أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 1059

جلسة 13 من يونيه سنة 1974

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور حافظ هريدي وعضوية السادة المستشارين علي صلاح الدين وأحمد صفاء الدين وعز الدين الحسيني وعبد العال حامد.

(174)
الطعن رقم 142 لسنة 39 القضائية

(1) حكم "حجية الحكم". إيجار "إيجار الأماكن".
صدور حكم بندب خبير لبيان ما إذا كانت العمارة التي حصلت بالعين المؤجرة في سنة 1959 هي مجرد إصلاحات أم تعديلات جوهرية. ثبوت أن تاريخ إنشاء العمارة لم يكن محل نزاع. تناول الحكم الابتدائي الصادر من بعد بحث تاريخ إنشاء العمارة وانتهاؤه إلى أنها تمت في سنة 1964. القضاء بتأييد هذا الحكم. لا خطأ.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير عمل الخبير". خبرة.
تقرير الخبير من عناصر الإثبات التي تخضع لتقدير قاضي الموضوع دون معقب.
(3) إيجار "إيجار الأماكن".
استناد الحكم في اعتبار شقة النزاع في حكم المنشأة في سنة 1964 على ما حصله من أنها أنشئت قبل أول يناير سنة 1944 مكونة من أربع حجرات وأصبحت في سنة 1964 مكونة من شقتين نتيجة التعديلات الجوهرية التي أدخلت عليها. كفاية ذلك لحمل قضائه.
(4) استئناف "الحكم في الاستئناف". حكم "عيوب التدليل. "ما لا يعد قصوراً". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
استناد محكمة أول درجة في قضائها بحصول التعديلات بالعين المؤجرة في سنة 1964 إلى ما استخلصته من كشف الجرد المقدم إليها. قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي أخذاً بأسبابه دون إضافة. لا خطأ ولا قصور.
1 - حجية الحكم تقتصر على ما يفصل فيه من وقائع أو حقوق متنازع فيها سواء كان ذلك في المنطوق أو في الأسباب المرتبطة به ارتباطاً وثيقاً بحيث لا تقدم للحكم قائمة إلا بها, وتكون معه وحدة لا تتجزأ, وإذ كان الثابت من الأوراق أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة في... انتهى في منطوقه إلى ندب خبير لبيان ما إذا كانت العمارة التي حصلت بالعين المؤجرة في سنة 1959 هي مجرد إصلاحات أم تعديلات جوهرية تجعلها في حكم الإنشاء الجديد, وكانت واقعة حصول العمارة بالشقة في سنة 1959 لم تكن محل نزاع فصل فيه ذلك الحكم, فإن الحكم الابتدائي الصادر في...... والمؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه إذ تناول بحث تاريخ إنشاء العمارة, وخلص إلى أنها تمت في سنة 1964 لا يكون قد خالف حجية حكم سابق صدر بين الخصوم أنفسهم ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون على غير أساس.
2 - تقدير عمل الخبير هو مما يستقل به قاضي الموضوع, لأن تقارير الخبراء لا تعدو أن تكون من عناصر الإثبات التي تخضع لتقديره دون معقب عليه في ذلك.
3 - متى كان يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه أنه استند في اعتبار عين النزاع في الحكم المنشأة في سنة 1964 على ما حصله من الكشف الرسمي المستخرج من سجلات بلدية القاهرة عن العقار الكائنة به العين المذكورة في المدة من سنة 1960 إلى سنة 1967 من أن الشقة أنشئت قبل أول يناير سنة 1944 مكونة من أربع حجرات, وأصبحت في سنة 1964 بفعل المدعى عليها مكونة من شقتين منفصلتين نتيجة التعديلات التي أدخلت عليها من سد وفتح أبواب, وإلى أن هذه التعديلات تعتبر تعديلات جوهرية في الحكم المنشأة حديثاً في سنة 1964، وتسري عليها أحكام القانون رقم 46 لسنة 1962, وليست إصلاحات ضرورية وتحسينات كما ذهب إلى ذلك الخبير في تقديره, وكان هذا الذي استخلصه الحكم يكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص. ويؤدي إلى تطبيق أحكام القانونين رقمي 46 لسنة 1962, 7 لسنة 1965, وفيه الرد الكافي على دفاع الطاعنة الوارد بسبب النعي, وكان لا يعيب الحكم ما أورده - في صدد سرد الوقائع - من أن الخبير قد أثبت في تقريره أن بعض نجارة الشقة قد غيرت طالما أن ذلك التغيير لم يكن محل اعتبار محكمة الموضوع فيما استخلصته من أن ما أجري بالعين هو تعديلات جوهرية, فإن النعي عليه بمخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
4 - إذا كان يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحاله إلى أسبابه أن محكمة الموضوع بما لها من سلطة في تقدير الدليل قد استندت في قضائها بحصول التعديلات - بالعين المؤجرة - في سنة 1964 إلى ما استخلصته من كشف الجرد المقدم إليها من المطعون عليه, وكان هذا الاستخلاص منها سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق, وكان لا تثريب على محكمة الاستئناف عند وضع حكمها أن تستند إلى الأسباب التي أقيم عليها الحكم متى رأت في هذه الأسباب ما يغني عن إيراد جديد, فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 5198 سنة 1965 مدني كلي القاهرة ضد الطاعنة بطلب الحكم بتخفيض أجرة العين الموضحة بصحيفة افتتاح الدعوى إلى مبلغ 3.575 ج - وقال بياناً لها أنه استأجر هذه الشقة من المدعى عليها بموجب عقد إيجار مؤرخ 26/ 6/ 1964 بأجرة قدرها 5.740 ج خفضت إلى 5.500 ج وتبين من الكشف الرسمي المستخرج من سجلات بلدية القاهرة أن العين المؤجر كانت مكونة من أربع حجرات وأن أجرتها الشهرية 2.300 ج ثم حدث تعديل فيها سنة 1959 فأصبحت مكونة من ثلاث حجرات وأن أجرة الشقة يسري عليها التخفيض بواقع 35% من بدء التأجير طبقاً لأحكام القانون رقم 7 لسنة 1965 فتصبح مبلغ 3.575 ج, وإذ امتنعت المدعى عليها عن تخفيض الأجرة على النحو السالف الذكر ولم ترد الفروق المستحقة له فقد أقام الدعوى بطلباته. وطلبت المدعى عليها رفض الدعوى لعدم خضوع المكان المؤجر لأحكام القانون رقم 7 لسنة 1965 وفي 25/ 12/ 1966 ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى لمعاينة العين المؤجرة وبيان ما إذا كانت العمارة التي حصلت بها سنة 1959 هي مجرد إصلاحات وتحسينات فيها أم تعديلات جوهرية تجعلها في حكم الإنشاء الجديد وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت في 31/ 3/ 1968 فحكمت بتخفيض أجرة الشقة موضوع النزاع إلى مبلغ 4.069 ج من بدء تنفيذ عقد الإيجار استأنفت المدعى عليها (الطاعنة) هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه ورفض الدعوى. وقيد الاستئناف برقم 1129 سنة 85 ق وفي 26/ 1/ 1969 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب حاصل الأول والثالث منها مخالفة القانون ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن العمارة التي أجريت بشقة النزاع تمت في سنة 1964 ومن ثم تخضع في تقدير أجرتها لأحكام القانون الصادر رقم 46 لسنة 1962 والقانون رقم 7 لسنة 1965 في حين أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 25/ 12/ 1966 بندب خبير لبيان ما إذا كانت العمارة المذكورة تعتبر تعديلاً في العين المؤجرة أم مجرد إصلاحات قد قطع في أسبابه بأن العين أنشئت قبل 1/ 1/ 1944 وأن عمارتها قد تمت في سنة 1959 وإذ حاز هذا القضاء قوة الأمر المقضي لعدم استئنافه فإنه كان يتعين تطبيق أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 والقانون رقم 168 لسنة 1961 في شأن تقدير أجرتها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه حجية ذلك الحكم فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كانت حجية الحكم تقتصر على ما يفصل فيه من وقائع أو حقوق متنازع فيها سواء كان ذلك في المنطوق أو في الأسباب المرتبطة به ارتباطاً وثيقاً بحيث لا تقوم للحكم قائمة إلا بها وتكون معه وحدة لا تتجزأ, وكان الثابت من الأوراق أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 25/ 12/ 1966 انتهى في منطوقه إلى ندب خبير لبيان ما إذا كانت العمارة التي حصلت بالعين المؤجرة في سنة 1959 هي مجرد إصلاحات أم تعديلات جوهرية تجعلها في حكم الإنشاء الجديد, وكانت واقعة حصول العمارة بالشقة في سنة 1959 لم تكن محل نزاع فصل فيه ذلك الحكم, فإن الحكم الابتدائي الصادر في 31/ 3/ 1968 والمؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه إذ تناول بحث تاريخ إنشاء العمارة وخلص إلى أنها تمت في سنة 1964 لا يكون قد خالف حجية حكم سابق صدر بين الخصوم أنفسهم ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثاني والخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن الحكم جرى في قضائه على اعتبار شقة النزاع في حكم المنشأة حديثاً وذلك رغم ما انتهى الخبير من أن الأعمال التي تمت بالشقة لا تغير من التعديلات الجوهرية وإنما مجرد إصلاحات وتحسينات لا يترتب عليها تغيير القانون المنطبق عليها أصلاً, كما استند الحكم إلى أن الخبير أثبت حصول سد وفتح أبواب بالشقة وتغيير بعض النجارة بها في حين أن ما ذكره الخبير هو ترييح الأبواب والشبابيك أي مجرد الإصلاح دون التغير, هذا إلى أن الطاعنة قد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليه أقر صراحة في عقد الإيجار بقبول دفع الزيادة مقابل الإصلاحات والتحسينات التي تمت بالعين تنفيذاً لقرار التنظيم الصادر في 11/ 12/ 1957 وأن ذلك يؤيد النتيجة التي انتهى إليها الخبير في تقريره مما كان يتعين معه اعتماد هاذ التقرير أو الاستعانة بخبير آخر, ولم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بما يقتضيه.
وحيث إن هذا النعي مردود - ذلك أن تقدير عمل الخبير هو مما يستقل به قاضي الموضوع لأن تقارير الخبراء لا تعدو أن تكون من عناصر الإثبات التي تخضع لتقديره ودون معقب عليه في ذلك وإذ يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه أنه استند في اعتبار عين النزاع في حكم المنشأة في سنة 1964 على ما حصله من الكشف الرسمي المستخرج من سجلات بلدية القاهرة عن العقار الكائن به العين المذكورة في المدة من سنة 1960 إلى سنة 1967 من أن الشقة أنشئت قبل أول يناير سنة 1944 مكونة من أربعة حجرات, وأصبحت في سنة 1964 بفعل المدعى عليها مكونة من شقتين منفصلتين نتيجة التعديلات التي أدخلت عليها من سد وفتح أبواب وإلى أن هذه التعديلات تعتبر تعديلات جوهرية في حكم المنشأة حديثاً في سنة 1964 وتسري عليها أحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 وليست إصلاحات ضرورية وتحسينات كما ذهب إلى ذلك الخبير في تقريره, وكان هذا الذي استخلصه الحكم يكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص ويؤدي إلى تطبيق أحكام القانونين رقمي 46 سنة 62 و7 سنة 1965 وفيه الرد الكافي على دفاع الطاعنة الوارد بسبب النعي, وكان لا يعيب الحكم ما أورده خطأ في صدد سرد الوقائع من أن الخبير قد أثبت في تقريره أن بعض نجارة الشقة قد غيرت طالما أن ذلك التغيير لم يكن محل اعتبار محكمة الموضوع فيما استخلصته من أن ما أجرى بالعين هو تعديلات جوهرية لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب ذلك أنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن الإصلاحات قد تمت بالشقة سنة 1959 وأيدت ذلك بكشف الجرد المقدم منها مما كان يتعين معه تطبيق أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 غير أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع وخالف ما ورد بالكشف المذكور وأعمل أحكام القانونين رقمي 46 لسنة 962 و7 سنة 1965.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه, أن محكمة الموضوع بما لها من سلطة في تقدير الدليل قد استندت في قضائها بحصول التعديلات في سنة 1964 إلى ما استخلصته من كشف الجرد المقدم إليها من المطعون عليه وكان هذا الاستخلاص منها سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق, وكان لا تثريب على محكمة الاستئناف عند وضع حكمها أن تستند إلى الأسباب التي أقيم عليها الحكم الابتدائي متى رأت في هذه الأسباب ما يغني عن إيراد جديد, فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.