ميعاد استئناف تلك الأحكام الصادرة قبله، ولا يحد من هذه القاعدة سوى قبول المستأنف للحكم الصادر قبل الفصل في الموضوع قبولاً صريحاً يدل بجلاء على أنه قد ارتضاه بحيث إذا ثار الشك في حقيقة المقصود وجب أن يكون التفسير لمصلحة المحكوم عليه لأن الأصل هو عدم تنازل صاحب الحق عن حقه وإعمالاً لهذه القواعد فإن استئناف الطاعنة للحكم الصادر في الموضوع يستتبع حتماً استئناف الحكم الصادر قبل الفصل في موضوع الدعوى بتاريخ 5/ 2/ 1958 دون حاجة للنص في ذلك صراحة في صحيفة الاستئناف بل يكفي أن تكون الطاعنة قد انتهت في هذه الصحيفة إلى طلب إلغاء الحكم المستأنف وتأييد قرار لجنة الطعن إذ أنها إعمالاً للقاعدة السابقة تكون قد طلبت كذلك إلغاء الحكم الفرعي السابق عليه، ومن ثم فإن سكوتها عن الإشارة إلى هذا الحكم الفرعي في صحيفة الاستئناف لا يعتبر بحال قبولاً منها للحكم المذكور، وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه القصور والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وفقاً للمادتين 378، 404 من قانون المرافعات السابق الذي يحكم النزاع وما أفصحت عنه المذكرة التفسيرية لهاتين المادتين تعتبر جميع الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها مستأنفة حتماً مع الحكم الصادر في موضوع الدعوى يستوي في ذلك أن تكون هذه الأحكام قطعية أم متعلقة بإجراءات الإثبات كما يستوي أن تكون صادرة لمصلحة المستأنف أم صادرة ضده ما لم تكن قد قبلت صراحة، وهي تتبع مصير الحكم الصادر في موضوع الدعوى من ناحية قبول الاستئناف وعدم قبوله بحيث إذ استؤنف هذا الحكم الأخير في الميعاد كانت هي الأخرى مستأنفة في الميعاد وتنتقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما أبدى فيها من دفوع وأوجه دفاع سواء منها ما فصل فيه بأحكام فرعية أو ما أغفلت محكمة أول درجة الفصل فيه، وترتيباً على ذلك فإنه ليس من اللازم أن ينص بصفة خاصة على استئناف الأحكام المشار إليها في صحيفة الاستئناف ولا يعتبر إغفال ذكرها في تلك الصحيفة قبولاً لها يمنع من طلب إلغائها بل يكفي أن يكون المستأنف قد وجه مطاعنه إليها في مرافعته الكتابية أو الشفوية أمام محكمة الاستئناف، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بعدم قبول استئناف الحكم الفرعي الصادر بتاريخ 5/ 2/ 1958 قبل الفصل في الموضوع والذي لا تنتهي به الخصومة كلها أو بعضها استناداً إلى أن الطاعنة لم تشر إلى هذا الحكم في صحيفة استئنافها ولم تضمنها أي طعن بل قصرتها على استئناف الحكم الصادر في الموضوع بتاريخ 19/ 1/ 1961 وطلبت إلغائه وتأييد قرار اللجنة، ولم تتمسك باستئناف الحكم الفرعي المشار إليه إلا في مذكرتها الشارحة لأسباب استئنافها المقدمة لجلسة 28/ 12/ 1962 وبعد انتهاء فترة التحضير ورتب على ذلك اعتباره أن الطاعنة قد قبلت الحكم المذكور كما اعتبر أن ميعاد استئنافه قد فات وأصبح حكماً نهائياً، إذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذين السببين دون حاجة لبحث السبب الثاني.