أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 886

جلسة 5 من يونيه سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

(140)
الطعن رقم 338 لسنة 35 القضائية

دعوى. "دعوى صحة التعاقد". حكم. "قصور". "ما يعد كذلك". بيع.
دعوى صحة ونفاذ البيع. الغرض منها. شرط إجابة المشتري إلى طلبه فيها أن يكون انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذي يصدر فيها ممكنين. دفاع البائع باستحالة تنفيذ التزامه بسبب انتقال الملكية إلى مشترٍ ثانٍ منه. إغفال الحكم الرد على هذا الدفاع. قصور.
المقصود بدعوى صحة ونفاذ البيع وهو تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل الملكية إلى المشتري تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية ولهذا فإن المشتري لا يجاب إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذي يصدر في الدعوى ممكنين، وإذا كان الغرض من دعوى صحة التعاقد هو إجبار البائع على تنفيذ التزاماته التي من شأنها نقل الملكية إلى المشتري تنفيذاً عينياً، فإن للبائع أن يدفع هذه الدعوى باستحالة تنفيذ هذه الالتزامات بسبب انتقال الملكية إلى مشترٍ ثانٍ منه ويستوي في ذلك أن يتدخل المشتري أو لا يتدخل، وللمشتري أن يطعن في مواجهة البائع في عقد هذا المشتري الثاني بما شاء من الطعون التي يقصد بها إزالة أثر تسجيل هذا العقد ليصل بذلك إلى إثبات أن التزامه بنقل الملكية إليه ممكن وإن كان الحكم الذي يصدر لصالحه بذلك لا يكون حجة على المشتري الثاني، فإذا كان الحكم قد قضى بصحة ونفاذ عقد البيع دون أن يبحث أمر البيع المشهر الذي تمسك البائع بصدوره إلى المشتري الثاني أو يرد على دفاعه بشأنه فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يبطله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 175 سنة 1964 كلي القاهرة على الطاعنة طالبة الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 20 مارس سنة 1963 الصادر منه لها والمتضمن بيعه لها 6 و6/ 7 ط مشاعاً في العقار رقم 29 الكائن بشارع بكتر قسم روض الفرج محافظة القاهرة والمبين الحدود والمعالم بصدر العريضة والبالغ مسطحه 714.70 متراً مربعاً نظير ثمن إجمالي قدره 3000 ج ومحو كافة التسجيلات والحقوق. وقالت في بيان دعواها إن المدعى عليه باعها الحصة المذكورة نظير ثمن قدره 3000 ج دفعته إليه عند تحرير العقد الابتدائي إلا أنه امتنع عن تسليمها مستندات التمليك والتوقيع على العقد النهائي فأقامت عليه الدعوى بطلباتها السابقة. وبتاريخ 20/ 4/ 1964 قضت محكمة أول درجة بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 20 مارس سنة 1963 الصادر من المدعى عليه للمدعية والمتضمن بيعه لها ستة قراريط وستة أسباع من القيراط مشاعاً في العقار 29 والكائن بشارع بكتر قسم روض الفرج محافظة القاهرة والمبين الحدود والمعالم بصدر الصحيفة والبالغ مسطحه 714.70 متراً مربعاً وذلك نظير ثمن قدره ثلاثة آلاف جنيه مصري ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1184 سنة 81 ق طالباً الحكم أصلياً ببطلان الحكم المستأنف واعتباره كأن لم يكن وإلغاء جميع الآثار المترتبة عليه واحتياطياً إلغائه بكامل أجزائه واعتباره كأن لم يكن، وكان من بين ما ستند إليه في استئنافه أنه باع نفس العقار لابنته من زوجته الأولى بعقد مسجل في 4 يناير سنة 1964 مما يجعل تنفيذ الالتزام بنقل الملكية إلى المطعون ضدها مستحيلاً والحكم بصحة عقدها لغواً، وقدم الطاعن إلى محكمة الاستئناف العقد المسجل. وفي 3/ 4/ 1965 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف وبتاريخ 16/ 5/ 1965 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم في خصوص السبب الأول وصممت على هذا الرأي بالجلسة المحددة لنظر الطعن.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأنه باع العين موضوع الدعوى بعقد أشهر في 4 يناير سنة 1964 قبل أن ترفع المطعون ضدها دعواها وأنه لذلك فقد أصبح تنفيذ التزامه بنقل الملكية للمشترية غير ممكن وصارت دعواها بصحة العقد غير مقبولة وعديمة الجدوى، وقد أغفل الحكم المطعون فيه مناقشته، وإذ كان هذا الدفاع جوهرياً لأنه يترتب على تسجيل عقد المشترية الثانية رفض دعوى المطعون ضدها لعدم جدواها بسبب استحالة تسجيل الحكم الذي يصدر لها بصحة ونفاذ عقدها، ولأنه لا يجوز إلزام الطاعن البائع لها بتنفيذ التزامه بنقل الملكية عيناً بعد أن أصبح تنفيذ هذا الالتزام مستحيلاً بسبب انتقال الملكية إلى ابنته المشترية الثانية فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل بحث هذا الدفاع والرد عليه يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه يبين من صحيفة استئناف الطاعن ومن مذكرته رقم 8 الملف الاستئنافي أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأنه باع العين موضوع العقد الذي تطلب المطعون ضدها الحكم بصحته ونفاذه إلى ابنته بعقد أشهر في 4 يناير سنة 1964 قبل أن ترفع المطعون ضدها دعواها في 8 يناير سنة 1964، وأن تنفيذ التزامه بنقل الملكية أصبح مستحيلاً، وقدم للطاعن إلى محكمة الاستئناف هذا العقد المشهر، ولما كان الحكم المطعون فيه وإن أشار إلى هذا الدفاع إلا أنه قد خلا من الرد عليه من أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الحكم، ذلك أن المقصود بدعوى صحة ونفاذ البيع هو تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل الملكية إلى المشتري تنفيذاً عينياً والحصول على الحكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية ولهذا فإن المشتري لإيجاب إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذي يصدر في الدعوى ممكنين، وإذ كان الثابت من عقد البيع المشهر في 4/ 1/ 1964 والمرفق بحافظة الطاعن رقم 7 من الملف الاستئنافي أن ملكية العين المبيعة قد انتقلت إلى ابنة الطاعن هبه حسن مراد قبل أن ترفع المطعون ضدها الدعوى بطلب صحة هذا العقد مما يترتب عليه استحالة تنفيذ البائع بنقل الملكية إليها وتسجيل الحكم الصادر في الدعوى، فإن الحكم إذ قضى بصحة ونفاذ عقد المطعون ضدها دون أن يبحث أمر هذا البيع المشهر الصادر من الطاعن إلى ابنته أو يرد على دفاع الطاعن بشأنه يكون مشوباً بالقصور بما يبطله، ولا يقدح في ذلك أن المشترية بالعقد المشهر لم تكن ممثلة في الدعوى لأنه إذا كان الغرض من دعوى صحة التعاقد هو إجبار البائع على تنفيذ التزاماته التي من شأنها نقل الملكية إلى المشتري تنفيذاً عينياً فإن للبائع أن يدفع هذه الدعوى باستحالة تنفيذ هذه الالتزامات بسبب انتقال الملكية إلى مشترٍ ثانٍ منه، ويستوي في ذلك أن يتدخل هذا المشتري أو لا يتدخل وللمطعون ضدها أن تطعن في مواجهة البائع في عقد هذه المشترية بما شاءت من الطعون التي تقصد بها إزالة أثر تسجيل هذا العقد لتصل بذلك إلى إثبات أن التزامه بنقل الملكية إليها ممكناً، وإن كان الحكم الذي يصدر لصالحها بذلك لا يكون حجة على المشترية الثانية.