أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 1082

جلسة 16 من يونيه سنة 1974

برياسة السيد المستشار أمين فتح الله وعضوية السادة المستشارين: علي عبد الرحمن, ومحمد السيد الرفاعي, وصلاح الدين حبيب, ومحمود المصري.

(179)
الطعن رقم 56 لسنة 39 القضائية

(1) أمر أداء. استئناف "نطاق الاستئناف". بطلان.
عريضة استصدار أمر الأداء. ماهيتها. بديل ورقة التكاليف بالحضور. شرط التكليف بالوفاء. عدم تعلقه بالعريضة ذاتها. قضاء محكمة الاستئناف ببطلان الأمر لبطلان التكليف بالوفاء. وجوب الفصل في موضوع النزاع.
(2) كفالة. نقض "السبب الجديد". تضامن.
الدفع ببطلان تضامن الكفيل مع المدين. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3) أوراق تجارية. كفالة.
الكفيل المتضامن مع المدين الأصلي. تمسكه بسقوط حق حامل الورقة التجارية في الرجوع عليه طبقاً لنص المادة 169 من قانون التجارة. لا محل له.
1 - العريضة التي تقدم لاستصدار أمر الأداء هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - بديله ورقة التكليف بالحضور وبها تتصل الدعوى بالقضاء. وإذ لا يتعلق شرط التكليف بالوفاء بالعريضة ذاتها إنما هو شرط له لصدور الأمر, وكان الطاعن لم ينع بأي عيب على هذه العريضة, وانصب نعيه على إجراء سابق عليها هو التكليف بالوفاء, فإن قضاء محكمة الاستئناف ببطلان أمر الأداء المطعون فيه بسبب بطلان تكليف المستأنف (الطاعن) بالوفاء بالدين المطالب به, لا يحجبها - وقد اتصلت الخصومة بالقضاء اتصالاً صحيحاً - عن الفصل في موضوع النزاع.
2 - لما كان الثابت في الأوراق أن الطاعن لم يسبق له الدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان تضامنه مع المدين في الوفاء بالدين المطالب به, فإنه لا يجوز له إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - لئن كان تحرير احتجاج عدم الدفع شرطاً للرجوع على مظهري الورقة التجارية وضمانهم فإنه لا يعتبر كذلك بالنسبة للرجوع على المدين الأصلي وضامنه الاحتياطي. وإذ كان الطاعن قد استند في نعيه إلى المادة 169 من قانون التجارة وهي على ما هو ظاهر من نصها خاصة بسقوط حق حامل الورقة التجارية في الرجوع على المظهرين وضمانهم الاحتياطيين إذا أهمل الواجبات المنصوص عليها فيها, فلا وجه تبعاً لذلك لتمسك الطاعن وهو كفيل متضامن مع المدين الأصلي بتطبيق تلك المادة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 8 أغسطس سنة 1968 استصدر المطعون عليه الأول أمر أداء بإلزام الطاعن والمطعون عليهما الثاني والثالث متضامنين بأن يؤدوا له مبلغ 3651 جنيهاً بمقتضى خمسة سندات إذنية مؤرخة 6 فبراير سنة 1968, طعن الطاعن في هذا الأمر مباشرة بالاستئناف رقم 1830 سنة 85 ق القاهرة, وبتاريخ 26 ديسمبر سنة 1968 حكمت المحكمة ببطلان أمر الأداء بإلزام المستأنف (الطاعن) والمستأنف ضدهما الأخيرين (المطعون عليهما الثاني والثالث) متضامنين بأن يؤدوا للمستأنف ضده الأول (المطعون عليه الأول) المبلغ سالف الذكر. طعن الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفي الجلسة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب, ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون, ويقول في بيان ذلك إن الحكم لم يقف عند حد القضاء ببطلان أمر الأداء لبطلان التكليف بالوفاء بالنسبة للطاعن, بل مضى في نظر الموضوع وقضى بإلزام الطاعن بالدين المطالب به وقد استند الحكم في ذلك إلى أن المستأنف (الطاعن) لم ينع بأي عيب على العريضة التي قدمت لاستصدار الأمر والتي تعتبر بديلاً عن ورقة التكليف بالحضور وتتصل بموجبها الدعوى بالمحكمة، هذا في حين أن بطلان التكليف بالوفاء وبالتالي أمر الأداء يترتب عليه انعدام كل أثر للعريضة التي قدمت لاستصداره فلا يصح اعتبارها بديلاً عن ورقة التكليف بالحضور, ويكون تصدي المحكمة لنظر الموضوع والفصل فيه - كدعوى عادية - باطلاً لمخالفة ذلك القاعدة أساسية تتصل بنظام التقاضي. ثم أضاف الطاعن أن الحكم المطعون فيه معيب أيضاً بالتناقض ذلك أنه مع قضائه ببطلان أمر الأداء، وهو ما يستتبع بطلان عريضة استصداره, اعتبر هذه العريضة سبباً صحيحاً لاتصال الخصومة بالقضاء، ومع تقريره أن لحامل السند الإذني الرجوع على المحرر وضامنه الاحتياطي عن طريق استصدار أمر بالأداء ولو لم يحرر احتجاج عدم الدفع, مضى في نظر الموضوع وفصل فيه عن طريق الدعوى العادية.
وحيث إن هذا النعي مردود, ذلك أن العريضة التي تقدم لاستصدار أمر الأداء هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بديلة ورقة التكليف بالحضور وبها تتصل الدعوى بالقضاء، وإذ لا يتعلق شرط التكليف بالوفاء بالعريضة ذاتها إنما هو شرط له لصدور الأمر, وكان الطاعن لم ينع بأي عيب على هذه العريضة, وانصب نعيه على إجراء سابق عليها هو التكليف بالوفاء, فإن قضاء محكمة الاستئناف ببطلان أمر الأداء المطعون فيه بسبب بطلان تكليف المستأنف (الطاعن) بالوفاء بالدين المطالب به, لا يحجبها وقد اتصلت الخصومة بالقضاء اتصالاً صحيحاً - عن الفصل في موضوع النزاع. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون مخطئاً في تطبيق القانون أو مشوباً بالتناقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم ذهب إلى أن المستأنف (الطاعن) تنازل في سندات الدين عن الدفع بالتجريد باعتبار أنه كفيل متضامن, حال أن هذا التضامن وقع باطلاً. طبقاً للمادة 125 من القانون المدني بعد أن تبين تواطؤ الدائن مع المدين والكفيل الآخر على الإضرار به واتخاذهم الغش سبيلاً إلى ذلك، وهو ما ثبت قيامه في الدعوى عند إعلان التكليف بالوفاء السابق على استصدار الأمر بالأداء.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يسبق له الدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان تضامنه مع المدين في الوفاء بالدين المطالب به, فإنه لا يجوز له إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة، القانون وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بما تقضي به المادة 169 من القانون التجارة - التي تسري على السندات الإذنية التجارية - من أن حق حامل الورقة التجارية في الرجوع على المحيلين يسقط بعدم تحرير احتجاج عدم الدفع في الميعاد, إلا أن المحكمة رفضت هذا الدفاع وأجرت في حق الطاعن أحكام الضمان الاحتياطي رغم أن هذا الضمان منعدم في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه واجه دفع الطاعن بسقوط الحق في مطالبته بعدم إعلانه باحتجاج عدم الدفع بالقول بأن حق حامل السند الإذني التجاري في الرجوع على المحرر وضامنه الاحتياطي لا يسقط لعدم تحرير ذلك الاحتجاج وأن له أن يرجع على هذين الأخيرين عن طريق استصدار أمر بالأداء طبقاً للمادتين 851, 852 من قانون المرافعات السابق ثم انتهى إلى الحكم على الطاعن بالدين باعتباره كفيلاً متضامناً مع المدين الأصلي وإذ كان ما قرره الحكم - في هذا الخصوص - صحيح في القانون ذلك أنه إذا كان تحرير احتجاج عدم الدفع شرطاً للرجوع على مظهري الورقة التجارية وضمانهم فإنه لا يعتبر كذلك بالنسبة للرجوع على المدين الأصلي وضامنه الاحتياطي. وإذ كان الطاعن قد استند في نعيه إلى المادة 169 من القانون التجاري وهي على ما هو ظاهر من نصها خاصة بسقوط حق حامل الورقة التجارية في الرجوع على المظهرين وضمانهم الاحتياطيين إذا أهمل الواجبات المنصوص عليها فيها, وكان لا وجه - تبعاً لذلك - لتمسك الطاعن - وهو كفيل متضامن مع المدين الأصلي - بتطبيق تلك المادة فإن النعي يكون قائماً على غير أساس.


[(1)] نقض 6/ 11/ 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 1170.