أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 967

جلسة 17 من يونيه سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام، وعبد العليم الدهشان.

(153)
الطعن رقم 171 لسنة 35 القضائية

( أ ) نيابة عامة. "تدخلها في دعاوى الأحوال الشخصية". دعوى "التدخل في الدعوى". أحوال شخصية. بطلان.
وجوب تدخل النيابة العامة في كل قضية تتعلق بالأحوال الشخصية وإلا كان الحكم باطلاً. المقصود بالتدخل حضور ممثل النيابة العامة جلسات المحكمة. إرسال النيابة مذكرة برأيها لا يكفي.
توجب المادة 99 من قانون المرافعات السابق على النيابة أن تتدخل في كل قضية تتعلق بالأحوال الشخصية وإلا كان الحكم باطلاً والمقصود بالتدخل على ما يبين من مفهوم المخالفة للمادة 101 من ذلك القانون والتي تقضي بأنه في غير الأحوال المبينة في المادة 99 المتقدمة الذكر والمادة 100 التي تليها "لا يتعين حضور النيابة في الجلسات المدنية"، هو حضور ممثل للنيابة العامة جلسات المحكمة في الحالات الوارد ذكرها في المادتين المشار إليهما وذلك حتى يتحقق ما قصده المشرع من أن تؤدي النيابة وظيفتها باعتبارها نائبة عن المجتمع في هذا النوع من القضايا، والقول بغير هذا معناه حرمان النيابة من أن تكون آخر من يتكلم في هذه القضايا بما يؤدي إلى الإخلال بوظيفتها في هذا الخصوص. فإذا كان يبين من الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة اكتفت بإرسال مذكرة برأيها في دعوى تتعلق بالأحوال الشخصية إلى محكمة الاستئناف ولم يحضر من يمثلها جلسات المحكمة فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً عملاً بالجزاء المنصوص عليه في المادة 19 سالفة الذكر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورثة الطاعنين المرحومة كترينة أنطون ميخائيل أقامت الدعوى رقم 186/ 59 مدني كلي المنصورة ضد المطعون عليه وطلبت الحكم ببطلان العقد الصادر له من شقيقتها المرحومة فهيمة أنطون ميخائيل والمسجل بتاريخ 14 يناير سنة 1947 متضمناً بيعها له أرضاً زراعية مساحتها 18 ف و20 ط و8 س بناحية ميت محمود مركز المنصورة وحصة مقدارها 6 ط من 24 ط في عقار ببندر المنصورة والمبينتي الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، وقالت بياناً لدعواها إن شقيقتها المذكورة توفيت دون وارث لها سواها، وإذ علمت أنها كانت قد تصرفت قبل وفاتها بغير مقابل وبقصد الإضرار بها في الأعيان المتقدمة الذكر للمطعون ضده إيثاراً له بهذه الأعيان وبوصف أنه ولدها مع أن ذلك غير صحيح، وصورت هذا التصرف في عقد بيع منجز مع أنه في حقيقته تصرف مضاف إلى ما بعد الموت، بما يجعل هذا العقد باطلاً فقد أقامت دعواها بطلباتها المتقدمة، ودفع المطعون ضده بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أنه الولد الوحيد للمرحومة فهيمة أنطون ميخائيل ولا وارث لها سواه. وفي أثناء نظر الدعوى توفيت مورثة الطاعنين وحكم بانقطاع سير الخصومة، ثم استأنفت الدعوى سيرها بعد أن عجلها الطاعنون ضد المطعون عليه، وبتاريخ 19 نوفمبر سنة 1962 قضت محكمة أول درجة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون أن والدتهم المرحومة كترينة أنطون ميخائيل هي الوارثة الوحيدة للمرحومة فهيمة أنطون ميخائيل، وأن هذه الأخيرة لم تنجب المطعون ضده بل تسلمته طفلاً من مستشفى الأطفال بالمنيرة في 13 يوليه سنة 1926 وتبنته باسم سعد عبد الله، ولينفي المطعون ضده ذلك ويثبت أنه ابن السيدة المذكورة من زوجها متري حنا طحينة، وأنه الوارث الوحيد لها. وبعد سماع شهود الطرفين قضت المحكمة بتاريخ أول يونيه سنة 1963 برفض الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 278/ 15 ق، وبتاريخ 9 يناير سنة 1965 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وفي الجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن المحكمة فصلت في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية هي ثبوت نسب المطعون ضده للمرحومة فهيمة أنطون ميخائيل والتي أوجبت المادة 99 من قانون المرافعات حضور النيابة فيها، وإذ اقتصر ما قامت به النيابة أمام محكمة الاستئناف على تقديم مذكرتها برأيها في الدعوى دون أن يحضر ممثلها جلسات المحكمة فإن ذلك مما يترتب عليه بطلان الحكم ويعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كانت المادة 99 من قانون المرافعات السابق توجب على النيابة أن تتدخل في كل قضية تتعلق بالأحوال الشخصية وإلا كان الحكم باطلاً، وكان المقصود بالتدخل - وعلى ما يبين من مفهوم المخالفة للمادة 101 من ذلك القانون والتي تقضي بأنه في غير الأحوال المبينة في المادة 99 المتقدمة الذكر والمادة 100 التي تليها" لا يتعين حضور النيابة في الجلسات المدنية". - هو حضور ممثل للنيابة العامة جلسات المحكمة في الحالات الوارد ذكرها في المادتين المشار إليهما وذلك حتى يتحقق ما قصده المشرع من أن تؤدي النيابة وظيفتها باعتبارها نائبة عن المجتمع في هذا النوع من القضايا، وكان القول بغير هذا معناه حرمان النيابة من أن تكون آخر من يتكلم في هذه القضايا بما يؤدي إلى الإخلال بوظيفتها في هذا الخصوص. لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة اكتفت بإرسال مذكرة برأيها في الدعوى إلى محكمة الاستئناف ولم يحضر من يمثلها جلسات المحكمة، فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً عملاً بالجزاء المنصوص عليه في المادة 99 من قانون المرافعات السابق الذي يحكم واقعة النزاع لصدور الحكم في ظله، بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.