أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 1135

جلسة 15 من أكتوبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد توفيق المدني، ومحمود عثمان درويش.

(190)
الطعن رقم 157 لسنة 39 القضائية

(1) إرث. تركة. ملكية.
شخصية الوارث مستقلة عن شخصية المورث. تعلق ديون المورث بتركة الوارث الذي خلصت له ملكية أعيان التركة أو جزء منها قبل وفاة المورث. لا يعتبر مسئولاً عن التزامات الأخير قبل من تعامل معه بشأنها ولم تنتقل إليه ملكيتها بعد.
(2 و3) بيع "دعوى صحة التعاقد". ملكية.
(2) دعوى صحة التعاقد. ماهيتها. وجوب بحث ما عسى أن يثار فيها من منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع كله أو بعضه.
(3) وجوب الفصل في دعوى صحة التعاقد في حدود القدر من المبيع الذي ثبت ملكية البائع له. لا حاجة للمدعي إلى تعديل طلباته إلى القدر الأقل أو التأشير بذلك بالشهر العقاري.
1 - شخصية الوارث - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - تعتبر مستقلة عن شخصية المورث وتتعلق ديون المورث بتركته، لا بذمة ورثته، ولا يقال بأن التزامات المورث تنتقل إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً، إلا إذا أصبح الوارث مسئولاً شخصياً عن التزامات المورث كنتيجة لاستفادته من التركة، وتبعاً لذلك لا يعتبر الوارث الذي خلصت له ملكية أعيان التركة أو جزء منها قبل وفاة مورثه مسئولاً عن التزامات هذا الأخير قبل من تعامل معه بشأنها ولم تنقل إليه ملكيتها بعد ويعتبر هذا الوارث شأنه شأن الغير في هذا الخصوص.
2 - دعوى صحة ونفاذ عقد البيع هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - دعوى استحقاق مآلا يقصد بها تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل ملكية المبيع إلى المشتري تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية، ويتعين عند الفصل فيها بحث ما عسى أن يثار من منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع كله أو بعضه.
3 - إذ يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن أقام الدعوى بصحة ونفاذ عقده عن القدر المبيع بأكمله ومساحته 134.54 متراً مربعاً، وأن المطعون عليه الأول اشترى 106 متراً مربعاً من العين المبيعة، وأن ملكية هذا القدر قد انتقلت إليه بتسجيل الحكم بصحة ونفاذ عقده وأنه بقي على ملك البائع 28.54 متراً مربعاً فكان يتعين على المحكمة أن تعرض لبحث دعوى الطاعن في حدود هذا المقدار لأنه يدخل في نطاق ما هو مطروح عليها بغير حاجة إلى أن يعدل الطاعن طلباته إلى القدر الأقل، وليس في قانون الشهر العقاري ما يحد من سلطة المحكمة في هذا الخصوص عند نظر الدعوى والقضاء فيها بما ثبت لديها من حقوق الخصوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1388 سنة 1966 مدني طنطا الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 20/ 8/ 1961 المتضمن بيع مورثهم له قطعة أرض فضاء مساحتها 152 متراً مربعاً تحت العجز والزيادة تبين أن حقيقة مساحتها 54 و134 متراً مربعاً لقاء ثمن قدره 1344.590 ج أقر المورث بقبضه. ورد المطعون عليه الأول بأن هذا العقد صوري ولم يقبض المورث ثمناً من الطاعن وبأن المطعون عليه الأول اشترى من المورث المذكور 106 متراًً مربعاً من ذات الأرض موضوع الدعوى بموجب عقد مؤرخ 1/ 8/ 1960 حكم بصحته ونفاذه في مواجهة الطاعن في الاستئناف رقم 87 سنة 4 ق مدني بورسعيد وسجل هذا الحكم بتاريخ 4/ 3/ 1967 وقد انتقلت له الملكية اعتباراً من 23/ 10/ 1961 تاريخ تسجيل صحيفة دعواه بصحة ونفاذ العقد. وبتاريخ 7/ 12/ 1967 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 57 سنة 18 ق مدني طنطا طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وبتاريخ 2/ 2/ 1969 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم جزئياً في خصوص السبب الثالث. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى برفض الدعوى تأسيساً على أن المطعون عليه الأول اشترى من المورث 106 متراً مربعاً من الأرض موضوع النزاع وحكم له بصحة ونفاذ عقده في مواجهة الطاعن وسجل هذا الحكم وانتقلت له الملكية اعتباراً من 23/ 10/ 1961 تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى التي رفعها بصحة ونفاذ العقد وأنه لم يعد من الممكن تنفيذ التزام المورث بنقل ملكية العقار المبيع إلى الطاعن تنفيذاً عينياً، هذا في حين أن الطاعن لم يختصم المطعون عليه الأول بصفته الشخصية حتى يمكن بحث ما إذا كان هذا الأخير قد أصبح من الغير بتسجيل الحكم الصادر بصحة ونفاذ عقده وإنما اختصمه مع باقي المطعون عليهم بوصفهم ورثة البائع ليقضي للطاعن بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر له من مورثهم لأنهم يلتزمون بتنفيذ ما كان ملتزماً به، ومتى ثبت أن الطاعن قد وفى بالتزامه للبائع وتخلف الأخير أو ورثته في تنفيذ ما ألزمهم به القانون من نقل ملكية العين المبيعة إليه فكان يتعين على المحكمة أن تقضي بصحة ونفاذ عقده دون أن تتعرض لبحث ملكية العين المبيعة، ذلك لأن أمر هذه الملكية لم يكن مطروحاً عليها وإنما يكون مجال هذا البحث عند قيام نزاع بشأن المفاضلة بين العقدين. هذا إلى أن المطعون عليه الأول لم يقدم دليلاً كتابياً على صحة دفاعه من صورية عقد الطاعن أو عدم سداد الثمن علاوة على أنه يلتزم بما أصدره مورثه من إقرارات كتابية بأنه قبض كامل الثمن.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن شخصية الوارث - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تعتبر مستقلة عن شخصية المورث وتتعلق ديون المورث بتركته لا بذمة ورثته، ولا يقال بأن التزامات المورث تنقل إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً إلا إذا أصبح الوارث مسئولاً شخصياً عن التزامات المورث كنتيجة لاستفادته من التركة، وتبعاً لذلك لا يعتبر الوارث الذي خلصت له ملكية أعيان التركة أو جزء منها قبل وفاة مورثه مسئولاً عن التزامات هذا الأخير قبل من تعامل معه بشأنها ولم تنتقل إليه ملكيتها بعد، ويعتبر هذا الوارث شأنه شأن الغير في هذا الخصوص، ولما كانت دعوى صحة ونفاذ عقد البيع هي وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - دعوى استحقاق مآلا يقصد بها تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل ملكية المبيع إلى المشتري تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية ويتعين عند الفصل فيها بحث ما عسى أن يثار من منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع كله أو بعضه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون قد التزم هذا النظر، وكان لا محل للتحدي بأن المطعون عليه الأول لم يقدم دليلاً كتابياً على صورية عقد البيع الصادر إلى الطاعن وعدم دفعه الثمن إلى البائع ذلك أن الحكم لم يستند إلى هذه الدعامة في قضائه، لما كان ما تقدم فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون في هذا الخصوص، ويكون النعي عليه بهذين السببين في غير محله.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه خالف القانون ذلك أن عقد المطعون عليه الأول لم يشمل كل مساحة العين المبيعة إلى الطاعن بل شمل بعضها وبقي على ملك المورث البائع 28.54 متراً مربعاً فكان يتعين على الأقل القضاء للطاعن بصحة ونفاذ عقده بالنسبة لهذا القدر دون حاجة إلى تعديل طلباته، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدعوى برمتها فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن أقام الدعوى بصحة ونفاذ عقده عن القدر المبيع بأكمله ومساحته 134.54 متراً مربعاً وأن المطعون عليه الأول اشترى 106 متراً مربعاً من العين المبيعة وأن ملكية هذا القدر قد انتقلت إليه بتسجيل الحكم بصحة ونفاذ عقده وأنه بقى على ملك البائع 28.54 متراً مربعاً فكان يتعين على المحكمة أن تعرض لبحث دعوى الطاعن في حدود هذا المقدار لأنه يدخل في نطاق ما هو مطروح عليها بغير حاجة إلى أن يعدل الطاعن طلباته إلى القدر الأقل، وليس في قانون الشهر العقاري ما يحد من سلطة المحكمة في هذا الخصوص عند نظر الدعوى والقضاء فيها بما ثبت لديها من حقوق الخصوم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدعوى بالنسبة للقدر الباقي من العين المبيعة استناداًًً إلى أن "المستأنف - الطاعن - حين رفع الدعوى الابتدائية لم يحدد طلباته في العريضة ويؤشر عليها من الشهر العقاري على ضوء الحكم النهائي الصادر ضده بل رفع الدعوى بالقدر جميعه متجاهلاً الحكم المذكور ولم يعدل طلباته"، فإن الحكم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه في هذا الخصوص بما يوجب نقضه.


[(1)] نقض 26/ 12/ 1957 مجموعة المكتب الفني السنة 8 ص 960.