أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 948

جلسة 26 من مايو سنة 1974

برياسة السيد المستشار أمين فتح الله وعضوية السادة المستشارين: علي عبد الرحمن, ومحمد السيد الرفاعي, وصلاح الدين حبيب, ومحمود المصري.

(156)
الطعن رقم 62 لسنة 39 القضائية

(1، 2) هبة "الرجوع في الهبة". التزام "السبب" عقد "أركان العقد" أحوال شخصية.
(1) هدايا الخطبة. من قبيل الهبات. الخطبة هي السبب في هذا النوع من الهبات. فسخ الخطبة لا يؤدي إلى انعدام السبب بعد أن تحقق. بقاء الهبة صحيحة قائمة رغم العدول عن الزواج.
(2) حق الخاطب الواهب في استرداد هدايا الخطبة. خضوعه لأحكام الرجوع في الهبة. إعمال محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية حكم المادة 500 مدني. القضاء بعدم أحقية الخاطب في استرداد الشبكة والهدايا. لا مخالفة للقانون.
(3) أحوال شخصية. بطلان "بطلان التصرفات". نقض "السبب الجديد".
تمسك الطاعن لأول مرة أمام محكمة النقض ببطلان محضر الخطبة. غير مقبول.
1 - الهدايا التي يقدمها أحد الخاطبين للآخر إبان الخطبة ومنها الشبكة، تعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - من قبيل الهبات فيسري عليها ما يسري على الهبة من أحكام في القانون المدني، ولما كان السبب ركناً من أركان العقد وينظر في توفره أو عدم توفره إلى وقت انعقاد العقد وكان العقد قد انعقد صحيحاً بتوفر سببه فإنه لا يمكن القول بعد ذلك بتخلف هذا السبب بعد وجوده، ومن ثم فإذا كانت الخطبة هي السبب في هذا النوع من الهبات وذلك باعتبارها الباعث الدافع للتبرع فإن فسخها لا يمكن أن يؤدي إلى انعدام هذا السبب بعد أن تحقق وتظل الهبة صحيحة قائمة رغم العدول عن الزواج.
2 - حق الخاطب الواهب في استرداد هدايا الخطبة يخضع لأحكام الرجوع في الهبة الواردة في المادة 500 وما بعدها من القانون المدني, وتشترط المادة المذكورة للرجوع في الهبة في حالة عدم قبول الموهوب له أن يستند الواهب في الرجوع إلى عذر يقبله القاضي، وإذ كانت محكمة الموضوع قد أعملت حكم هذه المادة وانتهت - في حدود سلطتها التقديرية - إلى عدم أحقية الطاعن في استرداد الشبكة والهدايا, فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
3 - النعي ببطلان محضر الخطبة - عند المصريين غير المسلمين - غير مقبول, ذلك إنه لما كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع, فإنه لا يصح له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 7121 سنة 1966 مدني القاهرة الابتدائية طالبة الحكم بإلزام الطاعن بأن يؤدي لها مبلغ 300 جنيه تعويضاً لها عن فسخ خطبته لها وعما لحقها من أضرار بسبب تشهيره بها ومساسه بسمعتها وأقام الطاعن الدعوى رقم 1882 سنة 1966 مدني شبرا الجزئية وطلب الحكم بإلزام المطعون عليها بأن ترد له الشبكة والهدايا المبينة بصحيفة الدعوى أو أن تدفع له قيمتها مبلغ 203.920 ج وذلك تأسيساً على أنها هي التي طلبت فسخ الخطبة. أحيلت هذه الدعوى الأخيرة إلى محكمة القاهرة الابتدائية لنظرها مع الدعوى الأولى وقيدت برقم 233 سنة 1967 - بجلسة 8 نوفمبر سنة 1967 حكمت المحكمة - بعد ضم الدعويين - بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليها عشرة جنيهات وبرفض دعواه قبلها. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم واحد لسنة 85 قضائية القاهرة كما رفعت المطعون عليها استئنافاً فرعياً عن الحكم سالف الذكر. وبتاريخ 28 ديسمبر سنة 1968 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفي الجلسة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين حاصلهما الخطأ في تطبيق القانون وتأويله, وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم الابتدائي - المؤيد بالحكم المطعون فيه - استند في قضائه برفض طلب استرداد الشبكة والهدايا إلى أن أحكام الرجوع في الهبة تستوجب في حالة رفض الموهوب له ردها أن يقدم الواهب عذراً يقبله القاضي وهو ما لم يتوفر في الدعوى كما استند إلى أن الطاعن - وقد كان فسخ الخطبة من جانبه - لا يحق له استرداد ما قدمه من شبكة وهدايا للمطعون عليها إعمالاً للشرط الوارد في محضر الخطبة في هذا الخصوص. وهذا من الحكم خطأ ذلك أن الباعث الدافع للهبات والهدايا التي يقدمها أحد الخاطبين للآخر هو إتمام الزواج فإذا لم يتم وفسخت الخطبة انعدم السبب وبطلت الهبة وحق للواهب أن يسترد هبته. أما ما جاء في محضر الخطبة من أنه إذا كان العدول من جانب الخاطب امتنع عليه استرداد ما يكون قد قدمه من مهر وهدايا فلا عبرة به, فليس هناك ثمة عقد يمكن التزام أحكامه في هذا الخصوص لبطلان محضر الخطبة أو الوعد بالزواج بطلاناً أصلياً ينعدم معه كل أثر له.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الهدايا التي يقدمها أحد الخاطبين للآخر إبان الخطبة ومنها الشبكة تعتبر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من قبيل الهبات فيسري عليها ما يسري على الهبة من أحكام في القانون المدني. ولما كان السبب ركناً من أركان العقد وينظر في توفره أو عدم توفره إلى وقت انعقاد العقد، وكان العقد قد انعقد صحيحاً بتوفر سببه فإنه لا يمكن القول بعد ذلك بتخلف هذا السبب بعد وجوده، ومن ثم فإذا كانت الخطبة هي السبب في هذا النوع من الهبات وذلك باعتبارها الباعث الدافع للتبرع فإن فسخها لا يمكن أن يؤدي إلى انعدام هذا السبب بعد أن تحقق وتظل الهبة صحيحة قائمة رغم العدول عن الزواج. وإذ كان حق الخاطب الواهب في استرداد تلك الهدايا يخضع لأحكام الرجوع في الهبة الواردة في المادة 500 وما بعدها من القانون المدني, وكانت المادة المذكورة تشترط للرجوع في الهبة، في حالة عدم قبول الموهوب له، أن يستند الواهب في الرجوع إلى عذر يقبله القاضي، وكانت محكمة الموضوع قد أعملت حكم هذه المادة وانتهت - في حدود سلطتها التقديرية - إلى عدم أحقيته الطاعن في استرداد الشبكة والهدايا - فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه. هذا والنعي ببطلان محضر الخطبة غير مقبول ذلك أنه لما كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع فإنه لا يصح له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


[(1)] نقض 24/ 10/ 1963 مجموعة المكتب الفني السنة 14 ص 967.