أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 1373

جلسة 9 من ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمود العمراوي وعضوية السادة المستشارين: أحمد فتحي مرسي، ومصطفى سليم، ودكتور مصطفى كيرة، وأحمد سيف الدين سابق.

(233)
الطعن رقم 297 لسنة 38 القضائية

(1) ارتفاق.
تكييف قاضي الموضوع لحق الركوب على عقار مجاور بأنه حق ارتقاق. القضاء بانتهاء هذا الحق يهدم العقار المرتفق به. لا خطأ.
(2 و3) ملكية. محكمة الموضوع. تقادم "تقادم مسقط".
(2) استقلال محكمة الموضوع بتقدير حسن نية الباني في أرض الغير أو سوء نيته متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
(3) انتهاء الحكم إلى أن علم المطعون ضدها بإقامة المباني علي أرضها بدأ من تاريخ رفعها دعوى إثبات الحالة. احتسابه ميعاد السنة لرفع دعوى الإزالة من ذلك التاريخ. كفاية ذلك لحمل قضائه. تزيده في شأن اعتبار دعوى إثبات الحالة قاطعة لتقادم مدة السنة. لا يعيبه.
1 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى مصدر حق الطاعن محل النزاع بقوله إن منشأ هذا الحق هو عقد شرائه للعقار المجاور وقد نص فيه على حق الركوب وانتهى في تكييفه لهذا الحق من واقع مصدره ومن العقد الصادر من وزارة الأوقاف التي تنظرت على الوقف المشمول بحراسة المطعون ضدها في إحدى الفترات وما صرحت به هيئة التصرفات بمحكمة مصر الابتدائية الشرعية من إجراء فتحتين في حوائط الدكان وفتح ثقب في سقفه ليتمكن المستأجر من سلف الطاعن من الوصول إلى شقته بالملك المحاور إلى أنه حق ارتفاق مستنداً إلى مبررات ساقها ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ورتب على ذلك انتهاء حق الارتفاق بهدم العقار الخادم طبقاً للمادة 1026 من القانون المدني، وما قاله الحكم من ذلك صحيح ولا مخالفة فيه للقانون ذلك أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في تعريف حقيقة الدعوى من وقائعها ومن الأدلة المقدمة إليه فيها كما أن له تلك السلطة في تفسير المشارطات والعقود وسائر المحررات علي حسب ما يراه أدنى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدياً في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خلص في حدود سلطة المحكمة الموضوعية إلى تكييف ذلك الحق بأنه حق ارتفاق لا يتصور وجوده بغير العقار المرتفق، فإنه لا يكون قد خالف القانون، ولا محل بعد ذلك للحديث عن الملكية المشتركة أو ملكية الطبقات ويكون النعي - على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وتأويله - على غير أساس إذ لا يعدو أن يكون مجرد جدل في حق المحكمة في تفسير المشارطات والعقود.
2 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفاع الطاعن بحسن نيته في جميع الصور وانتهى إلى أنه قد قام عامداً بهدم عقار المطعون ضدها دون مسوغ وأقام بناءه على أرض ذلك العقار المملوكة لغيره، ودلل سائغاً على علم الطاعن بإقامة البناء على ملك الغير وسوء نيته فيما أقدم عليه، وكان أمر العلم بإقامة البناء وثبوت حسن نية من أقامه أو سوء نيته مما تستقل به محكمة الموضوع بلا معقب عليها من محكمة النقض ما دامت قد أقامت قضاءها فيه على أسباب سائغة تكفي لحمله فإن النعي على الحكم المطعون بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه يكون في غير محله.
3 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن علم المطعون ضدها بإقامة المباني على أرضها بدأ من تاريخ رفعها لدعوى إثبات الحالة في 11، 20 من إبريل سنة 1960 وأنها رفعت الدعوى الحالية بطلب الإزالة في ديسمبر سنة 1960 أي أن ميعاد السنة لم يكن قد انقضى فإن ذلك يكفي لحمل قضائه دون ما حاجة إلى ما تطرق إليه تزيداً منه في شأن اعتبار دعوى إثبات الحالة قاطعة لتقادم مدة السنة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى بصفتها حارسة على وقف... وحرمه رفعت الدعوى 112 لسنة 1961 مدني كلي القاهرة على الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والثالث طالبة الحكم بإزالة المباني المملوكة لأولهم فوق ملك الوقوف المشمول بحراستها إزالة تامة تحولها الانتفاع بملكها والعلو به وإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ ألفي جنيه على سبيل التعويض والمصروفات استناداً إلى أن الوقف الذي تمثله يمتلك الأرض المقام عليها البناء المطلوب إزالته والتي كان مقاماً عليها دكان مؤجر للمطعون ضدهما الثاني والثالث ومقرر عليه حق ركوب للملك المجاور له المملوك للطاعن ولكن هذا الأخير متواطئاً مع المستأجرين هدم الدكان المذكور عند هدم منزله المقرر له حق الركوب، وأقام في أرض العقارين بناء واحداً مما يجوز لها طلب الحكم بطلباتها سالفة الذكر. وبتاريخ 27 من مارس سنة 1967 حكمت المحكمة أولاً بإزالة المباني التي أقامها المدعى عليه الأول (الطاعن) على عين النزاع المملوكة لوقف.... وحرمه والمشمولة بحراسة المدعية والموضحة بصحيفة الدعوى وبتقرير الخبير المقدم بتاريخ 11 من يناير سنة 1966 ثانياً بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعية مبلغ 1489 جنيهاً والمصاريف المناسبة، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 1145 لسنة 84 قضائية القاهرة طالباً إلغاءه ورفض الدعوى وبتاريخ 4 من إبريل سنة 1968 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، فطعن الطاعن في حكمها بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بطلب رفض الطعن وقد عرض على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسببين الأول والثاني وأنه كيف حق ملكيته بالركوب على دكان المطعون ضدها بأنه حق ارتفاق ورتب على ذلك انتهاؤه بهلاك العقار المرتفق به وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون وتأويله لأن حق الطاعن هو حق ملكية مؤبد لا يزول بعدم الاستعمال ويمكن تصور وجوده دون أن يكون لصاحبه عقار ملاصق للعقار المقرر عليه وبالتالي فهو شريك في ملكية أرض الوقف وملكية أجزاء العقار المعدة للاستعمال المشترك بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن الحكم المطعون فيه قد عرض إلى مصدر حق الطاعن محل النزاع بقوله إن منشأ هذا الحق هو عقد شرائه للعقار المجاور وقد نص على حق الركوب وانتهى في تكييفه لهذا الحق من واقع مصدره ومن العقد الصادر من وزارة الأوقاف التي تنظرت على الوقف المشمول بحراسة المطعون ضدها في إحدى الفترات وما صرحت به هيئة التصرفات بمحكمة مصر الابتدائية الشرعية من إجراء فتحتين في حوائط الدكان وفتح ثقب في سقفه ليتمكن المستأجر من سلف الطاعن من الوصول إلى شقته بالملك المجاور إلى أنه حق ارتفاق مستنداً إلى مبررات ساقها ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ورتب على ذلك انتهاء حق الارتفاق بهدم العقار الخادم طبقاً للمادة 1026 من القانون المدني، وما قاله الحكم من ذلك صحيح ولا مخالفة فيه للقانون ذلك أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في تعرف حقيقة الدعوى من وقائعها من الأدلة المقدمة إليه فيها كما أن له تلك السلطة في تفسير المشارطات والعقود وسائر المحررات على حسب ما يراه أدنى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدياً في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في حدود سلطة المحكمة الموضوعية إلى تكييف ذلك الحق بأنه حق ارتفاق لا يتصور وجوده بغير العقار المرتفق فإنه لا يكون قد خالف القانون، ولا محل بعد ذلك للحديث عن الملكية المشتركة أو ملكية الطبقات ويكون هذا النعي على غير أساس إذ لا يعدو
أن يكون مجرد جدل في حق المحكمة في تفسير المشارطات والعقود.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث أنه أسند إليه على خلاف الثابت في الأوراق أنه لا يجادل في الملكية المشتركة بينه وبين المطعون ضدها حين أنه نازع في ذلك في أسباب الاستئناف بما يعيب الحكم بالخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن البين من الحكم المطعون فيه أنه لم ينف عن الطاعن مجادلته بشيوع الملكية بينه وبين المطعون ضدها وتمسكه بذلك في أسباب الاستئناف وأطرح هذا الدفاع استناداً إلى أن الطاعن ما كان ليفكر في أن يكون له حق في البناء علي ملك المطعون ضدها بدلالة اختلاف الرسم في الترخيص الذي طلبه بالبناء قاصراً على ملكه عما أقيم فعلاً من مبان تجاوز بها إلى ملك الوقف المجاور مما يدحض ادعاءه بشيوع الملكية بينه وبين المطعون ضدها وهو رد سائغ ولا مخالفة فيه للثابت في الأوراق طالما أن الطاعن لا يجادل في الاختلاف القائم في الرسم المقدم منه عن البناء ومغايرته لما تم تنفيذه بالفعل.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسببين الرابع والخامس أنه استدل على سوء نيته بمجرد قيامه بالبناء في ملك المطعون ضدها وهو عالم بملكيتها مع أن له حق ركوب وعلو على عقارها يجعله شريكاً على الشيوع في ملكية الأرض المقام عليها بما يتيح له الاعتقاد بحسن نية بأن له الحق في إقامة تلك المباني باعتباره مالكاً على الشيوع أو معاملته على أساس أنه قد جار بحسن نية على أرض غيره عند البناء، وأن الحكم أخيراً اعتد بدعوى إثبات الحالة واعتبرها قاطعة لسقوط حق المطعون ضدها في طلب الإزالة بمرور أكثر من سنة وهو من الحكم المطعون فيه مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن الحكم المطعون فيه قد أطرح دفاع الطاعن بحسن نيته في جميع الصور وانتهى إلى أنه قد قام عامداً بهدم عقار المطعون ضدها دون مسوغ وأقام بناءه على أرض ذلك العقار المملوكة لغيره وكان بين ما قاله لحمل هذا القضاء أن ثمة وقائع مادية لا يمكن الممارأة في صحتها وليس في إمكان المستأنف إنكارها فقد استبان من التقارير الثلاثة للخبراء في دعوى إثبات الحالة ودعوى فسخ عقد الإيجار ثم دعوى الإزالة المستأنف حكمها أن المستأنف حين شرع في هدم العقار الذي اشتراه لم يقتصر على مبانيه المملوكة له بل تعدى على العقار المشمول بحراسة المستأنف عليها واجتثه من أساسه وجعله أثراً بعد عين ثم هو حين عمد إلى إقامة البناء من جديد دخل عقار الوقف ضمن مباني عمارته بحيث أصبحاً معاً عقاراً واحداً وهيكلاً متكاملاً لا يظهر منه الكيان المستقل لعقار الوقف وما قاله الحكم في ذلك سديداً ولا مخالفة فيه للقانون ويكفي لحمل قضائه إذ دلل سائغاً على علم الطاعن بإقامته البناء على ملك الغير وسوء نيته فيما أقدم عليه، لما كان ذلك وكان أمر العلم بإقامته البناء وثبوت حسن نية من أقامه أو سوء نيته مما تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيه بلا معقب عليها من محكمة النقض ما دامت قد أقامت قضاءها فيه على أسباب سائغة تكفى لحمله وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن علم المطعون ضدها بإقامته المباني بدأ من تاريخ رفعها لدعوى إثبات الحالة في 11 و20 من إبريل سنة 1960 وأنها رفعت الدعوى الحالية بطلب الإزالة في ديسمبر سنة 1960 أي ميعاد السنة لم يكن قد انقضى، وهو ما يكفي لحمل قضائه دون ما حاجة إلى ما تطرق إليه تزيداً منه في شأن اعتبار دعوى إثبات الحالة قاطعة لتقادم مدة السنة فإن هذا النعي يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعين الرفض.