أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 693

جلسة 29 من إبريل سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وعبد العليم الدهشان.

(111)
الطعن رقم 533 لسنة 34 القضائية

( أ ) التزام. "آثار الالتزام". "الاشتراط لمصلحة الغير".
المنتفع في الاشتراط لمصلحة الغير يكسب حقاً مباشراً من العقد ذاته المبرم بين المشترط والمتعهد. تعيين المنتفع يكون بشخصه أو بوصفه شخصاً مستقبلاً أو من الممكن تعيينه وقت أن ينتج العقد أثره.
(ب) جمعيات. "الجمعيات التعاونية للمساكن". دعوى. مقاولة. وكالة.
خلو العقد المبرم بين جمعية مساكن ومقاول مما يفيد وجود نيابة عن أعضائها. انصراف أثر العقد إلى الجمعية دون الأعضاء. عدم قبول دعوى عضو الجمعية قبل المقاول بطلب تنفيذه التزاماته الناشئة عن العقد ما لم يثبت أن حق الجمعية قد انتقل إلى العضو وفقاً للقانون.
1 - مفاد نص المادة 154/ 1 من القانون المدني أنه في الاشتراط لمصلحة الغير يتعاقد المشترط مع المتعهد باسمه لمصلحة شخصية في تنفيذ المتعهد الالتزامات المتعاقد عليها نحو المنتفع دون أن يدخل المنتفع طرفاً في العقد وأن المنتفع إنما يكسب حقه مباشرة من العقد ذاته المبرم بين المشترط والمتعهد بأن تشترط الالتزامات لصالحه باعتباره منتفعاً فيه ويجرى تعيينه بشخصه أو بوصفه شخصاً مستقبلاً يكون مستطاعاً تعيينه وقت أن ينتج العقد أثره.
2 - جرى قضاء محكمة النقض على أنه متى كانت الجمعية (جمعية المساكن) لم تعلن وقت إبرام العقد أنها تعاقدت - مع المقاول - نيابة عن أعضائها، وكان لا يوجد في نصوص العقد ما يمكن أن يفيد وجود نيابة صريحة أو ضمنية فإن أثر العقد ينصرف إلى الجمعية وليس إلى أعضائها ومن ثم تكون الجمعية وحدها هي صاحبة الحق في مطالبة المقاول بتنفيذ التزاماته الناشئة عن هذا العقد وبالتالي لا يجوز قبول دعوى عضو الجمعية بطلب ذلك إلا إذا أثبت أن حق الجمعية قد انتقل إليه بما ينتقل به الحق قانوناً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 3872 سنة 1958 مدني كلي القاهرة ضد الطاعن وباقي المطعون عليهم وطلب الحكم بإلزام الطاعن بصفته بإزالة الأعمال المخالفة المبينة بصحيفة الدعوى وبتقرير خبير دعوى إثبات الحالة وبإعادة بنائها وفق شروط العقد ومواصفاته المبرم بين الطاعن والمطعون عليها الثانية وإتمام الأعمال الناقصة وفق هذه الشروط مع الترخيص له في حالة تخلف الطاعن عن تنفيذ ذلك بالقيام بهذه الأعمال على حسابه بمصاريف يرجع بها عليه. وقال بياناً لدعواه إنه - وهو عضو في الجمعية التعاونية لبناء المساكن لرجال القضاء والنيابة العامة التي يمثلها المطعون عليه الثاني - قد اختص بقطعة أرض لينشئ عليها مسكناً واختار النموذج "د" الذي صممه المطعون عليهما الثالث والرابع، وقد تعاقدت الجمعية التعاونية المشار إليها مع الطاعن على إقامة هذه المساكن إلا أنه تبين له أن البناء الذي أقامه الطاعن لسكنه معيب ومخالف للمواصفات المتفق عليها في عقد المقاولة فقد أقام دعوى إثبات الحالة رقم 40 سنة 1958 مستعجل القاهرة لتحقيق ما إذا كانت الشروط والمواصفات الواردة في عقد المقاولة قد روعيت عند إنشاء المسكن وبيان أوجه المخالفة وتقدير المبالغ اللازمة لتصحيح الأعمال المخالفة، وباشر الخبير مأموريته وقدم إليه صورة من عقد المقاولة المبرم بين المطعون عليه الثاني بصفته وبين الطاعن، وإذ قدم الخبير تقريراً أوضح فيه المخالفات وعيوب البناء فقد أقام دعواه بالطلبات سالفة البيان. دفع الطاعن الدعوى بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة تأسيساً على أنه لا تربطه بالمطعون عليه الأول أية رابطة عقدية تخول مقاضاته وأن عقد المقاولة قد أبرم بينه وبين المطعون عليه الثاني بصفته وموضوعه بناء المساكن للجمعية التي يمثلها. وبتاريخ 24 ديسمبر سنة 1960 قضت المحكمة برفض الدفع وبقبول الدعوى وبإلزام الطاعن بإزالة الأعمال المخالفة المبينة بتقرير الخبير المنتدب في دعوى إثبات الحالة رقم 40 سنة 1958 مستعجل القاهرة وبإعادة إجرائها وفق شروط العقد المبرم بين المطعون عليه الثاني بصفته وبين الطاعن وإتمام الأعمال الناقصة منها وذلك في مدى شهر من تاريخ إعلان الحكم وإلا فللمطعون عليه الأول في حالة تخلف الطاعن عن تنفيذ ذلك إجراء هذه الأعمال على حسابه بمصاريف يعود بها على الطاعن. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 1008 سنة 78 ق، وبتاريخ 17/ 6/ 1964 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بالدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة تأسيساً على أن عقد المقاولة أساس الدعوى قد تم بينه وبين المطعون عليه الثاني الذي أبرم العقد بوصفه أصيلاً يمثل جمعية لها شخصيتها الاعتبارية ولحساب هذه الجمعية المستقلة عن شخصية أعضائها ومنهم المطعون عليه الأول فلا يكون له صفة في رفع الدعوى على الطاعن بصفته بشأن التزاماته المترتبة على العقد، غير أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع على أساس أن المطعون عليه الثاني تعاقد على التزامات اشترطها لصالح المطعون عليه الأول ورتب على ذلك القضاء له بطلباته، هذا في حين أنه لم يذكر في العقد ما يدل على أن الالتزامات الواردة به قد اشترطت لصالح المطعون عليه الأول باعتباره منتفعاً به بل إن الثابت من العقد أن آثاره انصرفت إلى الجمعية التي يمثلها المطعون عليه الثاني مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة استناداً إلى قوله "يبين من ظروف الدعوى... وعلى الأخص عقد الاتفاق المؤرخ 14 مايو سنة 1955 والمبرم بين المدعى عليهما الأولين (الطاعن والمطعون عليه الثاني) أن الغرض من تعاقدهما إنشاء مساكن لرجال القضاء والنيابة الأعضاء بالجمعية على قطع الأراضي المملوكة لها بمدينة الأوقاف بالدقي وفقاً للنماذج المتفق عليها واختص المدعي (المطعون عليه الأول) بالفيلا رقم 30 نموذج "د" وواضح من ذلك أن الجمعية وإن تعاقدت باسمها ولحسابها إلا أن المساكن التي اشترط تشييدها محل التعاقد هي لمصلحة أعضاء الجمعية ومن بينهم المدعي وقد تولد لكل منهم حق مباشر منذ التعاقد على ما اختص به من مبنى... ومن ثم فإن ما تعاقدت عليه الجمعية سواء مع الشركة المدعى عليها الثانية كمقاول أو المدعى عليهما الآخرين (المطعون عليهما الثالث والرابع) كمهندسين، إنما أبرم لمصلحة أعضائها ومن بينهم المدعي (الطاعن) ويترتب على ذلك أن كلا العقدين يكسبه حقاً مباشراً قبل المتعهد ويستطيع أن يطالبه بوفائه طبقاً لنص المادة 154/ 1 من القانون المدني" وإذ تنص المادة 154/ 1 من القانون المدني على أنه يجوز للشخص أن يتعاقد باسمه على التزامات يشترطها لمصلحة الغير فقد أفادت بذلك أنه في الاشتراط لمصلحة الغير يتعاقد المشترط مع التعهد باسمه لمصلحة شخصية في تنفيذ المتعهد الالتزامات المتعاقد عليها نحو المنتفع دون أن يدخل المنتفع طرفاً في العقد وأن المنتفع إنما يكتسب حقه مباشرة من العقد ذاته المبرم بين المشترط والمتعهد بأن تشترط الالتزامات لصالحه باعتباره منتفعاً فيه ويجرى تعيينه به بشخصه أو بوصفه شخصاً مستقبلاً أو يكون مستطاعاً تعيينه وقت أن ينتج العقد أثره. لما كان ذلك وكان يبين من الاطلاع على صورة عقد المقاولة المودعة بملف الطعن والمقدمة من المطعون عليه الأول أن المطعون عليه الثاني بصفته تعاقد بوصفه أصيلاً ولحساب نفسه مع الطاعن ونص في العقد على أن الأرض التي تعاقدت الجمعية التعاونية لبناء المساكن لرجال القضاء والنيابة التي يمثلها المطعون عليه الثاني مملوكة لها وأنها تلتزم بدفع المبالغ التي يستحقها الطاعن شهرياً مقابل الأعمال التي ينجزها وأشير في العقد إلى أن البنك العقاري الزراعي المصري يقوم بتمويل هذه العملية لحساب المطعون عليه الثاني وأن خطابات الضمان التي تعهد بتسليمها للطاعن صادرة من البنك لصالح المطعون عليه الثاني كما نص بالعقد على أنه إذا اتضح من المعاينة أن العمل قد تم طبقاً لشروطه يحصل الاستلام المؤقت ويحرر محضر رسمي بذلك "فيلا بفيلا" من ثلاث صور ويوقع عليه من الجمعية والمهندس المباشر والمقاول (الطاعن) وأن التسليم النهائي يكون للجمعية وهي صاحبة الحق في الاعتراض على ما تلاحظه من مخالفات في المباني، وكان لا يوجد بالعقد أي نصوص صريحة أو ضمنية تفيد أن المطعون عليه الثاني بصفته قد اشترط الالتزامات المبينة به لصالح المطعون عليه الأول شخصياً أو بوصفه شخصاً مستقبلاً أو مستطاعاً تعيينه وقت إنتاج العقد لأثره، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أن عقد المقاولة المبرم بين الطاعن والمطعون عليه الثاني قد تضمن اشتراطاً لصالح المطعون عليه الأول ورتب على ذلك رفض الدفع الذي أبداه الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة والقضاء للمطعون عليه الأول بطلباته على أساس من عقد المقاولة سالف البيان، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق. ولا يغير من ذلك ما أثارته النيابة العامة في المذكرة المقدمة منها من أن الحكم يستقيم في النتيجة التي انتهى إليها على أساس وجود نيابة بين المطعون عليه الثاني بصفته وبين المطعون عليه الأول مستمدة من عقد المقاولة سالف البيان ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه متى كانت الجمعية لم تعلن وقت إبرام العقد أنها تعاقدت نيابة عن أعضائها، وكان لا يوجد في نصوص العقد ما يمكن أن يفيد وجود نيابة صريحة أو ضمنية فإن أثر العقد ينصرف إلى الجمعية وليس إلى أعضائها. ولا يشفع للحكم أنه أشار إلى أن الجمعية قد انضمت إلى المطعون عليه الأول في جميع طلباته ذلك أنه متى كان إعمال آثار عقد المقاولة وفقاً للقانون يؤدي إلى اعتبار الجمعية وحدها صاحبة الحق في مطالبة الطاعن بتنفيذ التزاماته الناشئة عن هذا العقد فإنه لا يجوز قبول دعوى المطعون عليه الأول بطلب ذلك إلا إذا ثبت أن حق الجمعية قد انتقل إليه بما ينتقل به الحق قانوناً ولما كان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على مجرد الإشارة إلى انضمام الجمعية إلى المطعون عليه الأول دون أن يبين على أي أساس حصل هذا الانضمام وسند الجمعية فيه، وقد خلت أوراق الطاعن الأخرى من بيان ذلك، وكان ما رآه الحكم من أن الجمعية اشترطت العقد لصالح المطعون عليه الأول وهو الرأي الذي تبين عدم صحته قد حجبه عن بحث النظام الأساسي للجمعية ومدى حقوقها وحقوق أعضائها على المباني التي تقوم بإنشائها وبحث ما إذا كان حقها في مقاضاة الطاعن بسبب المخالفات التي وجدت في المبنى المخصص للمطعون عليه الأول قد انتقل إليه أم لا، فإن ما ورد في أسباب الحكم عن انضمام الجمعية إلى المطعون عليه الأول في طلباته لا يصلح أن يكون بذاته دعامة لحمل قضائه، ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.