أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 989

جلسة 17 من يونيه سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام، وعبد العليم الدهشان.

(156)
الطعن رقم 309 لسنة 35 القضائية

( أ ) تأمينات عينية. امتياز. "ثبوت حق الامتياز". ضرائب. "ثبوت حق الامتياز لدين الضريبة".
المبالغ المستحقة للخزانة العامة ومنها الضرائب والرسوم. ثبوت الامتياز لها. شرطه أن تقضي بذلك القوانين والأوامر الخاصة بكل منها وبالشروط والقيود التي تقررها.
(ب) تأمينات عينية. امتياز. "حقوق الامتياز العامة". ضرائب. "امتياز دين الضريبة".
للخزانة العامة حق امتياز عام على أموال المدينين بالضرائب والمبالغ المستحقة للحكومة. م 90 من القانون 14 لسنة 1939. عدم وجوب شهره ولا يثبت فيه حق التتبع ولو كان محله عقاراً.
(ج) تأمينات عينية. امتياز. "حق التتبع". ضرائب. "امتياز دين الضريبة".
تخويل المشرع الخزانة العامة حق تتبع أموال مدينها استيفاء لحق من حقوقها الممتازة وبصرف النظر عن عدم شهره في أحوال منصوص عليها في القوانين الخاصة بضرائب الأطيان والمباني والرسوم الجمركية ورسم الأيلولة على الشركات.
1 - النص في المادة 1139/ 1 من القانون المدني على أن "المبالغ المستحقة للخزانة العامة من ضرائب ورسوم وحقوق أخرى من أي نوع كان، يكون لها امتياز بالشروط المقررة في القوانين والأوامر الصادرة في هذا الشأن" يدل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض [(1)] - على أن المبالغ المستحقة للخزانة العامة بجميع أنواعها ومنها - وعلى سبيل المثال - الضرائب والرسوم لا تكون ممتازة ولا يثبت لها هذا الامتياز إلا إذا قضت بامتيازها القوانين والأوامر الخاصة بكل منها، وبالشروط والقيود التي تقررها هذه القوانين والأوامر بحيث إذا استحق للخزانة العامة مبلغ ما ولم يوجد قانون أو أمر يقضي بامتيازه فإنه لا يتمتع بهذا الامتياز، وإذا وجد تعين الرجوع إليه للتعرف على شروط الامتياز ونطاقه ووعائه وما عساه أن يرد عليه من أموال.
2 - بالرجوع إلى القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض ضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل والتعديلات التي أدخلت عليه بالقوانين 146 لسنة 50 و253 لسنة 1953 و244 لسنة 1955 - وهو القانون الذي أحال إليه القانون رقم 60 لسنة 1941 بفرض ضريبة خاصة على الأرباح الاستثنائية والمعدل بالقانون 87 لسنة 1943 - يبين أنه نص في المادة 90 منه على أن "تكون الضرائب والمبالغ الأخرى المستحقة للحكومة بمقتضى هذا القانون ديناً ممتازاً على أموال المدينين بها أو الملزمين بتوريدها إلى الخزانة بحكم القانون" وهو بذلك إنما يقرر للخزانة العامة - مصلحة الضرائب - حق امتياز عام على أموال المدينين بها أو الملزمين بتوريدها فتجري في شأنها ما نصت عليه المادة 1134/ 2 من القانون المدني من أن حقوق الامتياز العامة لا يجب فيها الشهر ولا يثبت فيها حق التتبع ولو كان محلها عقاراً غير محمل بذاته بدين الضريبة واكتفى بما قرره من ضمانات ووسائل خاصة للتحفظ على حقوق الخزانة، فضلاً عن الضمانات العامة في القانون. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن دين الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية والأرباح الاستثنائية يخول مصلحة الضرائب حق تتبع عقارات مدينها المثقلة بامتياز الخزانة العامة فإنه يكون قد خالف القانون.
3 - كلما أراد المشرع أن يخول الخزانة العامة حق تتبع أموال مدينها استيفاءً لحق من حقوقها الممتازة - وبصرف النظر عن عدم شهره - نص على هذا الامتياز الخاص ورسم معالمه ونطاقه وهو ما نصت عليه القوانين الخاصة بضرائب الأطيان والمباني والرسوم الجمركية والقانون رقم 142 لسنة 1944 بفرض رسم أيلولة على التركات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2954 سنة 1962 مدني كلي القاهرة ضد المطعون عليه الأول وضد وزير الخزانة ومدير عام مصلحة الضرائب ومراقب مأمورية ضرائب الوايلي - المطعون عليهم الثاني والثالث والرابع - وضد مدير عام مصلحة الشهر العقاري - المطعون عليه الخامس - وطلب الحكم بتثبيت ملكيته للعقار المبين بالصحيفة والمبيع له من المطعون عليه الأول وكف منازعة المطعون عليهما الثاني والثالث له في هذا العقار مع إلغاء جميع الإجراءات وشطب جميع التسجيلات الموقعة عليه بناء على طلبهما، واحتياطياً الحكم بفسخ عقد البيع الرسمي المحرر بينه وبين المطعون عليه الأول عن العقار سالف الذكر والمسجل بتاريخ 31/ 12/ 1957 تحت رقم 9269 بمكتب الشهر العقاري بالقاهرة وبإلزام المطعون عليه الأول بأن يدفع له مبلغ 2284 ج و500 م ثمن العقار المبيع ومبلغ 167 ج و20 م قيمة رسوم ومصاريف شهره وفوائد هذين المبلغين مع إلزامه كذلك بأن يدفع له مبلغ 500 ج على سبيل التعويض وتثبيت حقه قبل جميع المطعون عليهم في حبس العقار المذكور تحت يده حتى يستوفي كامل مطلوبه. وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقد بيع مسجل بتاريخ 31/ 12/ 1957 تحت رقم 9269 بمكتب الشهر العقاري بالقاهرة اشترى من المطعون عليه الأول قطعة أرض فضاء معدة للبناء مبينة الحدود والمعالم بالصحيفة مقابل ثمن قدره 2284 ج و500 م دفعه كاملاً للبائع وقد استلم الأرض المبيعة ووضع اليد عليها وقام بإعداد الرسومات اللازمة لتشييد عمارة سكنية عليها واستصدر التراخيص اللازمة لعملية البناء من الجهات المختصة. غير أنه فوجئ بتاريخ 22/ 4/ 1959 بتنبيه بالدفع وإنذار بالحجز على هذه الأرض المملوكة له موجهين من مراقب ضرائب الوايلي - المطعون عليه الثالث - ضد المطعون عليه الأول وفي مواجهته وهو باعتباره حائزاً للعقار وذلك تنفيذاً لدين الضريبة المستحق لمصلحة الضرائب قبل المطعون عليه الأول عن أرباحه التجارية والاستثنائية عن السنوات من 1940 إلى 1954 وإذ كان هذا التنبيه بالحجز العقاري باطلاً لوقوعه على عقار مملوك له وخارج عن ملك المطعون عليه الأول المدين لمصلحة الضرائب ولا يحوز لها التنفيذ عليه استناداً إلى حق الامتياز العام المقرر لها على أموال مدينها البائع، وكان من حق الطاعن في حالة عدم القضاء له بتثبيت ملكيته لهذا العقار وإلغاء الإجراءات وشطب التسجيلات الموقعة بناء على طلب مصلحة الضرائب أن يطلب الحكم بفسخ عقد البيع المحرر بينه وبين المطعون عليه الأول وإلزامه بأن يدفع له ثمن العقار المبيع ورسوم ومصاريف الشهر والفوائد فضلاً عن تعويض الأضرار التي لحقت به ويقدرها بمبلغ 500 ج، فقد أقام دعواه بالطلبات سالفة البيان. وبتاريخ 1/ 3/ 1964 حكمت محكمة أول درجة بفسخ عقد البيع الرسمي المحرر بين الطاعن والمطعون عليه الأول والمسجل بتاريخ 31/ 12/ 1957 تحت رقم 9269 بمكتب الشهر العقاري بالقاهرة وبإلزام المطعون عليه الأول بأن يدفع للطاعن مبلغ 2284 ج و500 م ثمن العقار ومبلغ 167 ج و500 م قيمة رسوم ومصاريف شهر العقد والفوائد عن هذين المبلغين، كما ألزمته بأن يدفع له مبلغ 200 ج على سبيل التعويض ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 776 سنة 81 ق القاهرة طالباً إلغاءه والقضاء له بطلباته الأصلية واحتياطياً بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المطعون عليه الأول بكامل طلباته الاحتياطية. وبتاريخ 7/ 3/ 1965 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة برأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه في الدعوى تأسيساً على أن الامتياز المقرر للخزانة العامة عن دين الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية والأرباح الاستثنائية يخولها حق تتبع أموال مدينها في أية يد كانت ولو لم يكن مشهراً. هذا في حين أنه ليس لمصلحة الضرائب سوى حق امتياز عام على أموال المدين بهذه الضريبة أو الملزم بتوريدها، وهذا الحق لا يجب فيه الشهر ولا يثبت فيه حق التتبع والقول بغير ذلك يشل النشاط القانوني للمدين ويرد عنه كل شخص يزيد التعامل معه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 1139 من القانون المدني على أن "المبالغ المستحقة للخزانة العامة من ضرائب ورسوم وحقوق أخرى من أي نوع كان يكون لها امتياز بالشروط المقررة في القوانين والأوامر الصادرة في هذا الشأن" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المبالغ المستحقة للخزانة العامة بجميع أنواعها ومنها - وعلى سبيل المثال - الضرائب والرسوم لا تكون ممتازة ولا يثبت لها هذا الامتياز إلا إذا قضت بامتيازها القوانين والأوامر الخاصة بكل منها وبالشروط والقيود التي تقررها هذه القوانين والأوامر بحيث إذا استحق للخزانة العامة مبلغ ما ولم يوجد قانون أو أمر يقضي بامتيازه فإنه لا يتمتع بهذا الامتياز، وإذا وجد تعين الرجوع إليه للتعرف على شروط الامتياز ونطاقه ووعائه وما عساه أن يرد عليه في أموال وبالرجوع إلى القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض ضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل والتعديلات التي أدخلت عليه بالقوانين رقم 146 لسنة 1950 و253 لسنة 1953 و244 سنة 1955 - وهو القانون الذي أحال إليه القانون رقم 60 لسنة 1941 بفرض ضريبة خاصة على الأرباح الاستثنائية والمعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1943 - يبين أنه نص في المادة 90 منه على أن "تكون الضرائب والمبالغ الأخرى المستحقة للحكومة بمقتضى هذا القانون ديناً ممتازاً على أموال المدينين بها أو الملزمين بتوريدها إلى الخزانة بحكم القانون" وهو بذلك إنما يقرر للخزانة العامة - مصلحة الضرائب - حق امتياز عام على أموال المدينين بها أو الملزمين بتوريدها فتجري في شأنها ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 1134 من القانون المدني من أن حقوق الامتياز العامة لا يجب فيها الشهر ولا يثبت فيها حق التتبع ولو كان محلها عقاراً غير محمل بذاته بدين الضريبة، واكتفى بما قرره من ضمانات ووسائل خاصة للتحفظ على حقوق الخزانة فضلاً عن الضمانات العامة في القانون ومن جهة أخرى فإن إطلاق يد مصلحة الضرائب على أموال المدينين بالضريبة المقررة بمقتضى القانون رقم 14 سنة 1939 أو القانون رقم 60 سنة 1941 لا يخلو من أثر سيء على المعاملات وتعطيلها وارتباكها إضراراً بمن يتعاملون فيها من يريدون البيع ومن يريدون الشراء سواء، خصوصاً وأنه فيما عدا حالة التنازل عن المنشأة لم ينظم الشارع - ومع مراعاة سر المهنة - وسيلة للعلم بحقوق المصلحة، تسهل على ذوي الشأن سبيل التعرف على حقيقة المركز المالي للممولين وتكون بمثابة شهادة التصرفات العقارية في أحوال التعامل العادي، يؤيد ذلك أن امتياز الخزانة العامة لا يخولها حق تتبع أموال مدينها إلا بنص في القوانين والأوامر الخاصة بكل منها وأنه بالرجوع إلى القوانين والأوامر الخاصة بمختلف أنواع الضرائب والرسوم نجد أنه كلما أراد الشارع أن يخول الخزانة العامة حق تتبع أموال مدينها استيفاءً لحق من حقوقها الممتازة وبصرف النظر عن عدم شهره نص على هذا الامتياز الخاص ورسم معالمه ونطاقه ولم يبسط يد الخزانة العامة في تتبعها في أية يد كانت، بل تخفف بالقدر اللازم لكفالة حقوقها وهو ما نصت عليه القوانين الخاصة بضرائب الأطيان والمباني والرسوم الجمركية والقانون رقم 142 لسنة 1944 بفرض رسم أيلولة على التركات، وخلا منه القانون رقم 14 لسنة 1939 والقانون رقم 60 سنة 1941. ولا يغير من هذا الوضع ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 1139 من القانون المدني في قولها "وتستوفي هذه المبالغ من ثمن الأموال المثقلة بهذا الامتياز في أية يد كانت". إذ هي مقيدة بما تقرره القوانين والأوامر الخاصة بمختلف أنواع الضرائب والرسوم ومحكومة بها بحيث إذا قررت هذه القوانين والأوامر امتيازاً خاصاً على بعض أموال مدينها ولبعض أنواع الضرائب والرسوم فتستوفي مبالغها "من ثمن الأموال المثقلة بهذا الامتياز في أية يد كانت" وإن لم تكن مشهرة وفقاً لما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 1134 من القانون المدني بقولها "ولا حاجة للشهر أيضاً في حقوق الامتياز العقارية الضامنة لمبالغ مستحقة للخزانة العامة" والمعنى فيها أن حقوق الامتياز العقارية الخاصة والضامنة لمبالغ مستحقة للخزانة العامة يثبت فيها حق التتبع وإن لم تكن هناك حاجة لشهره وذلك على وجه المقابلة وبالمغايرة لما نصت عليها قبلها من أن "حقوق الامتياز العامة ولو كان محلها عقاراً لا يجب فيها الشهر ولا يثبت فيها حق التتبع". وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن دين الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية والأرباح الاستثنائية يخول مصلحة الضرائب حق تتبع عقارات مدينها المثقلة بامتياز الخزانة العامة ورتب على ذلك قضاءه برفض طلبات الطاعن الأصلية وبرفض طلبه الاحتياطي بحبس العقار حتى يستوفي جميع مطلوبه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب، دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


[(1)] نقض 11 مايو سنة 1966 مجموعة المكتب الفني س 17 ص 1070.