أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 1315

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد صدقي العصار، ومحمود عثمان درويش.

(225)
الطعن 205 لسنة 39 ق

(1، 2) بيع "بعض أنواع البيوع". التزام "تنفيذ الالتزام".
(1) البيع "فوب". تنفيذ التزام البائع بالتسليم لا يتم إلا بشحن البضاعة على السفينة في ميناء القيام.
(2) تسليم البضاعة في البيع "فوب". لا محل لتحدي البائع بأن التسليم يحصل على النحو الذي يتفق مع طبيعة الشيء المبيع طبقاً لنص المادة 435/ 1 مدني.
(3) التزام "تنفيذ الالتزام". نقض "أسباب الطعن".
الادعاء بقيام حادث طارئ جعل تنفيذ الالتزام مرهقاً. دفاع يخالطه واقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(4) بيع "التزامات البائع". التزام "انقضاء الالتزام". عقد "فسخ العقد".
فسخ عقد البيع لإخلال البائع بالتزامه بتسليم المبيع. أثره. لا يجوز للبائع المطالبة بتكاليف إعداد المبيع للتسليم.
1 - متى كان التعاقد قد تم بين الطاعن - البائع - والشركة المطعون عليها الأولى - المشترية - على بيع كميات الفول السوداني F.O.B، وكان تنفيذ التزام البائع بالتسليم في البيع F.O.B لا يتم إلا بشحن البضاعة على السفينة في ميناء القيام، ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم ينفذ التزامه بشحن البضاعة على ظهر السفينة بالنسبة لما زاد على الخمسين طناً المسلمة، لأن الحجر الزراعي لم يصرح بتصديرها بسبب مخالفة الشروط التي يتطلبها، ومن ثم فليس للطاعن وقد ثبت عجزه عن شحن البضاعة أن يحتج قبل الشركة بأن العقد لم يتضمن نصاً على ما يشترطه الحجر الزراعي من ضرورة خلو البضاعة من بذرة القطن أو أن هناك تعسفاً من الحجر الزراعي في رفض التصريح بالتصدير.
2 - مقتضى بيع البضاعة .F.O.B أن تسليم البضاعة لا يتم إلا بشحنها على ظهر السفينة، ولا تغني عن ذلك مجرد إعدادها للشحن، ومن ثم فلا محل للتحدي من جانب البائع - بما تنص عليه المادة 435/ 1 من القانون المدني من أن التسليم يحصل على النحو الذي يتفق مع طبيعة الشيء المبيع.
3 - ادعاء - البائع - بأن عدم ترخيص الحجر الزراعي بشحن البضاعة يعد حادثاً طارئاً يجعل تنفيذ الالتزام مرهقاً، هو دفاع يخالطه واقع وإذ لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع، فلا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - متى كان الطاعن - البائع - قد أخل بالتزامه بتسليم البضاعة فيما عدا خمسين طناً، وقضى تبعاً بفسخ العقد فلا محل لأن يطالب الطاعن بالإبقاء على مقدم الثمن الذي استلمه بل يتعين عليه رده عملاً بما تقضي به المادة 160 من القانون المدني من أن الفسخ يعيد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فيرد كل منها ما تسلم بمقتضى العقد بعد أن تم فسخه، ولا يجوز للطاعن بالتالي أن يطالب بتكاليف إعداد البضاعة للتصدير وهو لم يقم بتسليمها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعة الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن شركة مصر للتجارة الخارجية - المطعون عليها الأولى - أقامت ضد الطاعن والبنك المطعون عليه الثاني الدعوى رقم 842 سنة 1961 تجاري الإسكندرية الابتدائية طلبت فيها الحكم بفسخ العقد المبرم في 25/ 12/ 1960 بينها وبين الطاعن وإلزام الأخير بأن يدفع لها تعويضاً قدره خمسة وعشرون ألف جنيه، وإلزامه والبنك المطعون عليه الثاني بأن يدفع لها مبلغ عشرة آلاف جنيه. وقالت بياناً لدعواها أنها بموجب عقد مؤرخ 25/ 12/ 1960 تعاقدت مع الطاعن على أن يبيع لها كمية من الفول السوداني المقشور للعصير قدرها ألف طن طبقاً للشروط والمواصفات المبينة بالعقد بسعر الطعن 68 جنيهاً (فوب) الإسكندرية للشحن إلى كوبا خلال المدة من شهرة يناير إلى شهر إبريل سنة 61 في المواعيد التي تحددها الشركة وعلى البواخر التي تعينها وتخطره بها، ولتمويل العملية سلمته الشركة شيكاً بمبلغ عشرة آلاف جنيه على البنك المطعون عليه الثاني بشرط أن يسلمها شهادة إيداع تفيد تخزين خمسين طعناً بمخازنه معدة للتصدير، غير أنه تبين للشركة أن الكمية التي أودعها الطاعن غير مطابقة للمواصفات التي تتطلبها رقابة الصادرات والحجر الزراعي وللشروط المتفق عليها وأن عبواتها جوالات مستعملة وغير صالحة للتصدير، فرفضت تسلمها، وإذ سلم البنك قيمة الشيك للطاعن مع أنه كان عليه أن يمتنع عن ذلك لعدم صلاحية هذه الرسالة للتصدير فإنه يكون مسئولاً بالتضامن مع الطاعن عن رد المبلغ المذكور إلى الشركة، هذا إلى أن الشركة أنذرت الطاعن بإعداد الكميات المتعاقد عليها ولكنه لم يقم بتنفيذ التزامه مما يخولها الحق في طلب فسخ العقد والتعويض الذي تقدره بمبلغ 25000 جنيه قيمة ما فاتها من كسب وما لحقها من ضرر أدبي بسبب عدم إتمام الصفقة. وأقام البنك دعوى فرعية طلب فيها إلزام الشركة بتسليم كمية الفول السوداني المودعة لديه لحسابها. ندبت المحكمة خبيراً زراعياً لمعاينة الفول السوداني المودع وبيان ما إذا كان صالحاً للتصدير وقت إيداعه ومدى تأثره من طول مدة الإيداع، وتحديد ما فات الشركة من كسب وما لحقها من خسارة بسبب عدم إتمام الصفقة وبعد أن قدم تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 2/ 3/ 1964 بفسخ العقد فيما زاد على الخمسين طناً المسلمة، وبإلزام الطاعن بأن يرد للشركة مبلغ 6600 جنيه وبأن يدفع لها تعويضاً قدره 4135 جنيهاً و200 مليم ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، وفي الدعوى الفرعية بإلزام الشركة بتسلم الفول السوداني المودع لحسابها لدى البنك. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 244 سنة 20 ق تجاري وبتاريخ 13/ 2/ 1969 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب، ينعى الطاعن بالسببين الأول والرابع منها وبالوجه الأول من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ويقول في بيان ذلك أن الحكم قضى بفسخ العقد فيما زاد على الخمسين طناً المسلمة وبإلزامه بتعويض قدره 4035 جنيهاً 200 مليماً على سند من أنه لم يتمكن من شحن كميات الفول السوداني التي أخطرته الشركة المطعون عليها الأولى بإعدادها وقدرها 807.40 طناً بسبب مخالفتها للشروط التي تتطلبها مراقبة الحجر الزراعي فيكون قد أخل بالتزامه المنصوص عليه في العقد وأنه لا دليل على ما ادعاه الطاعن من تعسف مراقبة الحجر الزراعي في رفض البضاعة في حين أن الطاعن قد تمسك في دفاعه بأنه أعد كميات من الفول السوداني للشحن في شهري فبراير ومايو سنة 1961 وقدم شهادة من إدارة الصادرات لإثبات ذلك ولكن مراقبة الحجر الزراعي رفضت التصدير لمجرد وجود حبات معدودة من بذرة القطن في كل جوال، غير أن الحكم المطعون فيه رفض ندب خبير لتحقيق هذا الدفاع ولم يبين وجه مخالفة الطاعن لشروط العقد، أما عن رفض مراقبة الحجر الزراعي للتصدير فإنه لم يرد في العقد ولا في قرار الاقتصاد الخاص بالرقابة على تصدير الفول السوداني أي نص على وجوب خلو البضاعة من البذرة المذكورة هذا إلى أنه يستفاد من خطاب الشركة المؤرخ 26/ 2/ 1961 الذي أرسلته إلى الطاعن أنها مقرة بأنه لم تحصل مخالفة لشروط التعاقد وأن مراقبة الحجر الزراعي تعسفت في رفض التصريح بالتصدير، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بفسخ العقد فيما زاد على الخمسين طناً المسلمة وإلزامه بالتعويض فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص قوله "أنه نص في عقد الاتفاق المؤرخ 25/ 12/ 1960 المحرر بين المستأنف - الطاعن - والشركة المستأنف عليها الأولى - المطعون عليها الأولى على أن تسلم الكمية (فوب) من الإسكندرية للشحن إلى كوبا خلال المدة من يناير إلى إبريل في المواعيد وعلى البواخر وبالكميات التي يحددها الطرف الأول ولما كان المستأنف لم يتمكن من شحن البضاعة لمخالفتها لشروط الحجر الزراعي وبذلك يكون المستأنف قد أخل بالتزامه بالتسليم بأن قدم بضاعة مخالفة للشروط سالفة الذكر، الأمر الذي حال دون شحنها، فيكون هو المسئول عن عدم الشحن ومن ثم يكون قد أخل بالتزامه المنصوص عليه في عقد الاتفاق المؤرخ 25/ 12/ 1960 وهو أن التسليم لا يتم إلا بشحن البضاعة على ظهر السفينة ولا يجديه نفعاً الاحتجاج بالشهادة المقدمة منه لأنه إن صح ما يدعيه من إعداد الكمية التي ذكرها فإنه قد أعدها مخالفة للشروط المتفق عليها والشروط الواجب توافرها حتى تصرح له مراقبة الحجر الزراعي بالشحن. ولا دليل على ما ادعاه المستأنف من تعسف المراقبة المذكورة، هذا فضلاً عن أن هذه الكمية لم تسلم الشركة باعتراف المستأنف نفسه، ولا يتم الالتزام بالتسليم إلا بتسليم البضاعة على ظهر السفينة كما سلف القول....... ومن ثم تكون الشركة غير مسئولة عن ثمن الكمية التي لم تتسلمها، ويكون الحكم المستأنف قد حالفه الصواب عندما احتسب ثمن الخمسين طناً المودعة في مخازن المستأنف عليه الثاني - البنك - فقط، ومتى انتهت المحكمة إلى ذلك فإنها لا ترى إجابة المستأنف إلى طلب ندب خبير لتحقيق دفاعه لأن هذا الدفاع لا يجديه نفعاً"، وكان مفاد ذلك أن التعاقد قد تم بين الطاعن والشركة المطعون عليها الأولى على بيع كميات الفول السوداني .F.O.B وكان تنفيذ التزام البائع بالتسليم في البيع .F.O.B لا يتم إلا بشحن البضاعة على السفينة في ميناء القيام ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم ينفذ التزامه بشحن البضاعة على ظهر السفينة بالنسبة لما زاد على الخمسين طناً المسلمة لأن الحجر الزراعي لم يصرح بتصديرها بسبب مخالفة الشروط التي يتطلبها، ومن ثم فليس للطاعن وقد ثبت عجزه عن شحن البضاعة أن يحتج قبل الشركة بأن العقد لم يتضمن نصاً على ما يشترطه الحجر الزراعي من ضرورة خلو البضاعة من بذرة القطن أو أن هناك تعسفاً من الحجر الزراعي في رفض التصريح بالتصدير، وإذا رتب الحكم المطعون فيه على ما انتهى إليه من إخلال الطاعن بتنفيذ التزامه بالتسليم قضاءه بفسخ العقد والتعويض، ورأى أنه طالما أن الطاعن قد عجز عن شحن البضاعة على ظهر السفينة لعدم توافر الشروط التي يوجبها الحجر الزراعي فلم يعد مجدياً إجابته إلى طلبه ندب خبير للتحقق من إعداده الكميات من تلك البضاعة لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، ويقول الطاعن في بيان ذلك أنه أعد البضاعة طبقاً للعقد ووضعها تحت تصرف الشركة المشترية على نحو جعلها في حيازتها فيكون التسليم قد تم حسب طبيعة البيع عملاً بما تقضي به المادة 435 من القانون المدني، وإذ قرر الحكم أن التسليم لا يتم إلا بشحن البضاعة على ظهر السفينة وهو أمر لم يحصل بسبب عدم موافقة الحجر الزراعي على التصدير، فإن الحكم يكون قد أهمل تطبيق ما توجبه المادة 150 من القانون المدني في تفسير العقود من بحث النية المشتركة للمتعاقدين والاستهداء بطبيعة التعامل والثقة بين الطرفين والعرف الجاري وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون، هذا إلى أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون من ناحية أخرى ذلك أنه وإن كان البيع F.O.B إلا أن رفض الحجر الزراعي تصدير البضاعة لوجود أربع حبات من بذرة القطن في الجوال هو من الظروف الطارئة التي لم يكن ممكناً توقعها عند التعاقد. فيعفى الطاعن من نتائجه، غير أن الحكم جعله مسئولاً عنها خلافاً لما تنص عليه المادة 147 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود بأن التعاقد تم على بيع البضاعة F.O.B. وذلك على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول مما يتعين معه تطبيق أحكام هذا النوع من البيوع البحرية ومقتضاها أن تسليم البضاعة لا يتم إلا بشحنها على ظهر السفينة ولا يغني عن ذلك مجرد إعدادها للشحن، ومن ثم فلا محل للتحدي بما تنص عليه المادة 435/ 1 من القانون المدني من أن التسليم يحصل على النحو الذي يتفق مع طبيعة الشيء المبيع، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله. والنعي مردود في شقه الثاني بأن الادعاء بأن عدم ترخيص الحجر الزراعي بشحن البضاعة يعد حادثاً طارئاً يجعل تنفيذ الالتزام مرهقاً هو دفاع يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع فلا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن مبنى النعي بالوجه الثاني من السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه قضى بإلزام الطاعن برد قيمة البضاعة التي تعذر شحنها وتبلغ 6600 جنيه في حين أن الشركة المطعون عليها الأولى دفعت له ذلك المبلغ كمقدم ثمن وسلمها الطاعن بضاعة تزيد قيمتها على المبلغ المذكور مما لا محل معه لإلزامه برده، هذا إلى أن إعداد البضاعة للتصدير كبده نفقات باهظة فكان على المحكمة أن تحملها للشركة وتستنزلها من الثمن، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف البيان أن الطاعن أخل بالتزامه بتسليم البضاعة فيما عدا خمسين طناً وقضى تبعاً بفسخ العقد فلا محل لأن يطالب الطاعن بالإبقاء على مقدم الثمن الذي استلمه بل يتعين عليه رده عملاً بما تقضي به المادة 160 من القانون المدني من أن الفسخ يعيد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فيرد كل منها ما تسلم بمقتضى العقد بعد أن تم فسخه، ولا يجوز للطاعن بالتالي أن يطالب بتكاليف إعداد البضاعة للتصدير وهو لم يقم بتسليمها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن برد الثمن الذي استلمه وقدره 10000 جنيهاً مخصوماً منه مبلغ 3400 جنيه ثمن الخمسين طناً المسلمة، فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه خطأ في الإسناد، ذلك أن الحكم قضى بإلزام الطاعن بالتعويض لمخالفة المواصفات المتفق عليها بالنسبة لكمية من البضاعة قدرها خمسون طناً، في حين أن الطاعن أعد هذه الكمية وأودعها مخازن البنك في 2/ 1/ 1961 فيعتبر التسليم قد تم في هذا التاريخ، يدل على ذلك أن الشركة المطعون عليها الأولى وافقت على أن يصرف له مبلغ عشرة آلاف جنيه، غير أنه تبين أنها تراخت في تصدير الكمية المذكورة فلم تعرضها على شركة المراجعة لفحصها إلا في 29/ 6/ 1961 أي بعد حوالي ستة أشهر من إعدادها للتصدير مما تسبب عنه فسادها لطول مدة التخزين، وهو أمر تسأل عنه الشركة، وإذ قرر الحكم المطعون فيه أن تسليم هذه الكمية قد تم في 29/ 6/ 1961 واعتبر الطاعن مسئولاً عن فسادها، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والخطأ في الإسناد.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسباب أورد قوله "أن المادة الثامنة من عقد الاتفاق قد أوجبت على المدعى عليه الأول - الطاعن - تقديم شهادة فحص وتحليل ووزن واستلام من شركة الشرق الأدنى للمراجعة.... ومفهوم ذلك أنه هو الملزم باستخراج المستندات المثبتة لصلاحية كميات الفول السوداني المبيعة للتصدير. كما أن طرفي التعاقد ارتضيا شركة الشرق الأدنى للمراجعة لفحص وتحليل ووزن واستلام الكميات التي يقوم المدعى عليه الأول بتسليمها وأن تكون هذه الشهادة حجية عليهما...... وأنه وإن كان المدعى عليه قام بإيداع خمسين طناً من الفول السوداني المبيع بمخازن المدعى عليه الثاني - البنك - بتاريخ 2/ 1/ 1961 كما يبين من شهادة الإيداع الصادرة من المدعى عليه الثاني إلا أنه لم يتقدم للشركة المدعية - المطعون عليها الأولى - بشهادة الفحص والتحليل والوزن والاستلام من شركة الشرق الأدنى للمراجعة كما ألزمته بذلك المادة الثامنة من عقد الاتفاق المؤرخ 25/ 12/ 1960 أو الشهادات والمستندات الأخرى المنصوص عليها في تلك المادة حتى يمكنه أن يحتج على الشركة المدعية بحالة البضاعة وقت إيداعها ومن ثم يكون مسئولاً عن بقاء هذه البضاعة بالمخازن في الفترة من تاريخ إيداعها حتى تاريخ فحصها في 29/ 6/ 1961 وهو الفحص الذي طلبته الشركة المدعية دون أن يلزمها عقد الاتفاق بذلك ويكون تسليم هذه الكمية قد تم في هذا التاريخ وبالحالة التي وصفت بها وفي تقرير الفحص المقدم من شركة الشرق الأدنى والتي ارتضاها الطرفان للمعاينة وفحص البضاعة"، ويبين من ذلك أن الحكم استخلص من نصوص العقد المبرم بين المطعون عليها الأولى والطاعن أنهما قد ارتضيا شركة الشرق الأدنى للمراجعة خبيراً يتولى فحص البضاعة عند إيداعها وتكون الشهادة الصادرة منها حجة عليهما في هذا الخصوص وأن الطاعن هو الذي يتقدم بهذه الشهادة حتى يمكنه أن يحتج على المطعون عليها الأولى بحالة البضاعة وقت إيداعها ولما كان الثابت أن الطاعن قد أودع في 2/ 1/ 1961 خمسين طناً من الفول السوداني بمخازن البنك المطعون عليه الثاني دون أن يقدم للمطعون عليها الأولى في تاريخ الإيداع شهادة الفحص المذكورة وتراخى في ذلك حتى طلبت المطعون عليها الأولى من شركة المراجعة فحص هذه الكمية فقامت به في 29/ 6/ 1961، وتبين من شهادة الفحص أن الكمية المذكورة مخالفة للمواصفات المتفق عليها، وإذ اعتبر الحكم أن الطاعن مسئول عن بقاء البضاعة بالمخازن في الفترة من تاريخ إيداعها حتى فحصها وإنها سلمت بالحالة التي وصف بها في شهادة الفحص ورتب على ذلك إلزام الطاعن بتعويض قدره مائة جنيه عنها فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.