أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 845

جلسة 3 من يونيه سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم الديواني، وعبد العليم الدهشان.

(133)
الطعن رقم 128 لسنة 35 القضائية

( أ ) إصلاح زراعي. "الحقوق العينية على الأرض المستولى عليها".
استنزال قيمة الدين المضمون برهن أو اختصاص أو امتياز المثقلة بها الأرض المستولى عليها - طبقاً لقانون الإصلاح الزراعي - من قيمة التعويض وفقاً للمادة السابعة من القانون المذكور. شرطه. ثبوت حق الرهن أو الاختصاص أو الامتياز طبقاً للقواعد العامة وفي الحدود التي نص عليها فيها.
(ب) امتياز. "امتياز البائع". شهر. "شهر حق الامتياز". بيع. إصلاح زراعي.
الامتياز المقرر لثمن العقار المبيع. وجوب شهره بالقيد حتى يسري قبل الغير ولو كان البيع مسجلاً. عدم الشهر يترتب عليه - مع عدم سريانه قبل الغير - بقاء ذمة المشتري مشغولة بمقدار ما عليه من دين لينفذ به البائع على أموال المشتري. لا محل لتطبيق حكم المادة السابعة من قانون الإصلاح الزراعي في هذه الحالة.
1 - المستفاد من نص المادة السابعة من القانون رقم 178 لسنة 1952 الخاص بالإصلاح الزراعي - على ما ورد بالمذكرة الإيضاحية في شأنه - أنه قد عالج حقوق الرهن أو الاختصاص أو الامتياز التي تكون الأرض التي استولت عليها الحكومة مثقلة بها لاستنزال قيمة الدين المضمون بهذه الحقوق العينية من قيمة التعويض الذي كان يعطي لصاحب الأرض المستولى عليها ومن ثم فإن تطبيق الأحكام الواردة بهذا النص مشروط بثبوت حق الرهن أو الاختصاص أو الامتياز طبقاً للقواعد العامة وفي الحدود التي نص عليها فيها.
2 - مؤدى نصوص المواد 1134 و1147 من القانون المدني و12 من القانون 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري أن الامتياز المقرر بمقتضى القانون لثمن العقار المبيع يجب أن يشهر - وشهر الامتياز يحصل بالقيد - وذلك حتى يسري الامتياز في مواجهة الغير كما يجب هذا القيد ولو كان البيع مسجلاً. وإذ يترتب على عدم شهر حق امتياز بائع الأطيان الزراعية - مع عدم سريانه في مواجهة الغير - أن تظل ذمة المشتري مشغولة بمقدار ما عليه من دين لينفذ به البائع على أموال المشتري الأخرى استيفاء لحقه ومن ثم فلا محل لإعمال حكم المادة السابعة من قانون الإصلاح الزراعي في هذه الحالة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 5386 سنة 1961 مدني كلي القاهرة ضد المطعون عليهم وطلبوا فيها إلغاء الحجز الموقع في 31/ 7/ 1961 تحت يد شركة السكر والتقطير - المطعون ضدها الثالثة - وإلغاء الاختصاص الصادر به أمر من رئيس محكمة القاهرة في 6/ 8/ 1961 على المنزل المبين بالعريضة. وقالوا بياناً لدعواهم أنهم كانوا قد اشتروا بعقد عرفي محرر في سنة 1947 من المطعون عليهما الأوليين أرضاً زراعية مساحتها 62 ف بمركز الدلنجات بحيرة ولم تمكنهم البائعتان من التسجيل زمناً طويلاً فرفعوا دعواهم بفسخ البيع كما أقامت البائعتان الدعوى ضدهم بباقي الثمن. وإذ قضي برفض دعوى الفسخ وبإلزام الطاعنين بدفع باقي ثمن الأرض المبيعة إليهم ومقداره 2254 ج و612 م فقد أوقعت البائعتان حجزاً تنفيذياً تحت يد شركة السكر والتقطير في 31/ 7/ 1961 على ما يكون مستحقاً للطاعنين وفاء لباقي الثمن كما استصدرتا في 6/ 8/ 1961 أمر اختصاص بدينهما على منزل الطاعنين المبين بالعريضة. وإذ صدر بتاريخ 25/ 7/ 1961 وقبل توقيع الحجز وصدور أمر الاختصاص قانون الإصلاح الزراعي رقم 127 لسنة 1961 وقضى بأنه لا يجوز لأي فرد أن يمتلك من الأراضي الزراعية أكثر من مائة فدان وبأن تستولي الحكومة على ما زاد عن ذلك فقد قام الإصلاح الزراعي بالاستيلاء على الأطيان المبيعة إليهم من المطعون عليهما الأولى والثانية وذلك بموجب محضر استيلاء رسمي محرر في 22/ 11/ 1961، وأضاف الطاعنون أنه لما كان مقتضى المادة السابعة من القانون رقم 178 لسنة 1952 أن يدفع الثمن المستحق على الأراضي المستولى عليها للبائعين بسندات على الخزانة فإن حق البائعتين - المطعون عليهما - في باقي الثمن يصبح في ذمة الإصلاح الزراعي بحكم هذا القانون ويكون الحجز والاختصاص قد وقعا بسوء نية بما يوجب القضاء بإلغائهما. وفي 9/ 6/ 1962 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافهم برقم 1116 سنة 79 ق. وفي 29/ 12/ 1964 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم ذكر في أسبابه أن سند التنفيذ هو الحكم الصادر بباقي الثمن ضد الطاعنين. ورتب الحكم على ذلك أن يكون للدائنتين أن تنفذا على أموال مدينيهم أينما كانت، هذا في حين أن باقي ثمن الأرض المبيعة يعطي حق امتياز للبائع على هذه الأرض وهو حق يتبع الأرض سواء أشهر أو لم يشهر فإذا صدر حكم بباقي الثمن المقرر له حق الامتياز بمقتضى القانون فإن هذا الحق يكون مقرراً كذلك للدين المقضى به إذ لا يحول الحكم الدين الممتاز إلى دين عادي. وينعى الطاعنون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون أيضاً، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم قرر أن حق الامتياز مقرر لمصلحة الدائن إن شاء استعمله وإن شاء أهمله وأن قانون الإصلاح الزراعي لم يحرم الدائن من استعمال حقه في التنفيذ على أموال مدينه حيثما شاء وأينما وجدت، هذا في حين أنه طبقاً للمادة السابعة من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 سنة 1952 قد تحول الدين الممتاز - وهو باقي الثمن - من ذمة المشترين - الطاعنين - إلى ذمة الإصلاح الزراعي باعتبار أن الأرض التي استولى عليها مثقلة بهذا الحق الممتاز مما كان لا يصح معه التنفيذ على أموال الطاعنين إلا بعد الرجوع على الإصلاح الزراعي وتجريده طبقاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي بسببيه مردود، ذلك أنه لما كانت المادة السابعة من القانون رقم 178 لسنة 1952 الخاص بالإصلاح الزراعي قد نصت على أنه "إذا كانت الأرض التي استولت عليها الحكومة مثقلة بحق رهن أو اختصاص أو امتياز استنزل من قيمة المستحق لصاحب الأرض ما يعادل كامل الدين المضمون بهذا الحق، وللحكومة إذا لم تحل محل المدين في الدين أن تستبدل به سندات عليها بفائدة تعادل فائدة الدين على أن تستهلك هذه السندات في مدة لا تزيد على ثلاثين سنة وإذا كان الدين ينتج فائدة سعرها يزيد على 3% تحملت الحكومة الزيادة في سعر الفائدة بعد خصم ما يوازي مصاريف التحصيل وتبعة الديون المعدومة وعلى الدائنين في هذه الحالة أن يتخذوا الإجراءات التي تنص عليها اللائحة التنفيذية لهذا القانون وإلا برئت ذمة الحكومة قبلهم في حدود ما يتم صرفه من التعويض"، وكان هذا النص على ما يستفاد مما ورد في المذكرة الإيضاحية في شأنه قد عالج حقوق الرهن أو الاختصاص أو الامتياز التي تكون الأرض مثقلة بها لاستنزال قيمة الدين المضمون بهذه الحقوق العينية من قيمة التعويض الذي كان يعطي لصاحب الأرض المستولى عليها، فإن مؤدى ذلك أن يكون تطبيق الأحكام الواردة بهذا النص مشروطاً بثبوت حق الرهن أو الاختصاص أو الامتياز طبقاً للقواعد العامة وفي الحدود التي نص عليها فيها. وإذ نصت الفقرة الأولى من المادة 1134 من القانون المدني على أن "تسري على حقوق الامتياز الواقعة على عقار أحكام الرهن الرسمي بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع طبيعة هذه الحقوق. ويسري بنوع خاص أحكام التطهير والقيد وما يترتب على القيد من آثار وما يتصل به من تجديد" ونصت المادة 1147 من القانون المذكور على أن "ما يستحق لبائع العقار من الثمن وملحقاته يكون له امتياز على العقار المبيع ويجب أن يقيد الامتياز ولو كان البيع مسجلاً وتكون مرتبته من وقت قيده". ونصت المادة 12 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري على أن "جميع التصرفات المنشئة لحق من الحقوق العينية العقارية التبعية أو المقررة لها وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك يجب شهرها بطريق القيد ويترتب على عدم القيد أن هذه الحقوق لا تكون حجة على الغير"، فإن مؤدى هذه النصوص مرتبطة أن الامتياز المقرر بمقتضى القانون لثمن العقار المبيع يجب أن يشهر، وشهر الامتياز يحصل بالقيد وذلك حتى يسري الامتياز في مواجهة الغير كما يجب هذا القيد ولو كان البيع مسجلاً. ولما كان الثابت مما حصله الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنين على أن حق الامتياز الذي يتمسك به الطاعنون واتخذوا منه أساساً لدفاعهم لم يشهر قانوناً على النحو المتقدم ذكره حتى يسري في مواجهة الغير، وإذ يترتب على عدم شهر حق امتياز بائعي الأطيان الزراعية - المطعون عليهما الأولى والثانية - على النحو السالف بيانه أن تظل ذمة الطاعنين مشغولة بمقدار ما عليهم من دين لتنفيذ البائعتان به على أموالهم الأخرى استيفاءً لحقهما، فإنه لا محل لإعمال أحكام المادة السابعة من قانون الإصلاح الزراعي السابق الإشارة إليها. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر واتخذ مما تقدم دعامة لقضائه برفض دعوى الطاعنين، فإن النعي بسببه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الرابع من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، ذلك أنه استند إلى القانون رقم 104 لسنة 1964 الذي يقضي بأن الأراضي الزراعية التي تم الاستيلاء عليها تؤول ملكيتها إلى الدولة دون مقابل بأن قرر الحكم أن الاحتجاج بانتقال حقوق المطعون عليهما إلى الدولة أصبح بموجب هذا القانون غير ذي موضوع، هذا في حين أن الدولة حين تؤول إليها ملكية الأراضي المستولى عليها لا يمكن أن تتحلل من حقوق الغير الثانية عليها بمقتضى المادة السابعة من القانون رقم 178 لسنة 1952 والتي لم تلغ ولا زالت قائمة إلى الآن إذ أن الدولة في هذه الحالة محال عليها بحق قبلته وليس لها أن تتحلل منه إلا بنص صريح.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سبق الرد به على السببين الأول والثاني، من أنه لا محل للتمسك بأحكام المادة السابعة من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 بعد أن ثبت أن حق امتياز البائعتين للأطيان المستولى عليها لم يتم شهره. وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه برفض دعوى الطاعنين تأسيساً على ذلك وهي دعامة تكفي وحدها لحمل قضائه على النحو الذي انتهى إليه، فإن النعي بما يثيره الطاعنون بهذا السبب بشأن استناد الحكم إلى القانون رقم 104 لسنة 1964 - أياً كان وجه الرأي فيما قرره الحكم في هذا الخصوص - يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفته للثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أثبت في أسبابه أن الطاعنين وإن قرروا أنهم قاموا بإثبات الأرض المبيعة في إقراراتهم تنفيذاً للقانون رقم 178 لسنة 1952 إلا أنه اتضح من الأوراق أنهم خالفوا نص المادة 17 من القانون المشار إليه ولم يذكروا شيئاً في إقراراتهم عن هذه الأرض مما دعا إلى إحالة الأوراق إلى النيابة العامة لرفع الدعوى العمومية ضد الطاعنين وهذا الذي ذكره الحكم لا سند له من الأوراق إذ الثابت منها أن الطاعنين أدرجوا هذه الأرض في طلب قدموه للجنة القضائية للإصلاح الزراعي لأنه لم يكن لهم الحق في تقديم الإقرارات بشأنها حتى تفصل تلك اللجنة في النزاع القائم حول ملكيتها مما يعيب الحكم بالبطلان.
وحيث إن هذه النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنين تأسيساً على أن حقوق الامتياز المقصودة بالمادة السابعة من القانون رقم 178 لسنة 1952 لا بد وأن تكون مشهرة حتى تسري في مواجهة الغير وتنتقل مع العين في أي يد كانت وكان ما قرره الحكم من مخالفة الطاعنين لنص المادة 17 من القانون رقم 178 لسنة 1952 لم يكن لازماً لتقرير ما انتهت إليه المحكمة في حكمها مما يعد نافلة زائدة عن حاجة الدعوى، فإن الخطأ فيه - بفرض وجوده - يكون غير مؤثر على قضاء الحكم مما يكون معه النعي بهذا السبب غير منتج أيضاً.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.