أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 1547

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد صدقي العصار، ومحمود عثمان درويش.

(262)
الطعن رقم 401 لسنة 39 القضائية

(1) استئناف "نطاق الاستئناف". "دعوى سبب الدعوى". ارتفاق.
للخصوم في الاستئناف مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله، تغيير سببه والإضافة إليه. مثال بشأن حق المرور للأرض المحبوسة عن الطريق العام. المادتان 812 و1017 مدني.
(2 و3 و4) ارتفاق. ملكية. محكمة الموضوع.
(2) تصرف المالك في أرضه بما يجعل جزءاً منها محبوساً عن الطريق العام. وجوب تقرير حق مرور لهذا الجزء في الأجزاء الأخرى. حق المرور في عقار مجاور. حالاته. المادة 812/ 2 مدني.
(3) شرط اعتبار الأرض محبوسة عن الطريق العام. يكفي أن يكون الممر غير كاف بحيث لا يتيسر لمالكها الوصول إلى ذلك الطريق إلا بنفقة باهظة أو مشقة كبيرة. استقلال قاضي الموضوع بتقدير ذلك متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
(4) حق المرور المقرر لمالك الأرض المحبوسة عن الطريق العام. عدم استعماله إلا في موضوع من العقار يكون فيه المرور أخف ضرراً. الجدل الموضوعي في كفاية الدليل. عدم إثارته أمام محكمة النقض.
1 - لما كان الثابت أن المطعون عليهما أقاما الدعوى بطلب تقرير حق ارتفاق بالمرور لعقاريهما على أرض الطاعنة بتخصيص المالك الأصلي تطبيقاً لنص المادة 1017 من القانون المدني، وطلبا احتياطياً الحكم بإنشاء ممر قانوني في أرض الطاعنة للوصول من أرضهما للطريق العام عملاً بما تقتضي به المادة 812 من القانون المذكور من أن مالك الأرض المحبوسة عن الطريق العام أو التي لا يصلها بهذا الطريق ممر كاف يكون له حق المرور في الأراضي المجاورة بالقدر اللازم لاستغلال أرضه واستعمالها على الوجه المألوف وذلك في نظير تعويض عادل، وإذ قضت محكمة أول درجة برفض الطلب الأصلي مع الاحتفاظ للمطعون عليهما برفع دعوى مبتدأة بالطلب الاحتياطي. فقد استأنف الحكم الابتدائي طالبين إلغاءه والحكم لهما بالطلب الأصلي أو بالطلب الاحتياطي، ولما كان موضوع الطلبين سالفي الذكر لم يتغير وهو حق المرور، وإن تغير مصدر الحق فيهما وهو الاتفاق في حالة ترتيب حق المرور بتخصيص المالك الأصلي، والقانون في حالة الطلب الخاص بإنشاء الممر القانوني، ولا تعد المطالبة بأيهما في دعوى واحدة جمعاً بين دعويين مختلفتين في الموضوع، وكانت المادة 411/ 3 من قانون المرافعات السابق الذي رفع الاستئناف في ظله قد أجازت للخصوم في الاستئناف مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حالة تغيير سببه والإضافة إليه، لما كان ذلك فإن تخلي محكمة أول درجة عن الفصل في الطلب الاحتياطي لا يؤثر على قبوله أمام محكمة الاستئناف، وإذا قضى الحكم المطعون فيه في هذا الطلب بإيجاد ممر قانوني في أرض الطاعنة ليصل أرض المطعون عليهما بالطريق العام، فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بأنه فصل في الدعوى بإنشاء الممر دون أن يصدر فيها قضاء من محكمة أول درجة مخالفاً بذلك نظام التقاضي على درجتين في غير محله.
2 - مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 812 من القانون المدني أنه إذا كان للأرض منفذ إلى الطريق العام، ثم تصرف فيها صاحبها تصرفاً قانونياً أدى إلى جعل جزء منها محبوساً عن هذا الطريق فيجب أن يتقرر حق المرور في الأجزاء الأخرى دون العقارات المجاورة كما كان الأمر قبل تجزئة العقار وبشرط أن يكون هذا مستطاعاً، فإذا لم يكن مستطاعاً أما لأن العقار كله كان من مبدأ الأمر محبوساً عن الطريق العام أو لأنه لم يتيسر الحصول على ممر كاف في أجزاء العقار الأخرى، فإنه يكون لمالك العقار عندئذ الحق في الحصول على الممر الكافي في أحد العقارات المجاورة وفقاً لحكم الفقرة الأولى من المادة 812 سالفة الذكر.
3 - لا يشترط حتى تعتبر الأرض محبوسة عن الطريق العام ألا يكون لها أي منفذ يؤدي إلى هذا الطريق، بل يكفي لتحقق هذه الحالة وفقاً لنص المادة 812/ 1 من القانون المدني أن يكون للأرض ممر إلى الطريق العام ولكنه غير كاف بحيث لا يتيسر لمالكها الوصول إلى ذلك الطريق إلا بنفقة باهظة أو مشقة كبيرة، وهو أمر يستقل قاضي الموضوع بتقديره متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
4 - تقضى المادة 812/ 1 من القانون المدني بأن يكون المرور في الأراضي المجاورة التي تفصل العقار المحبوس عن الطريق العام على ألا يستعمل هذا الحق إلا في العقار الذي يكون فيه المرور أخف ضرراً وفي موضع منه يتحقق فيه هذا الاعتبار، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى بإنشاء الممر في أرض الطاعنة وفي المكان الذي حدده الخبير لأنه لا يترتب على ذلك إلا إزالة حجرتين منفصلتين عن باقي الحجرات وحوائطها مشيدة بطريقة اندثرت من عشرات السنين ولا تتبع حتى في بناء العزب، وأن هذه هي أخف أضرار ممكنة تترتب على إنشاء الممر وهي تقريرات موضوعية سائغة، وكانت المحكمة قد اقتنعت بكفاية الأبحاث التي أجراها الخبير وسلامة الأسس التي بنى عليها رأيه فإن ما تثيره الطاعنة بشأن طريقة بناء الغرفتين المطلوب هدمهما يكون جدلاً موضوعياً في كفاية الدليل الذي اقتنعت به محكمة الموضوع مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهما أقاما الدعوى رقم 997 سنة 1963 مدني القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة وآخرين هم....... طالبين الحكم بتقرير حق ارتفاق بالمرور عرضه ثمانية أمتار وطوله 24 متراً في أرض الطاعنة مع كف منازعتها، وذلك في مواجهة باقي المدعى عليهم، وقالا بياناً للدعوى إنهما اشتريا من المدعى عليه....... قطعتي أرض فضاء مجاورتين لشارع إبراهيم باشا وهو طريق عام بحلوان كما اشترى باقي المدعى عليهم من البائع المذكور ثلاث قطع أخرى ملاصقة لأرضهما وتنتهي إلى شارع إبراهيم باشا، وإذ تحجب أرضهما عن هذا الطريق قطعة أرض فضاء اشترتها الطاعنة مما دعا المالك الأصلي إلى أن يرتب لأرضهما على هذه القطعة حق ارتفاق بالمرور للوصول إلى الطريق المذكور عملاً بما تقضي به المادة 1017 من القانون المدني ثم نازعتهما الطاعنة هذا الحق وأقامت بناء على أرضهما، فقد أقاما الدعوى للحكم لهما بطلباتهما. وبتاريخ 11/ 11/ 1963 حكمت المحكمة بندب الخبير الهندسي صاحب الدور لمعاينة أرض النزاع وبيان ما إذا كان لعقاري المطعون عليهما حق ارتفاق بالمرور إلى شارع إبراهيم باشا بتخصيص من المالك الأصلي. أودع الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أنه يوجد حق ارتفاق بالمرور للقطعتين المملوكتين للمطعون عليهما في أرض الطاعنة، فعدل المطعون عليهما طلباتهما بإضافة طلب احتياطي هو إنشاء ممر قانوني يصل عقاريهما بالطريق العام تطبيقاً لنص المادة 812 من القانون المدني. وبتاريخ 25/ 6/ 1964 حكمت المحكمة برفض الدعوى بالنسبة للطلب الأصلي مع الاحتفاظ للمطعون عليهما بالحق في رفع دعوى مبتدأة بالطلب الاحتياطي. استأنف المطعون عليهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 1564 سنة 81 ق مدني القاهرة طالبين إلغاءه والحكم لهما بطلباتهما الأصلية أو الاحتياطية. وبتاريخ 16/ 4/ 1966 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء الحكوميين بوزارة العدل بالقاهرة لبيان ما إذا كان لأرض النزاع أصلاً قبل تجزئتها وبيعها بمعرفة المالك الأصلي ممر على الطريق العام وفي هذه الحالة على الخبير بيان ما إذا كان من المستطاع إيجاز ممر لها في الأجزاء المبيعة الأخرى والتي كانت شائعة مع أرض النزاع وتقدير التعويض المناسب، وإذا لم يكن ذلك فعليه تحقيق ما إذا كانت الأرض محبوسة عن الطريق العام أو لا يتيسر للمطعون عليهما الوصول إلى الطريق العام إلا بنفقة باهظة أو مشقة كبيرة، وعليه في هذه الحالة تحقيق إنشاء ممر لها يوصله إلى الطريق العام في الأرض المجاورة بالقدر اللازم لاستغلال الأرض واستعمالها على الوجه المألوف على ألا يستعمل هذا الحق إلا في العقار الذي يكون المرور فيه أخف ضرراً وفي موضع منه يتحقق فيه ذلك مع تقدير التعويض العادل. وبعد أن أودع الخبير تقريره عادت المحكمة وبتاريخ 21/ 4/ 1968 فحكمت بإعادة المأمورية إليه للرد على اعتراضات الطرفين ومعاينة الممرين الكائنين بملك السيدتين.......... وبيان ما إذا كانا يصلان أرض المطعون عليهما بشارع لطيف وما إذا كان من الممكن استعمالهما دون نفقة باهظة أو مشقة كبيرة. أودع الخبير ملحقاً لتقريره ثم حكمت المحكمة بتاريخ 27/ 4/ 1969 بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام طاعنة بإنشاء ممر قانوني بأرضها لقطعتي الأرض المملوكتين للمطعون عليهما الموضح حدوده ومعالمه بتقرير الخبير مقابل أن يدفعا لها مبلغ 135 جنيهاً مناصفة بينهما. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن يقوم على أربعة أسباب يتحصل النعي بالسبب الأول منها في أن محكمة أول درجة قضت برفض الطلب الأصلي الذي رفع به المطعون عليهما الدعوى وهو خاص بتقرير حق ارتفاق بالمرور لعقاريهما على أرض الطاعنة بتخصيص المالك الأصلي طبقاً للمادة 1017 من القانون المدني وذلك لعدم قيام الدليل على وجود هذا الحق واحتفظت المحكمة للمطعون عليهما بالحق في رفع دعوى مبتدأة بطلبهما الاحتياطي الخاص بإنشاء ممر قانوني لعقاريهما في أرض الطاعنة طبقاً للمادة 812 من القانون المذكور، غير أن الحكم المطعون فيه قضى في الطلب الاحتياطي بإنشاء الممر المطلوب وهو منه خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم لم يفصل في طلب احتياطي أو عارض وإنما فصل في دعوى جديدة تتعلق بقيد فرضه القانون على حق الملكية وتختلف في الموضوع وفي السبب والأساس القانوني عن الدعوى التي فصلت فيها محكمة أول درجة وهي خاصة بتقرير حق ارتفاق بمعناه الصحيح، وإذ فصل الحكم المطعون فيه في الدعوى الجديدة بإنشاء الممر مع أنه لم يصدر فيها قضاء من محكمة أول درجة حتى يكون محلاً للطعن بالاستئناف فإنه يكون قد خالف نظام التقاضي على درجتين، الأمر الذي يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الثابت أن المطعون عليهما أقاما الدعوى بطلب تقرير حق ارتفاق بالمرور لعقاريهما على أرض الطاعنة بتخصيص المالك الأصلي تطبيقاً لنص المادة 1017 من القانون المدني وطلبا احتياطياً الحكم بإنشاء ممر قانوني في أرض الطاعنة للوصول من أرضهما للطريق العام عملاً بما تقضي به المادة 812 من القانون المذكور من أن مالك الأرض المحبوسة عن الطريق العام أو التي لا يصلها بهذا الطريق ممر كاف يكون له حق المرور في الأراضي المجاورة بالقدر اللازم لاستغلال أرضه واستعمالها على الوجه المألوف وذلك في نظير تعويض عادل وإذ قضت محكمة أول درجة برفض الطلب الأصلي مع الاحتفاظ للمطعون عليهما برفع دعوى مبتدأة بالطلب الاحتياطي، فقد استأنفا الحكم الابتدائي طالبين إلغاءه والحكم لهما بالطلب الأصلي أو بالطلب الاحتياطي، ولما كان موضوع الطلبين سالفي الذكر لم يتغير وهو حق المرور وإن تغير مصدر الحق فيهما وهو الاتفاق في حالة ترتيب حق المرور بتخصيص المالك الأصلي والقانون في حالة الطلب الخاص بإنشاء الممر القانوني ولا تعد المطالبة بأيهما في دعوى واحدة جمعاً بين دعويين مختلفتين في الموضوع وكانت المادة 411/ 3 من قانون المرافعات السابق الذي رفع الاستئناف في ظله قد أجازت للخصوم في الاستئناف مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حالة تغيير سببه والإضافة إليه، لما كان ذلك فإن تخلي محكمة أول درجة عن الفصل في الطلب الاحتياطي لا يؤثر على قبوله أمام محكمة الاستئناف إذ قضى الحكم المطعون فيه في هذا الطلب بإيجاد ممر قانوني في أرض الطاعنة ليصل أرض المطعون عليهما بالطريق العام، فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي تحصيل الواقع بما لا يطابق الثابت بالدعوى، ذلك أن مؤدى الحكم أن حالة الحبس التي صارت إليها أرض المطعون عليهما تتمثل في حجبها عن شارع إبراهيم باشا ولهذا قضى الحكم بإنفاذ الممر إلى هذا الشارع محترقاً أرض الطاعنة ومستلزماً هدم بعض مبانيها، في حين أن حالة الحبس على فرض وجودها تكون متحققة بالنسبة لشارع لطيف بعد أن استغرقت تصرفات المالك الأصلي إلى الطاعنة وغيرها الواجهة المطلة على شارع إبراهيم باشا بأكملها، وبقيت مساحة كبيرة من الأرض تقع على عاتق شارع لطيف فإذا حدثت تجزئة في هذه القطعة ونشأ عنها حبس بعض أجزائها عن الطريق العام فإن حالة الحبس لا تكون متحققة بالنسبة لشارع إبراهيم باشا بل بالنسبة لشارع لطيف مما كان يتعين معه على المحكمة أن تحصر مأمورية الخبير في هذا المكان وإلا يتعدى الممر نطاق الأجزاء التي كانت مطلة على شارع لطيف ولا يجاوزها إلى الأجزاء الأخرى الواقعة على شارع إبراهيم وهو ما تقضي به المادة 812/ 2 من القانون المدني، وأضافت الطاعنة أن حالة عدم الاستطاعة المشار إليها في هذه المادة والتي تجيز إنشاء الممر في عقار مجاور إنما تكون إذا كان العقار كله لا يتصل في الأصل بطريق عام.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وقد نصت المادة 812 من القانون المدني على أنه "1 - مالك الأرض المحبوسة عن الطريق العام، أو التي لا يصلها بهذا الطريق ممر كاف إذا كان لا يتيسر له الوصول إلى ذلك الطريق إلا بنفقة باهظة أو مشقة كبيرة، له حق المرور في الأراضي المجاورة بالقدر اللازم لاستغلال أرضه واستعمالها على الوجه المألوف ما دامت هذه الأرض محبوسة عن الطريق العام، وذلك في نظير تعويض عادل ولا يستعمل هذا الحق إلا في العقار الذي يكون المرور فيه أخف ضرراً وفي موضع منه يتحقق فيه ذلك. 2 - على أنه إذا كان الحبس عن الطريق العام ناشئاً عن تجزئة عقار تمت بناء على تصرف قانوني وكان من المستطاع إيجاد ممر كاف في أجزاء هذا العقار، فلا تجوز المطالبة بحق المرور إلا في هذه الأجزاء." وكان مفاد الفقرة الثانية من هذه المادة أنه إذا كان للأرض منفذ إلى الطريق العام ثم تصرف فيها صاحبها تصرفاً قانونياً أدى إلى جعل جزء منها محبوساً عن هذا الطريق فيجب أن يتقرر حق المرور في الأجزاء الأخرى دون العقارات المجاورة كما كان الأمر قبل تجزئة العقار وبشرط أن يكون هذا مستطاعاً فإن لم يكن مستطاعاً أما لأن العقار كله كان من مبدأ الأمر محبوساً عن الطريق العام أو لأنه لم يتيسر الحصول على ممر كافي في أجزاء العقار الأخرى فإنه يكون لمالك العقار عندئذ الحق في الحصول على الممر الكافي في أحد العقارات المجاورة وفقاً لحكم الفقرة الأولى من المادة 812 سالفة الذكر، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في هذا الخصوص "قوله إن الخبير عاين العين موضوع النزاع وهي عبارة عن جزء من أرض العقار الكائن بناحيتي شارع إبراهيم وشارع لطيف بمدينة حلوان الحمامات والمملوك أصلاً للمستأنف ضده الأول....... الذي باع أجزاء من الأرض الفضاء إلى باقي المستأنف ضدهم وكذا إلى المستأنفين - المطعون عليهما - وتبين أنه بعد شراء المستأنف ضدها الثانية - الطاعنة - لأرضها وبعد شراء المستأنف ضدها الخامسة...... لأرضها كان الوصول إلى أرض المستأنفين عن طريق أرض المستأنف ضدهما الثالث والربعة........ إلى شارع لطيف ثم بعد بنائهما أصبح الوصول إلى أرض المستأنفين عن طريق منور بعرض متر يلاصق الجار الغربي للعقار الأصلي وقد تركته المستأنف عليها الرابعة تنفيذاً لحق ارتفاق الجار الغربي على أرضها ولا يعتبر هذا المنور ممراً لصغر عرضه ويستحيل زيادته إلى 2.5 متراً للأضرار البليغة التي ستلحق المباني على شارع لطيف...... ولذلك رأى الخبير أن يكون الممر بالجهة البحرية أرض المستأنف ضدها الثانية وبعرض 2.5 متراً وطول 24 متراً....."، مما مفاده أنه بعد تجزئة العقار نتيجة التصرف فيه بالبيع كان لأرض المطعون عليهما ممر في جزء يطل على شارع لطيف باعه المالك إلى آخرين ثم أصبح من غير المستطاع إنشاء الممر في هذا الجزء بسبب إقامة مباني عليه وتعذر هدمها لما يترتب على ذلك من أضرار بالغة، وهي أسباب سائغة تبرر عدم إقامة الممر في الجزء المطل على شارع لطيف، لما كان ذلك وكان الخبير قد انتهى في تقريره الذي اعتمده الحكم إلى إنشاء الممر بالجهة البحرية من أرض الطاعنة، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأن حالة الانحباس غير قائمة لأن عقاري المطعون عليهما لهما مرور فعلي عن طريق الأبواب المفتوحة في شارع لطيف في ملك كل من....... والمساحات المتروكة من ملك المطعون عليهما، غير أن الخبير لم يعتبر هذه الأبواب ممرات لصغر عرضها ولاختراقها مبان مأهولة ولأن واحداً منها قد أنشئ لفتح مطلات الجيران عليه، في حين أنها تعتبر ممرات كافية في حكم المادة 812 من القانون، ومما يدل على ذلك أن المطعون عليه الأول استطاع أن يقيم طابقاً جديداً بمنزله وهو ما يستفاد منه أنه تيسر له استعمال هذه الممرات في إدخال مواد البناء، وإذ أغفل الحكم هذه الدلالة ولم يعر دفاع الطاعنة التفاتاً وانصرف إلى إيجاد ممر بشارع إبراهيم فإنه يكون مشوباً بفساد الاستدلال والقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لا يشترط حتى تعتبر الأرض محبوسة عن الطريق العام ألا يكون لها أي منفذ يؤدي إلى هذا الطريق بل يكفي لتحقق هذه الحالة وفقاً لنص المادة 812/ 1 من القانون المدني أن يكون للأرض ممر إلى الطريق العام ولكنه غير كاف بحيث لا يتيسر لمالكها الوصول إلى ذلك الطريق إلا بنفقة باهظة أو مشقة كبيرة، وهو أمر يستقل قاضي الموضوع بتقديره متى أقام قضاءه على أسباب سائغة، وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف كلفت الخبير بحكمها الصادر في 21/ 4/ 1968 بمعاينة الممرات التي تقول الطاعنة أنها توصل عقاري المطعون عليهما بشارع لطيف وبيان ما إذا كان يمكن استعمالها دون نفقة باهظة أو مشقة كبيرة وأضاف الحكم أنه تبين من تقرير الخبير أن المنور المتروك في الناحية الغربية لمنزل المستأنف عليها الرابعة....... عرضه متر ولا يمكن اعتباره ممراً كافياً وأن الممر الذي تدعيه الطاعنة عن طريق الباب العمومي لمنزل المستأنف عليها....... يستدعي المرور أسفل بسطة السلم وفي طرقة بالدور الأرضي بين شقتين أما الممر الثالث الذي تقول الطاعنة أنه يخترق منزل المستأنف عليها...... فهو غير موجود، وانتهت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية للأسباب السائغة سالفة البيان إلى أن الممرين المذكورين لا يصلان أرض النزاع بالطريق العام إلا بنفقة باهظة أو مشقة كبيرة، وكان ما تثيره الطاعنة من أن المحكمة لم تعتد بدلالة نقل مواد البناء إلى أرض المطعون عليه الأول لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في تقدير الأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي انتهت إليها محكمة الموضوع وهو ما لا يجوز، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن مبنى السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، ذلك أن الحكم أخذ بتقرير الخبير ومقتضاه هدم حجرتين من ملك الطاعنة بدعوى أنهما منفصلتان عن باقي المباني وقديمتان وبنيتا بطريقة بدائية بطل استعمالها، في حين أن الحكم لم يبين كيف تحقق من أن هذه الطريقة في البناء قد بطل استعمالها وهو أم لا يستتبع هدم كل بناء أقيم بهذه الطريقة، هذا إلى أن المستفاد من نص المادة 812 من القانون المدني أنه لا يجوز هدم بناء بأكمله لمجرد إنشاء ممر مكانه علاوة على أنه ما دامت المحكمة قد انتهت إلى إيجار ممر إلى شارع إبراهيم فكان يتعين ألا يقتصر الأمر على ملك الطاعنة بل يمتد البحث إلى ملك جيرانها الآخرين المطلين على نفس الشارع مع الأخذ بقاعدة أن الضرر الأشد يدفع بالضرر الأخف.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كانت المادة 812/ 1 من القانون المدني تقضي بأن يكون المرور في الأراضي المجاورة التي تفصل العقار المحبوس عن الطريق العام على ألا يستعمل هذا الحق إلا في العقار الذي يكون فيه المرور أخف ضرراً وفي موضع منه يتحقق فيه هذا الاعتبار، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى بإنشاء الممر في أرض الطاعنة وفي المكان الذي حدده الخبير لأنه لا يترتب على ذلك إلا إزالة حجرتين منفصلتين عن باقي الحجرات وحوائطها مشيدة بطريقة اندثرت من عشرات السنين ولا تتبع حتى في بناء العزب وأن هذه هي أخف أضرار ممكنة تترتب على إنشاء الممر، وهي تقريرات موضوعية سائغة، ولما كانت المحكمة قد اقتنعت بكفاية الأبحاث التي أجراها الخبير وسلامة الأسس التي بنى عليها رأيه فإن ما تثيره الطاعنة بشأن طريقة بناء الغرفتين المطلوب هدمهما يكون جدلاً موضوعاً في كفاية الدليل الذي اقتنعت به محكمة الموضوع مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.