أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 1087

جلسة 19 من يونيه سنة 1974

برياسة السيد نائب رئيس المحكمة المستشار أحمد حسن هيكل وعضوية السادة المستشارين: جوده أحمد غيث, وإبراهيم السعيد زكرى, وإسماعيل فرحات عثمان, وجلال عبد الرحيم عثمان.

(180)
الطعن رقم 75 لسنة 38 القضائية

ضرائب "ضريبة التركات". دفع غير المستحق.
طلب الوارث استرداد ما دفعه من ضريبة التركات استناداً إلى عدم استحقاق مصلحة الضرائب له. الالتجاء إلى القضاء مباشرة لرد ما دفع بغير وجه حق. صحيح. علة ذلك.
إذ كانت الطاعنة تؤسس دعواها بطلب استرداد رسم الأيلولة وضريبة التركات على أنها مالكة للرقبة في العقار بعد إشهار إلغاء وقفه وأن حق الانتفاع قد آل إليها بوفاة الواقفة فلا يندرج هذا الحق في أصول تركتها ولا يخضع لضريبة التركات أو رسم الأيلولة, ومن حقها استرداد المبالغ التي سددتها لمصلحة الضرائب لأنها غير مستحقة لها قانوناً. ولما كانت الدعوى على هذه الصورة هي دعوى رد ما دفع بغير وجه حق ولا تعتبر طعناً في قرار صادر من لجنة الطعن بحيث تخضع في رفعها لميعاد الطعن المنصوص عليه في المادة 38 من القانون رقم 142 لسنة 1944، بل يكون للطاعنة أن ترفعها إلى القضاء مباشرة ذلك لأن الضريبة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا ترتكن في أساسها على رباط عقدي بين مصلحة الضرائب والممول, وإنما تحددها القوانين التي تفرضها وليس في هذه القوانين ولا في القانون العام ما يحول دون تدارك الخطأ الذي يقع فيها فللممول أن يسترد ما دفعه بغير حق وللمصلحة أن تطالب بما هو مستحق زيادة على ما دفع ما لم يكن هذا الحق قد سقط بالتقادم. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وانتهى إلى أن الطاعنة أخطرت بالربط ولم تطعن فيه أمام اللجنة في الميعاد فصار نهائياً، ورتب على ذلك أن المبالغ موضوع النزاع أصبحت مستحقة لمصلحة الضرائب ولا يحق للطاعنة استردادها ثم قضى برفض دعواها, فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 3750 لسنة 1965 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد مصلحة الضرائب - المطعون عليها - طالبة الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 608 جنيهات و548 مليماً وفوائده من تاريخ 23/ 6/ 1963 حتى السداد, وقالت شرحاً لدعواها أنه بتاريخ 11/ 11/ 1943 وقفت المرحومة....... أرض وبناء العقار رقم 287 بشارع الملكة نازلي قسم الوايلي على نفسها مدة حياتها ثم من بعدها على الطاعنة، وبعد صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات وتطبيقاً لحكم المادة الرابعة منه أشهدت الواقفة على نفسها بتاريخ 6/ 10/ 1952 أن الاستحقاق في الوقف سالف الذكر كان بعوض مالي قدره ثلاثة آلاف جنيه من الطاعنة، وبتاريخ 17/ 12/ 1952 أشهر عقد إلغاء الوقف وأشير فيه إلى أن العقار الموقوف أصبح ملكاً، وبذلك آلت ملكية الرقبة إلى الطاعنة على أن يكون للواقفة حق الانتفاع مدى حياتها، ثم توفيت الواقفة بتاريخ 31/ 5/ 1958 وقدرت مصلحة الضرائب تركتها بمبلغ 9651 جنيهاً و295 مليماً وحددت الرسم المستحق على حق الانتفاع بمبلغ 608 جنيهات و548 مليماً فقامت الطاعنة بسداده بتاريخ 23/ 6/ 1962 قبل إخطارها بالنموذج 8 ضرائب في 25/ 6/ 1962، وإذ انقضى حق الانتفاع بوفاة الواقفة وكان لا يعتبر عنصراً من عناصر تركتها بل آل إلى الطاعنة وتكون مصلحة الضرائب قد تسلمت المبلغ سالف الذكر وهو غير مستحق لها ويتعين عليها رده، فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان. وبتاريخ 22/ 4/ 1967 حكمت المحكمة بإلزام مصلحة الضرائب بأن تدفع للطاعنة مبلغ 608 جنيهات و548 مليماً والمصروفات ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1236/ 84 ق مدني، وبتاريخ 14/ 12/ 1967 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنة. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وتقول في بيان ذلك أن الحكم أسس قضاءه على أن الطاعنة أقامت دعوى مبتدأه أمام القضاء دون أن تعترض على التقدير في الميعاد أمام لجنة الطعن مع أن الأصل هو وجوب البدء بعرض الخلاف على اللجنة بحيث لا يحق للمصلحة ولأصحاب الشأن رفع النزاع مباشرة إلى المحكمة إلا في الأحوال الاستثنائية التي قد يتبين فيها أن الخلاف بين الممول والمصلحة ليس من قبيل المنازعات الضريبية، خاصة وأن لجان الطعن أصبحت تختص بالفصل في جميع أوجه الخلاف بين الممول والمصلحة، وهي إجراءات يلزم اتباعها لأنها تتعلق بنظام التقاضي، هذا في حين أن طلب استرداد ما دفع بغير وجه حق لا تختص به لجان الطعن بل هو نزاع مدني ترفع به الدعوى ابتداء أمام القضاء وإذ قضى الحكم المطعون فيه بأن المبالغ المدفوعة إلى مصلحة الضرائب أصبحت مستحقة قانوناً ولا يجوز استردادها لأن الربط أصبح نهائياً, فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت الطاعنة تؤسس دعواها على أنها مالكة للرقبة في العقار الذي أوقفته المرحومة..... وأن حق الانتفاع قد آل إليها بوفاة الواقفة فلا يندرج هذا الحق في أصول تركتها ولا يخضع لضريبة التركات أو رسم الأيلولة ومن حقها استرداد المبالغ التي سددتها لمصلحة الضرائب لأنها غير مستحقة لها قانوناً.
ولما كانت الدعوى على هذه الصورة هي دعوى رد ما دفع بغير وجه حق ولا تعتبر طعناً في قرار صادر من لجنة الطعن بحيث تخضع في رفعها لميعاد الطعن المنصوص عليه في المادة 38 من القانون رقم 142 لسنة 1944 بل يكون للطاعنة أن ترفعها إلى القضاء مباشرة ذلك لأن الضريبة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا ترتكن في أساسها على رباط عقدي بين مصلحة الضرائب والممول وإنما تحددها القوانين التي تفرضها وليس في هذه القوانين ولا في القانون العام ما يحول دون تدارك الخطأ الذي يقع فيها فللممول أن يسترد ما دفعه بغير حق وللمصلحة أن تطالب بما هو مستحق زيادة على ما دفع ما لم يكن هذا الحق قد سقط بالتقادم لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وانتهى إلى أن الطاعنة أخطرت بالربط ولم تطعن فيه أمام اللجنة في الميعاد فصار نهائياً ورتب على ذلك أن المبالغ موضوع النزاع أصبحت مستحقة لمصلحة الضرائب ولا يحق للطاعنة استردادها ثم قضى برفض دعواها, فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه. وإذ حجب الحكم نفسه بهذا التقرير القانوني الخاطئ عن بحث الموضوع, فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.