أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 962

جلسة أول يونيه سنة 1974

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد صادق الرشيدي وعضوية السادة المستشارين: أديب قصبجي ومحمد فاضل المرجوشي وحافظ الوكيل وممدوح عطيه.

(159)
الطعن رقم 73 لسنة 38 القضائية

(1) حكم "تسبيب الحكم". استئناف.
أخذ الحكم المطعون فيه بأسباب الحكم الابتدائي. كفايتها لحمل قضائه وللرد على أسباب الاستئناف. لا عيب.
(2) عمل "التعويض عن الفصل التعسفي". دعوى "الطلبات في الدعوى". عقد "فسخ العقد". حكم "التناقض. ما لا يعد كذلك".
طلبا التعويض عن الفصل التعسفي والتعويض عن عدم مراعاة مهلة الإنذار المقررة لفسخ عقد العمل غير المحدد المدة. اختلافهما في الأساس الذي يقوم عليه كل منهما وإن اتخذا في المصدر وهو العقد. القضاء بمقابل مهلة لإنذار مع رفض طلب التعويض عن الفصل التعسفي. لا تناقض.
(3) عمل "إنهاء عقد العمل". عقد "فسخ العقد". مسئولية "المسئولية العقدية".
جواز إنهاء عقد العمل غير المحدد المدة بالإرادة المنفردة بشرط مراعاة مهلة الإخطار المقررة في القانون. هذا الإنهاء لا يرتب مسئولية طالما استند إلى ما يبرره. تخطئه الحكم إذ أقر إنهاء العقد في غير الحالات الواردة في قانون العمل. لا سند له من القانون.
1 - لا يعيب الحكم المطعون فيه ترديده لأسباب محكمة أول درجة والأخذ بها متى كانت كافية لحمل قضائه وتتضمن الرد المسقط لأسباب الاستئناف.
2 - أساس التعويض عن مهلة الإنذار المقررة قانوناً في حالة فسخ العقد غير المحددة المدة هو إخلال الطرف المنهي للعقد بالتزامه باحترام هذه المهلة وعدم إعلانه الطرف الآخر في المواعيد المقررة بعزمه على إنهاء العقد. وأساس التعويض عن الفصل غير المبرر هو ما يشوب تصرف رب العمل من عسف في استعماله حقه في فسخ العقد, وإن كان إنهاء العقد لا يفيد بذاته أن هذا الإنهاء وقع عسفاً بل يتعين أن يقوم الدليل على ذلك, وكان الطلبان وإن اتحدا في مصدرهما وهو العقد إلا أن أساس كل منهما يختلف عن أساس الآخر ومن ثم فلا تناقض في أسباب الحكم المطعون فيه إن هو استجاب في قضائه لطلب مقابل مهلة الإنذار دون طلب التعويض عن فصل الطاعن عسفاً.
3 - إذ كان المشرع قد أجاز في المادة 694/ 2 من القانون المدني والمادة 72/ 1 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 لكل من طرفي عقد العمل غير المحدد المدة أن يضع حداً لعلاقته مع المتعاقد الآخر بشرط مراعاة مهلة الإخطار المقررة في القانون, وكان استعمال حق الفسخ بإرادة المتعاقد المنفردة - لا يرتب مسئولية طالما استند إلى ما يبرره فإن أعوزه المبرر كان للمتضرر الحق في تعويض تقدره المحكمة تمشياً مع المبدأ العام من أن العقد غير المحدد المدة هو عقد مؤقت بطبيعته وليس أبدياً, فإن تخطئة الحكم المطعون فيه بأنه أقر إنهاء عقد الطاعن في حالة ليست من الحالات الواردة على سبيل الحصر في قانون العمل يكون لا سند له من القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 573 لسنة 1965 عمال كلي طنطا على المطعون ضدهما الشركة الشرقية للكتان والقطن المندمجة فيها الشركة الحديثة للأقطان والتجارة والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية - وطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن تدفعا له مبلغ 2105 جنيهاً, وقال بياناً لها أنه في 11/ 1/ 1962 التحق بالشركة الحديثة للأقطان مندوباً لبيع منتجاتها من أقمشة وغزل مصانع المحلة الكبرى مقابل أجر قدره أربعون جنيهاً شهرياً وقد فوجئ بتاريخ 7/ 10/ 1964 بفصله من العمل وأنه يستحق لذلك مبلغ ستين جنيهاً مكافأة عن مدة خدمته وخمسة وأربعين جنيهاً مقابل مهلة الإنذار وألفي جنيه تعويضاً عن الفصل التعسفي وجملة ما تقدم هو المبلغ المطالب به. قضت محكمة أول درجة في 19/ 5/ 1966 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن مقدار أجره وأنه فصل من عمله بلا مبرر وبقصد الإضرار ولتنفي المطعون ضدها الأولى ذلك, وبعد أن تم التحقيق حكمت في 26/ 12/ 1966 بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تدفع للطاعنة مبلغ أربعين جنيهاً مقابل مهلة الإنذار وبإلزام المطعون ضدها الثانية بأن تدفع له مبلغ اثنين وخمسون جنيهاً وثمانمائة مليم قيمة استحقاقه في تعويض الدفعة الواحدة ورفضت طلب التعويض عن فصله. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا وتقيد الاستئناف برقم 60 لسنة 17 ق وبتاريخ 13/ 12/ 1967 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن. وبعرض الطعن على غرفة المشورة قررت تحديد جلسة لنظره بعد استبعاد السببين الثاني والثالث من أسبابه وفي الجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أنه اقتصر على ترديد أسباب الحكم المستأنف دون مناقشة سببي استئناف الطاعن وأوجه دفاعه أو يبين أساس قضائه من القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه بعد أن استظهر سببي استئناف الطاعن وأسانيده فيها أوجزه من تعييبه لحكم محكمة أول درجة لرفضها طلب التعويض عن فصله من العمل تعسفاً, قال "وحيث إن هذا الذي نعاه المستأنف في السبب الأول لاستئنافه مردود بأنه وإن كان إدماج الشركة الحديثة للأقطان التي كان يعمل بها المستأنف أصلاً في الشركة المستأنف عليها الأولى لا يعتبر مبرراً لإنهاء عقده أخذاً بالمادة 84/ 1، 2 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 سنة 1959 على ما قاله المستأنف بحق إلا أن هذا الإنهاء وقد جاء وليد ظروف اقتصادية وتنظيمية دفعت الشركة لاتخاذ هذا الإجراء ولم يكن بقصد الإضرار بالعامل - على ما ذهبت إليه محكمة أول درجة في حيثياتها والتي نقلتها عنها هذه المحكمة فيما سبق وتقرها على ما ورد بها - يكون قد وقع غير مشوب بالتعسف مما لا محل معه لتعويض المستأنف عنه خاصة وأن الشركة لم تقصد من استعمال حقها المشروع في إدارة عملها بالاستغناء عن المستأنف نظراً للتنظيم الجديد الذي أدخلته في معاملتها مع عملائها من الاستغناء عن الوسطاء ومنهم المستأنف إلا استعمال حقها في ذلك استعمالاً مشروعاً دون الرغبة في الإضرار بمصلحة المستأنف بالذات ولأن مصلحتها فيما فعلت من الأهمية بمكان بحيث يصغر معه ما قد يصيب المستأنف أو أمثاله من أضرار وهي الشرائط التي أعفى التقنين المدني بالمادتين 4، 5 منه من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً من مسئولية ما ينشأ عن ذلك من أضرار........ ومتى تقرر ذلك فسواء أكانت الشركة المستأنف عليها الأولى تعتبر خلفاً أم غير خلف للشركة الحديثة للأقطان فإنها لا تكون مسئولة عن تصرفها مع المستأنف أو عن الضرر الذي لحقه للعلة المنوه عنها سابقاً بما يعتبر رداً على ما أثاره المستأنف في السبب الثاني لاستئنافه..... ويتعين رفض الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف للأسباب التي ساقتها المحكمة وللأسباب الأخرى التي سطرتها محكمة أول درجة والتي تأخذ بها هذه المحكمة......"، لما كان ذلك وكان لا يعيب الحكم المطعون فيه ترديده لأسباب محكمة أول درجة والأخذ بها متى كانت كافية لحمل قضائه وتتضمن الرد المسقط لأسباب الاستئناف فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الرابع على الحكم المطعون فيه التناقض في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه وقد أقر له الحكم حقه في مقابل مهلة الإنذار لعدم مراعاتها عند إنهاء عقد عمله, فما كان يصح له أن يرفض تعويضه عن الفصل غير المبرر أما وإنه قد فعل فقد تناقض في أسبابه لأن الواقعة المنشئة في الحالتين واحدة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان أساس التعويض عن مهلة الإنذار المقررة قانوناً في حالة فسخ العقد غير المحددة المدة هو إخلال الطرف المنهي للعقد بالتزامه باحترام هذه المهلة وعدم إعلانه الطرف الآخر في المواعيد المقررة بعزمه على إنهاء العقد، و كان أساس التعويض عن الفصل غير المبرر هو ما يشوب تصرف رب العمل من عسف في استعمال حقه في فسخ العقد, ولما كان إنهاء العقد لا يفيد بذاته إن هذا الإنهاء وقع عسفاً بل يتعين أن يقدم الدليل على ذلك, لما كان ذلك وكان الطلبان وإن اتحدا في مصدرهما وهو العقد إلا أن أساس كل منهما يختلف عن أساس الآخر ومن ثم فلا تناقض في أسباب الحكم المطعون فيه إن هو استجاب إلى طلب مقابل مهلة الإنذار دون طلب التعويض عن فصل الطاعن عسفاً، لما كان ما تقدم فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون وفي بيان ذلك يقول إن حالات الفسخ وردت على سبيل الحصر في المواد 76, 77, 79 من قانون العمل رقم 91 سنة 1959 وأنه لما كان ما تعللت به المطعون ضدها الأولى من أسباب لتبرير فصله يخرج عن الحالات سالفة البيان وقد أقرها على ذلك ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه لما كان المشرع قد أجاز في المادة 694/ 2 من قانون المدني والمادة 72/ 1 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 لكل من طرفي عقد العمل غير المحدد المدة أن يضع حداً لعلاقته مع المتعاقد الآخر بشرط مراعاة مهلة الإخطار المقررة في القانون وكان استعمال حق الفسخ بإرادة المتعاقد المنفردة لا يرتب مسئولية طالما استند إلى ما يبرره فإن أعوزه المبرر كان للمتضرر الحق في تعويض تقديره المحكمة تمشياً مع المبدأ العام من أن العقد غير المحدد المدة هو عقد مؤقت بطبيعته وليس أبدياً, لما كان ما تقدم فإن تخطئه الحكم المطعون فيه بأنه أقر إنهاء عقد الطاعن في حالة ليست من الحالات الواردة على سبيل الحصر في قانون العمل يكون لا سند له من القانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.