أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 699

جلسة 29 من إبريل سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وأمين فتح الله، وعبد العليم الدهشان.

(112)
الطعن رقم 564 لسنة 34 القضائية

( أ ) دعوى. "تكييف الدعوى". محكمة الموضوع.
عدم تقيد محكمة الموضوع في تكييف الطلبات بوصف الخصوم لها. التزامها بالتكييف الصحيح الذي تتبينه من وقائع الدعوى لتنزل حكم القانون على ما يثبت لديها أنه التكييف الصحيح ولو للفصل في مسألة شكلية تتعلق بجواز أو عدم جواز استئناف الحكم الذي يصدر فيها.
(ب) إفلاس. "طلب وقف إجراءات التفليسة".
حصول المنازعة في إدراج الدين ضمن ديون التفليسة. ليس للدائن أن يطلب وقف إجراءات التفليسة حتى تتحدد معالمها في أصولها وخصومها وإنما له طلب الوقف حتى يفصل في المنازعة في دينه.
(ج) إفلاس. "طلب وقف إجراءات التفليسة". حكم. "الطعن في الحكم". قانون.
عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة بوقف إجراءات التفليسة حتى يفصل في المنازعة في الدين المطالب بإدراجه ضمن ديون التفليسة أو برفض طلب الوقف وفقاً لمفهوم عبارة النصين العربي والفرنسي للمادة 314 من قانون التجارة. لا أثر لاختلاف الصياغة في النصين.
1 - لا تتقيد محكمة الموضوع في تكييف الطلبات المعروضة عليها بوصف الخصوم لها وإنما تلتزم بالتكييف الصحيح الذي تتبينه من وقائع الدعوى وترى أنه ينطبق عليها لتنزل حكم القانون على ما ثبت لديها أنه هو التكييف الصحيح ولو للفصل في مسألة شكلية تتعلق بجواز أو عدم جواز استئناف الحكم الذي يصدر فيها قبل مناقشة ما عداها من المسائل المتعلقة بالموضوع حتى لا يحرم أي من الطرفين حقه بشأنها.
2 - لا يجوز لصاحب الدين إذا ما حصلت منازعة في إدراج دينه ضمن ديون التفليسة أن يطلب وقف إجراءات التفليسة حتى تتحدد معالمها في أصولها وخصومها، ذلك أن نطاق دعوى وقف إجراءات التفليسة لا يتسع لمثل هذا الطلب. وكل ما يستطيع صاحب الدين المتنازع فيه أن يطلبه في تلك الدعوى هو وقف إجراءات التفليسة إلى أن يفصل في المنازعة في دينه وتقدر المحكمة هذا الطلب بحسب أهمية الدين فتأمر وفقاً لما تقضي به المادة 304 من قانون التجارة إما بوقف إجراءات التفليسة إلى أن يفصل في المنازعة أو بالاستمرار فيها والانتقال إلى نظر مقترحات الصلح.
3 - وفقاً لمفهوم عبارة النصين العربي والفرنسي للمادة 314 من قانون التجارة أنه لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر بوقف إجراءات التفليسة حتى يفصل في المنازعة في الدين بطلب صاحبه إدراجه ضمن ديون التفليسة أو التي تصدر بوقف هذا الطلب مما مؤداه أنه لا أثر لاختلاف الصياغة في النص العربي عنها في النص الفرنسي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 5/ 2/ 1957 صدر حكم في الدعوى رقم 361 سنة 1955 تجاري كلي إفلاس القاهرة بإشهار إفلاس الأستاذ حنا فوزي وتقدمت الطاعنة إلى مأمور التفليسة بطلب مؤرخ 23/ 2/ 1963 قالت فيه إن بنك السويس (البنك العربي سابقاً) كان قد أقام ضدها وضد الأستاذ حنا فوزي وآخرين الدعوى رقم 359 سنة 1956 تجاري كلي القاهرة يطالبهم فيها بمبلغ 33000 ج والفوائد مستنداً إلى عقد فتح اعتماد محرر بين البنك وبين الأستاذ حنا فوزي عن نفسه وبصفته وكيلاً عنها وعن باقي المدعى عليهم في تلك الدعوى، وأنه لما كان الأستاذ حنا فوزي قد استعمل مبلغ القرض في شئونه الخاصة فقد أدخلت وكيل الدائنين - المطعون عليه - ضامناً في الدعوى المشار إليها بعد صدور الحكم بإشهار الإفلاس وطلبت فيها أن يحكم على التفليسة بما عساه أن يحكم به عليها، وإذ طلب وكيل الدائنين عدم قبول دعوى الضمان حتى يقوم هو ببحث الدين أثناء تحقيق الديون في التفليسة ولكنه تراخى في هذا البحث، فقد تقدمت إلى مأمور التفليسة بطلبها المشار إليه لإدراج هذا الدين ضمن ديون التفليسة ولما نازعها فيه وكيل الدائنين قرر مأمور التفليسة إحالة هذه المنازعة إلى محكمة الإفلاس للفصل فيها. وأمام هذه المحكمة الأخيرة طلبت الطاعنة وقف إجراءات التفليسة حتى يفصل في هذه المنازعة وحتى يتم تحديد معالم التفليسة في أصولها وخصومها. وبتاريخ 27/ 5/ 1964 حكمت المحكمة بوقف الفصل في المنازعة حتى يفصل نهائياً في الدعوى رقم 359 سنة 1956 تجاري كلي القاهرة المشار إليها ويرفض طلب وقف الإجراءات وبالسير فيها وحددت جلسة لانعقاد جمعية الصلح. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 398 سنة 81 ق القاهرة واقتصرت في مذكرتها الختامية على طلب إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بوقف إجراءات التفليسة حتى يتم تحديد معالمها في أصولها وخصومها. دفع المطعون عليه بعدم جواز الاستئناف. وبتاريخ 10/ 11/ 1964 حكمت المحكمة بقبول هذا الدفع وبعدم جواز الاستئناف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة فيهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضى بعدم جواز استئناف الحكم الابتدائي الصادر برفض طلب وقف الإجراءات مع تحديد جلسة لانعقاد جمعية الصلح واستند الحكم في ذلك إلى أن موضوع الدعوى لا يخرج في حقيقته عن المنازعة في دين مما نصت عليه المادة 304 من قانون التجارة وأن ما طلبته الطاعنة من وقف إجراءات التفليسة حتى يتم تحديد أصولها وخصومها هو من قبيل الدفاع توصلاً منها إلى وقف إجراءات التفليسة حتى يفصل في النزاع القائم حول دينها الذي طلبت إدراجه ضمن ديون التفليسة وأن هذا من شأنه أن يجعل الحكم الابتدائي الصادر في هذا الخصوص غير جائز استئنافه طبقاً للمادتين 314، 395 من قانون التجارة، في حين أن المادة 395 حظرت فيما حظرته الطعن في الأحكام الصادرة بتأخير عمل الصلح ولم يرد بها نص عن تحريم الطعن في الأحكام التي تصدر برفض تأخير عمل الصلح مما يستفاد منه أنه يجوز الطعن في هذه الأحكام الأخيرة بالمعارضة والاستئناف. أما عن المادة 314 من قانون التجارة فقد وقع تحريف في ترجمتها عن الأصل الفرنسي الذي لم يرد به أي ذكر "للأحكام والأوامر التي تصدر بتأخير انعقاد جمعية الصلح أو التي تصدر بعدم التأخير" على نحو ما جاء بالترجمة العربية، وعلى ذلك فإنه لا يوجد أي نص يساند الحكم المطعون فيه ويمنع من الطعن في الحكم الابتدائي الصادر برفض طلب وقف الإجراءات وبتحديد جلسة لانعقاد جمعية الصلح هذا إلى أن طلب وقف الإجراءات حتى تتحدد معالم التفليسة الذي تقدمت به الطاعنة في الدعوى لم يكن مجرد دفاع فيها بل هو طلب قائم بذاته ويختلف عن طلب وقف الإجراءات حتى يفصل في المنازعة في الدين وكان مطلوباً من المحكمة أن تعرض له عند نظر جواز الاستئناف باعتباره طلباً مستقلاً عن المنازعة في الدين فضلاً عن أن هذا الطلب لم يكن مبنياً على حصول منازعة في الدين حتى تنطبق بشأنه المادة 314 من قانون التجارة بنصها العربي بل كان مبناه عدم وضوح معالم التفليسة في أصولها وخصومها مما يستحيل معه المداولة في أية مقترحات للصلح. وإذ أخطأ الحكم المطعون فيه في تحصيل طلب الطاعنة مما أدى به إلي الخطأ في تكييف الدعوى على النحو سالف البيان وقضى بعدم جواز استئناف الحكم الابتدائي، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه قرر في خصوص تكييف طلب الطاعنة وقف إجراءات التفليسة حتى تتحدد أصولها وخصومها وهو الطلب الذي اقتصرت عليه أمام محكمة الاستئناف ما يلي "أنه مهما قبل أنه أثناء نظر المحكمة للمناقضة التي تقدم بها المستأنف ضده - المطعون عليه - في دين بنك السويس الذي طلبت المستأنفة - الطاعنة - إدراجه ضمن ديون المفلس قد نبهت المستأنفة وطلبت وقف السير في إجراءات التفليسة حتى تتكشف معالمها بينان أصولها وخصومها فإن ما طرح على محكمة أول درجة كان في جوهره وحقيقة أمره منازعة في دين انعقد لها الاختصاص بنظره وقد أحيل إليها من مأمور التفليسة ولو بدون الإجراءات المنصوص عليها في قانون المرافعات متعلقة بأوراق التكليف بالحضور وذلك لتأمر فيه بما ترى طبقاً للمادة 304 من قانون التجارة إما بدعوة الدائنين لعقد جمعية الصلح ولو لم يفصل في المنازعة أو أن تأمر بتأخير انعقادها حتى يفصل فيها، ولا يخرج النزاع عن ماهيته المتقدم ذكرها أن المستأنفة وهي في سبيل الوصول إلى وقف إجراءات التفليسة حتى يفصل في النزاع القائم حول دين بنك السويس الذي تقدمت لإدراجه ضمن ديون المفلس قد طلبت وقف السير في الإجراءات حتى تتضح أصول التفليسة وخصومها إذ لم يكن قولها ذلك الأخير إلا استرسالاً في الدفاع باستخدام حجة قدرت أنها تزكي طلبها وقت السير في الإجراءات على أساس ضرورة الفصل في النزاع القائم حول الدين الذي تقدمت لإدراجه وهي حجة قد رخص القانون للمحكمة في قبولها أو عدم قبولها بعد تقديرها على هدى ما يتكشف لها من ظروف التفليسة وما تقتضيه مصلحة أولى الشأن فيها ذلك لأن المقام وقتذاك كان متجمعاً للجدل في أحقية المستأنفة أو عدم أحقيتها في إدراج دينها وهو الجدل الذي بنيت عليه وفي نطاقه مناقضة المستأنف ضده في طلبها. ومع أن المستأنفة أشارت استرسالاً في دفاعها إلى عدم الجدوى من التعجيل بدعوة جمعية الصلح أو إلى الضرر الذي يصيب الدائنين من انعقادها بسبب مطالبة مصلحة الضرائب للتفليسة بمبلغ كبير يستغرق أصولها الظاهرة فتلك حال كفل القانون معاجلتها بعد دعوة جمعيتهم ثم اجتماعهم فعلاً للمداولة في الصلح ولا يقدح في ذلك أن يكون موضوع هذه المناقضة مطروحاً عندئذ على محكمة أخرى في الدعوى رقم 259 سنة 1956 تجاري كلي مصر ولم يفصل فيه بعد ما دامت محكمة الإفلاس تستطيع أن تتدارك الأمر - وقد فعلت - بأن توقف الحكم في المناقضة حتى يفصل في الدعوى المشار إليها وما دام الحظر منتفياً بحفظ حصة تعادل حصة دين المستأنفة المتنازع فيه طبقاً للقانون حتى لا تضار حقوق الدائنين بوقف السير في الإجراءات كما قالت محكمة أول درجة بحق خصوصاً متى ارتأت المحكمة أن دين المستأنفة يمثل نسبة قليلة الأهمية في مجموع الديون التي كانت قبلتها نهائياً وتلك التي قبلتها مؤقتاً حين ذاك". ولما كانت محكمة الموضوع لا تتقيد في تكييف الطلبات المعروضة عليها بوصف الخصوم لها وإنما تلتزم بالتكييف الصحيح الذي تتبينه من وقائع الدعوى وترى أنه ينطبق عليها لتنزل حكم القانون على ما ثبت لديها أنه هو التكييف الصحيح ولو للفصل في مسألة شكلية تتعلق بجواز أو عدم جواز استئناف الحكم الذي يصدر فيها قبل مناقشة ما عداها من المسائل المتعلقة بالموضوع حتى لا يحرم أي من الطرفين من حقه بشأنها، وكان لا يجوز لصاحب الدين إذا ما حصلت منازعة في إدراج دينه ضمن ديون التفليسة أن يطلب وقف إجراءات التفليسة حتى تتحدد معاملها في أصولها وخصومها ذلك أن نطاق الدعوى المشار إليها لا يتسع لمثل هذا الطلب وكل ما يستطيع صاحب الدين المتنازع فيه أن يطلبه في تلك الدعوى هو وقف إجراءات التفليسة إلى أن يفصل في المنازعة في دينه وتقدر المحكمة هذا الطلب بحسب أهمية الدين فتأمر وفقاً لما تقضي به المادة 304 من قانون التجارة إما بوقف إجراءات التفليسة إلى أن يفصل في المنازعة أو بالاستمرار فيها والانتقال إلى نظر مقترحات الصلح، وكانت محكمة أول درجة قد قضت في 27/ 5/ 1964 ضمن ما قضت به برفض طلب وقف الإجراءات وبالسير فيها وأمرت بتحديد جلسة لانعقاد جمعية الصلح وذلك تأسيساً على ما حصلته من أن الدين المتنازع فيه الذي طلبت الطاعنة إدراجه ضمن ديون التفليسة وقدره 33000 ج دين قليل الأهمية بالنسبة لسائر الديون التي تم قبولها وتبلغ 264666 ج و242 م بخلاف الديون التي قبلت مؤقتاً، وكان الحكم المطعون فيه إذ قرر أن الدعوى هي في حقيقتها منازعة في دين طلبت الطاعنة إدراجه ضمن ديون التفليسة وكيف الطلب الذي تقدمت به الطاعنة بوقف إجراءات التفليسة حتى تتحدد معالمها في أصولها وخصومها بأنه ليس إلا مجرد دفاع في الدعوى تهدف به تزكية طلبها وقف إجراءات التفليسة حتى يفصل في النزاع القائم حول الدين الذي طلبت إدراجه ضمن ديون التفليسة فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أسبغ على الدعوى التكييف القانوني الصحيح للأسباب السائغة التي أوردها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا التكييف وهو بصدد بحث يجوز أو عدم جواز الاستئناف بأن استند إلى نص المادة 314 من قانون التجارة الذي اختتم به المشرع أحكام تحقيق الديون التي على المفلس والوارد بالفرع الخامس من الفصل الخامس من باب الإفلاس، وكان هذا من الحكم تطبيقاً صحيحاً للقانون ذلك أن المادة المشار إليها وإن اختلفت صياغتها في النص العربي عن النص الفرنسي إلا أن هذا الاختلاف في الصياغة غير مؤثر في نتيجة الحكم في الدعوى المطروحة طبقاً للتكييف الذي أسبغه عليها الحكم المطعون فيه على ما سلف البيان، ذلك أنه وفقاً لمفهوم عبارة النصين العربي والفرنسي لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر بوقف الإجراءات حتى يفصل في المنازعة في دين يطلب صاحبه إدراجه ضمن ديون التفليسة أو التي تصدر برفض هذا الطلب، مما مؤداه أن ما تثيره الطاعنة في سببي النعي استناداً إلى ما تقول به من اختلاف النصين العربي والفرنسي للمادة 314 المشار إليها يعد منها قولاً لا يصادق محلاً بعد، إذ انتهى الحكم المطعون فيه صحيحاً إلى اعتبار طلب الطاعنة وقف إجراءات التفليسة حتى تتحدد معالمها في أصولها وخصومها مجرد دفاع في طلب وقف إجراءات التفليسة حتى يفصل في المنازعة في الدين، وكان ما تقول به الطاعنة من أن الحكم المطعون فيه استند في قضائه إلى نص المادة 395 من قانون التجارة مردود بأن البين من أسباب هذا الحكم أنه انتهى إلى استبعاد تطبيق هذه المادة، وإذ رتب الحكم المطعون فيه على جميع ما تقدم قضاءه بعدم جواز استئناف الحكم الابتدائي، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.