أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 876

جلسة 4 من يونيه سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، ومحمد أبو حمزه مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

(138)
الطعن رقم 432 لسنة 34 القضائية

تأمينات اجتماعية. "التأخر عن سداد الاشتراكات". عمل. قانون.
الغرامة التي يلتزم بها رب العمل - إذا ما تأخر عن أداء الاشتراكات الشهرية في مواعيدها - تتعدد بعدد الشهور التي تأخر فيها على ألا تتجاوز في مجموعها 30% من قيمة الاشتراكات. سريانها بأثر رجعي منذ العمل بالقانون 93 لسنة 1959.
مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة 17 من القانون رقم 63 لسنة 1964، أن المشرع أراد أن يلزم رب العمل الذي يتأخر عن أداء الاشتراكات الشهرية الدورية في مواعيدها المحددة بغرامة إضافية بواقع 10% من الاشتراكات التي تأخر عن أدائها في كل شهر تحديد فيه التأخير. ولذلك فإن هذه الغرامة تتعدد بعدد الشهود التي يتأخر رب العمل خلالها في الوفاء بالاشتراكات على ألا تتجاوز في مجموعها 30% من قيمة هذه الاشتراكات. وهذا النص يسري بأثر رجعي منذ العمل بالقانون رقم 92 لسنة 1959 طبقاً لنص المادة الخامس من مواد الإصدار في القانون رقم 63 لسنة 1964. وإذ جرى الحكم المطعون فيه على إلزام رب العمل بغرامة قدرها 10% دون تحديد الشهور التي تم فيها التأخير ودون بيان نطاق هذه الغرامة فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيد أسعد عبد المتجلي أسعد (المطعون عليه) أقام الدعوى رقم 154 سنة 1963 مدني المنيا الابتدائية ضد مدير عام المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ووزير الشئون الاجتماعية بصفته يطلب الحكم فيها ببراءة ذمته من مبلغ 395 ج و646 م وإلغاء الحجز الإداري المتوقع ضده بتاريخ 5/ 11/ 1962 واعتباره كأن لم يكن مع إلزامهما المصروفات، وقال شرحاً لدعواه إنه بوصفه صاحب عمل قام بالاشتراك في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية عن عماله إلا أنه فوجئ بتاريخ 5/ 11/ 1962 بتوقيع الحجز ضده بناء على طلب الهيئة وفاءً لمبلغ 395 ج و646 م قيمة الاشتراكات المستحقة مضاعفاً بالتطبيق لحكم المادة 76 من القانون رقم 92 لسنة 1959 والتي تنص على أنه إذا تخلف صاحب العمل عن سداد الاشتراكات المنصوص عليها في هذا القانون بالنسبة إلى المؤمن عليهم يلزم بأداء مبلغ إضافي إلى الهيئة يوازي مقدار الاشتراكات المستحقة خلال مدة التخلف، وأنه لما كان الحكم الوارد بهذه المادة لا ينطبق عليه لقيامه بالتأمين على عماله وكان التخلف المعنى في المادة المذكورة والذي يستوجب أداء الاشتراك مضاعفاً هو التخلف عن الاشتراك وأنه لذلك تكون ذمته بريئة من المبلغ المحجوز من أجله ويكون الحجز قد وقع باطلاً وأنه لذلك أقام دعواه يطلب الحكم له بطلباته، وبتاريخ 30/ 5/ 1963 حكمت المحكمة ببراءة ذمة المدعي من مبلغ 395 ج و646 م وإلغاء الحجز الإداري المتوقع بتاريخ 5/ 11/ 1962 بالنسبة لهذا المبلغ واعتباره كأن لم يكن وألزمت المدعى عليهما بالمصروفات وبمبلغ ثلاثمائة قرش مقابل أعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، واستأنف المدعى عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 415 سنة 1 ق وأثناء نظر الاستئناف صدر قانون التأمينات الاجتماعية الجديد رقم 63 لسنة 1964 الذي ألغى القانون رقم 92 لسنة 1959، وبتاريخ 11/ 5/ 1964 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى براءة ذمة المستأنف عليه من مبلغ 356 ج و82 م وإلغاء الحجز الإداري المتوقع بتاريخ 5/ 11/ 1962 بالنسبة لهذا المبلغ مع إلزام المستأنفين المصروفات المناسبة للمبلغ المذكور عن الدرجتين. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنان على طلب نقض الحكم وقدم المطعون عليه مذكرة طلب فيها رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل الوجه الأول من سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن غرامة التأخير بواقع 10% على صاحب العمل عند التأخر في سداد اشتراكات عماله قاعدة عامة تسري في جميع الحالات دون اعتبار لمدة التأخير وعدد الشهور وهو منه مخالفة لصريح نص الفقرة الثانية من المادة 17 من القانون 63 لسنة 1964 والتي تسري بأثر رجعي منذ صدور القانون رقم 92 لسنة 1959 الملغى، لأن الفقرة المذكورة واضحة الدلالة على أن غرامة التأخير هي بواقع 10% عن الاشتراكات التي يتأخر صاحب العمل في أدائها عن كل شهر وذلك بحد أقصى قدره 30% أي أن الغرامة تفرض شهرياً على المتأخر بواقع 10% من الاشتراكات التي يتأخر في أدائها عن الشهر الذي تأخر فيه لأن المشرع أراد التفرقة بين حالات التأخير المختلفة، فليس من العدالة التسوية بين حالة من يتأخر شهراً بحالة من يتأخر شهرين أو ثلاثة، ولما كان الثابت من مذكرة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية المقدمة لمحكمة أول درجة أن التأخير لم يكن عن شهر واحد إنما كان عن المدة من أغسطس سنة 1959 حتى آخر سبتمبر سنة 1962، فإن توقيع غرامة ثابتة قدرها 10% دون اعتبار لمدة التأخير وعدد الشهور والحد الأقصى يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة 17 من القانون رقم 63 لسنة 1964 على أن "يلتزم صاحب العمل إذا لم يؤد الاشتراكات الشهرية المستحقة في المواعيد المعينة في هذا القانون بأداء مبلغ إضافي إلى الهيئة يوازي 10% من الاشتراكات التي تأخر عن أدائها عن كل شهر وذلك بحد أقصى قدره 30% "يدل على أن المشرع أراد أن يلزم رب العمل الذي يتأخر عن أداء الاشتراكات الشهرية الدورية في مواعيدها المحددة بغرامة إضافية بواقع 10% من الاشتراكات التي تأخر عن أدائها في كل شهر يحدث فيه التأخير ولذلك فإن هذه الغرامة تتعدد بتعدد الشهور التي يتأخر رب العمل خلالها في الوفاء بالاشتراكات على ألا تتجاوز في مجموعها 30% من قيمة هذه الاشتراكات، وإذ كان هذا النص يسري على واقعة النزاع بأثر رجعي منذ العمل بالقانون رقم 92 لسنة 1959 طبقاً لأحكام القانون رقم 63 لسنة 1964 في المادة الخامس من مواد إصداره، وكان الثابت في الدعوى أن التأخير لم يكن عن شهر واحد وإنما كان عن المدة من أول أغسطس سنة 1959 حتى آخر سبتمبر سنة 1962 مما يوجب توقيع الغرامة عن كل شهر بحد أقصى قدره 30%، وجرى الحكم المطعون فيه على إلزام رب العمل بغرامة قدرها 10% دون تحديد الشهور التي تم فيها التأخير ودون بيان نطاق هذه الغرامة، إذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة إلى بحث الوجه الثاني.