أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 769

جلسة 13 من مايو سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وأمين أحمد فتح الله، وإبراهيم الديواني، وعبد العليم الدهشان.

(122)
الطعن رقم 221 لسنة 35 القضائية

( أ ) حجز "حجز ما للمدين لدى الغير". "دعوى صحة الحجز". اختصاص. دعوى.
توقيع الحجز ما للمدين لدى الغير بأمر من القاضي. وجوب رفع الدعوى بطلب ثبوت الحق الذي وقع الحجز بموجبه وبصحة إجراءات الحجز معاً. رفع دعوى ثبوت الحق قبل الحجز. وجوب رفع دعوى صحة الحجز أمام المحكمة التي رفعت إليها دعوى ثبوت الحق.
(ب) أحوال شخصية. ولاية على المال. "تصديق المجلس الحسبي على الحساب". حكم. "حجية الحكم".
تصديق المجلس الحسبي على الحساب ليس حكماً حائزاً لحجية الأمر المقضي. لا يمنع من الطعن في صحة هذا الحساب أمام المحكمة المدنية.
(ج) خبرة. "مناقشة الخبير". محكمة الموضوع.
مناقشة الخبير المنتدب في الدعوى وتعيين خبير آخر أو ثلاثة خبراء آخرين. جوازي لمحكمة الموضوع متروك لمطلق تقديرها.
(د) وارث. "حق الوارث في التركة". التزام. "انقضاء الالتزام". "اتحاد الذمة".
حين يرث الدائن المدين لا يرث الدين الذي على التركة ولو كان هو الوارث الوحيد للمدين. عدم انقضاء الدين باتحاد الذمة بالنسبة لنصيبه الميراثي.
1 - مفاد نص المادة 552 من قانون المرافعات السابق أنه في الحالة التي يكون فيها حجز ما للمدين لدى الغير بأمر من القاضي فإنه يتعين أن ترفع الدعوى بطلب ثبوت الحق الذي وقع الحجز بموجبه وبطلب صحة إجراءات الحجز معاً وذلك حتى يحصل الحاجز على سند تنفيذي بحقه، إما إذا كانت دعوى ثبوت الحق المحجوز من أجله مرفوعة أمام القضاء قبل الحجز فإن دعوى صحة الحجز ترفع في هذه الحالة أمام المحكمة التي رفعت إليها دعوى ثبوت الحق حتى لا تتعدد الدعاوى الناشئة عن المطالبة بحق واحد.
2 - تصديق المجلس الحسبي على الحساب لا يعد - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - حكماً حائزاً لحجية الأمر المقضي ولا يمنع ذوي الشأن من الطعن في صحة هذا الحساب أمام المحكمة المدنية.
3 - ليس في نص المادة 243 من قانون المرافعات السابق ما يلزم المحكمة بمناقشة الخبير الذي عينته في الدعوى بل أن الأمر في إجراء هذه المناقشة جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها فإن رأت في تقرير الخبير ما يغني عن إجراء هذه المناقشة فهذا حقها لا معقب عليها فيه، والأمر كذلك بالنسبة لما نصت عليه المادة 244 من قانون المرافعات السابق من تعيين خبير آخر أو ثلاثة خبراء آخرين فتلك رخصة أخرى منحها المشرع للمحكمة فلا يعاب عليها عدم استعمالها.
4 - مؤدى أحكام الشريعة الإسلامية التي تحكم الميراث هو أنه حين يرث الدائن المدين فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يرث الدين الذي على التركة حتى ولو كان هو الوارث الوحيد للمدين لما هو مقرر في الشريعة من أنه لا تركة إلا بعد سداد الديون مما مقتضاه أن تبقى التركة منفصلة عن مال الدائن حتى تسدد الديون التي عليها ومن بينها دينها له وبعد ذلك يرث الدائن وحده أو مع غيره من الورثة ما يتبقى من التركة فلا ينقضي دينه بإتحاد الذمة بالنسبة لنصيبه الميراثي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1679 سنة 1954 مدني كلي القاهرة ضد المرحوم محمود أحمد عابدين مورث الطاعنتين بصحيفة معلنة في 13/ 3/ 1954 قال فيها أن مورثهما عين قيماً على أخيهم المحجور عليه مصطفى أحمد عابدين وكان يقوم بإدارة أطيانه البالغ مساحتها 29 ف 19 ط 13 س حال حياته واستمر يضع اليد عليها إلى ما بعد وفاة المحجور عليه في 3/ 1/ 1943 وإذ انحصر إرث المحجور عليه في إخوته وهو من بينهم، ولم يقدم القيم حساباً عن إدارته لهذه الأطيان عن سنتي 1941 و1942 وعن المدة التالية لوفاة المحجور عليه حتى رفع الدعوى، فقد أقام دعواه يطلب فيها الحكم بإلزامه بتقديم هذا الحساب مؤيداً بالمستندات والحكم عليه بنتيجته. وعجل المطعون عليه الدعوى ضد الطاعنتين بعد الحكم بانقطاع سير الخصومة لوفاة مورثهما وطلب الحكم بإلزامهما بتقديم الحساب عن المدة من سنة 1941 حتى وفاة مورثهما في يونيه سنة 1954 والحكم عليهما من تركته بنتيجة الحساب. وبتاريخ 28/ 3/ 1955 تقدم المطعون عليه إلى رئيس محكمة القاهرة الابتدائية بعريضة طلب فيها تقدير دينه على تركة مورث الطاعنتين تقديراً مؤقتاً بمبلغ 3003 ج و542 م والإذن له بتوقيع الحجز تحت يد الطاعنة الأولى بصفتها حارسة على هذه التركة مقابل هذا المبلغ وتحديد جلسة للحكم بإلزام التركة بنتيجة الحساب وبصحة الحجز، وصدر الأمر بتقدير الدين مؤقتاً بمبلغ 1200 ج وتوقيع الحجز، وقام المطعون عليه بإعلان الطاعنتين بطلباته الموضوعية وقيدت الدعوى رقم 1810 سنة 1955 مدني كلي القاهرة. وبعد أن قررت المحكمة ضم الدعوى الأولى إلى الدعوى الثانية ليصدر فيهما حكم واحد، حكمت بتاريخ 29/ 5/ 1957 بإلزام الطاعنتين بتقديم الحساب المطلوب، وبجلسة 1/ 1/ 1958 قرر المطعون عليه بتنازله عن دعوى الحساب رقم 1679 سنة 1954 مدني كلي القاهرة لعدم تقديمه وصمم على طلباته في الدعوى الأخرى رقم 1810 سنة 1955 مدني كلي القاهرة باعتبارها مطالبة بريع عن نصيبه في الحصة التي ورثها عن أخيه المرحوم مصطفى أحمد عابدين في المدة من سنة 1941 حتى تاريخ وفاة مورث الطاعنتين في يونيه سنة 1954 وطلب ندب خبير لمعاينة الأطيان وتقدير ريعها في هذه المدة. وبتاريخ 29/ 1/ 1958 حكمت المحكمة بإثبات تنازل المطعون عليه عن الدعوى رقم 1679 سنة 1954 مدني كلي القاهرة وحكمت في الدعوى رقم 1810 سنة 1955 مدني كلي القاهرة بندب مكتب الخبراء بوزارة العدل لتقدير ريع الأعيان موضوع النزاع من سنة 1941 حتى وفاة مورث الطاعنتين في سنة 1954 وبيان نصيب المطعون عليه في صافي الريع عن تلك المدة. وبعد أن قدم الخبير تقريره عدل المطعون عليه طلباته إلى الحكم بإلزام الطاعنتين بأن تدفعا له من تركة مورثهما مبلغ 3003 ج و542 م وفوائده مع صحة الحجز الموقع تحت يد الطاعنة الأولى. دفعت الطاعنتان بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن التنازل عن دعوى الحساب يتضمن التنازل عن دعوى صحة الحجز، كما وجهتا عدة اعتراضات إلى تقرير الخبير. وبتاريخ 30/ 11/ 1961 حكمت المحكمة برفض الدفع وإعادة المأمورية إلى مكتب الخبراء لفحص اعتراضات الطاعنتين. وبعد أن قدم الخبير تقريره الثاني وبتاريخ 23/ 1/ 1964 حكمت المحكمة بإلزام بالطاعنتين بأن تدفعا إلى المطعون عليه من تركة مورثهما مبلغ 2061 ج و819 م. استأنفت الطاعنتان هذا الحكم بالاستئناف رقم 625 سنة 81 ق القاهرة. وبتاريخ 31/ 1/ 1965 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعى الطاعنتان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقولان إن الحكم المطعون فيه أيد بالحكم الابتدائي الصادر في 30/ 11/ 1961 الذي قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى رقم 1810 سنة 1955 مدني كلي القاهرة، هذا في حين أن هذه الدعوى رفعت بطلب صحة الحجز تبعاً لدعوى الحساب رقم 1679 سنة 1954 مدني كلي القاهرة التي كانت مرفوعة من قبل أمام ذات المحكمة وذلك تطبيقاً لنص المادة 552 فقرة 2 من قانون المرافعات التي تقضي بأنه إذا كانت دعوى الدين مرفوعة من قبل أمام محكمة أخرى قدمت دعوى صحة الحجز إلى نفس المحكمة للنظر فيهما معاً، وهذا ما جعل محكمة أول درجة تصدر قرارها بضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، وإذ تنازل المطعون عليه عن دعوى الحساب الموضوعية فإن هذا يعد تنازلاً منه عن دعواه التابعة بطلب صحة الحجز مما يجعلها غير مقبولة. ولا وجه لما ذهب إليه الحكم رداً على الدفع من أن إضافة طلب الريع في دعوى صحة الحجز يتضمن تعديلاً للطلبات، إذ أن هذا التعديل لا يرد على محل بعد زوال هذه الدعوى تبعاً للتنازل عن دعوى الحساب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 30/ 11/ 1961 والذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في الرد على الدفع بعدم القبول قد قرر في هذا الخصوص ما يلي "إن الثابت من الأوراق أن الدعوى رقم 1679 سنة 1954 كلي مصر أقيمت بطلب الإلزام بتقديم الحساب والحكم بنتيجته وأن الدعوى الثانية رقم 1810 سنة 1955 كلي مصر طلب فيها الحكم بنتيجة الحساب وتثبيت الحجز التحفظي وأن ما قرره المدعي - المطعون عليه - في مواجهة المدعى عليهما - الطاعنتين - من أنه تنازل عن دعوى الحساب أيضاً ويصمم على طلباته في الدعوى الأخرى باعتبارها دعوى ريع، يتضمن تعديلاً لطلباته في الدعويين بعد ضمهما بتنازله عن طلب تقديم الحساب لقعود المدعى عليهما عن تقديمه، ووجه لهما في ذات الوقت وفي مواجهتهما بدلاً من الحكم عليهما بنتيجة الحساب طلباً آخر هو إلزامهما بحصته في الريع من باقي الطلبات. ولما كان ذلك التعديل جائزاً قانوناً باعتباره طلباً عارضاً عملاً بالمادة 151/ 1 مرافعات وقد تم في مواجهة المدعى عليهما فإن الدفع يكون في غير محله ويتعين رفضه". ولما كانت المادة 552 من قانون المرافعات السابق قد نصت على أنه "في الأحوال التي يكون فيها الحجز بأمر من قاضي الأمور الوقتية يجب أن تشتمل ورقة إبلاغ الحجز أو إعلانه إلى المحجوز عليه على تكليفه بالحضور أمام المحكمة التي يتبعها لسماع الحكم عليه بثبوت الدين المحجوز من أجله وصحة إجراءات الحجز وإلا اعتبر الحجز كأن لم يكن. وإذا كانت دعوى الدين مرفوعة من قبل أمام محكمة أخرى قدمت دعوى صحة الحجز إلى نفس المحكمة لتنظر فيهما معاً"، فإن مفاد هذه المادة أنها قررت في فقرتها الأولى أنه في الحالة التي يكون فيها حجز ما للمدين لدى الغير بأمر من القاضي فإنه يتعين أن ترفع الدعوى بطلب ثبوت الحق الذي وقع الحجز بموجبه وبطلب صحة إجراءات الحجز معاً وذلك حتى يحصل الحاجز على سند تنفيذي بحقه، أما إذا كانت دعوى ثبوت الحق المحجوز من أجله مرفوعة أمام القضاء قبل الحجز فإن دعوى صحة الحجز ترفع في هذه الحالة أمام المحكمة التي رفعت إليها دعوى ثبوت الحق حتى لا تتعدد الدعاوى الناشئة عن المطالبة بحق واحد. ولما كان الثابت من الحكم الابتدائي المشار إليه أن الدعوى رقم 1810 سنة 1955 كلي القاهرة رفعت بطلب صحة إجراءات الحجز ويطلب الحكم على الطاعنتين نتيجة الحساب الذي يظهر في ذمة مورثهما مما مؤداه أن هذه الدعوى قد رفعت بطلبي ثبوت الحق وصحة الحجز معاً طبقاً للمادة 552/ 1 من قانون المرافعات السابق ولم ترفع بطلب صحة الحجز فقط تبعاً لدعوى الحساب رقم 1679 سنة 1954 كلي القاهرة على نحو ما تقضي به المادة 552/ 2 المشار إليها، وإذ اقترن تنازل المطعون عليه عن دعوى الحساب المشار إليها - حسبما يبين مما أورده الحكم الابتدائي المشار إليه على النحو السالف بيانه - بتصميم المطعون عليه على طلباته في الدعوى رقم 1810 سنة 1955 باعتبارها دعوى ريع، فإنه سواء اعتبرت طلبات المطعون عليه الأخيرة في هذه الدعوى معدلة لطلباته السابقة على ما ذهب إلى ذلك الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه، أم غير معدلة لها فإنها وقد تعلقت بالحق الموضوعي أسوة بطلباته السابقة فلا يستتبع التنازل عن دعوى الحساب رقم 1679 سنة 1954 مدني كلي القاهرة التنازل عن الدعوى رقم 1810 سنة 1955 مدني كلي القاهرة. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة ورتب عليها قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني قصور الحكم المطعون فيه في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنتان أنهما تمسكتا أمام محكمة الموضوع بوقف الدعوى لوجود نزاع في ملكية القدر الذي ورثه المطعون عليه في تركة أخيه المحجور عليه مصطفى أحمد عابدين، إذ يدعي المطعون عليه أن نصيبه فيها 8 ف و12 ط و11 س في حين أن نصيبه 6 ف و14 ط، ولكن الحكم المطعون فيه لم يلتفت إلى هذا الدفاع الجوهري.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أخذ بالنتيجة التي انتهى إليها خبير الدعوى لسلامة الأسباب التي بنى عليها تقريره، وكان الثابت من هذا التقرير وملحقه أن الخبير رد على منازعة الطاعنتين بشأن مقدار نصيب المطعون عليه في تركة أخيه المحجور عليه مصطفى أحمد عابدين بأنه تبين له من الاطلاع على محضر جرد هذه التركة أنه ترك 29 ف و19 ط و13 س وأن طرفي الخصومة قررا أن نصيب المطعون عليه فيها هو السبعان فيكون مقدار ما يخصه هو 8 ف و12 ط و11 س، وإذ يعتبر هذا التقرير في نتيجته وأسبابه جزءاً مكملاً لأسباب الحكم، وكانت هذه الأسباب تكفي الرد على دفاع الطاعنتين في هذا الخصوص، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الرابع يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول الطاعنتان أنهما طعنتا على تقرير الخبير بالنسبة للريع المطلوب عن سنتي 1941 و1942 بأنه يقدر بمبلغ 101 ج و761 م يخص المطعون عليه فيه مبلغ 29 ج و74 م وذلك استناداً إلى ما ورد في كشوف الحساب التي قدمها مورث الطاعنتين في الدعوى الخاصة بقوامته على أخيه المحجور عليه حسين أحمد عابدين والتي اعتمدها المجلس الحسبي في تلك الدعوى، كما طعنتا بالنسبة للريع عن الفترة من سنة 1943 حتى سنة 1950 بأنه كان يتعين على الخبير أن يرجع في تقديره إلى تقارير الخبراء في الدعوى الخاصة بالمحجور عليه حسين أحمد عابدين والتي اعتمدتها محكمة الأحوال الشخصية، وطعنتا بالنسبة للريع عن الفترة من سنة 1951 إلى سنة 1954 بأنه قد صدر حكم ضد المستأجرين للأرض موضوع النزاع في الدعوى رقم 3689 سنة 1953 مدني كلي القاهرة وقد نفذ المطعون عليه هذا الحكم عن نصيبه في تلك الفترة وأقر بذلك محاضر أعمال الخبير مما كان يتعين معه استبعاد هذا المبلغ من الحساب، غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذه الاعتراضات واعتمد تقرير الخبير وقضى على الطاعنتين بالريع عن المدة من سنة 1951 إلى سنة 1954 وهو ما يعيبه بالقصور ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان تصديق المجلس الحسبي على الحساب لا يعد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حكماً حائزاً لحجية الأمر المقضي ولا يمنع ذوي الشأن من الطعن في صحة هذا الحساب أمام المحاكم المدنية، فإنه لا شأن للمطعون عليه بكشوف الحساب التي قدمها مورث الطاعنتين عن سنتي 1941، 1942 واعتمدها المجلس الحسبي في الدعوى الخاصة بالمحجور عليه حسين أحمد عابدين. لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير خبير الدعوى أو عند تقديره للريع في الفترة من سنة 1943 إلى سنة 1950 لم يأخذ بتقارير الخبراء المقدمة في الدعوى الخاصة بالمحجور عليه حسين أحمد عابدين وإنما قدره طبقاً لطبيعة الأرض ودرجة خصوبتها والظروف الاقتصادية في السنوات المختلفة وعقود الإيجار المقدمة وشهادة الشهود بالنسبة للفئة الإيجارية، وكان الحكم المطعون فيه قد رأى في حدود سلطته التقديرية الأخذ بتقرير الخبير في هذا الخصوص لاقتناعه بسلامة أسبابه والأسس التي قامت عليها فصارت هذه الأسباب جزءاً متمماً للحكم، وكان غير صحيح ما تدعيه الطاعنتان من أن المطعون عليه أقر في محاضر أعمال الخبير بأنه نفذ الحكم رقم 3689 سنة 1953 مدني كلي القاهرة وحصل على نصيبه في الريع في الفترة من سنة 1951 إلى سنة 1954 إذ يبين من الرجوع إلى هذه المحاضر المرفقة بالتقرير الأول أن الخبير أثبت في صفحة 29 منه أن المطعون عليه قدم له الحكم رقم 3689 سنة 1953 مدني كلي القاهرة واستئنافه رقم 1143 سنة 73 ق القاهرة وأنه قرر أن المستأجرين لم يدفعوا له المبلغ المحكوم به قدم المطعون عليه مذكرة للخبير مؤرخة 3/ 7/ 1962 مرفقة بملحق التقرير رد فيها على اعتراض الطاعنتين في هذا الخصوص وقرر أنه لم ينفذ هذا الحكم. لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى السبب الثالث قصور الحكم المطعون فيه في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنتان أنهما تمسكتا أمام محكمة الموضوع بطلب ندب خبيرين آخرين أحدهما حسابي والآخر زراعي لتقدير الريع بعد الاطلاع على تقارير الخبراء المقدمة في قضية حجز كلي من مصطفى أحمد عابدين وحسين أحمد عابدين أو استدعاء الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة لمناقشته، ولكن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع الجوهري.
وحيث إن هذا النعي مردود، بأن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه ليس في نص المادة 243 من قانون المرافعات السابق ما يلزم المحكمة بمناقشة الخبير الذي عينته في الدعوى بل إن الأمر في إجراء هذه المناقشة جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها فإن رأت في تقرير الخبير ما يغني عن إجراء هذه المناقشة فهذا حقها الذي لا معقب عليها فيه، والأمر كذلك بالنسبة لما نصت عليه المادة 244 من قانون المرافعات السابق من تعيين خبير آخر أو ثلاثة خبراء آخرين فتلك رخصة أخرى منحها المشرع للمحكمة فلا يعاب عليها عدم استعمالها. ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد اطمأنت إلى تقرير الخبير الذي ندبته ووجدت فيه وفي أوراق الدعوى وعناصرها الأخرى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها، مما مفاده أنها لم تر لزوماً لمناقشة هذا الخبير أو تعيين خبيراً آخر في الدعوى، فإن النعي على الحكم بالقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الخامس خطأ الحكم المطعون فيه تطبيق القانون، وتقول الطاعنتان في بيان ذلك أن المطعون عليه لم يختصم نفسه ضمن ورثة أخيه المرحوم محمود أحمد عابدين الذي رفعت عليه الدعوى أصلاً وذلك حتى يتحمل بنصيبه في الدين الذي يطالب به التركة مما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مؤدى أحكام الشريعة الإسلامية التي تحكم الميراث هو أنه حين يرث الدائن المدين فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يرث الدين الذي على التركة حتى ولو كان هو الوارث الوحيد للمدين لما هو مقرر في الشريعة من أنه لا تركة إلا بعد سداد الديون مما مقتضاه أن تبقى التركة منفصلة عن مال الدائن حتى تسدد الديون التي عليها ومن بينها دينها له وبعد ذلك يرث الدائن وحده أو مع غيره من الورثة ما يتبقى من التركة فلا ينقضي دينه باتحاد الذمة بالنسبة لنصيبه الميراثي. لما كان ذلك وكان المطعون عليه يطالب بدين له على تركة المرحوم محمود أحمد عابدين فإنه لا ضرورة لما طلبته الطاعنتان من اختصام المطعون عليه نفسه في الدعوى باعتباره وارثاً لأخيه المرحوم محمود أحمد عابدين الذي رفعت عليه الدعوى أصلاً وحتى يتحمل بنصيبه في الدين الذي يطالب به التركة لنفسه. وإذ صدر الحكم المطعون فيه بإلزام التركة بدين المطعون عليه فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.