أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 952

جلسة 12 من يونيه سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وعثمان زكريا، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

(151)
الطعن رقم 337 لسنة 35 القضائية

تأمينات اجتماعية. "التأخير في أداء الاشتراكات". عمل.
المبلغ الإضافي الذي يلتزم به صاحب العمل في حالة تأخيره في أداء الاشتراكات. ماهيته. جزاء مالي فرضه المشرع على صاحب العمل لحمله على أداء الاشتراكات في مواعيدها. استحقاقه بمجرد ثبوت التأخير. عدم اعتباره تعويضاً. عدم سريان حكم المادة 218 من القانون المدني الذي يوجب الإعذار.
المبلغ الإضافي الذي يلتزم به صاحب العمل في حالة تأخيره في أداء الاشتراكات، والمنصوص عليه في المادة 17 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964، ليس تعويضاً مما تشترط المادة 218 من القانون المدني لاستحقاقه إعذار المدين، بل هو جزاء مالي فرضه المشرع على صاحب العمل لحمله على أداء الاشتراكات المستحقة في مواعيدها وهذا الجزاء شبيه بالجزاء الذي فرضه المشرع في المادة 7 من القانون رقم 233 لسنة 1960 على حائزي أجهزة استقبال الإذاعة التليفزيونية الذين لا يؤدون الرسم المقرر في المواعيد المحددة لأدائه فقد ألزمهم ذلك القانون بدفع الرسم مضاعفاً ووصفت مذكرته الإيضاحية هذا الجزاء بأنه عقوبة مالية وهو ما يقطع بأنه ليس تعويضاً إذ أنه يختلف عن التعويض الذي هو مقابل الضرر الذي يلحق الدائن بسبب خطأ المدين والذي لا بد لاستحقاقه من ثبوت هذا الخطأ ووقوع الضرر للدائن نتيجة له، بينما المبلغ الإضافي يستحق بمجرد ثبوت التأخير في دفع الاشتراكات المستحقة ودون إثبات أي عنصر من تلك العناصر اللازمة لاستحقاق التعويض، ومتى كان هذا المبلغ الإضافي لا يعتبر تعويضاً فإنه لا يسري عليه حكم المادة 218 من القانون المدني الذي يوجب الإعذار ويستحق بمجرد انقضاء المواعيد المحددة لأداء الاشتراكات المستحقة أسوة بالفوائد التي ألزم بها المشرع رب العمل في هذه الحالة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على هيئة التأمينات الاجتماعية "الطاعنة" الدعوى رقم 3525 سنة 1963 مدني كلي القاهرة طالباً الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 903 ج و229 م وقال شرحاً للدعوى إن الطاعنة أوقعت في 23/ 4/ 1963 حجزاً إدارياً على منقولاته وفاءً لمبلغ 1709 ج و410 م منه مبلغ 763 ج و101 م قيمة الاشتراكات التي تأخر في سدادها ابتداءً من مايو سنة 1961 إلى فبراير سنة 1963 ومبلغ 43 ج و100 م فوائد تأخيرية ومبلغ 903 ج و229 م عبارة عن فروق استحقت للهيئة الطاعنة طبقاً للمادة 76 من القانون رقم 92 لسنة 1959 الخاص بالتأمينات الاجتماعية وأنه إذ كانت هذه المادة لا تنطبق على حالته لأنه لم يتخلف عن الاشتراك في التأمين لدى الهيئة وإنما تأخر فقط في أداء اشتراكات العمال المؤمن عليهم وكان التأخير في سداد هذه الاشتراكات لا يترتب عليه طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 73 من القانون المذكور سوى استحقاق فائدة تأخيرية قدرها 6% سنوياً من اليوم الثاني لانتهاء الشهر الذي اقتطعت فيه، فإنه لا يكون للهيئة حق في المبلغ الإضافي المنصوص عنه في المادة 76، كما أنه بفرض انطباق هذه المادة فإن هذا المبلغ لا يكون مستحقاً إلا بإعذاره طبقاً لأحكام المادتين 218 و219 من القانون المدني وهو ما لم تفعله الطاعنة. طلبت الهيئة رفض الدعوى لانطباق المادة 76 على حالة المطعون ضده ولأن المبلغ الإضافي الوارد بها يستحق علاوة على فوائد التأخير بمجرد فوات المواعيد المحددة لدفع الاشتراكات دون حاجة لاتخاذ إجراء آخر إذ هو ليس تعويضاً لدائن عما لحقه من خسارة أو ما فاته من كسب بل جزاء ورد به نص آمر في قانون التأمينات الاجتماعية. وفي 24/ 11/ 1963 حكمت المحكمة ببراءة ذمة المطعون ضده من المبلغ المدفوع به الدعوى استناداً إلى أن المبالغ الإضافية التي ألزم بها قانون التأمينات الاجتماعية رب العمل في حالة تأخيره عن دفع الاشتراكات لا تستحق طبقاً للمادتين 218، 219 من القانون المدني إلا بعد إعذاره. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2048 سنة 80 ق طالبة إلغاءه والقضاء برفض الدعوى بالنسبة لمبلغ 865 ج و171 م وفوائده بواقع 6% سنوياً حسبما جاء بكشف التسوية المقدم منها طبقاً للمادتين 14، 17 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 سنة 1964 الذي عمل به أثناء نظر الاستئناف. وفي 18 مارس سنة 1969 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. فطعنت الهيئة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 15 مايو سنة 1965، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها نقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت بهذا الرأي.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله، ذلك أنه استوجب لاستحقاق المبالغ الإضافية في حالة تأخير صاحب العمل عن أداء الاشتراكات في مواعيدها إعذاره طبقاً لأحكام المادتين 218، و219 من القانون المدني استناداً إلى ما قاله من أن المشرع لم ينص في الفقرة الثانية من المادة 17 من القانون رقم 63 لسنة 1964 الخاصة بالتأخير في دفع الاشتراكات على الإعفاء من هذا الإجراء خلافاً لما نصت عليه الفقرة الأولى الخاصة بالتخلف عن الاشتراك وإن المبلغ الإضافي هو جزاء أو تعويض عن التأخير في الأداء حدد المشرع قيمته وأن المادة 198 من القانون المدني لم تتضمن الإعفاء من إعذار المدين في الالتزامات الناشئة مباشرة عن القانون، هذا في حين أن صياغة المادة 17 من القانون رقم 63 لسنة 1964 التي تبدأ بعبارة "فضلاً عما تقضي به المادة 14" وانتهت بعبارة "دون تنبيه أو إنذار" تدل على أن الإعفاء من الإعذار إنما ينعطف على حالة التأخير في أداء الاشتراكات فتكون الاشتراكات المستحقة عن الشهر واجبة الأداء في أول الشهر التالي طبقاً لنص المادة 14 سالفة البيان ويعتبر صاحب العمل معذراً بمجرد حلول أجل استحقاق الاشتراك الشهري فإن لم يؤده التزم به مع فوائد التأخير والغرامة الإضافية دون تنبيه أو إنذار، هذا إلى أن المبالغ الإضافية المنصوص عليها في المادة 17 ليست تعويضاً عما لحق الهيئة من الخسارة أو عما فاتها من كسب مما يجب لاستحقاقها الإعذار عملاً بالمادة 218 من القانون المدني، بل هي غرامة مالية قصد بها المشرع حمل أصحاب الأعمال على الاشتراك في التأمين وعلى أداء الاشتراكات في مواعيدها ولهذا فإنها تستحق في الحالتين بمجرد حلول الأجل الذي حدده القانون بالنسبة لكل منهما دون تنبيه أو إنذار لاتحاد العلة من فرض الجزاء ومتى كانت هذه العلة واحدة في الحالتين فإنه لا يكون هناك محل للمغايرة في الحكم بين من يتعمد عدم الاشتراك في التأمين وبين من يتأخر في أداء الاشتراكات المستحقة عنه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك بأن المادة 14 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 تقضي بأن الاشتراكات المستحقة عن الشهر سواء المقتطعة من أجور المؤمن عليهم أو تلك التي يؤديها صاحب العمل تعتبر واجبة الأداء في أول الشهر التالي، وبأن تحسب في حالة التأخير فوائد بسعر 6% سنوياً من تاريخ وجوب الأداء حتى تاريخ السداد. وتقضي المادة 17 من القانون المشار إليه التي تنطبق على النزاع بحكم أثرها الرجعي المقرر في المادة الخامسة من مواد إصدار ذلك القانون، بالتزام صاحب العمل في حالة عدم أدائه الاشتراكات الشهرية المستحقة في المواعيد المعينة في القانون بأداء مبلغ إضافي إلى الهيئة يوازي 10% من الاشتراكات التي تأخر في أدائها عن كل شهر وذلك بحد أقصى قدره 30% وهذا بالإضافة إلى الفوائد المنصوص عليها في المادة 14، ولما كان هذا المبلغ الذي يلتزم به صاحب العمل في حالة تأخيره عن أداء الاشتراكات المستحقة ليس تعويضاً مما تشترط المادة 218 من القانون المدني لاستحقاقه إعذار المدين، بل هو جزاء مالي فرضه المشرع على صاحب العمل لحمله على أداء الاشتراكات المستحقة في مواعيدها، وهذا الجزاء شبيه بالجزاء الذي فرضه المشرع في المادة 7 من القانون رقم 233 لسنة 1960 على حائزي أجهزة استقبال الإذاعة التليفزيونية الذين لا يؤدون الرسم المقرر في المواعيد المحددة لأدائه فقد ألزمهم ذلك القانون بدفع الرسم مضاعفاً، ووصفت مذكرته الإيضاحية هذا الجزاء بأنه عقوبة مالية وهو ما يقطع بأنه ليس تعويضاً إذ أنه يختلف عن التعويض الذي هو مقابل الضرر الذي يلحق الدائن بسبب خطأ المدين والذي لا بد لاستحقاقه من ثبوت هذا الخطأ ووقوع الضرر للدائن نتيجة له، بينما المبلغ الإضافي يستحق بمجرد ثبوت التأخير في دفع الاشتراكات المستحقة ودون إثبات أي عنصر من تلك العناصر اللازمة لاستحقاق التعويض، ومتى كان هذا المبلغ الإضافي لا يعتبر تعويضاً فإنه لا تسري عليه حكم المادة 218 من القانون المدني الذي يوجب الإعذار ويستحق بمجرد انقضاء المواعيد المحددة لأداء الاشتراكات المستحقة أسوة بالفوائد التي ألزم بها المشرع رب العمل في هذه الحالة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واستوجب لاستحقاق المبلغ الإضافي في حالة التأخير في أداء الاشتراكات المستحقة إعذار رب العمل، وعلى هذا الأساس قضي ببراءة ذمة المطعون ضده من المبلغ المستحق عليه طبقاً للمادة 17 من القانون رقم 63 لسنة 1964، فإنه يكون مخطئاً في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.