أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 668

جلسة 24 من إبريل سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

(108)
الطعن رقم 127 لسنة 35 القضائية

( أ ) استيلاء. "الاستيلاء المؤقت على العقارات". إنابة.
الاستيلاء المؤقت على العقارات في الأحوال المستعجلة. سلطة استثنائية للمحافظ مقيدة بقيام حالة الضرورة. عدم جواز إنابة غيره في إصدار قرار الاستيلاء. المادة 17 من القانون 577 لسنة 1954.
(ب) استيلاء. "الاستيلاء المؤقت على العقارات". "القرار الصادر من المحافظ بالاستيلاء". قرار إداري.
وجوب أن يكون قرار المحافظ بالاستيلاء المؤقت مكتوباً ومحدداً فيه مدة الاستيلاء علة ذلك. المادة 18 من القانون 577 لسنة 1954.
(ج) استيلاء. "الاستيلاء المؤقت على العقارات". قرار إداري. اختصاص. "اختصاص ولائي". تعويض. ملكية. "نزع الملكية".
عدم جواز حرمان أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وبالطريقة التي يرسمها. القرار الصادر من رئيس مجلس المدينة بالاستيلاء على عقار. مخالف للقانون 577 لسنة 1954. تجرده عن صفته الإدارية. أثره. اختصاص المحاكم القضائية بنظر طلبات التعويض عنه.
(د) نقض. "حالات الطعن". "الأحكام الغير جائز الطعن فيها".
الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية في مسألة اختصاص متعلق بالولاية. شرطه. المادة 2 من القانون 57 لسنة 1959 المعدل بالقانون 106 لسنة 1962.
1 - مفاد نص المادة 17 من القانون رقم 577 سنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة أن السلطة التي خولها القانون للمحافظ في الاستيلاء المؤقت على العقارات في الأحوال الطارئة أو المستعجلة هي سلطة استثنائية مقيدة بقيام حالة الضرورة التي تبرر هذا الاستيلاء، وقد ترك القانون للمحافظ تقدير قيام هذه الحالة ولم يصرح له بتفويض غيره في إصدار قرارات الاستيلاء المؤقت في الأحوال التي أجاز له فيها هذا الاستيلاء، فلا يجوز لذلك للمحافظ أن ينيب غيره في إصدار تلك القرارات.
2 - ما تنص عليه المادة 18 من القانون 577 لسنة 1954، من وجوب تحديد مدة الاستيلاء المؤقت على العقارات - سواء كان الاستيلاء بقرار من الوزير المختص أو من المحافظ - بحيث لا تجاوز المدة ثلاث سنوات من تاريخ الاستيلاء الفعلي، يقتضي أن يكون قرار الاستيلاء المؤقت الصادر من المحافظ مكتوباً ومحدداً فيه مدة الاستيلاء حتى يكون بيد صاحب الشأن في العقار سند يمكن أن يعتمد عليه في مطالبة جهة الإدارة بإعادة العقار إليه في نهاية المدة المحددة للاستيلاء في حالة امتناعها عن تنفيذ ما توجبه عليها المادة 18 من إعادة العقار في نهاية المدة المحددة للاستيلاء بالحالة التي كان عليها وقت الاستيلاء، يؤيد هذا النظر أن القانون استوجب في حالة حصول الاستيلاء المؤقت، بقرار من الوزير المختص، وهو السلطة المختصة أصلاً بإصدار قرارات الاستيلاء المؤقت، أن ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية، وهذا النشر لا يكون إلا إذا كان القرار مكتوباً، ووجوب صدور قرار المحافظ كتابة لا يتنافى مع قيام حالة الضرورة التي تستلزم إصداره لأن اقتضاء تحرير القرار لا يؤدي إلى تأخير حصول الاستيلاء.
3 - للملكية حرمة، وقد نصت المادة 805 من القانون المدني على أنه لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وبالطريقة التي يرسمها ومن ثم فإن القرار الصادر من رئيس مجلس المدينة بالاستيلاء على العقار، ولو كان قد صدر بموافقة المحافظ شفوياً، يكون قد صدر من شخص لا سلطة له إطلاقاً في إصداره ومشوباً بمخالفة صارخة للقانون بما يجرده عن صفته الإدارية ويسقط عنه الحصانة المقررة للقرارات الإدارية ويغدو معه الاستيلاء على العقار غصباً واعتداءً مادياً تختص المحاكم القضائية بنظر طلبات التعويض عنه.
4 - تشترط المادة 2 من القانون رقم 57 لسنة 1959 معدلاً بالقانون رقم 106 لسنة 1962 لجواز الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية، في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم أن تكون الأحكام المطعون فيها مبنية على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو في تأويله، وإذ كان الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي لم يخالف القانون ولم يخطئ في تطبيقه أو في تأويله، فإن الطعن فيه بالنقض يكون غير جائز [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 1035 سنة 1963 مدني بندر دمنهور على الطاعن وآخرين طلبا فيها الحكم على الطاعن (رئيس مجلس مدينة دمنهور) في مواجهة هؤلاء الآخرين برد حيازتهما لمنزلهما الموضح بصحيفة الدعوى وبمنع تعرضه لهما فيه وبإلزامه بصفته بأن يدفع لهما تعويضاً قدره ألف جنيه، وقالا شرحاً لدعواهما إنهما يملكان المنزل المذكور الذي لم يكمل إعداده للسكنى وقد علما مساء يوم 10 من أكتوبر سنة 1963 بأن بعض التابعين للطاعن يحاولون فتح بابه ودخوله عنوة فأبلغا النيابة بذلك فما كان من الطاعن اعتماداً على صفته سوى أن اقتحم وتابعوه المنزل عنوة، فأنذراه بإعادة الحالة إلى أصلها فلم يستجب لطلبهما بل سمح للآخرين المختصمين في الدعوى بالإقامة في المنزل عنوة، وقد قرر الطاعن في التحقيق الذي أجرته النيابة أن الاستيلاء على المنزل كان بأمر منه مؤيداً من المحافظ لتخصيص المنزل في الأغراض العامة وانتهى المطعون ضدهما إلى أن الاستيلاء على المنزل كان غصباً دون سند قانوني مما يحق لهما معه طلب رد حيازتهما له من التعويض. طلب الطاعن في الدعوى استناداً إلى أن المطعون ضدهما اتفقا معه شفوياً على مساهمتهما في تفريج أزمة المساكن وسلماه مفتاح المنزل من أجل ذلك. وبتاريخ 18/ 4/ 1964 قضت محكمة الدرجة الأولى برفض الدعوى تأسيساًً على أن سلب الحيازة لم يحصل لأن تسليم المطعون ضدهما مفتاح المنزل للطاعن ينفي ركن القوة والتهديد اللازم لدعوى رد الحيازة وعلى أنه لم يلحقهما ضرر مادي أو أدبي يستحقان من أجله تعويضاً. استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم واستندا إلى أنه لم يتم أي اتفاق شفوي بينهما وبين الطاعن على تسليم المنزل إليه، كما أن كتاب الطاعن لمأمور البندر والمرفق بالشكوى الإدارية رقم 2577 سنة 1963 بندر دمنهور يفيد أن الاستيلاء على المنزل تم بأمر منه، وقيد الاستئناف برقم 149 سنة 1964 س دمنهور. دفع الطاعن أثناء نظر الاستئناف ولأول مرة بعدم اختصاص هذا القضاء ولائياً بنظر الدعوى بشقيها لأن الاستيلاء تم تطبيقاً للمادة 17 من القانون رقم 577 سنة 1954 وطلب احتياطياً رفض الدعوى. وبجلسة 14/ 6/ 1964 قرر المستأنفان (المطعون ضدهما) أنهما يتركان الخصومة في الاستئناف بالنسبة لمن عدا الطاعن من المستأنف عليهم لأنهم أخلوا المنزل. وفي 27/ 12/ 1964 قضت محكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - بقبول ترك الخصومة في الاستئناف بالنسبة لمن عدا الطاعن وبرفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في شأن طلب رد الحيازة وبانتهاء الخصومة فيه وبإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للمطعون ضدهما مبلغ مائتي جنيه على سبيل التعويض. وبتاريخ 27/ 12/ 1964 طعن الطاعن في الحكم المذكور بطريق النقض لمخالفته قواعد الاختصاص المتعلقة بولاية المحاكم، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه قصور في التسبيب في قضائه برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى ذلك أنه أسس قضاءه هذا على ما قاله من أن القرار الصادر من الطاعن بالاستيلاء على منزل المطعون ضدهما لم يستوف الأوضاع الشكلية المقررة بمقتضى القانون إذ لم يصدر من مختص بإصداره حسبما تقضي بذلك المادة 17 من القانون رقم 577 لسنة 1954 ما يعتبر معه الاستيلاء على عقار المطعون ضدهما غصباً ويدخل في اختصاص القضاء العادي دفعه والحكم بالتعويض عن الضرر الناشئ عنه، وهذا من الحكم المطعون فيه خطأ في القانون ذلك أنه لا يشترط في القرار الإداري أن يصدر في صيغة معينة أو بشكل معين إلا إذا اشترط القانون له شكلاً خاصاً لإصداره وقد نصت المادة 17 من القانون رقم 577 لسنة 1954 على أن يحصل الاستيلاء بمجرد انتهاء مندوبي المصلحة المختصة من إثبات صفة العقارات ومساحتها وحالتها بدون حاجة لاتخاذ إجراءات خاصة، ومؤدى ذلك أن القانون لم يشترط إفراغ قرار الاستيلاء قي صيغة معينة أو اتباع شكل خاص في إصداره متى صدر ممن يملكه بالتطبيق لأحكام القانون المذكور، وإذ كان الثابت من الخطاب الذي قدمه الطاعن بصفته رئيساً لمجلس مدينة دمنهور في تحقيق الشكوى الإدارية رقم 2577 سنة 1963 أنه قام بالاستيلاء تنفيذاً للأمر الصادر إليه من محافظ البحيرة تحقيقاً لمصلحة عامة بمناسبة إعادة تخطيط منطقة جرن أبو الريش تمهيداً لإعادة بنائها بطريقة صحية مما أدى إلى وجود حالة ضرورة هي إسكان من أخليت منازلهم بسبب الهدم واقتضت هذه الحالة صدور قرار الاستيلاء على منزل المطعون ضدهما لهذا الغرض فإن الحكم المطعون فيه إذ أطرح هذه الواقعة وقضى برفض الدفع بعدم الاختصاص تأسيساً على أن هذا القرار قد صدر من سلطة غير مختصة بإصداره بما يعتبر معه الاستيلاء بمثابة غصب دون أن يوضح الحكم سنده في هذا القول ومسقطاً الدلالة المستفادة من كتاب الطاعن المقدم في الشكوى الإدارية سالفة الذكر والتي تقطع بصدور قرار الاستياء من المحافظ وليس من رئيس مجلس المدينة (الطاعن) فإن الحكم يكون معيباً بقصور أدى به إلى مخالفة القانون، كما أخطأ في القانون فيما استند إليه في رفض الدفع من أن قرار الاستيلاء لم يستوف شكله الذي حدده القانون إذ أن القانون رقم 577 لسنة 1954 لم يشترط له شكلاً معيناً. ولما كانت المحكمة الابتدائية بقضائها برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي وبالتعويض قد جاوزت حدود ولايتها بما ترتب عليه تعطيل قرار إداري صادر ممن يملكه وبالتطبيق للقانون رقم 577 لسنة 1954 فإن حكمها المطعون فيه يكون جائزاً للطعن فيه بالنقض رغم صدوره من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية عملاً بالمادة 2 من القانون رقم 57 لسنة 1959، ويتعين لذلك نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الطاعن وهو رئيس مجلس مدينة دمنهور ذكر صراحة في خطابه المؤرخ 31/ 10/ 1963 والمرفق بأوراق الشكوى الإدارية رقم 2577 سنة 1963 بندر دمنهور المودعة بالملف المضموم، أن الاستيلاء على منزل المطعون ضدهما كان بناء على أمر منه مؤيداً من السيد المحافظ لتخصيص هذا المنزل في الأغراض العامة وقام دفاع الطاعن أمام المحكمة الابتدائية على أن الاستيلاء تم بناء على اتفاق شفوي بينه وبين المطعون ضدهما وأنهما سلماه مفاتيح المنزل برضائهما، وحين دفع الطاعن لأول مرة في الاستئناف بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى قال في مذكرته رقم 9 من ملف الاستئناف "إن رئيس مجلس المدينة ( الطاعن) قد استولى استيلاءً مؤقتاً على المنزل بموافقة المحافظ درءاً للحالة الطارئة المستعجلة التي كان عليها سكان حي كوم أبو الريش ببندر دمنهور الذي تقرر هدمه وإعادة بنائه بطريقة صحية وأن الاستيلاء تم بالاستناد إلى المادة 17 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة". ولما كان القانون رقم 577 لسنة 1954 المذكور قد جعل الأصل في الاستيلاء المؤقت على العقارات التي يتقرر لزومها للمنفعة العامة أن يكون ذلك بقرار من الوزير المختص ينشر في الجريدة الرسمية ويبلغ لأصحاب الشأن بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول (مادة 16) وأجاز هذا القانون على سبيل الاستثناء في المادة 17 للمحافظ - بناء على طلب المصلحة المختصة في الأحوال الطارئة أو المستعجلة - أن يأمر بالاستيلاء مؤقتاً على العقارات اللازمة لمواجهة هذه الأحوال كما أجاز له في غير تلك الأحوال الاستيلاء مؤقتاً على العقارات اللازمة لخدمة مشروع ذي منفعة عامة، ونص القانون المذكور في المادة 18 على أن تحدد مدة الاستيلاء المؤقت على العقار بحيث لا تجاوز ثلاث سنوات من تاريخ الاستيلاء الفعلي. ومفاد ذلك أن السلطة التي خولها القانون للمحافظ في الاستيلاء المؤقت على العقارات في الأحوال الطارئة أو المستعجلة هي سلطة استثنائية مقيدة بقيام حالة الضرورة التي تبرر هذا الاستيلاء، ومتى كان ذلك وكان القانون قد ترك للمحافظ تقدير قيام هذه الحالة ولم يصرح له بتفويض غيره في إصدار قرارات الاستيلاء المؤقت في الأحوال التي أجاز له فيها هذا الاستيلاء لذلك فإنه لا يجوز للمحافظ أن ينيب غيره في إصدار تلك القرارات، لما كان ذلك، وكان ما تنص عليه المادة 18 من القانون رقم 577 لسنة 1954 من وجوب تحديد مدة الاستيلاء المؤقت على العقارات - سواء كان الاستيلاء بقرار من الوزير المختص أو من المحافظ - بحيث لا تجاوز المدة ثلاث سنوات من تاريخ الاستيلاء الفعلي، هذا يقتضي أن يكون قرار الاستيلاء المؤقت الصادر من المحافظ مكتوباً ومحدداً فيه مدة الاستيلاء حتى يكون بيد صاحب الشأن في العقار سند يمكن أن يعتمد عليه في مطالبة جهة الإدارة بإعادة العقار إليه في نهاية المدة المحددة للاستيلاء في حالة امتناعها عن تنفيذ ما توجبه عليها المادة 18 من إعادة العقار في نهاية المدة المحددة للاستيلاء بالحالة التي كان عليها وقت الاستيلاء، يؤيد هذا النظر أن القانون استوجب في حالة حصول الاستيلاء المؤقت بقرار من الوزير المختص - وهو السلطة المختصة أصلاً بإصدار قرارات الاستيلاء المؤقت - أن ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية وهذا النشر لا يكون إلا إذا كان القرار مكتوباً وإذا كان مفاد ما نصت عليه المادة 7 من القانون رقم 577 لسنة 1954 من أنه في حالة حصول الاستيلاء المؤقت بقرار من المحافظ في الأحوال المنصوص عليها في هذه المادة يحصل الاستيلاء بمجرد انتهاء مندوبي المصلحة المختصة من إثبات حالة العقارات بدون حاجة لاتخاذ إجراءات أخرى، أن القانون لا يشترط في هذه الحالة نشر القرار وإبلاغه إلى ذوي الشأن كما اشترط في حالة حصول الاستيلاء بقرار من الوزير المختص وذلك تقديراً من المشرع لقيام حالة الضرورة الملحة التي تقتضي سرعة الاستيلاء على العقارات اللازمة لمواجهة هذه الحالة، إلا إذ ذلك لا يعني إعفاء المحافظ من واجب صدور القرار كتابة إذ لا يتنافى ذلك مع قيام حالة الضرورة التي تستلزم إصداره لأن اقتضاء تحرير القرار لا يؤدي إلى تأخير حصول الاستيلاء. لما كان ما تقدم وكان للملكية حرمة وقد نصت المادة 805 من القانون المدني على أنه لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وبالطريقة التي يرسمها فإن القرار الصادر من رئيس مجلس مدينة دمنهور (الطاعن) ولو كان قد صدر بموافقة المحافظ شفوياً كما ادعى الطاعن يكون قد صدر من شخص لا سلطة له إطلاقاً في إصداره ومشوباً بمخالفة صارخة للقانون بما يجرده عن صفته الإدارية ويسقط عنه الحصانة المقررة للقرارات الإدارية ويغدو معه الاستيلاء على منزل المطعون ضدهما غصباً واعتداءً مادياً تختص المحاكم القضائية بنظر طلبات التعويض عنه وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها لم يخالف القانون ولم يخطئ في تطبيقه ولما كانت المادة 2 من القانون رقم 57 لسنة 1959 معدلاً بالقانون رقم 106 لسنة 1962 التي يستند إليها الطاعن في جواز طعنه تشترط لجواز الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية - بهيئة استئنافية - في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم أن تكون الأحكام المطعون فيها مبنية على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو في تأويله وكان الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي لم يخالف القانون ولم يخطئ في تطبيقه أو في تأويله - على ما سلف بيانه - فإن الطعن فيه بالنقض يكون غير جائز.


[(1)] راجع نقض في 10/ 3/ 1966 مجموعة المكتب الفني لسنة 17 ص 558.