أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 1115

جلسة 26 من يونيه سنة 1974

برياسة السيد نائب رئيس المحكمة المستشار أحمد حسن هيكل وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وإبراهيم السعيد ذكرى، ومحمد فاضل المرجوشي، وجلال عبد الرحيم عثمان.

(186)
الطعن رقم 72 لسنة 38 القضائية

(1) استئناف "نطاق الاستئناف". حكم "حجية الحكم".
الأحكام المنهية للخصومة كلها أو بعضها لا تعد مستأنفة باستئناف الحكم الموضوعي الذي يصدر بعد ذلك. المادة 404 مرافعات سابق. عدم استئنافها في الميعاد. أثره. صيرورتها حائزة لقوة الأمر المقضي.
(2) ضرائب "رسم الدمغة".
رسم الدمغة على الأوراق. الواقعة المنشئة له. وجوب التوقيع على العقد من طرفين أو أن يكون لدى كل متعاقد نسخة منه موقعة من الآخر. لا يغني عن التوقيع كتابة اسم المنشأة على المحرر.
(3) ضرائب "رسم الدمغة". تأمينات عينية "رهن". تجزئة.
تسليف النقود على رهونات. تصرف قانوني مركب لا يحتمل التجزئة. وجوب تحصيل رسم دمغة اتساع واحد.
1 - الأحكام المنهية للخصومة كلها أو بعضها أو في جزء منها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تعتبر مستأنفة باستئناف الحكم الموضوعي الذي يصدر بعد ذلك في الدعوى إلا إذا رفع عنها استئناف خاص في الميعاد القانوني وذلك طبقاً للمادة 404 من قانون المرافعات السابق التي لا تنصرف عبارتها إلا إلى الأحكام القطعية الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها. لما كان ذلك وكان الطاعن لم يستأنف الحكم الصادر بندب الخبير في قضائه القطعي فإن هذا القضاء يكون قد حاز قوة الأمر المقضي وإذ التزم الحكم المطعون فيه - الصادر في الموضوع - هذه الحجية وأخذ بتقرير الخبير الذي احتسب رسوم دمغة على العقود المكتوبة التي لم يقدمها الطاعن وتقل قيمتها عن 250 قرشاً فإنه لا يكون قد خالف القانون.
2 - الواقعة المنشئة لرسم الدمغة على الأوراق هي تحرير الورقة، فإن كان المحرر عقداً فيتعين حتى يستحق عليه الرسم أن يوقع عليه من طرفيه أو أن يكون لدى كل متعاقد صورة موقعة من المتعاقد الآخر ولا يغني عن التوقيع طبع أو كتابة اسم المنشأة على المحرر.
3 - يبين من الرجوع إلى الأمر العالي الصادر في 23/ 3/ 1901 بشأن سير البيوتات المالية المشتغلة بتسليف النقود على رهونات والتعديلات التي أدخلت عليه، ومن قلبه الأمر العالي الصادر في 24/ 12/ 1900، أن الشارع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - نظم أوضاع عملية تسليف النقود على رهونات وشروطها وأحكامها على أنها تصرف قانوني مركب ومن طبيعة خاصة لا تحتمل التجزئة، ومن ثم فإنه لا يحصل عليها سوى رسم اتساع واحد. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه انتهى في قضائه إلى استحقاق رسم الدمغة على اتساع الورق على أساس أن عملية تسليف النقود على رهونات تشتمل على عمليتين، فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1068 سنة 1955 تجارى القاهرة الابتدائية ضد مصلحة الضرائب المطعون عليها طالباً الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 1842 جنيهاً و850 مليماً، وقال بياناً لدعواه إنه يقوم بعمليات التسليف على رهونات وأن مصلحة الضرائب طالبته بهذا المبلغ قيمة رسوم دمغة اتساع عن 9977 عملية قام بها خلال المدة من 4/ 1/ 1950 حتى 31/ 3/ 1955 بواقع مائة مليم عن كل عملية باعتبارها عمليتي قرض ورهن شملها محرر واحد، وإذ لا تستحق عليها هذه الرسوم لأنه لا يستعمل إلا عقوداً من صورة واحدة لا تحتمل توقيعات من أحد هذا إلى أن معاملاته تقوم على التعاقد الشفوي وهو لا يخضع لرسم الدمغة إلا إذا قدم إلى القضاء وثبت وجوده، علاوة على أن عملية التسليف على رهونات تتضمن عقد رهن حيازي واحد لا عقدين، فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته وبجلسة 26/ 5/ 1956 عدل الطاعن طلباته إلى طلب الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 2106 جنيهات و910 مليمات وإلغاء الحجز الإداري الموقع بتاريخ 13/ 2/ 1956 استناداً إلى أن المصلحة طالبته بهذا المبلغ قيمة رسوم دمغة اتساع ونوعية وتدريجية عن العمليات سالفة الذكر. وبتاريخ 8/ 12/ 1956 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء الحكوميين بالقاهرة لتحقيق أوجه الخلاف بين الطرفين وحصر العقود التي تعامل فيها الطاعن وبيان ما إذا كانت كلها أو بعضها موقعاً عليها من الطرفين أم أنها لا تحمل توقيعاً من أحد وكلفت الخبير بألا يحتسب رسوم دمغة على العقود وصورها التي يقدمها الطاعن سواء ما كان منها قد سددت عليها الرسوم بالكامل أم تلك التي لم يوقع عليها أحد وتمت مشافهة، أما العقود التي لم يقدمها الطاعن فتحسب عليها رسوم دمغة اتساع ونوعية وتدريجية طبقاً للقانون والجداول المرافقة وذلك بمقدار عددها الوارد بالكعوب المختلفة عن أصل العقود، وبعد أن أودع الخبير تقريره حكمت بتاريخ 3/ 2/ 1962 بإعادة المأمورية لمكتب الخبراء لفحص اعتراضات المصلحة على التقرير، وبعد أن قدم الخبير رده بتاريخ 23/ 5/ 1964 ببراءة ذمة الطاعن من مبلغ 1020 جنيهاً و410 مليمات استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 408 سنة 81 ق تجاري القاهرة طالباً تعديله والحكم له بطلباته، كما استأنفته مصلحة الضرائب بالاستئناف رقم 494 سنة 81 ق تجاري أمام ذات المحكمة طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى قررت المحكمة ضم الاستئناف الثاني إلى الأول ثم حكمت بتاريخ 20/ 12/ 1967 برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم نقضاً جزئياً، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أسباب ثلاثة ينعى الطاعن بالسبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين، أولهما أن الحكم المطعون فيه أخضع لرسم الدمغة 3186 عقد رهن ثبت من تقرير الخبير أن قيمة الأشياء المرهونة فيها تقل عن 250 قرشاً، في حين أن هذه العقود لا تخضع لرسم الدمغة طبقاً لحكم المادة الرابعة من الأمر العالي الصادر في 24/ 12/ 1900 المعدل بالأمر العالي الصادر بتاريخ 23 مارس سنة 1901 إذ أوجبت هذه المادة على المودع أن يوقع على عقد إيداع الشيء المرهون أما إذا كان أمياً وقع ضامنه على العقد واستثنت المادة من هذا الحكم عقود الإيداع الخاصة بالأشياء التي تقل قيمتها عن 250 قرشاً، مما مقتضاه أن هذه العقود تتم مشافهة وبالتالي فلا يحصل عليها رسم دمغة طبقاً لنص المادة الثانية من قانون الدمغة رقم 224 لسنة 1951. ثانيهما أن الحكم المطعون فيه احتسب رسم دمغة على عقود لا تحتمل توقيعاً مع أن المحرر غير المذيل بتوقيع لا يعتبر عقداً ولا يفرض عليه رسم دمغة.
وحيث إن هذا النعي في وجهة الأول مردود، ذلك أنه لما كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 8/ 12/ 1956 بندب الخبير قرر في هذا الخصوص ما يلي "أنه لما كان الحكم الجنائي قد قضى بتغريم المدعي - الطاعن - عشرة جنيهات عن جريمة إتلاف عقود الرهن موضوع الجريمة وأصبح هذا الحكم انتهائياً وحائزاً لحجية الأمر المقضي فيما يتعلق بوقوع الجريمة منه بالوصف القانوني الوارد بالحكم فإن هذه الحجية تلزم المدعي أداء كافة الرسوم المتنوعة التي كانت مستحقة على عقود الرهن وقتئذ إلا أنه لما كانت هذه الرسوم غير محددة أو مقدرة لا في تحقيق البوليس أو بتحقيق النيابة أو أمام المحكمة وكان دفاع المتهم منصرفاً إلى أنه كان يسدد رسماً مقداره 50 مليماً عن كل عقد تم إعدامه بعد استلامه من الراهن دون أن يقدم الدليل على صحة أقواله هذه رغماً عن مخالفته لنص المادة 14/ 1 من قانون الدمغة التي توجب عليه الاحتفاظ بكافة الأوراق والمستندات والعقود طوال المدة التي لا يسقط فيها حق الحكومة في المطالبة بالرسوم وهي خمس السنوات المبينة بالمادة 23 من القانون نفسه وكانت محاضر أعمال رجال مصلحة الضرائب بملف الدعوى مشيرة إلى أن بعض هذه الأوراق قد سددت عليها بعض أنواع الدمغة المتعددة على ذات الورقة، وكان بحث هذه الأمور وتحقيقها وبيان وجه الحق فيها من المسائل الفنية الدقيقة فإن المحكمة ترى لكل هذه الملابسات أن تندب مكتب الخبراء المحاسبين لمباشرة فحص هذه الدعوى وتحقيق دفاع الطرفين فيها وذلك وفق الأسس المبنية بمنطوق هذا الحكم"، ثم حدد الحكم للخبير في منطوقه القواعد التي يتعين عليه أن يتبعها في مأموريته وهو ألا يحتسب رسوم دمغة على العقود وصورها التي يقدمها الطاعن سواء ما كان منها قد تسددت عليه الرسوم بالكامل أم تلك التي لم يوقع عليها أحد وتمت مشافهة بين الطرفين، وأن ما لم يقدمه الطاعن من عقود تحصل عليها أنواع الدمغة طبقاً للقانون والجداول الموافقة وذلك بمقدار عددها الوارد بالكعوب المتخلفة عن أصل العقود، ولما كان يبين من هذا الحكم أنه قطع في منطوقه في أن رسم الدمغة يحتسب على العقود المكتوبة التي لم يقدمها الطاعن إلى الخبير بمقدار عددها الوارد في الكعوب المتخلفة عن الأصل مما مقتضاه أن تشمل هذه العقود تلك التي تقل فيها قيمة الأشياء المرهونة عن 250 قرشاً واستند الحكم في ذلك إلى حجية الحكم الجنائي الذي أدان الطاعن بتهمة إتلاف عقود الرهن التي امتنع عن تقديمها خلافاً لما توجبه المادة 14/ 1 من القانون رقم 224 لسنة 1951، وأنه بالتالي يستحق الرسم على هذه العقود أخذاً بأن الطاعن أتلفها بقصد التهرب من أداء الرسم، ولما كانت الأحكام المهنية للخصومة كلها أو بعضها أو جزء منها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تعتبر مستأنفة باستئناف الحكم الموضوعي الذي يصدر بعد ذلك في الدعوى إلا إذا رفع عنها استئناف خاص في الميعاد القانوني وذلك طبقاً للمادة 404 من قانون المرافعات السابق التي لا تنصرف عبارتها إلا إلى الأحكام القطعية الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها، لما كان ذلك وكان الطاعن لم يستأنف الحكم الصادر في 8/ 12/ 1956 في قضائه القطعي سالف الذكر فإن هذا القضاء يكون قد حاز قوة الأمر المقضي، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذه الحجية وأخذ بتقرير الخبير الذي احتسب رسوم دمغة على العقود المكتوبة التي لم يقدمها الطاعن وتقل قيمتها عن 250 قرشاً فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه في غير محله.
وحيث إن النعي في وجهه الثاني صحيح، ذلك أن الواقعة المنشئة لرسم الدمغة على الأوراق هي تحرير الورقة، فإن كان المحرر عقداً فيتعين حتى يستحق عليه الرسم أن يوقع عليه من طرفيه أو أن يكون لدى كل متعاقد صورة موقعة من المتعاقد الآخر ولا يغني عن التوقيع طبع أو كتابة اسم المنشأة على المحرر، لما كان ذلك وكان غير صحيح ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الحكم الصادر بندب الخبير قطع في إلزام الطاعن برسم دمغة عن المحررات غير الموقعة بل على العكس من ذلك فإن هذا الحكم قضى بأنه لا تستحق رسوم دمغة على العقود وصورها التي يقدمها الطاعن إذا لم يكن موقعاً عليها من أحد وتمت مشافهة، إذا احتسب الحكم رسم دمغة على أوراق غير موقع عليها من الراهن والمرتهن فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم جرى في قضائه على أن عملية تسليف النقود على رهونات عمليتان لا عملية واحدة ويستحق على كل منها رسم دمغة الاتساع المفروض عليه، في حين أنه يبين من الأمر العالي الصادر في 24/ 12/ 1900 المعدل بالأمر العالي الصادر في 23/ 3/ 1901 أن عملية تسليف النقود على رهونات تصرف قانوني مركب فلا يحصل عليه سوى رسم اتساع واحد، يؤيد ذلك أن المادة الخامسة من القانون رقم 224 لسنة 1951 تقضي بأنه إذا شملت الورقة الواحدة أحكاماً متعددة يحصل على كل حكم منها رسم الدمغة المفروض عليه مما مفاده أن المقصود بالتعدد في هذه المادة أن يشتمل المحرر على تصرفات مستقلة لا يعتبر أحدها من بين عناصر تكوين التصرف الآخر، وإذ يعتبر الدين في الرهن الحيازي ركناً من أركان العقد ولا يجوز فصله عن الرهن فلا يستحق عليه إلا رسم واحد.
وحيث إن هذا النعي صحيح أيضاً، ذلك أنه بالرجوع إلى الأمر العالي الصادر في 23/ 3/ 1901 بشأن سير البيوتات المالية المشتغلة بتسليف النقود على رهونات والتعديلات التي أدخلت عليه ومن قبله الأمر العالي الصادر في 24/ 12/ 1900 يبين أن الشارع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - نظم أوضاع عملية تسليف النقود على رهونات وشروطها وأحكامها على أنها تصرف قانوني مركب ومن طبيعة خاصة لا تحتمل التجزئة ومن ثم فإنه لا يحصل عليها سوى رسم اتساع واحد، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى استحقاق رسم الدمغة على اتساع الورق على أساس أن عملية تسليف النقود على رهونات تشتمل على عمليتين فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص أيضاً.


[(1)] نقض 28/ 2/ 1973 مجموعة المكتب الفني السنة 24 ص 363.