أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 929

جلسة 12 من يونيه سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد؛ وعلي عبد الرحمن.

(148)
الطعن رقم 287 سنة 35 القضائية

( أ ) إثبات. "عبء الإثبات". التزام. "الالتزام بتحقيق نتيجة".
الالتزام بتحقيق نتيجة إيجابية. عبء إثبات تحقق هذه النتيجة. وقوعه على عاتق المدين. ما على الدائن إلا أن يثبت الالتزام.
(ب) شركات "حل الشركة قضاء". عقد. "فسخ العقد". تعويض. "التعويض عن الفسخ".
حل الشركة قضاء لسبب يرجع إلى إخلال الشريك بالتزاماته. حق الشريك الآخر في طلب التعويض. المادة 157 مدني. جواز القضاء به قبل تصفية الشركة. علة ذلك. الشريك المخطئ يتحمل التعويض المقضى به في أمواله الخاصة وليس في أموال الشركة.
(ج) شركات. "فسخ عقد الشركة". عقد. "فسخ العقد". دعوى.
القضاء بفسخ عقد الشركة. أثره، انحلال الشركة بالنسبة للمستقبل فقط. تصفية أموالها وقسمتها بالطريقة المبينة في العقد. عند خلوه تتبع الأحكام الواردة في المادة 532 مدني وما بعدها. دعوى الشريك بطلب استرداد حصته في رأس مال الشركة قبل حصول التصفية. عدم قبولها لرفعها قبل الأوان.
1 - إذا كانت الالتزامات التي اعتبر الحكم المطعون فيه الطاعن مخلاً بها هي التزامات بتحقيق نتيجة إيجابية، فإن عبء إثبات تحقق هذه النتيجة يقع على عاتق المدين الطاعن وما على الدائن إلا أن يثبت الالتزام، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر إخلال الطاعن بتلك الالتزامات ثابتاً بعدم بقديمه أي دليل على وفائه بها، لم يخالف قواعد الإثبات.
2 - حل الشركة قضاء لسبب يرجع إلى خطأ الشريك كإخلاله بالتزاماته يجيز للشريك الآخر أن يطالب بالتعويض وفقاً للمادة 157 من القانون المدني وللمحكمة أن تقضي له بما يستحقه من تعويض إن كان له مقتض قبل تصفية الشركة، لأن الشريك المخطئ يتحمل التعويض المقضى به في أمواله الخاصة وليس في أموال الشركة، ومن ثم يكون قضاء الحكم المطعون فيه بالتعويض قبل تصفية الشركة لا مخالفة فيه للقانون.
3 - إذا حكم القاضي بفسخ عقد الشركة فإن هذا الفسخ خلافاً للقواعد العامة في الفسخ لا يكون له أثر رجعي، إنما تنحل الشركة بالنسبة للمستقبل، وأما قيامها وأعمالها في الماضي فإنها لا تتأثر بالحل، وبالتالي فلا محل لتطبيق القاعدة العامة الواردة في المادة 160 من القانون المدني والتي توجب إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد في حالة فسخه مما يقتضي أن يرد كل منهما ما تسلمه من الآخر تنفيذاً للعقد، وإنما يستتبع فسخ عقد الشركة وحلها تصفية أموالها وقسمتها بالطريقة المبينة في العقد، وعند خلوه من حكم خاص تتبع في ذلك الأحكام الواردة في المادة 532 من القانون المدني وما بعدها، وقبل إجراء تصفية الشركة لا يجوز للشريك أن يسترد حصته في رأس المال لأن هذه التصفية هي التي تحدد صافي مال الشركة الذي يجوز قسمته بين الشركاء، وتكون من ثم دعوى المطعون ضده في خصوص استرداد حصته في رأس مال الشركة قبل حصول التصفية غير مقبولة لرفعها قبل الأوان.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 110 سنة 1962 كلي دمنهور على الطاعن ومراقبة الشئون البلدية والقروية بمنطقة البحيرة (المطعون ضدها الثالثة) طالباً الحكم بفسخ عقد الشركة المؤرخ 1/ 1/ 1962 وإلزام المدعى عليه الأول (الطاعن) بأن يدفع له مبلغ 7500 ج، وقال في بيان دعواه أنه اتفق مع الطاعن على تكوين شركة تضامن للقيام بأعمال المقاولات الحكومية برأس مال قدره 11000 ج مناصفة بينهما يحوزه الطاعن جميعه، ونص في العقد على تصفية كل عملية تجريها الشركة بمجرد انتهائها وإعطاء المطعون ضده نصيبه في أرباحها كما نص على أن لكل شريك الحق في قبض 50 ج شهرياً من أصل رصيده بخلاف الأرباح التي تنتج، كما نص على التزام الطاعن باستخدام كاتب لمسك حسابات الشركة وعلى أنه إذا تأخر أي من الطرفين في تنفيذ التزامه يدفع الطرف الآخر 2000 ج على سبيل التعويض، وإذ كان الطاعن قد أخل بجميع التزاماته فقام بأعمال المقاولة لحسابه الخاص لا لحساب الشركة ولم يدفع له مبلغ الـ 50 ج الذي التزم بدفعه شهرياً ولم يستخدم كاتباً للحسابات فإن من حقه طلب فسخ عقد الشركة والرجوع عليه بحصته في رأس المال البالغة 5500 ج وبالتعويض الاتفاقي وقدره 2000 ج، وبتقرير تاريخه 22/ 1/ 1963 ادعى الطاعن بتزوير عقد الشركة قائلاً إن المطعون ضده الأول حصل على توقيعه على بياض وملأ فراغ وجهي الورقة بمضمون العقد وطلب الحكم برد وبطلان هذا العقد، واحتياطياً ندب خبير لفحصه أو إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ادعائه، وفي 13/ 2/ 1963 استصدر المطعون ضده الأول (المدعي) أمراً بتوقيع الحجز على ما للطاعن لدى وزارة الشئون البلدية والقروية ومراقبة الشئون البلدية والقروية بمنطقة البحيرة المطعون ضدهما الثانية والثالثة وفاءً لمبلغ 5500 ج قيمة حصته في رأس مال الشركة، وأضاف إلى طلباته طلب الحكم بتثبيت الحجز الذي أوقعه بمقتضى هذا الأمر في 14 و19 من فبراير سنة 1963. وبتاريخ 16/ 4/ 1963 قضت محكمة أول درجة بعدم قبول الادعاء بتزوير عقد الشركة المؤرخ 1/ 1/ 1962 وبإخراج المدعى عليها الثانية (المطعون ضدها الثالثة) من الدعوى بلا مصاريف وحددت جلسة لنظر الموضوع. وتظلم الطاعن من أمر الحجز بالتظلم رقم 1 سنة 1963 تجاري دمنهور طالباً الحكم ببطلان وإلغاء وأمر الحجز الصادر بتاريخ 13/ 2/ 1963 واعتباره كأن لم يكن وإلغاء الحجز المتوقع تحت يد المطعون ضدهما الثاني والثالثة في 14 و19 فبراير سنة 1963. وفي 21/ 5/ 1963 قررت المحكمة ضم هذا التظلم للدعوى رقم 110 سنة 1962 تجاري كلي دمنهور ليصدر فيهما حكم واحد، ثم قضت في 21/ 5/ 1963 (أولاً) في الدعوى رقم 110 سنة 1962 تجاري كلي دمنهور بفسخ عقد الشركة المنعقد بين المدعي والمدعى عليه الأول بتاريخ 1/ 1/ 1962 وبإلزام المدعى عليه الأول بأن يدفع للمدعي مبلغ 6000 ج منه 5500 ج حصته في رأس مال الشركة و500 تعويض وبصحة إجراءات الحجز التحفظي المتوقع في 14 و19/ 2/ 1963 على ما للمدعى عليه الأول تحت يد المدعى عليهما الثاني والثالث (ثانياً) في التظلم رقم 1 سنة 1963 تجاري كلي دمنهور بقبول التظلم شكلاً ورفضه موضوعاً. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 395 سنة 19 ق طالباً إلغاء الحكم الصادر في الدعوى رقم 110 سنة 1962 تجاري كلي دمنهور بكافة أجزائه والقضاء أصلياً بعدم قبول دعوى المستأنف عليه الأول (المطعون ضده الأول) لرفعها قبل تصفية الشركة واحتياطياً رفضها وبإلغاء الحكم الصادر في التظلم رقم 1 سنة 1963 تجاري كلي دمنهور والقضاء له بطلباته فيه. وفي 24/ 2/ 1965 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. وبتاريخ 25/ 4/ 1965 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم في خصوص الوجه الأول والشق الأخير من الوجه الرابع وصممت على هذا الرأي بالجلسة المحددة لنظر الطعن.
وحيث إن الطعن بني على ستة أسباب، ينعى الطاعن في السببين الثاني والخامس منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى بفسخ عقد الشركة على أساس أن الطاعن أخل بالتزاماته الواردة في هذا العقد واستند في إثبات ذلك إلى أن الطاعن لم يقدم أية ورقة تدل على قيامه بتنفيذ أي التزام من تلك التي عددها المدعي المطعون ضده مع أن عبء إثبات الخطأ يقع على عاتق مدعيه وهو المطعون ضده ولا يصلح لإثباته ما قاله الحكم من أن الطاعن لم يقدم أية ورقة تدل على قيامه بتنفيذ التزاماته إذ لا يجوز اتخاذ هذا الموقف السلبي من جانبه دليلاً على وقوع الخطأ منه لأن في ذلك نقلاً لعبء الإثبات يحرمه القانون، وقد تمسك الطاعن أمام محكمة الاستئناف بوجوب إثبات الخطأ المدعى بوقوعه منه والذي اعتبرته المحكمة الابتدائية مسوغاً لفسخ عقد الشركة، وقال إن المطعون ضده لم يقدم للمحكمة أي دليل عليه وقد اكتفى الحكم المطعون فيه في الرد على هذا الدفاع بقوله إنه لم يثبت أداء الالتزامات المحددة بعقد الشركة وبذلك جاء الحكم قاصر التسبيب، علاوة على مخالفته للقانون لنقله عبء إثبات الخطأ إليه، ويضيف الطاعن أنه ذكر أمام محكمة الموضوع رداً على ما قررته الحكومة في مذكرتها في دعوى الحراسة من أنها أسندت إليه وباسمه الخاص بعض أعمال المقاولة أن هذه العمليات لا تدخل في حدود أغراض الشركة ولا تمكنها إمكانياتها المحدودة من القيام بها، كما تمسك بأن الشرط الوارد في العقد والذي يقضي بإعطاء المطعون ضده خمسين جنيهاً شهرياً مقصود به أن يكون هذا المبلغ من حساب الأرباح عندما تقوم الشركة بعمليات رابحة وأنه لا يجوز صرف هذا المبلغ من حصته في رأس مال الشركة لمنافاة ذلك لما نص عليه العقد من عدم جواز استرداد رأس المال قبل مضي مدة معينة، ولأنه لو فسر الشرط كما فسرته محكمة أول درجة لكان باطلاً لأنه يؤدي إلى اشتراك المطعون ضده في الربح دون الخسارة وقد أغفل الحكم المطعون فيه أيضاً الرد على هذا الدفاع مما يجعله مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي أنه بعد أن ذكر الالتزامات التي يسند المطعون ضده إلى الطاعن عدم وفائه بها قال الحكم "وحيث إن المدعى عليه (الطاعن) لم يقدم أية ورقة تدل على قيامه بتنفيذ أي التزام من تلك التي عددها المدعي والتي تضمنت مخالفات صارخة لشروط عقد الشركة وتدل على إخلال المدعى عليه بجميع التزاماته باعتباره الحائز لجميع رأس مال الشركة والمتصرف في شئونها حتى أول يناير سنة 1962 ولم يثبت أن المدعي حصل على أي مبلغ من المبالغ المتفق على دفعها في نهاية كل شهر وقدرها 50 ج من رأس المال خلاف حصته في الأرباح رغم إعذاره بذلك بتاريخ 9/ 5/ 1962، كما أن الثابت أنه استمر في القيام بأعمال المقاولات الحكومية منفرداً دون أن يقوم بشيء منها باسم الشركة أو لصالح الشريكين، ومن ثم يكون طلب الفسخ على أساس سليم" وذكر الحكم في موضع آخر منه أن المطعون ضده استند في إثبات واقعة حصول الطاعن على عمليات المقاولات باسمه خاصة إلى ما جاء بمذكرة الحكومة في دعوى الحراسة المنضمة برقم 7 دوسيه والتي جاء بنهايتها "أن مديرية المرافق والإسكان محافظة البحيرة أسندت عمليات عديدة باسم المدعى عليه عبد المنعم فريد (الطاعن) بمفرده وبصفته الشخصية". ولما كان يبين من هذا الذي أورده الحكم الابتدائي الذي أحال إلى أسبابه الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده قدم الدليل على واقعة حصول الطاعن على هذه العمليات لحسابه الخاص بدلاً من الحصول عليها لحساب الشركة وكان الطاعن نفسه لم ينازع في صحة هذه الواقعة أمام محكمة الموضوع بل إنه يقر بها في سبب الطعن، وكان التزام الطاعن باستخدام كاتب لمسك الحسابات وقيدها في دفاتر منتظمة وهو الالتزام المنصوص عليه في البند التاسع من العقد والتزامه بتصفية حساب كل عملية بمجرد انتهائها وإعطاء شريكه المطعون ضده نصيبه في أرباحها بمجرد إتمام المحاسبة وهو الالتزام المنصوص عليه في البند الثامن، والتزامه بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ خمسين جنيهاً شهرياً طبقاً لنص البند العاشر، هذه الالتزامات التي اعتبر الحكم المطعون فيه الطاعن مخلاً بها هي التزامات بتحقيق نتيجة إيجابية وعبء إثبات تحقق هذه النتيجة يقع على عاتق المدين الطاعن وما على الدائن إلا أن يثبت الالتزام، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر إخلال الطاعن بتلك الالتزامات ثابتاً بعدم تقديمه أي دليل على وفائه بها لم يخالف قواعد الإثبات. لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن السبب الأساسي الذي اعتبره مسوغاً لفسخ عقد الشركة هو قيام الطاعن بأعمال المقاولات الحكومية باسمه الخاص بعد انعقاد الشركة بدلاً من قيامه بها لحساب الشركة وكان هذا السبب وحده يكفي لحمل قضاء الحكم بالفسخ، فإنه لا جدوى من تعييبه في الاستناد إلى إخلال الطاعن بالتزامه بأداء الخمسين جنيهاً التي التزم بدفعها للمطعون ضده شهرياً من رأس المال لأن قضاء الحكم بالفسخ يقوم بغير الاستناد إلى هذا السبب، وأما ما يقول الطاعن من أن أعمال المقاولات التي قام بها لحسابه الخاص تخرج عن أغراض الشركة فإنه قول غير صحيح لأن عقد الشركة قد نص في البند الرابع منه على أن الغرض من الشركة هو جميع أعمال وأشغال المقاولات الحكومية ومتى كانت أعمال المقاولة التي قام بها الطاعن لحسابه الخاص قد أسندت إليه من مديرية المرافق والإسكان بمحافظة البحيرة فإنها تدخل في حدود أغراض الشركة أما ما قال الطاعن عن خروج هذه الأعمال عن حدود إمكانيات الشركة فإنه قول لم يقدم الدليل عليه أمام محكمة الموضوع.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه قضى بالفسخ مع أنه لا يجوز القضاء به إلا بعد إعذار المدين ولم يقم المطعون ضده بإعذار الطاعن، كما أخطأ الحكم في القانون بمخالفته نص البند الثاني عشر من عقد الشركة الذي لا يجيز للشريك طالب الانفصال باسترداد حصته في رأس المال قبل مضي ثلاث سنوات من تاريخ الإنذار الرسمي بالفسخ وهو ما يفيد اتفاق الطرفين على وجوب حصول هذا الإنذار للقضاء بالفسخ.
وحيث إن النعي في شقه الأول غير مقبول، لأن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بعدم إعذاره من المطعون ضده بل إن الحكم الابتدائي الذي أحال إلى أسبابه الحكم المطعون فيه سجل في تقديراته أن الإعذار تم بإنذار على يد محضر في 6 مايو سنة 1962 أي قبل رفع الدعوى، وأن هذا الإنذار كان مودعاً بحافظة المدعي (المطعون ضده) رقم 6 دوسيه مستند رقم 2 في دعوى الحراسة كما أودعت صورته الشمسية بملف الدعوى الحالية رقم 9 دوسيه ولم يعترض الطاعن أمام محكمة الاستئناف على هذا الذي قرره الحكم الابتدائي، كما لم تتضمن أسباب الطعن نعياً بخصوصه، ومن ثم فإن تمسكه بعدم حصول الإعذار لأول مرة أمام محكمة النقض يعتبر سبباً جديداً لا يجوز قبوله. أما عن استناد الطاعن إلى البند الثاني عشر من عقد الشركة ونعيه على الحكم المطعون فيه بمخالفة هذا البند فإن نص البند المذكور يجرى كالآتي "إذا رغب أحد الشريكين في الانفصال من الشركة في أي وقت لا يكون له حق في طلب نصيبه من الطرف الآخر إلا بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ الإخطار الرسمي" وهذا النص صريح في أنه إنما ينطبق في حالة طلب أحد الشريكين الانفصال من الشركة برغبته، كما أن المنع فيه مقصور على استرداد حصة الشريك في رأس المال والأرباح، ولهذا فلا ينطبق على الحالة التي يطلب فيها الشريك فسخ عقد الشركة لعدم وفاء شريكه بالتزاماته، وذلك عملاً بحقه المقرر في المادة 530 من القانون المدني التي تنص على أنه "يجوز للمحكمة أن تقضي بحل الشركة بناء على طلب أحد الشركاء لعدم وفاء شريك بما تعهد به" ولو أن عقد الشركة تضمن نصاً يحرم الشريك من حق طلب حل الشركة في هذه الحالة لكان هذا النص باطلاً عملاً بالفقرة الثانية من المادة المذكورة. أما بالنسبة لحق المطعون ضده في استرداد حصته في رأس المال فإنه سيكون موضع بحث المحكمة في السببين التاليين.
وحيث إن الطاعن ينعى في السببين الأول والسادس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان السبب الأول يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون إذ رتب على قضائه بفسخ الشركة إلزام الطاعن بأن يرد إلى المطعون ضده حصته في رأس المال كاملة وبأن يدفع له التعويض الذي قدره الحكم ذلك لأن القضاء بفسخ الشركة أو حلها يستتبع قانوناً اتخاذ إجراءات التصفية التي نص عليها عقد الشركة أو نص عليها القانون المدني في المادة 532 وما بعدها عند خلو العقد من بيان طريقة التصفية ولا يجوز للشريك أن يسترد حصته في رأس المال قبل إجراء هذه التصفية إذا كان عقد الشركة قد تنفذ، لأن هذه التصفية هي التي تحدد ما يوزع على الشركاء، والثابت في الدعوى أن الطرفين أقرا أمام محكمة الموضوع بأن عقد الشركة المعقود بينهما قد تنفذ فعلاً فالمطعون ضده قد تمسك بأن الشركة قامت بعمليات عديدة لم يحاسبه عنها الطاعن وأقام دعوى الحراسة رقم 174 سنة 1962 على هذا الأساس، كما أنه طلب في الدعوى رقم 150 سنة 1963 إلزام الطاعن بتقديم حساب عن تلك العمليات، وقد سجل الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى الحالية دفاع المطعون ضده هذا في تقريراته، كما أن الطاعن بدوره أقر بتنفيذ عقد الشركة، ويضيف الطاعن أن الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون ضده باسترداد حصته في رأس المال وبالتعويض قبل تصفية الشركة ودون أن يسبب قضاءه في هذا الخصوص يكون مشوباً بالقصور علاوة على مخالفته للقانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح فيما يختص بقضاء الحكم بإلزام الطاعن بأن يرد للمطعون ضده حصته في رأس المال وقدرها 5500 ج، وغير صحيح بالنسبة لقضاء الحكم بالتعويض، ذلك بأنه وإن كان حل الشركة قضاء لسبب يرجع إلى خطأ الشريك كإخلاله بالتزاماته يجيز للشريك الآخر أن يطالب بالتعويض وفقاً للمادة 157 من القانون المدني وللمحكمة أن تقضي له بما يستحقه من تعويض إن كان له مقتض قبل تصفية الشركة لأن الشريك المخطئ يتحمل التعويض المقضى به في أمواله الخاصة وليس في أموال الشركة وبذلك يكون قضاء الحكم المطعون فيه بالتعويض قبل تصفية الشركة لا مخالفة فيه للقانون، إلا أن الأمر مختلف بالنسبة لاسترداد الشريك لحصته في رأس المال، ذلك لأنه إذا حكم القاضي بفسخ عقد الشركة فإن هذا الفسخ خلافاً للقواعد العامة في الفسخ لا يكون له أثر رجعي إنما تنحل الشركة بالنسبة للمستقبل، أما قيامها وأعمالها في الماضي فإنها لا تتأثر بالحل وبالتالي فلا محل لتطبيق القاعدة العامة الواردة في المادة 160 من القانون المدني والتي توجب إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كان عليها قبل العقد في حالة فسخه، مما يقتضي أن يرد كل منهما ما تسلمه من الآخر تنفيذاً للعقد وإنما يستتبع فسخ عقد الشركة وخلها تصفية أموالها وقسمتها بالطريقة المبينة في العقد وعند خلوه من حكم خاص تتبع في ذلك الأحكام الواردة في المادة 532 من القانون المدني وما بعدها، وقبل إجراء تصفية الشركة لا يجوز للشريك أن يسترد حصته في رأس المال لأن هذه التصفية هي التي تحدد صافي مال الشركة الذي يجوز قسمته بين الشركاء، لما كان ذلك وكان المطعون ضده قد أقر أمام محكمة الموضوع بأن الشركة قد باشرت بعض أعمال المقاولة وأقام الدعوى رقم 150 سنة 1963 يطالب الطاعن بتقديم حساب عن العمليات العديدة التي بينها في صحيفة تلك الدعوى كما أن الطاعن بدوره أقر أمام محكمة الموضوع وفي أسباب الطعن بتنفيذ عقد الشركة، وبذلك يكون تنفيذ العقد أمراً مسلماً به من الطرفين، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون ضده باسترداد حصته في رأس مال الشركة وقدرها 5500 جنيه كاملة قبل إجراء التصفية يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إنه لما كان قضاء الحكم المطعون فيه بصحة حجز ما للمدين لدى الغير الذي أوقعه المطعون ضده وفاءً لمبلغ 5500 جنيه قيمة حصته في رأس المال قد تأسس على قضائه له بهذا المبلغ، فإنه وقد انتهت المحكمة إلى نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لقضائه بذلك المبلغ فإن هذا يستتبع نقضه أيضاً بالنسبة لقضائه بصحة الحجز، ولا يقدح في ذلك أن هذه المحكمة قد أبرمت قضاء الحكم المطعون فيه بالتعويض لأن الحجز لم يوقع وفاء لهذا التعويض وإنما وفاء لمبلغ 5500 جنيه قيمة حصة المطعون ضده في رأس المال وهي الحصة التي انتهت هذه المحكمة إلى نقض القضاء الحكم بإلزام المطعون ضده بردها، ولا يبقى بعد ذلك محل لبحث السبب الرابع من أسباب الطعن الموجه إلى قضاء الحكم بصحة الحجز.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه بالنسبة لما نقض فيه الحكم المطعون فيه، ولما تقدم تكون دعوى المطعون ضده في خصوص استرداد حصته في رأس مال الشركة البالغة 5500 جنيه قبل حصول التصفية غير مقبولة لرفعها قبل الأوان ويتعين لذلك الحكم بعدم قبولها وبرفض طلب صحة الحجز.