أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 1026

جلسة 19 من يونيه سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد.

(160)
الطعن رقم 344 لسنة 35 القضائية

( أ ) شركات. "الشخصية الاعتبارية للشركة". "الاندماج الكلي".
اندماج شركة النيل للتأمين في شركة الشرق للتأمين. مقتضاه. انتهاء شخصية الشركة المندمجة. اعتبار الشركة الدامجة وحدها الجهة التي تختصم في شأن حقوق الشركة المندمجة والتزاماتها.
(ب) نقض. "إعلان الطعن". شركات. "الشخصية الاعتبارية للشركة". "الاندماج الكلي". بطلان. قانون.
إعلان التقرير بالطعن إلى الشركة المندمجة دون الشركة الدامجة. تقديم الشركة الأخيرة مذكرة بدفاعها باعتبارها هي التي خلفت الشركة الأولى بعد انقضائها. تحقق الغاية التي كان يبتغيها المشرع من إعلانها. لا بطلان. المادتان 1 و20/ 2 من قانون المرافعات الحالي.
(ج) إعلان. "الإعلان لجهة الإدارة". نقض. شركات.
تسليم صورة إعلان الطعن الموجه للشركة لجهة الإدارة لغلق مركزها. صحيح. تسليم صورة الإعلان للنيابة.لا يكون إلا عند الامتناع عن تسلمها أو عن التوقيع على أصل الإعلان بالاستلام.
(د) بيع. "البيع سيف". تأمين. "التأمين البحري". تعويض. دعوى "الصفة في الدعوى".
انتهاء الحكم إلى أن البيع تم بطريق (سيف). مطالبة شركة التأمين بالتعويض عما أصاب البضاعة من تلف. ثبوتها للمشتري. لا صفة للبائع في هذه المطالبة لخروج البضاعة من ملكيته.
1 - متى كانت شركة النيل للتأمين قد اندمجت في شركة الشرق للتأمين بموجب القرار الجمهوري رقم 714 سنة 1965 المنشور بالجريدة الرسمية في 10/ 4/ 1967 فإن مقتضى ذلك أن تنمحي شخصية الشركة الأولى المندمجة وتعتبر الشركة الدامجة وحدها، الجهة التي تختصم في شأن حقوق والتزامات الشركة المندمجة.
2 - إذ كان الثابت أن شركة الشرق للتأمين قدمت في الميعاد القانوني مذكرة بدفاعها باعتبارها الشركة الدامجة لشركة النيل (المطعون عليها) والتي خلفتها بعد انقضائها، فإنه لا يقبل منها والحال كذلك التمسك ببطلان الطعن بدعوى أن إعلان التقرير بالطعن وجه إلى الشركة المندمجة ولو يوجه إليها هي بحسبانها الشركة الدامجة، ذلك أن المادة الأولى من قانون المرافعات المعمول به من 9/ 11/ 1968 نصت على سريان أحكامه على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى إلا ما استثني بذات المادة، كما نصت الفقرة الثانية من المادة 20 من القانون المذكور على أنه لا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء، وإذ كان الثابت على ما سلف البيان أن شركة الشرق للتأمين الدامجة لشركة النيل للتأمين (المطعون عليها) قد علمت بالطعن المقرر به في الميعاد وقدمت بصفتها الشركة الدامجة مذكرة في الميعاد القانوني بالرد على أسباب الطعن، ومن ثم فقد تحققت الغاية التي كان يبتغيها المشرع من إعلانها، ولا محل بعد ذلك للحكم ببطلان الطعن لهذا السبب.
3 - المادة 14 من قانون المرافعات السابق الذي تم إعلان الشركة المطعون ضدها في ظل أحكامه كانت تقضي بأن تسلم صورة الإعلان فيما يتعلق بالشركات التجارية في مركز إدارة الشركة لأحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس الإدارة أو للمدير، فإن لم يكن للشركة مركز تسلم لواحد من هؤلاء إما لشخصية أو في موطنه، كما كانت المادة 12 من القانون المذكور تقضي بأنه لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه في موطنه ولم يجد أحداً ممن ورد ذكرهم في هذه المادة ممن يصح تسليم الصورة إليهم وجب أن يسلمها حسب الأحوال لمأمور القسم أو شيخ البلد الذي يقع موطن الشخص في دائرته، وإذ كان الثابت أن إعلان الطعن قد وجه إلى مركز الشركة المراد إعلانها فوجده المحضر مغلقاً فسلم الصورة لجهة الإدارة في يوم الخميس 5/ 8/ 1965 وأشر على أصل الإعلان بأنه أخطرها بذلك بالبريد المسجل يوم السبت 7/ 8/ 1965 فإن الطاعن يكون قد اتبع الإجراءات المنصوص عليها في المادتين 12 و14 من قانون المرافعات، وأما ما تقضي به الفقرة الأخيرة من المادة 14 من قانون المرافعات السابق من تسليم صورة الإعلان للنيابة فإنه لا يكون إلا عند الامتناع عن تسلم صورة الإعلان أو الامتناع عن التوقيع على أصله بالاستلام.
4 – البيع "سيف" يتم بتسليم البضاعة عند الشحن وتنتقل ملكيتها إلى المشتري بوضعها على ظهر السفينة بحيث تصبح مخاطر الطريق على عاتقه ويلتزم البائع تبعاً لذلك بالقيام بشحن البضاعة المبيعة وبإلزام عقد نقلها ودفع نفقات النقل، وإبرام عقد التأمين عنها لصالح المشتري ولحسابه ووفقاً للشروط المعتادة في ميناء الشحن، وإرسال المستندات المتعلقة بالبضاعة إلى المشتري، وهي سند الشحن المثبت لشحن البضاعة ووثيقة التأمين وقائمة البضاعة حتى يتمكن المشتري من تسلمها لدى وصولها، والدفاع عن حقوقه إذا كان بها عجز أو تلف، وإذ كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أن البيع قد تم بطريق (سيف) وأن التأمين على البضاعة المرسلة إلى روتردام إنما كان لحساب ومصلحة المشتري المرسل إليه، وأنه لذلك يكون هو وحده صاحب الصفة والمصلحة في مطالبة شركة التأمين بالتعويض عما أصابها من تلف ولا صفة للبائع في هذه المطالبة لأن البضاعة خرجت من ملكيته، لا يكون مخالفاً للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 893 سنة 1959 تجاري كلي الإسكندرية على الشركة المطعون ضدها طلب فيها الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 462 ج و137 م والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد. وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب وثيقة تأمين مؤرخة 6/ 5/ 1958 أمن لدى الشركة المطعون ضدها على شحنة من البطاطس في حدود مبلغ 6500 ج ضد أخطار متعددة ذكرت بالوثيقة. وبعد أن أبحرت السفينة فيكتوريا من ميناء الإسكندرية في 26/ 5/ 1958 حاملة البضاعة المؤمن عليها قاصدة ميناء روتردام ووصلت إليه في 6/ 6/ 1958، اتضح للمرسل إليهم أن جزءاً من البضاعة المؤمن عليها قد أصابه تلف فاستدعى بعض الخبراء لإثبات حالتها بحيث تبين أن البضاعة المذكورة لحقها عجز وتلف نتيجة لما صادف السفينة خلال الرحلة البحرية من جو عاصف أدى إلى وصول المياه إلى سطح السفينة، وأن قيمة الخسارة والأضرار الناجمة عن ذلك هي مبلغ 462 ج و137 م. وقدم الطاعن تأييداً لدعواه صورة من وثيقة التأمين وصورتين من تقريري خبرة والخطابات المتبادلة بينه وبين الشركة المطعون ضدها بخصوص العجز والتلف. دفعت الشركة الدعوى أمام محكمة أول درجة بعدم قبولها لرفعها بعد المواعيد وبغير الإجراءات المنصوص عليها في المادتين 274، 275 من قانون التجارة البحري كما طلبت رفض الدعوى. وفي 25/ 12/ 1960 قضت محكمة الدرجة الأولى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبإلزام شركة التأمين (المطعون ضدها) بأن تدفع للطاعن مبلغ 462 ج و137 م والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد. استأنفت شركة التأمين الحكم المذكور وقيد الاستئناف برقم 89 سنة 17 ق الإسكندرية ودفعت في صحيفة الاستئناف بعدم قبول دعوى الطاعن قبلها لرفعها من غير ذي صفة، تأسيساً على أنه كان قد باع البضاعة موضوع التأمين إلى المرسل إليه بروتردام وقد انعقد البيع على أساس الطن 30 جنيه سيف "cif" روتردام. وأن مقتضى هذا البيع أن تنتقل ملكية البضاعة إلى المشتري بمجرد وضعها في السفينة في ميناء الشحن وتنتقل إليه مخاطر الطريق ويعتبر أن البائع قد أبرم عقد التأمين نيابة عن المرسل إليه ولحسابه، وبذلك لا يكون لغير المرسل إليه الحق في المطالبة بالتعويض عن الضرر الناشئ عما يلحق البضاعة من عجز أو تلف، وتكون الدعوى إذ رفعت من الشاحن (الطاعن) قد رفعت من غير ذي صفة. ورد الطاعن على ذلك بأن عميله بهولندا رفض تسلم البضاعة بعد ما تبين له ما أصابها من تلف وأنه أي الطاعن اضطر من أجل ذلك أن يطلب منه بيعها برسم الإنابة أي لحسابه وأن البضاعة تعتبر لذلك مملوكة للبائع الشاحن (الطاعن) وهو الذي يتحمل مخاطر الطريق. وفي 24 مارس سنة 1964 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت شركة الشرق للتأمين المندمجة فيها شركة النيل للتأمين (المطعون ضدها) مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن شكلاً لبطلان إعلانها. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وبرفض الطعن. وبالجلسة المحددة لنظره صممت على رأيها.
وحيث إن شركة الشرق للتأمين أسست دفعها ببطلان الطعن على سببين (الأول) أن إعلان تقرير الطعن وجه في 5/ 8/ 1965 لشركة النيل للتأمين رغم أنه بتاريخ 24 مارس سنة 1965 صدر القرار الجمهوري رقم 714 سنة 1965 ونشر في 10/ 4/ 1965 قاضياً بإدماج شركة النيل للتأمين في شركة الشرق للتأمين ومن شأن هذا الإدماج أن تنمحي شخصية الشركة المندمجة في الشركة الدامجة مما يوجب توجيه الإعلان إلى ممثل الشركة الأخيرة (شركة الشرق للتأمين) (الثاني) أن صورة إعلان الطعن سلمت لجهة الإدارة (قسم شرطة الأزبكية) بمقولة إن مقر الشركة كان مغلقاً ولم يوجد من يتسلم عنها صورة الإعلان مع أنه كان يجب في هذه الحالة تسليم الصورة للنيابة عملاً بالمادة 14 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا الدفع غير مقبول علاوة على أنه غير صحيح في سببه الثاني، ذلك أنه وإن كانت شركة النيل للتأمين قد اندمجت في شركة الشرق للتأمين بموجب القرار الجمهوري رقم 714 لسنة 1965 المنشور بالجريدة الرسمية في 10/ 4/ 1967، ومقتضى ذلك أن تنمحي شخصية الشركة الأولى المندمجة وتعتبر الشركة الدامجة وحدها الجهة التي تختصم في شأن حقوق والتزامات الشركة المندمجة. إلا أنه لما كان الثابت أن شركة الشرق للتأمين قد قدمت في الميعاد القانوني مذكرة بدفاعها باعتبارها الشركة الدامجة لشركة النيل (المطعون عليها) والتي خلفتها بعد انقضائها، فإنه لا يقبل منها والحال كذلك التمسك ببطلان الطعن، ذلك أن المادة الأولى من قانون المرافعات الحالي المعمول به من 9/ 11/ 1968 نصت على سريان أحكامه على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى إلا ما استثني بذات المادة، كما نصت الفقرة الثانية من المادة 20 من القانون المذكور على أنه لا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء، وإذ كان الثابت على ما سلف البيان أن شركة الشرق للتأمين الدامجة لشركة النيل للتأمين (المطعون عليها) قد علمت بالطعن المقرر به في الميعاد وقدمت بصفتها الشركة الدامجة مذكرة في الميعاد القانوني بالرد على أسباب الطعن، ومن ثم فقد تحققت الغاية التي كان يبتغيها المشرع من إعلانها، ولا محل بعد ذلك للحكم ببطلان الطعن لهذا السبب. أما السبب الثاني المبني عليه الدفع، فعلاوة على أنه غير مقبول لما سلف بيانه من تحقق الغاية من الإعلان فإنه غير صحيح في القانون لأن المادة 14 من قانون المرافعات السابق الذي تم إعلان الشركة المطعون ضدها في ظل أحكامه كانت تقضي بأن تسلم صورة الإعلان فيما يتعلق بالشركات التجارية في مركز إدارة الشركة لأحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس الإدارة أو للمدير فإن لم يكن للشركة مركز تسلم لواحد من هؤلاء إما لشخصه أو في موطنه. وكانت المادة 12 من القانون المذكور تقضي بأنه إذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه في موطنه ولم يجد أحد ممن ورد ذكرهم في هذه المادة ممن يصح تسليم الصورة إليهم وجب أن يسلمها حسب الأحوال لمأمور القسم أو شيخ البلد الذي يقع موطن الشخص في دائرته، وإذ كان الثابت أن إعلان الطعن قد وجه إلى مركز الشركة المراد إعلانها فوجده المحضر مغلقاً فسلم الصورة لجهة الإدارة في يوم الخميس 5/ 8/ 1965 وأشر على أصل الإعلان بأنه أخطرها بذلك بالبريد المسجل يوم السبت 7/ 8/ 1965، إذ كان ذلك فإن الطاعن يكون قد اتبع الإجراءات المنصوص عليها في المادتين 12، 14 من قانون المرافعات. أما ما تقضي به الفقرة الأخيرة من المادة 14 من قانون المرافعات السابق من تسليم صورة الإعلان للنيابة، فإنه لا يكون إلا عند الامتناع عن تسلم صورة الإعلان أو الامتناع عن التوقيع على أصله بالاستلام. ويتعين لما سلف رفض الدفع ببطلان الطعن.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعن في السببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه وإن كان صحيحاً ما قرره الحكم المطعون فيه من أن ملكية البضاعة في حالة البيع (سيف) تنتقل إلى المشتري منذ شحنها على ظهر السفينة وأن البائع يقوم بالتأمين على البضاعة نيابة عن المشتري، إلا أنه فات الحكم المطعون فيه أن ملكية البضاعة أثناء الرحلة البحرية تنتقل من يد إلى يد قبل وصولها إلى ميناء الوصول فمن يملك سند الشحن يملك البضاعة ويملك مطالبة شركة التأمين بالتعويض عما يكون قد أصابها من تلف أثناء الرحلة البحرية ولو لم يكن حاملاً لوثيقة التأمين. وإذ كان الواقع في الدعوى أن الطاعن وإن كان بائع البضاعة إلا أنه قدم بشحنها إلى أمره أي أنه هو البائع والمشتري للبضاعة الموصوفة بأنها مبيعة (سيف) فإنه يملك والحال كذلك مطالبة شركة التأمين (المطعون ضدها) بالتعويض عما أصاب البضاعة من تلف أثناء رحلتها البحرية، وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول دعواه لرفعها من غير ذي صفة قد أخطأ في تطبيق القانون. ويضيف الطاعن في السبب الثاني أن الأصل في التأمين البحري أن المؤمن له هو صاحب الحق الأول في مقاضاة شركة التأمين وله أن يطالبها بالتعويض عن التلف الذي يصيب البضاعة التي أمن عليها لديها، وليس لشركة التأمين أن تدفع دعواه بأنه لا صفة له في رفعها، لأنه هو المتعاقد معها، ولم تتضمن بوليصة التأمين إشارة إلى أي شخص آخر باعتباره صاحب الحق في مطالبة شركة التأمين.
وحيث إن النعي بهذين السببين غير سديد، ذلك بأن الحكم المطعون فيه استظهر من أوراق الدعوى ومستنداتها أن الطاعن باع البضاعة المؤمن عليها على أساس البيع (سيف) ميناء الوصول روتردام طبقاً لقانون الشراء، وقال الحكم إن المستأنف عليه (الطاعن) لم يجادل في ذلك، ولما كان البيع (سيف) يتم بتسليم البضاعة عند الشحن وتنتقل ملكيتها إلى المشتري بوضعها على ظهر السفينة بحيث تصبح مخاطر الطريق على عاتقه، فإن البائع يلتزم البائع تبعاً لذلك بالقيام بشحن البضاعة المبيعة وبإبرام عقد نقلها ودفع نفقات النقل وإبرام عقد التأمين عنها لصالح المشتري ولحسابه وفقاً للشروط المعتادة في ميناء الشحن وإرسال المستندات المتعلقة بالبضاعة إلى المشتري، وهي سند الشحن المثبت لشحن البضاعة ووثيقة التأمين وقائمة بالبضاعة حتى يتمكن المشتري من تسلمها لدى وصولها والدفاع عن حقوقه إذا كان بها عجز أو تلف، إذ كان ذلك، وكان الثابت من صورة تقرير الخبير المودع من الطاعن أمام محكمة الدرجة الأولى برقم 4 حافظة 4 ملف والذي أشار إليه الحكم المطعون فيه واستند إليه في قضائه أن البضاعة موضوع النزاع كانت مبيعة (سيف - روتردام) ومرسلة من الطاعن للسادة جا مرفونك ومؤمن عليها لحسابهم حسبما هو ثابت من البوليصة رقم 3 المؤرخة في 26 مايو سنة 1958 ومن الفاتورة وأن الخبير قد عاين البضاعة المذكورة بناء على طلب المرسل إليهم والمؤمن عليها لحسابهم للوقوف على ما بها من تلف ظهر لهم عند وصولها إلى روتردام، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أن البيع قد تم بطريق (سيف) وأن التأمين على البضاعة المرسلة إلى روتردام إنما كان لحساب ومصلحة المشتري المرسل إليه وأنه لذلك يكون هو وحده صاحب الصفة والمصلحة في مطالبة شركة التأمين بالتعويض عما أصابها من تلف، ولا صفة للبائع في هذه المطالبة لأن البضاعة خرجت من ملكيته، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون مخالفاً للقانون، أما ما يقوله الطاعن بأن حامل سند الشحن هو وحده صاحب الحق في المطالبة بالتعويض بموجب وثيقة التأمين، فإنه غير منتج، ذلك لأن الطاعن لم يدع أمام محكمة الموضوع أنه حامل سند الشحن ولم يودعه ملف الدعوى. هذا إلى أن المستفاد من تقرير الخبير الذي أشار إليه الحكم المطعون فيه واستند إليه أن المرسل إليهم البضاعة والمؤمن عليها لحسابهم قد تسلموها لدى وصولها وأودعوها مخازن (ليفانت) حيث ظهر لهم ما بها من تلف، وتسلمهم البضاعة لا يتم إلا إذا كان يبدهم سند الشحن وهو ما أقر به الطاعن بالسبب الرابع من أسباب الطعن.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قد أخطأ في تفسير عقد التأمين، ذلك أنه قد ورد فيه ما ترجمته "أن السيد/ عبد الغني مدور (الطاعن) قد عرض على شركة النيل للتأمين باسمه وكذلك باسم الشخص أو الأشخاص الذين يمتلكون أو سيتملكون كلياً أو جزئياً الأشياء موضوع هذه البوليصة، أنه يؤمن لدى الشركة المذكورة على الآتي وصفه وبيانه" وليس في ذلك ما يفيد أن صاحب الحق في المطالبة بالتعويض هو مالك البضاعة بل إن المتعاقد الأصلي (الطاعن) هو صاحب الحق الأول في المطالبة وإذ أخطأ الحكم في تفسير العقد فقد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه وقد انتهى الحكم على ما سلف البيان في الرد على السببين الأول والثاني إلى أن البيع تم بطريق (سيف) وكان البائع في هذه الحالة يلتزم بالتأمين على البضاعة المبيعة لحساب المشتري وفقاً للشروط المعتادة في ميناء الشحن كما سلف البيان وكانت العبارات الواردة في عقد التأمين والتي يستند إليها الطاعن لا تفيد أن التأمين كان لحسابه بل إنها على النقيض تفيد أن التأمين لحساب من يمتلك البضاعة وقد سبق القول بأن ملكية البضاعة في البيع "سيف" تنتقل إلى المشتري منذ شحنها على السفينة فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه لم يحول سند الشحن إلى عميل محدد وإنما أرسله إلى عميله في هولندا بحيث إذا لم يرغب في شراء البضاعة باعها لحسابه "أي لحساب الطاعن" مقابل عمولة يحصل عليها وهذه الحقيقة مستفادة من الخطابات والمستندات والكشوف المقدمة من الطاعن إلى محكمة الموضوع والتي تدل على أنه لم يكن هناك عقد بيع (سيف) وأن العميل الذي تسلم البضاعة في هولندا باعها لحساب الطاعن على سبيل الإنابة بعد أن تعذر عليه أن يجد لها مشترياً يتحمل ما يجب أن يتحمله المشتري (سيف) بسبب ما لحق البضاعة من تلف أثناء الرحلة البحرية أدى إلى بخس ثمنها، ولكن الحكم المطعون فيه أهدر الدلالة المستفادة من هذه المستندات ولم يستخلص منها ما هو ثابت بها فجاء بذلك مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن قرر أن البيع تم (سيف) وأن التأمين على البضاعة المشحونة المبيعة كان لحساب مشتريها في الخارج على ما سلف بيانه في الرد على السببين الأولين وأنه وحده مالكها وصاحب الحق في المطالبة بالتعويض عما لحقها من تلف، بعد أن قرر الحكم المطعون فيه ذلك، أردفه بقوله في معرض الرد على دفاع الطاعن وما قدمه من مستندات. "وحيث إنه لما كان هذا وكان المستأنف عليه (الطاعن) لم يدع وكالته عن المرسل إليه في المطالبة، أو أن هذا الأخير قد أحال إليه حقوقه وكل ما ادعاه في هذا الصدد أن المرسل إليه باع البضاعة لحسابه أي برسم الإنابة ورفض تحمل الخسائر وحمله إياها، وكل هذا بفرض صحته لا يقر له حقاً ما دام هذا الحق قد انتقل فعلاً إلى المرسل إليه مشتري البضاعة منذ شحنها، وقد تم استلامه فعلاً للبضاعة وبيعها. ومن ثم تكون دعوى المستأنف عليه بائع البضاعة (الطاعن) قبل الشركة المؤمنة عن الضرر الذي لحق بالبضاعة بعد الشحن مرفوعة في غير ذي صفة في رفعها". وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه لا يشوبه القصور ولا مخالفة فيه للمستندات المقدمة من الطاعن، كما أنه صحيح في القانون ويتضمن الرد الكافي على ما يثيره الطاعن في هذا السبب.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.