أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 895

جلسة 18 من مايو سنة 1974

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد صادق الرشيدي وعضوية السادة المستشارين: أديب قصبجي, ومحمد فاضل المرجوشي, وحافظ الوكيل, وممدوح عطية.

(145)
الطعن رقم 170 لسنة 38 القضائية

(1، 2) عمل "توقيع الجزاءات التأديبية" "انتهاء عقد العمل". شركات "شركات القطاع العام". بنوك.
(1) العاملون ببنك مصر. علاقتهم به تعاقدية منذ تحويله إلى شركة مساهمة بصدور القرار الجمهوري رقم 872 لسنة 1965. خضوعهم لأحكام قانون العمل ولنظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة.
(2) سلطة رب العمل في توقيع الجزاءات التأديبية على موظفي الشركات المشار إليها في القانون رقم 19 لسنة 1959 الذين تتجاوز مرتباتهم خمسة عشر جنيهاً شهرياً. شمولها حق توقيع عقوبة الفصل عند إخلال العامل بالتزاماته الجوهرية. عدم التزام رب العمل بإبلاغ النيابة الإدارية عند وقوع أية مخالفات منهم.
(3 و4) عمل "انتهاء عقد العمل". شركات "شركات القطاع العام".
(3) عدم إفصاح المادة 56 من نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادر بالقرار الجمهوري 3546 لسنة 1962 عن الحالات التي يجوز فيها توقيع عقوبة الفصل. مؤداه. ترك ذلك التحديد للقواعد العامة الواردة بالمادة 76 ق 91 لسنة 1959.
(4) عدم مراعاة قواعد التأديب. لا يمنع من فسخ عقد العمل لأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 76 ق 91 لسنة 1959.
(5 و6) عمل "وقف العامل". محكمة الموضوع. نقض "ما لا يصلح سبباً للطعن".
(5) نص المادة 67 ق 91 لسنة 1959. عدم إيجابه إبلاغ النيابة العامة عن ارتكاب العامل لجناية أو أية جنحة داخل دائرة العمل. حق رب العمل في فصله متى قدر أن ما وقع منه يكفي لإنهاء علاقة العمل طبقاً للمادة 76 من ذات القانون.
(6) المنازعة فيما انتهى إليه الحكم بأسباب سائغة من توافر شروط تطبيقه المادة 76 ق 91 لسنة 1959. جدل موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
1 - بنك مصر تحول من مؤسسة عامة إلى شركة مساهمة عربية بصدور القرار الجمهوري رقم 872 لسنة 1965 في 20 إبريل سنة 1965 وأصبحت علاقته بموظفيه اعتباراً من هذا التاريخ علاقة تعاقدية تخضع لأحكام قانون العمل كما تخضع لأحكام نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادر بالقرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 باعتباره جزءاً متمماً لعقد العمل.
2 - مؤدى نص المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 19 لسنة 1959 في شأن سريان أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] أن المشرع لم يتجه إلى تقييد سلطة رب العمل في توقيع الجزاءات التأديبية المقررة في القانون على موظفي الشركات التي تساهم فيها الحكومة أو المؤسسات العامة بنسبة لا تقل عن 25% من رأسمالها أو تضمن لها حداً أدنى من الأرباح الذين تتجاوز مرتباتهم خمسة عشر جنيهاً شهرياً, بل أبقى له حق الرقابة وفحص الشكوى والتحقيق ولم يلزمه بإبلاغ النيابة الإدارية عند وقوع أية مخالفات منهم, وذلك كله يستلزم الاحتفاظ لرب العمل بسلطة توقيع جميع الجزاءات التأديبية التي يجيز قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 توقيعها ومنها عقوبة الفصل المقررة في المادة 76/ 6 منه عند إخلال العامل بالتزاماته الجوهرية.
3 - نصت المادة 56 من نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة المشار إليه في صدرها على مراعاة أحكام قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 وعددت أسباب انتهاء خدمة العامل ومنها الفصل دون أن تفصح عن الحالات التي يجوز فيها للشركة أو المؤسسة العامة فصل العاملين بها, مما مؤداه أنها تركت أمر تلك الحالات محكوماً بالقواعد العامة الواردة بالمادة 76 من قانون العمل المشار إليه ولم تنسخها.
4 - عدم مراعاة قواعد التأديب لا يمنع من فسخ عقد العمل لأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 76 من قانون العمل 91 لسنة 1959 ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أجاز للبنك فسخ عقد العمل لإخلال الطاعن بالتزاماته الجوهرية لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
5 - ما نصت عليه المادة 97 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 من أنه إذا نسب إلى العامل ارتكاب جناية أو أية جنحة داخل دائرة العمل جاز لصاحب العمل وقفه من تاريخ إبلاغ الحادث إلى السلطة المختصة لحين صدور قرار منها في هذا الشأن, لم يتضمن الالتزام بإبلاغ النيابة العامة عن الواقعة التي نسب إلى العامل ارتكابها ولم تفيد سلطة رب العمل في إجراء التحقيق الإداري والاكتفاء به إجراء الفصل إذا قدر أن مصلحة منشأته تقتضي ذلك وأن ما وقع من العامل يكفي في إنهاء العلاقة العقدية بالفسخ طبقاً لما تقضي به المادة 76 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959.
6 - متى كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدعوى على أن فصل الطاعن كان بسبب إخلاله بالتزاماته الجوهرية طبقا للفقرة السادسة من المادة 76 من قانون العمل, وأن الحكم قد خلص بأسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق إلى توافر هذا الإخلال في جانب الطاعن, فإن هذا النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في قيام سبب الفصل وتوافره مما يستقل قاضي الموضوع بتقديره ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1139 سنة 1966 مدني كلي المنصورة على البنك المطعون ضده وطلب الحكم أصلياً ببطلان قرار فصله وإعادته إلى عمله, ومن باب الاحتياط الحكم بإلزام البنك بأن يدفع له مبلغ 2000 جنيه كتعويض عن فصله بغير مبرر وقال بياناً لدعواه إنه التحق بخدمة البنك فرع المنصورة في غضون عام 1959 وظل يباشر عمله إلى أن نسب إليه البنك في فبراير سنة 1965 واقعة صرف إذن مزور بمبلغ 140 جنيهاً من حساب أحد العملاء بتاريخ 19 يوليه 1964 فنفى اتصاله بهذه الواقعة وطلب عرض الأمر على النيابة العامة غير أن البنك لم يستجب لطلبه ولجأ إلى خبير خطوط من عملائه رأى أن الإذن تحرر بخط الطاعن وأيده في ذلك خبير آخر كلفه البنك بفحص هذا الأذن بعد أن أقر العميل صاحب ذلك الحساب بأنه أصدر الإذن بنفسه ثم أخطره البنك في 11 نوفمبر سنة 1965 بوقفه عن العمل اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1965 وبتاريخ 27 نوفمبر سنة 1965 قرر فصله وإذ كان هذا الفصل باطلاً وبغير مبرر فقد أقام دعوى بطلباته المقدمة. وبتاريخ 28 مايو سنة 1967 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة وقيد استئنافه برقم 201 سنة 19 ق. وفي 6 فبراير سنة 1968 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة 27 إبريل سنة 1974 وفيها التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على ستة أسباب ينعى الطاعن بالأسباب الثلاثة الأولى منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والقصور في التسبيب ويقول في بيان ذلك أن الحكم قضى برفض الدعوى استناداً إلى أنه قد أخل بالتزاماته الجوهرية مما يجيز للبنك المطعون ضده فسخ عقد العمل بالتطبيق لحكم المادة 76/ 6 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 وأن هذا الفسخ لا يستلزم مراعاة قواعد التأديب وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون وتأويله لأن البنك المطعون ضده قد تحول إلى شركة مساهمة بمقتضى القرار الجمهوري رقم 827 لسنة 1965 ويخضع العاملون به لأحكام نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادر بالقرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 الذي أشار في ديباجته إلى القانون رقم 19 لسنة 1959 وبذلك جعل الاختصاص بتأديبهم للمحكمة التأديبية وحدها إذا تجاوزت أجورهم خمسة عشر جنيهاًً شهرياً طبقاً للقواعد المنصوص عليها في هذا القانون. وإذ كانت هذه القواعد تعتبر بالنسبة لهؤلاء العاملين أكثر سخاء من قواعد التأديب الواردة في قانون العمل ويتعين بالتالي اتباعها عملاً بالمادة الأولى من نظام العاملين المشار إليه فإن قرار رئيس مجلس إدارة البنك بفصل الطاعن يكون قد صدر ممن لا يملكه, هذا إلى أنه لا يسوغ اعتبار فسخ عقد العمل في هذه الحالة طريقاً مستقلاً لإنهاء خدمة العامل لأن هذا النظام حدد حالات انتهاء الخدمة على سبيل الحصر وليس منها فسخ العقد لأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 76 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 مما يدل على أن المشروع قصد استبعاد هذه الأسباب واستبدل بها تلك الحالات الواردة في ذلك النظام بالنسبة للعاملين بالقطاع العام ومن ثم لا يجوز تطبيق أحكام هذه المادة عليهم. ويضيف الطاعن أن مقطع النزاع في الدعوى هو سريان أحكام القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 عليه وما يستتبعه ذلك من إعمال القواعد المنصوص عليها في القانون رقم 19 لسنة 1959 في شأنه غير أن الحكم المطعون فيه أغفل تمحيص هذا الدفاع الجوهري والرد عليه مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان بنك مصر قد تحول من مؤسسة عامة إلى شركة مساهمة عربية بصدور القرار الجمهوري رقم 872 لسنة 1965 في 20 إبريل سنة 1965 وأصبحت علاقته بموظفيه اعتباراً من هذا التاريخ علاقة تعاقدية تخضع لأحكام قانون العمل كما تخضع لأحكام نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادر بالقرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 الذي يحكم واقعة الدعوى باعتباره جزءاًً متمماً لعقد العمل, وكان مؤدى نص المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 19 لسنة 1959 في شأن سريان أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع لم يتجه إلى تقييد سلطة رب العمل في توقيع الجزاءات التأديبية المقررة له في القانون على موظفي الشركات التي تساهم فيها الحكومة أو المؤسسات العامة بنسبة لا تقل عن 25% من رأسمالها أو تضمن لها حداً أدنى من الأرباح والذين تتجاوز مرتباتهم خمسة عشر جنيهاً شهرياً بل أبقى له حق الرقابة وفحص الشكوى والتحقيق ولم يلزمه بإبلاغ النيابة الإدارية عند وقوع أية مخالفات منهم وذلك كله يستلزم الاحتفاظ لرب العمل بسلطة توقيع جميع الجزاءات التأديبية التي يجيز قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 توقيعها ومنها عقوبة الفصل المقررة في المادة 76/ 6 منه عند إخلال العامل بالتزاماته الجوهرية فإن قرار رئيس مجلس إدارة البنك بفصل الطاعن بالتطبيق لحكم هذه المادة يكون قد صدر ممن يملكه. لما كان ذلك وكانت المادة 56 من نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة المشار إليه بعد أن نصت في صدرها على مراعاة أحكام قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 عددت أسباب انتهاء خدمة العامل ومنها الفصل دون أن تفصح عن الحالات التي يجوز فيها للشركة أو المؤسسة العامة فصل العاملين بها مما مؤداه أنها تركت أمر تلك الحالات محكوماً بالقواعد العامة الواردة بالمادة 76 من قانون العمل المشار إليه ولم تنسخها, وكان عدم مراعاة قواعد التأديب لا يمنع من فسخ عقد العمل لأحد الأسباب المنصوص عليها في هذه المادة فإن الحكم المطعون فيه إذ أجاز للبنك فسخ عقد العمل لإخلال الطاعن بالتزاماته الجوهرية لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ولا يعيبه في هذا الخصوص أنه أغفل ذكر القواعد القانونية المتقدمة ما دام قد انتهى إلى تلك النتيجة الصحيحة ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذه الأسباب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأسباب الثلاثة الأخيرة على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق ويقول في بيان ذلك أن الحكم لم يلق بالاً لما أثاره من أن تزوير إذن الصرف يشكل جريمة يجب إبلاغ النيابة العامة عنها وأن البنك لم يستجب لطلبه عرض هذا الإذن على قسم أبحاث التزييف والتزوير لفحصه كما أن الحكم أسقط الدلالة المستفادة من كون الإذن قد تناوله أيدي موظفين آخرين كان يتعين استكتابهم ومضاهاة توقيعاتهم بمعرفة الجهة المختصة وبذلك يكون الحكم قد أخل بحقه في الدفاع, هذا إلى أن الحكم رد على إقرار العميل صاحب الحساب بأنه قد قصد به تغطية موقف الطاعن دون أن يورد الأساس الذي بني عليه هذا الافتراض وبذلك يكون الحكم قد أقام قضاءه على الحدس والتخمين مما يعيبه بالفساد في الاستدلال ويضيف الطاعن أن الحكم أسند إليه - سبق اتهامه بالاختلاس من حساب العملاء وأنه كثر التغيب بإجازات مرضية متهرباً من عرض نفسه على طبيب البنك في حين أن ملف خدمته يقطع بنزاهته وأمانته طوال مدة خدمته وخلا أصلاً من تلك الوقائع مما يعيب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان ما نصت عليه المادة 67 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 من أنه إذا نسب إلى العامل ارتكاب جناية أو أية جنحة داخل دائرة العمل جاز لصاحب العمل وقفه من تاريخ إبلاغ الحادث إلى السلطة المختصة لحين صدور قرار منها في هذا الشأن لم يتضمن الالتزام بإبلاغ النيابة العامة عن الواقعة التي نسب إلى العامل ارتكابها ولم تفيد سلطة رب العمل في إجراء التحقيق الإداري والاكتفاء به إجراء الفصل إذا قدر أن مصلحة منشأته تقتضي ذلك وأن ما وقع من العامل يكفي في إنهاء العلاقة العقدية بالفسخ طبقا لما تقضي به المادة 76 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959, وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدعوى وكما تقدم بيانه في الرد على أسباب الطعن السابقة على أن فصل الطاعن كان بسبب إخلاله بالتزاماته الجوهرية طبقاً للفقرة السادسة من تلك المادة, وأن الحكم قد خلص بأسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق إلى توافر هذا الإخلال في جانب الطاعن فإن هذا النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في قيام سبب الفصل وتوافره مما يستقل قاضي الموضوع بتقديره ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 6/ 12/ 1967 مجموعة المكتب الفني س 18 ص 1820.