أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 1050

جلسة 24 من يونيه سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد صادق الرشيدي، وأمين فتح الله، وعبد العليم الدهشان.

(163)
الطعن رقم 78 لسنة 35 القضائية

(أ، ب) كفالة. "مسئولية الكفيل". امتياز. "امتياز الضريبة". ضرائب. "الضريبة على العقارات المبنية". تأمينات عينية.
للحكومة حق امتياز خاص بدين الضريبة على المباني. م 27 من القانون 56 لسنة 1954. إضاعة الدائن - بلدية القاهرة - هذا التأمين الخاص بخطئه بعدم مطالبة المدين (المستأجر الذي أقام البناء). براءة ذمة الكفيل - مالك الأرض - من دين الضريبة.
مجرد إضاعة التأمين الخاص دون أن يستبدل به تأمين آخر لا يقل عنه في قيمته يتوافر به الضرر في حكم المادة 784 من القانون المدني.
1 - إذ تمسك المطعون ضده "الكفيل" بحكم المادة 784 من القانون المدني وطلب براءة ذمته من دين الضريبة لأن الطاعن وهو الدائن قد أضاع بتقصيره التأمين الخاص المقرر لهذه الضريبة وهو حق الامتياز المنصوص عليه بالمادة 27 من القانون رقم 56 لسنة 1954 بشأن الضريبة على العقارات المبنية والمقرر على المباني قبل إزالتها وعلى الأنقاض بعد هدمها، وكان مفاد المادة 37 سالفة الذكر أن للحكومة حق امتياز خاص بدين الضريبة على المباني فإن الحكم المطعون فيه إذ رتب على أن الطاعن "الدائن" هو الذي تسبب بخطئه في ضياع هذا الضمان الخاص المقرر بحكم القانون لدين الضريبة، أن ذمة الكفيل - المطعون ضده - تبرأ بقدر ما أضاع الدائن من هذه الضمانات، فإنه لا يكون قد خالف حكم المادة 784 من القانون المدني، ولا محل لما يثيره الطاعن من أن تأخيره في المطالبة بالضريبة لا يترتب عليه إلا مجرد إضعاف الضمان العام المقرر له على أموال مدينه وهو ما نصت عليه المادة 785 من القانون المدني لأنها لا تنطبق على واقعة الدعوى.
2 - إذ يعتبر الضرر متوافراً - في حالة المادة 784 من القانون المدني - بمجرد إضاعة تأمين خاص دون أن يستبدل به تأمين آخر لا يقل عنه في قيمته فلا على الحكم المطعون فيه إن هو لم يستعرض هذا الضرر أو الدليل عليه بعد أن أوضح أن البلدية "الدائن" هو الذي أضاع الامتياز الخاص المقرر بالمادة 27 من قانون الضريبة العقارية وذلك بإهمال عمالها في تحصيل الضريبة عن هذه المباني وفي المحافظة على حق الامتياز الخاص المقرر عليها لدين الضريبة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 294/ 1961 مدني كلي القاهرة ضد محافظ القاهرة بصفته رئيساً لمجلس المحافظة التابع له بلدية القاهرة - الطاعن - طالباً الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 511 ج و820 م، وقال شرحاً لدعواه إنه يملك مع آخرين قطعة أرض بحي بولاق وقد أجروا هذه الأرض للغير وأقام المستأجرين مبانٍ عليها من مالهم وكلفت بأسمائهم وتعهدوا في عقد الإيجار بسداد الأموال التي تربط عليها، ثم صدر له عدة أحكام بإخلاء هذه الأرض من مستأجريها وبدأ في تنفيذها في شهر يوليه سنة 1955 وأخطر بلدية القاهرة لتعمل على تحصيل الضرائب والرسوم المستحقة لها قبل هؤلاء المستأجرين إلا أنها لم تتخذ أي إجراء ضدهم وعمدت إلى مطالبته هو بالمبلغ السالف الإشارة إليه باعتباره مديناً متضامناً مع ملاك هذه المباني المستأجرين أصلاً للأرض في أداء الضريبة المطلوبة عليها، مع أنه لا يعدو أن يكون كفيلاً متضامناً طبقاً لنص المادة 26 من القانون رقم 56 لسنة 1954، ومن حقه طبقاً لأحكام الكفالة أن يسائل الدائن عن إهماله في إعمال التأمينات المقررة له، وإذ أغفل الطاعن بصفته - وهو الدائن - مطالبة هؤلاء المستأجرين فإن ذمة المطعون ضده باعتباره كفيلاً تبرأ بقدر ما أضاعه الدائن بخطئه من التأمينات. وفي 1/ 12/ 1962 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 29/ 80 ق، وفي 26/ 5/ 1963 قضت محكمة الاستئناف قبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء الحسابيين بوزارة العدل لتصفية الحساب بين الطاعن والمطعون ضده وضمنت أسبابها أن المطعون ضده لا يعتبر مديناً متضامناً وإنما كفيلاً متضامناً مع المستأجرين الذين أقاموا الأبنية المطالب بالضريبة عنها في أداء هذه الضريبة فتبرأ ذمته بقدر ما أضاع الدائن من الضمان وكلفت المحكمة الخبير ببيان الإخطارات التي وجهها المطعون ضده إلى بلدية القاهرة ينبه عليها فيها إلى أنه بسبيل تنفيذ أحكام الإزالة ويطلب منها اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالمحافظة على حقوقها وبيان المستحق على كل مستأجر من سنة 1954 إلى تاريخ الإزالة وما دفع منه والباقي عليه عن المباني المقامة على أرض المطعون ضده. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وذلك فيما قضى به من اعتبار المطعون ضده كفيلاً متضامناً وليس مديناً متضامناً وقيد هذا الطعن برقم 298 سنة 33 ق وقد رفضت محكمة النقض ذلك الطعن، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت محكمة الاستئناف في 12 من ديسمبر سنة 1964 بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة ذمة المطعون ضده من المبالغ التي يطالبه بها الطاعن. طعن الطاعن في هذا الحكم الأخير بطريق النقض بالطعن الحالي. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضده هو الذي تسبب بخطئه في هلاك المباني المقامة على أرضه وذلك بإسراعه في تنفيذ الأحكام الصادرة له بالإخلاء والإزالة ضد مستأجري هذه الأرض وملاك المباني التي أقيمت عليها قبل أن يخطر الطاعن بعزمه على ذلك، وأنه بالتالي يكون هو الذي أضاع التأمينات المقررة لدين الضريبة على تلك المباني فلا تبرأ ذمته باعتباره كفيلاً، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه رد على دفاع الطاعن بأن المطعون ضده هو الذي قام بهدم المباني وأضاع التأمينات دون أن يخطر الطاعن بذلك بقوله "إن القانون لا يفرض على مالك الأرض باعتباره ضامناً متضامناً أن ينبه الدائن إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على حقوقه قبل مدينيه الأصليين بل يجب على الدائن من تلقاء نفسه أن يتخذ هذه الإجراءات محافظة على حقوقه، فإذا هو أهمل أو قصر في اتخاذ هذه الإجراءات وضيع على نفسه بهذا الإهمال امتيازاً مقرراً له في القانون على هذه الأملاك، وأزيلت هذه الأملاك رضاءً أو قضاءً فإن ذمة الضامن المتضامن تبرأ بمقدار ما أضاع الدائن من الضمانات، وأن عمال البلدية المكلفين بتحصيل الأموال الأميرية عن هذه المباني قد أهملوا في تحصيلها كما أهملوا في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالمحافظة على حق البلدية الممتاز على هذه المباني، وكان في وسع البلدية أن تتخذ من الإجراءات ما يكفل لها الحصول على جميع أموالها قبل إزالة هذه المباني وأن عمال البلدية قد أخطأوا في عدم توقيع الحجوز.. والبلدية مسئولة عن إهمال وخطأ عمالها ومستخدميها وتبرأ ذمة الضامن المتضامن بمقدار ما أضاع هؤلاء العمال والموظفون من الضمانات، وبذلك تبرأ ذمة المستأنف - المطعون ضده - من أموال سنة 1954 التي قصر عمال البلدية في تحصيلها واتخاذ الإجراءات بشأن المحافظة عليها". ولما كان مفاد هذا الذي قرره الحكم أنه اعتبر الطاعن بصفته مقصراً في استيفاء حقه وذلك بعدم توقيعه الحجوز في الوقت المناسب وتحصيل الضريبة في مواعيدها المقررة، وأنه بذلك أضاع امتيازاً مقرراً لدين الضريبة على هذه المباني التي أزيلت، وكان هذا من الحكم يحمل الرد على ما أثاره الطاعن في دفاعه من أن المطعون ضده هو الذي تسبب بخطئه في ضياع التأمينات، فإن النعي عليه بالقصور في هذا الخصوص يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم اعتبر أن عدم توقيع البلدية الحجوز وفاء لضريبة المباني ضد المدينين بها بمد حلول قسطيها في شهري يناير ويوليو من كل عام وإهمال موظفي البلدية في المطالبة بالضريبة تقصيراً يؤدي إلى ضياع امتياز الضريبة المقرر على المباني، ورتب على الحكم على ذلك براءة ذمة المطعون ضده، هذا في حين أن ما ذكره الحكم في هذا الخصوص لا يؤدي بذاته إلى ضياع التأمينات ولا يترتب عليه إلا مجرد إضعاف الضمان العام المقرر للدائن على أموال مدينيه وهو ما تنطبق عليه المادة 785/ 2 من القانون المدني إذا توافرت شروطها دون إضافة تأمين خاص ضامن للدين المكفول وفقاً للمادة 784 من ذلك القانون، مما ينبني عليه أن تلك الأعمال السلبية من جانب البلدية وموظفيها والتي كانت عماد الحكم المطعون فيه لا تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من مساءلة البلدية عن ضياع التأمينات مبرئة ذمة المطعون ضده وإذ تقضي المادة 785/ 2 مدني بأن ذمة الكفيل تبرأ إذا لم يقم الدائن باتخاذ الإجراءات ضد المدين خلال ستة أشهر من إنذار الكفيل للدائن، وكان أول إنذار من المطعون ضده قد وصل إلى البلدية بعد أن هدمت المباني وضاعت التأمينات بفعل هذا الأخير، فإنه لا محل لتطبيق نص المادة 784 أو المادة 785/ 2 المشار إليهما ويكون استناد الحكم إلى أيهما مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون. ويضيف الطاعن أنه فيما لو طبقت القواعد العامة في المسئولية فإن الحكم المطعون فيه وقد رتب براءة ذمة المطعون ضده على مجرد تقصير البلدية في المطالبة بالضريبة دون أن يبين الضرر الذي أصابه والدليل على ثبوته يكون مشوباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده تمسك بحكم المادة 784 من القانون المدني وطلب الحكم ببراءة ذمته من دين الضريبة لأن الطاعن وهو الدائن قد أضاع بتقصيره التأمين الخاص المقرر لهذه الضريبة وهو حق الامتياز المنصوص عليه بالمادة 27 من القانون رقم 56 سنة 1954 بشأن الضريبة على العقارات المبنية والمقرر على المباني قبل إزالتها وعلى الانقاض بعد هدمها، وإذ تنص المادة 27 من القانون رقم 56 لسنة 1954 المشار إليه على أن "للحكومة فيما يختص بتحصيل الضريبة حق الامتياز على الإيجار والإيراد الخاص بالعقارات المبنية والأراضي الفضاء المستغلة المستحقة عليها الضريبة وعلى المباني والأراضي المقامة عليها أو الملحقة بها سواء أكانت هذه الأراضي ملكاً لأصحاب المباني أم لغيرهم" مما مفاده أن للبلدية حق امتياز خاص بدين الضريبة على المباني المستحقة عليها تلك الضريبة، وكان الحكم المطعون فيه قد أوضح على النحو السالف بيانه في الرد على السبب الأول أن الطاعن هو المتسبب بخطئه في ضياع هذا الضمان الخاص المقرر بحكم القانون لدين الضريبة وأنه بذلك تبرأ ذمة الكفيل - المطعون ضده - بقدر ما أضاع الدائن - الطاعن بصفته - من هذه الضمانات، وكان هذا الذي أوضحه الحكم المطعون فيه هو مما تنطبق عليه المادة 784 من القانون المدني، فإنه لا محل لما يثيره الطاعن في نعيه من أن تأخيره في المطالبة بالضريبة لا يترتب عليه إلا مجرد إضعاف الضمان العام المقرر له على أموال مدينه وهو ما نصت عليه المادة 785 من القانون المدني لأنها غير منطبقة على واقعة الدعوى. كما أنه لا محل لما ذهب إليه الطاعن من أن ذمة المطعون ضده لا تبرأ إلا إذا أنذر الدائن باتخاذ الإجراءات ضد المدين، لأن ذلك إنما يكون في حالة تطبيق المادة 785 من القانون المدني وليس في حالة المادة 784 منه التي يتمسك بها المطعون ضده والتي توافرت شروطها في الدعوى على النحو الذي حصله الحكم المطعون فيه. وإذ يعتبر الضرر متوافراً في هذه الحالة بمجرد إضاعة التأمين الخاص دون أن يستبدل به تأمين آخر لا يقبل عنه في قيمته، فلا على الحكم المطعون فيه إن هو لم يستعرض هذا الضرر أو الدليل عليه بعد أن أوضح صراحة في أسبابه على النحو المشار إليه آنفاً أن البلدية هي التي أضاعت الامتياز الخاص المقرر بالمادة 27 من قانون الضريبة العقارية وذلك بإهمال عمالها في تحصيل الضريبة عن هذه المباني وفي المحافظة على حق الامتياز الخاص المقرر عليها لدين الضريبة. لما كان ذلك فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أعمل على واقعة الدعوى التعديل الذي طرأ على المادة 23 من القانون رقم 56 سنة 1954 بالمادة الثالثة من القانون رقم 549 لسنة 1955 الصادر في 9/ 11/ 1955، واعتبر أن المستند رقم 91 المرفق بحافظة الطاعن والمقدم من مدير إدارة الأملاك إخطاراً برفع الضريبة عن سنة 1956 عن المنازل المستحقة عليها لهدمها، هذا في حين أنه يتعين طبقاً للمادة 23 من القانون رقم 56 لسنة 1954 وهو القانون الواجب التطبيق على واقعة الدعوى أن يقدم الطلب برفع الضريبة من صاحب الشأن مصحوباً بقسيمة دالة على سداد آخر قسط وإلا كان الطلب غير مقبول.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة الثالثة من القانون رقم 549 لسنة 1955 قد نصت على أن تضاف إلى المادة 23 من القانون رقم 56 لسنة 1954 فقرة جديدة بالنص الآتي "مادة 23 (فقرة أخيرة) واستثناءً مما تقدم ترفع الضريبة في الأحوال المنصوص عليها في البند ج من المادة (22) بناء على طلب صاحب الشأن أو بناء على إخطار من موظف مسئول بعد التحقق من صحة ما جاء به أو بناء على معاينة لجنة الحصر أو لجنة التقدير وذلك كله دون مراعاة شرط السداد"، وكانت هذه المادة هي الواجبة التطبيق بالنسبة للعوائد المستحقة ابتداء من سنة 1956 وهي السنة التالية لصدور ذلك القانون، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة ذمة المطعون ضده من الضريبة المستحقة عن سنة 1956 استناداً إلى نص المادة الثالثة من القانون المشار إليه وإلى ما حصله من أوراق الدعوى من أن المباني المطالب بالضريبة عنها قد أزيلت في 22/ 8/ 1955 وفقاً لما أثبته مدير إدارة الأملاك بالبلدية في مذكرته المرفقة بحافظة مستندات الطاعن، يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.