أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 824

جلسة 29 من مايو سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

(130)
الطعن رقم 121 لسنة 35 القضائية

( أ ) نقض. "حالات الطعن". قوة الأمر المقضي.
جواز الطعن بالنقض في الحكم الانتهائي لفصله في نزاع على خلاف حكم سابق حائز لقوة الأمر المقضي. شرطه. أن يكون الحكم السابق صادراً بين الخصوم أنفسهم وفي النزاع بعينه. تخلف شرط وحدة النزاع. أثره. انتفاء التناقض بين الحكمين.
(ب) نقض. "الحكم بوقف التنفيذ". حكم. "حجية الأحكام".
قضاء محكمة النقض بوقف تنفيذ الحكم الصادر بالقسط الأول من الدين. اقتصار حجيته على هذا القسط فقط دون أي قسط آخر يستحق بعد ذلك. الاحتجاج بالفصل في مسألة كلية شاملة. مناطه. عند ما تفصل المحكمة في الموضوع. الحكم بوقف التنفيذ. ماهيته. حكم وقتي مرهون بالظروف التي صدر فيها.
1 - ما أجازته المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 من الطعن بالنقض في أي حكم انتهائي أياً كانت المحكمة التي أصدرته مشروط بأن يكون ذلك الحكم قد خالف حكماً آخر أسبق منه صدر في النزاع ذاته وبين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي [(1)].
2 - أجازت المادة الرابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 لدائرة فحص الطعون بمحكمة النقض "أن تأمر بوقف التنفيذ مؤقتاً إذا طلب الطاعن ذلك في تقرير الطعن وكان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه" وهي بذلك قد أفصحت عن أن مناط وقف التنفيذ هو خشية وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه إذا ما ألغي الحكم بعد ذلك، ولهذا كان حكم وقف التنفيذ حكماً وقتياً مرهوناً بالظروف التي صدر فيها ولا تتناول فيه محكمة النقض موضوع الطعن وإنما يقتصر بحثها فيه على الضرر الذي يترتب على تنفيذ الحكم وما إذا كان مما يتعذر تداركه في حالة نقض الحكم أو لا يتعذر، ومن ثم فإن قضاء محكمة النقض بوقف تنفيذ الحكم الصادر بالقسط الأول من الدين لا تكون له حجية إلا بالنسبة لهذا القسط فقط ولا تتعداه إلى أي قسط آخر يستحق بعد ذلك، والقول بأن الحكم بوقف التنفيذ بالقسط الأول قد تضمن فصلاً في مسألة كلية شاملة لا محل له إذ أن مجال الاحتجاج بذلك إنما يكون عند ما تفصل المحكمة في الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن معاملات الطاعن الأول مع البنك المطعون ضده قد أسفرت عن مديونيته للبنك بمبلغ خمسين ألف جنيه فحرر في 14 سبتمبر سنة 1961 عقداً رسمياً تضمن إقراره بهذا الدين ورهنه للبنك مضرب أرز له رهناً تأمينياً ضماناً للدين، كما تضمن إقرار باقي الطاعنين بالدين ومصادقتهم على الرهن، واتفق في العقد على سداد الدين على خمسة أقساط يستحق أولها ومقداره 2000 ج في أول يوليه سنة 1962 وتستحق باقي الأقساط ومقدار كل منها 12000 ج في أول يوليه من كل عام من الأعوام التالية. وقد حدث بعد ذلك أن أمم المضرب تأميماً كاملاً فطالب البنك مؤسسة المطاحن والمضارب التي آل إليها المضرب المرهون بسداد القسط الأول من الدين، وإذ أجابته المؤسسة بأنه صدر قانون يقضي بتأجيل الوفاء بالديون، استصدر أمراً من قاضي الأمور الوقتية بمحكمة الإسكندرية بتوقيع الحجز التحفظي على أموال الطاعنين وحقوقهم لدى الغير وفاءً لمبلغ 4541 ج و842 م وهو مقدار القسط الأول وفوائده، ولما وقع هذا الحجز تظلم الطاعنون منه لدى محكمة الإسكندرية الابتدائية بالدعوى رقم 413 سنة 1963، وأقام البنك عليهم الدعوى رقم 486 سنة 1963 تجاري كلي الإسكندرية بطلب إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له ذلك المبلغ. وبتاريخ 30 يونيه سنة 1963 قضت محكمة الإسكندرية برفض التظلم وفي دعوى البنك بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يؤدوا له مبلغ 4541 ج و842 م وبصحة الحجوز التحفظية الموقعة. استأنف الطاعنون الحكم الصادر في تظلمهم بالاستئناف رقم 454 سنة 19 ق الإسكندرية. كما استأنفوا الحكم الصادر في دعوى البنك بالاستئناف رقم 455 سنة 19 ق الإسكندرية. وبعد أن ضمت محكمة استئناف الإسكندرية الاستئنافين قضت بتاريخ 26 فبراير سنة 1964 برفضهما وتأييد الحكمين المستأنفين. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقيد طعنهم برقم 268 سنة 34 ق وطلبوا في تقرير الطعن وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه. وبتاريخ 13 أكتوبر سنة 1964 أمرت محكمة النقض بوقف التنفيذ مؤقتاً إلى أن يفصل في الطعن، وإذ كان ميعاد الوفاء بالقسط الثاني من الدين قد حل أثناء نظر الخصومة سالفة الذكر فقد استصدر البنك من قاضي الأمور الوقتية بمحكمة الإسكندرية إذناً بالتنفيذ على أموال المدينين غير المخصصة للوفاء بحقه عملاً بالمادة 489 من قانون المرافعات، وفي 22 أكتوبر سنة 1963 أعلن البنك هذا الأمر للطاعنين كما أعلنهم بصورة تنفيذية من العقد الرسمي وبعزمه على التنفيذ وفاءً لمبلغ 13097 ج و410 م وهو مقدار القسط الثاني من الدين وفوائده، استشكل الطاعنون في التنفيذ لدى محكمة الإسكندرية الجزئية بالدعوى رقم 5161 سنة 1963 مستعجل الإسكندرية طالبين الحكم بوقف تنفيذ العقد الرسمي وبوقف تنفيذ أمر قاضي الأمور الوقتية. ولدى نظر الدعوى أوقع البنك على الطاعنين حجزين فأضاف الطاعنون إلى طلباتهم عدم الاعتداد بهما. وبتاريخ 31 نوفمبر سنة 1963 قضى قاضي الأمور المستعجلة بالمحكمة الجزئية بعدم اختصاصه نوعياً بنظر الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة الإسكندرية الابتدائية بالاستئناف رقم 59 سنة 1964 وتمسكوا بأن حكم محكمة النقض بوقف التنفيذ بالنسبة للقسط الأول من الدين ينسحب أثره إلى باقي الأقساط، وبتاريخ 26/ 12/ 1964 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد ينعى فيه الطاعنون على الحكم المطعون فيه صدوره على خلاف حكم سابق حاز قوة الشيء المحكوم فيه وهو حكم محكمة النقض الصادر في الطعن رقم 268 سنة 34 ق بوقف تنفيذ الحكم الصادر بإلزام الطاعنين بالقسط الأول من الدين، وفي بيان ذلك يقولون إن الإشكال في التنفيذ الذي صدر فيه الحكم المطعون فيه كان قوامه أن الحكم الذي قضى للبنك بالقسط الأول من الدين كان قضاء في حق جزئي ترتب على مسألة كلية شاملة هي التزام المدينين بالدين كله ينفذ به عليهم في كل أموالهم عدا المال المخصص للوفاء وأن محكمة النقض إذ قضت بوقف تنفيذ ذلك الحكم قد عطلت قوته التنفيذية بالنسبة لهذا القسط وللأقساط الأخرى التي تستحق لأنها بقضائها بوقف تنفيذ الحكم الخاص بالقسط الأول تكون قد فصلت في مسألة كلية شاملة هي عدم جواز التنفيذ بالدين جميعه، غير أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن قضاء محكمة النقض بوقف تنفيذ الحكم بالقسط الأول من الدين لم يستند إلا إلى توافر الخطر الذي يناط به اختصاص محكمة النقض بوقف التنفيذ.
وهذا الذي ذهبت إليه المحكمة الابتدائية ينطوي على خطأ في القانون، ذلك أن محكمة النقض إذ أوقفت تنفيذ الحكم فقد رتبت على ذلك تعطيل نفاذ ذلك الحكم لا في خصوص القسط الأول بل في خصوص المسألة الكلية التي تشمل الدين بأكمله لا يؤثر بعد ذلك السبب الذي حدا بالمحكمة إلى وقف التنفيذ سواء كان توافر الخطر أو ترجيح سلامة الطعن.
وحيث إن ما أجازته المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 من الطعن بالنقض في أي حكم انتهائي أياً كانت المحكمة التي أصدرته مشروط بأن يكون ذلك الحكم قد خالف حكماً آخر أسبق منه صدر في النزاع ذاته وبين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي. ولما كان الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم 268 سنة 34 ق المدعي بأن الحكم المطعون فيه خالفه قد قضى بوقف تنفيذ الحكم الصادر بالقسط الأول من الدين. وكانت المادة الرابعة من القانون المشار إليه إذ أجازت لدائرة فحص الطعون بمحكمة النقض "أن تأمر بوقف التنفيذ مؤقتاً إذا طلب الطاعن ذلك في تقرير الطعن وكان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه" قد أفصحت عن أن مناط وقف التنفيذ هو خشية وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه إذا ما ألغي الحكم بعد ذلك، ولهذا كان حكم وقف التنفيذ حكماً وقتياً مرهوناً بالظروف التي صدر فيها ولا تتناول فيه محكمة النقض موضوع الطعن وإنما يقتصر بحثها فيه على الضرر الذي يترتب على تنفيذ الحكم وما إذا كان مما يتعذر تداركه في حالة نقض الحكم أو لا يتعذر" ومن ثم فإن قضاء محكمة النقض بوقف تنفيذ الحكم الصادر بالقسط الأول من الدين لا تكون له حجية إلا بالنسبة لهذا القسط فقط ولا تتعداه إلى أي قسط آخر يستحق بعد ذلك، لما كان ذلك وكان لا محل لما يقوله الطاعن من أن الحكم بوقف التنفيذ بالقسط الأول قد تضمن فصلاً في مسألة كلية شاملة إذ أن مجال الاحتجاج بذلك إنما يكون عند ما تفصل المحكمة في الموضوع. وكان النزاع الذي صدر فيه الحكم المطعون فيه هو إشكال في تنفيذ يتعلق بقسط آخر من الدين فإن الحكمين - حكم محكمة النقض بوقف التنفيذ بالنسبة للقسط الأول والحكم المطعون فيه - لا يكونان قد صدرا في نزاع واحد ولا يكون ثمة تناقض بين الحكمين. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية فإن الطعن فيه بالنقض يكون غير جائز.


[(1)] نقض في 28 إبريل سنة 1966 مجموعة المكتب الفني سنة 17 ص 962.